أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حميد الهاشمي - عن المحافظ الذي خلع العمامة من أجل السلطة: علاقة الدين بالسياسة مرة أخرى














المزيد.....

عن المحافظ الذي خلع العمامة من أجل السلطة: علاقة الدين بالسياسة مرة أخرى


حميد الهاشمي
مختص بعلم الاجتماع

(Hamied Hashimi)


الحوار المتمدن-العدد: 2090 - 2007 / 11 / 5 - 10:46
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في حادثة لا تعد سابقة في التاريخ الإسلامي على الأقل الحديث منه، خلع السيد (الشيخ) حامد الخضري محافظ محافظة القادسية (الديوانية) في جنوب وسط العراق عمامته وجبته التي تمثل اللباس الديني التقليدي، ولبس "ملابس الأفندية"، وظهر حاسر الرأس، وشذب لحيته، ذلك بعد انتخابه من قبل المجلس البلدي في المحافظة، الذي جاء عقب اغتيال سلفه (خليل حمزة) المنتمي إلى نفس الحزب (المجلس الإسلامي العراقي الأعلى).
هناك سابقة لهذه الحادثة تعود إلى العهد العثماني، حينما نزع (تقي الدين باشا آل المدرس الحلبي) عمامته وزيه "الديني"، بناء على طلب الصدر الأعظم في الاستانة، ليعيد تعيينه بمنصب متصرف (محافظ) حلب، بعد أن تم عزله من منصب الإفتاء الصدر الأعظم نفسه حينما كان واليا على حلب. ولا حقا واليا على بغداد. ولتفاصيل الموضوع مفارقة إضافية تنم عن ظُرف تقي الدين وسعيه للسلطة.
أما بخصوص محافظ الديوانية، فان التأويلات كثيرة لا تقف عند حد. فمنها أنه مدفوع من قبل حزبه أو انه "جندي" مطيع لحزبه الذي يدخل في صراع على السلطة والنفوذ على المراكز الحساسة مع تيارات وأطراف حزبية أخرى، خاصة في بعض المناطق الوسطى والجنوبية. ومنها ما يذهب إلى أنه حب السلطة والوجاهة. وهذا ليس استثناء بالطبع، بل هو ديدن البشر عامة في هذه الغريزة، رغم خطورة المغامرة. حيث أن محافظة الديوانية باتت أكثر سخونة حتى من بعض مناطق شمال وغرب بغداد. وأن المحافظ الأسبق (جمال الزاملي) قد اغتيل هو الآخر قبل خلفه (حمزة). وعليه فإن من يضع نفسه في هذا المنصب وهذه المسؤولية، إنما "يضع دمه في زجاجة" كما يقول المثل العراقي.
ولكننا نريد أن نذهب أبعد قليلا في تأويل أو تفسير هذه الحادثة التي لا ينبغي أن تمر مرور الكرام. فهي لا تقف عند "مصلحة شخصية" أو حزبية، إنما تخص علاقة الدين بالسلطة (شخصيا لا أفضل عبارة علاقة الدين بالدولة الشائعة، لان مفهوم الدولة غير مفهوم السلطة، حيث الأخير يتعلق بإدارة الدولة). وبتحديد آخر "علاقة الدين بالسياسة". وهذه العلاقة يمكن اختصارها بمفهومي "الدهاء والتقوى".
فالدين "تقوى" أو هكذا يفترض أن يكون، على الأقل لدى رجال الدين الذين يتميزون رمزيا بمظهرهم وزيهم المعروف، وهم تحت أنظار العامة ونقدهم دائما، فيما لو أخلوا بشروط مركزهم. أما السياسة فهي "دهاء"، حيث نلجأ إلى تفسير الإمام علي بن أبي طالب للنتيجة التي آلت إليها معركة صفين بينه وبين معاوية، والتي أعتبر الإمام علي "خاسرا" فيها "سياسيا". حيث فسر ذلك بعبارة "أن معاوية ليس بأدهى مني ولكنه يمكر ويفجر". فعلي أبي طالب يقر بأنه ليس قاصرا عن الدهاء إنما يمنعه عن ذلك تقواه والتزامه حدود دينه. فالمكر والفجور من سمات السياسة وطبائعها غالبا.
وهنا مفترق الطرق بين الدين (التقوى) وبين السياسة، وليس بالضرورة بين "الإيمان والسياسة". وإن الدين (التقوى) برمزيته وشكله المظهري على الأقل يجب أن يكون بعيدا عن "دنس" السياسة، أو تعريض العامة. وأن لا تحسب هفوات وأخطاء السياسة على الدين. ووفقا لذلك فان الرجل (المحافظ) قد كان جريئا وواقعيا جدا في فعلته هذه. وأراد أن يتخلص من تركة وحمل كبيرين، لا يسعه حملهما إضافة إلى مسؤولية المنصب وخطورته. ناهيك عن أن طبيعة العمل الإداري والسياسي في منطقة متوترة تقتضي المرونة والهمة وسرعة الحركة والنشاط، وتفترض النزول إلى مستوى العامة والتعاطي مع كل كبيرة وصغيرة، ورفع التكلفة بينه وبينهم. وهو ما لا يحصل عادة مع رجال الدين المعممين.
لهذا الحد، يجب أن نحسن الظن بالرجل، منتظرين ما سيحققه لأبناء محافظته. فالعمامة شأن شخصي يجب أن لا نحاسب الشخص عليها، والتزامه الديني لا يقاس بلباسه ولا طول لحيته، فالجانب العبادي برمته شأن الشخص وعلاقته المباشرة مع ربه. أما ما يهمنا فهو الجانب "المعاملي"، أي علاقته بالآخرين، ومدى أدائه لواجبه خاصة إذا ما كان موظفا بدرجة مسؤول كبير.
من جانبي أحيي السيد المحافظ على شجاعته وواقعيته في نزع العمامة و"لباس" رجال الدين، ولبسه زي رجال الإدارة والسياسة، كعملية تماه في المنصب وما يفرضه من متطلبات.




#حميد_الهاشمي (هاشتاغ)       Hamied_Hashimi#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- على هامش تحركاته السياسية الأخيرة: اياد علاوي في الميزان
- تداول المقاومة في العراق: ما مفهوم المقاومة الشريفة؟
- نظرية بناء الأمة وقابلية تطبيقها في المجتمعات غير الغربية
- مؤسساتنا وثقافة مواقع الانترنت: الجامعات نموذجا
- جريدة الزوراء أم جورنال عراق: نحو تصحيح كتابة تاريخ الصحافة ...
- المثقف العراقي وموقعه من المأزق الراهن لبلده
- المرأة والظلم الاجتماعي في مجتمعاتنا
- المجاهدون وأخلاقيات الحرامية
- الآثار والهوية الاجتماعية -1
- حول استهداف العلماء والتعليم في العراق: العراق يمرض ولا يموت
- حين يكون النسب العشائري معيارا للمواطنة
- خطة أمنية لكل مواطن
- الآخرون وتسخين المشهد العراقي
- العراق: مشاهدات وانطباعات مغترب زائر
- أنا أتكلم لغتك فلماذا لا تتكلم لغتي ؟ مدخل لحوار الأثنيات في ...
- أسوء احتجاج سمعته في حياتي: المثقف ينبغي أن يكون فاعلا لا من ...
- الغرابة في غلق مكتب قناة العربية في العراق
- الأنتلجنسيا العراقية والدور الوطني المطلوب
- المجتمع الانتقالي :نحو توصيف سوسيولوجي للحال العراقي اليوم
- هل الزرقاوي في الاعظمية؟؟؟


المزيد.....




- العلماء يكتشفون سر -اليوم المثالي-
- السلطات المصرية تغلق عيادة ابنة أصالة نصري
- في أول خطاب له منذ رحيله.. بايدن ينتقد إدارة ترامب
- عصير فاكهة يخفف من التهابات القولون التقرحي بنسبة 40%
- آبل تطور نماذج جديدة من نظارات الواقع الافتراضي
- -مفاجآت تعكس أرفع درجات الكرم-.. سيئول تشيد بتعامل الشيباني ...
- دراسة تحذيرية.. خطر حقيقي في مراتب نوم الأطفال يهدد نمو أدمغ ...
- نائب أوكراني يدعو ترامب للتحرك فورا ضد زيلينسكي قبل -تقويض م ...
- هيئة بحرية بريطانية تبلغ عن تعرض إحدى السفن لحادث اقتراب مشب ...
- أشعة CT تحت المجهر.. فوائد تشخيصية مقابل مخاطر صحية محتملة


المزيد.....

- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حميد الهاشمي - عن المحافظ الذي خلع العمامة من أجل السلطة: علاقة الدين بالسياسة مرة أخرى