|
مناجاة لفتى الفتيان
كفاح حسن
الحوار المتمدن-العدد: 2093 - 2007 / 11 / 8 - 01:41
المحور:
الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
في ذكرى إستشهاد وضاح
رغم مرور ثلاث سنوات على وداع وضاح لنا، لا زال ألم فراقه محفورا في القلب. و كأن الأيام تزيد من الجرح نزفا، بدلا من أن يندمل.
فأي حزن لايعادل حزن فقدانه في قلوب محبيه الحقيقيين. فلقد ترك وضاح مكانه محفورا وسط قلوبهم. فهو فتى الفتيان الذي أبا أن يترجل أو يتراجع. فلقد أحرق كل سفنه، و أبقى على مركبه الأخير الذي قاده إلى الصعود إلى منصة الخالدين.
وفي ذكرى إستشهاده ، جمعت كل مالدي من قصاصات و رسائل و برقيات وصلتني لحظة إرتطام الرصاصات الطائشة بجسده المتصلب. و أتاح قرائتها ما بعد الصدمة بتمعن و روية. و إكتشفت للوهلة الأولى، بأن النعي الذي نشرته في يوم إستشهاد وضاح قد نشر في كل المواقع بدون حذف أو تحريف، ما عدى موقع الطريق، حيث تم حذف مقطع من مقالتي، و التصرف في جمل أخرى وردت في المقال، مما أدى إلى تحريف الصورة التي حاولت رسمها في مقالتي. إن الإقتطاع يثير في صدري الوساوس لأنه تم في فقرة حساسة وردت في مقالتي. و أترك للقاريء اللبيب أن يقرأ مقالتي "غادرتنا..لتسكن قلوبنا" في المواقع التي نشرتها، ليكتشف بنفسه نفس الوساوس التي راودتني و تراودني.
لقد تركنا وضاح في ظروف صعبة، إزداد تعقدها بعد إستشهاده. حيث إنحسر دور اليسار العراقي في العملية السياسية. فلقد جرى تهميشه و تحجيمه، ليتحول إلى ديكور في التشكيلة السياسية.
و لقد أشرت سابقا إلى إن إنحسار دور اليسار يتحمل مسؤليته اليسار و قواه العاملة في العراق. فلا يمكننا تحميل أعداء اليسار مسؤولية ضعف اليسار، لقد كان على اليسار أن يستوعب الوضع في البلاد، و أن يرسم سياسته ليكون وسط الأحداث و الجماهير، بدلا من التهميش.
لقد أراد اليسار المساهمة في العملية السياسية و لكنه لم يتقن شروط اللعبة السياسية. و ترك الساحة فارغة للآخرين لينفردوا بدورهم فيها، و للقوى الظلامية أن تملي على الناس إرادتها الظلامية. و بدلا من السياسة الواقعية، لجأ اليسار ـ كعادته القديمةـ إلى رسم سياسته على قياس مسطرة لا تنطبق على قياس البلد. و لهذا يجد القاريء عند قرائته لمشروع اليسار السياسي، أو البرنامج الذي طرحه ح ش ع للخروج من الأزمة السياسية في البلد، إلى إن اليسار يتشبث في الحديث عن البديهيات و العموميات المعروفة، دون أن يتوغل في عمق الأحداث، ليضع النقاط على الحروف، و ليسمي الأشياء بمسمياتها.
إن العهد الظلامي الذي يعيشه البلد حاليا لا يمكن إنهائه إلا في إنقاذ بلدنا من بلدنا من براثن القوى الظلامية بمختلف ألوانها الشوفينية و الطائفية و النخبوية و الإقليمية. و في بناء نظام حكم حضاري قائم على إحترام حرية و حق الإنسان بعدم تصنيفه على أساس المعتقد أو القومية أو الطائفة أو الحزب.
إن الكيان السياسي الذي جرى بنائه بعد الإحتلال الأمريكي البغيض لبلدنا قائم على أسس طائفية و ظلامية تقذف بالبلاد إلى عصر ظلامي لايقل قتامة عن ما عاشته بلادنا بعد إكتساح هولاكو لعاصمة الرشيد. كما و إن الأحزاب السياسية التي حكمت أو تشكلت بعد الإحتلال ماهي إلا سكاكين تقطع أوصال الوطن، و ترميه في مصير ظلامي مأساوي.
فالبلد يفتقر اليوم إلى حزب عراقي يضم في دفته مختلف أصناف العراقيين و مشاربهم، ما عدى أحزاب اليسار العلمانية. و بيد هذه الأحزاب وحدها الفرصة ـ إن أرادت ـ لإنتشال البلد من هذه الهاوية التي وصل إليها. إن قوى اليسار قادرة ـ إن أرادت ـ على إستعادة دورها المفقود إذا هي لجأت إلى سياسة واقعية و فعالة تفهمها الجماهير و تثق بها.
و قبل أن يودعنا وضاح كان يحلم بهذا الدور لليسار، و لكن الأحداث و تسارعها أغرقته في العمل اليومي الروتيني الذي أبعده عن منال هدفه الستراتيجي. و لقد حاول وضاح من خلال عمله في البرلمان العراقي أن يلعب دورا يوضح فيه دور متميز لليسار، إلا إن الرصاصات إختطفته من وسط أعماله و أحلامه..ففقدته أحلامه كما إفتقدناه نحن.
لقد علمتنا النظرية الماركسية بالثقة بالمستقبل، و إلتقاط بصيص النور، وسط الظلام الدامس. و لكن النظرية تبقى رمادية إذا لم تقترن بالواقع. و بصيص النور في العراق هو الجيل الجديد الذي ينشأ اليوم وسط أنهار الدم و رياح الحقد، هذا الجيل سينتفض ضد الواقع الظلامي، و يختار طريق المسقبل ، طريق السلم و التعايش. و هنا يحتاج هذا الجيلإلى تيار يساري علماني قوي و قريب من الجماهير. و سيكون وضاح و الشهداء الآخرين عوامل تزيد من ثقة الجماهير بالشهداء.
فإلى فتى الفتيان وضاح عهد بأننا سنحمل أحلامه على كواهلنا، و سوف لن نكل في السعي لتحقيقها.
أخوك المفجوع كفاح حسن السويد تشرين الثاني 2007 [email protected]
#كفاح_حسن (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أحلام كالأوهام..و أوهام كالأحلام
-
الجموع تصيح ..إعدم!!؟
-
من لم يمت بالسيف مات بدونه
-
نفتح قلوبنا لنلقاك ياوضاح
-
أستاذنا العزيز..وصلت الوصية، ولكن ما باليد حيلة! - تعقيب على
...
-
في وداع النصير أكرم
-
وضاح..كفاك جيلان محمولان على سفر!
-
غادرتنا..لتسكن قلوبنا
المزيد.....
-
مادورو يعلن تأسيس حركة شبابية مناهضة للفاشية
-
الجزء الثاني: « تلفزيون للبيع»
-
عز الدين أباسيدي// لعبة الفساد وفساد اللعبة... ألم يبق هنا و
...
-
في ذكرى تأسيس اتحاد الشباب الشيوعي التونسي: 38 شمعة… تنير در
...
-
حزب الفقراء، في الذكرى 34 لانطلاقته
-
تركيا تعزل عمدة مدينتين مواليتين للأكراد بتهمة صلتهما بحزب ا
...
-
تيسير خالد : سلطات الاحتلال لم تمارس الاعتقال الإداري بحق ال
...
-
الديمقراطيون لا يمتلكون الأجوبة للعمال
-
هولندا: اليمين المتطرف يدين مذكرتي المحكمة الجنائية لاعتقال
...
-
الاتحاد الأوروبي بين مطرقة نقص العمالة وسندان اليمين المتطرف
...
المزيد.....
-
سلام عادل- سيرة مناضل - الجزء الاول
/ ثمينة ناجي يوسف & نزار خالد
-
سلام عادل -سیرة مناضل-
/ ثمینة یوسف
-
سلام عادل- سيرة مناضل
/ ثمينة ناجي يوسف
-
قناديل مندائية
/ فائز الحيدر
-
قناديل شيوعية عراقية / الجزءالثاني
/ خالد حسين سلطان
-
الحرب الأهلية الإسبانية والمصير الغامض للمتطوعين الفلسطينيين
...
/ نعيم ناصر
-
حياة شرارة الثائرة الصامتة
/ خالد حسين سلطان
-
ملف صور الشهداء الجزء الاول 250 صورة لشهداء الحركة اليساري
...
/ خالد حسين سلطان
-
قناديل شيوعية عراقية / الجزء الاول
/ خالد حسين سلطان
-
نظرات حول مفهوم مابعد الامبريالية - هارى ماكدوف
/ سعيد العليمى
المزيد.....
|