|
امام دار العدالة
محمد فتاح جبر
الحوار المتمدن-العدد: 2089 - 2007 / 11 / 4 - 09:15
المحور:
الادب والفن
أمام دار العدالة فرانز كافكا
أمام دار العدالة جلس حارس البوابة . والى هذا الحارس قدمّ رجل ريفي طلب منه الدخول إلى المحكمة . لكن الحارس رفض أن يمنحه الأذن في الدخول . فكر الرجل في الأمر ثم سأله أن كان سيسمح له بالدخول فيما بعد . " ممكن " رد الحارس " ولكن ليس الآن " . كما هي دائما كانت بوابة المحكمة مفتوحة ، تنحى الحارس جانبا حتى يستطيع الرجل أن ينحني ليرى الداخل من خلال البوابة . عندما لاحظ الحارس ذلك أطلق ضحكة وقال " إذا كانت تروق لك كثيرا لماذا لاتجرب الدخول على الرغم من المنع – ولكن لاحظ : أنا متنفذ هنا ، لكني اقل الحراس نفوذا حيث يقف من غرفة إلى أخرى حراس كل واحد أكثر نفوذا من الآخر إلى درجة لا استطيع تحمل نظرة واحدة من الحارس الثالث" . لم يتوقع الرجل أن يواجه مثل هذه المصاعب : القانون يجب أن يكون في متناول الجميع كما تصور ، ولكن بينما كان يمعن النظر في الحارس ذو المعطف المصنوع من الفرو بأنفه المدبب الضخم ولحيته التتارية السوداء ،الخفيفة والطويلة ، قرر أن ينتظر حتى يحصل على رخصة الدخول . قدمّ له الحارس كرسيا وسمح له بالجلوس على جانب البوابة . ظل جالسا هناك أياما وأعواما . حاول الدخول مرارا مرهقا الحارس بطلباته . أحيانا يسأله الحارس بشكل مختصر عن موطنه وأشياء أخرى ،ولكنها أسئلة غير هامة مقارنة بالأسئلة التي يطرحها الرجال المتنفذيين. في النهاية يذكره مرة أخرى انه لايستطيع أن يسمح له بالدخول . الرجل الذي زود نفسه بكل شيء من اجل هذه الرحلة ، وانفق كل شيء ، بغض النظر عن قيمته في سبيل أن يستميل حارس البوابة . والأخير أخذ كل شيء ، وعندما يفعل ذلك يقول " أنا أأخذ هذه الأشياء منك حتى لاتقول انك فشلت في أن تفعل شيئا" . طوال السنين راقب الرجل حارس البوابة بشكل دائمي . وقد نسي أمر الحراس الآخرين ، بدا له ان هذا الحارس هو المانع الوحيد من دخول المحكمة . لعن الضروف المشئومة وحظه العاثر ، في السنين الأولى فعل ذلك بدون ترو وبصوت عال ، وعندما تقدم به العمر ظل يدمدم بينه وبين نفسه بطريقة صبيانية، ولأنه كان يتأمل الحارس طوال السنين ، تعرّف الى البرغوث القابع في ياقة الحارس ، حتى انه توسل بالبرغوث أن يساعده في إقناع الحارس . أخيرا ضعف بصره ولم يعد يعرف ان كانت الأشياء حقيقة معتمة من حوله أو ان بصره يخدعه ، في الظلام لاحظ نورا ينطلق من البوابة الى داخل المحكمة .لم يبقى أمامه الكثير ليعيش . قبل موته جمع في ذهنه كل التجارب التي صادفته في حياته في سؤال واحد لم يوجهه بعد الى حارس البوابة . أومأ للحارس لأنه لم يعد قادرا على رفع جسمه المتصلب ، وكان على الحارس أن ينحني ، حيث ان التفاوت الكبير بين الرجلين غيرت الأشياء لغير صالح الرجل . " ماذا تريد ان تعرف بعد؟ سئل الحارس . " يالك من نهم لايشبع" " الكل يسعى جاهدا من اجل الوصول إلى دار العدالة " قال الرجل " كيف أذن كل هذه السنين لم أر شخصا عداي طلب منك الدخول". لاحظ الحارس ان الرجل يحتضر ، انحنى حتى يستطيع أن يبلغ صوته الى حاسة سمع الرجل الآخذة بالتلاشي ، صاح بأعلى صوته " هنا لا أحد يستطيع الدخول ، ولأن هذه البوابة قد شرعت لك وحدك ، لذا سأقوم بغلقها الى الأبد."
#محمد_فتاح_جبر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الحكاية المطرّزة لغزو النورمان لإنجلترا.. مشروع لترميم -نسيج
...
-
-شاهد إثبات- لأغاثا كريستي.. 100 عام من الإثارة
-
مركز أبوظبي للغة العربية يكرّم الفائزين بالدورة الرابعة لمسا
...
-
هل أصلح صناع فيلم -بضع ساعات في يوم ما- أخطاء الرواية؟
-
الشيخ أمين إبرو: هرر مركز تاريخي للعلم وتعايش الأديان في إثي
...
-
رحيل عالمة روسية أمضت 30 عاما في دراسة المخطوطات العلمية الع
...
-
فيلم -الهواء- للمخرج أليكسي غيرمان يظفر بجائزة -النسر الذهبي
...
-
من المسرح للهجمات المسلحة ضد الإسرائيليين، من هو زكريا الزبي
...
-
اصدارات مركز مندلي لعام 2025م
-
مصر.. قرار عاجل من النيابة ضد نجل فنان شهير تسبب بمقتل شخص و
...
المزيد.....
-
مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111
/ مصطفى رمضاني
-
جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
رضاب سام
/ سجاد حسن عواد
-
اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110
/ وردة عطابي - إشراق عماري
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
المزيد.....
|