أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - برهان غليون - دفاعا عن الديمقراطية والديمقراطيين العرب















المزيد.....

دفاعا عن الديمقراطية والديمقراطيين العرب


برهان غليون

الحوار المتمدن-العدد: 2087 - 2007 / 11 / 2 - 12:08
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


على إثر الفشل الذي منيت به الاستراتيجية الامريكية التي ترافقت بضغوط شكلية لفرض بعض الاصلاحات الديمقراطية على النظم الأبوية القرسطوية العربية، وعلى ضوء المأساة العراقية، انطلقت داخل الأوساط الرسمية حملة واسعة للإجهاز على فكرة الديمقراطية نفسها في المنطقة العربية، عن طريق تشويه صورتها وربطها مباشرة بالاستراتيجية الاستعمارية. والغريب أن مثقفين كبارا دخلوا في هذه الجوقة وصار همهم التشهير بالديمقراطية بحجة أن الديمقراطيين راهنوا على الضغوط الأجنبية. وفي نقدهم للديمقراطيين يميل هؤلاء إلى التغطية على الازمة الوطنية بالتركيز على رد الهجوم الأجنبي، كما لو أن هذا الرد يبرر انتهاك حقوق الناس وتغييب حكم القانون وتحكيم أجهزة الأمن بالدولة والمجتمع.
في هذا السياق نشر عزمي بشارة كتابا بعنوان المسألة العربية: مقدمة لبيان ديمقراطي عربي يردد هذه الأطروحات ويأخذ على المثقفين مراهنتهم على الديمقراطية، في الوقت الذي لا يمكن فيه ذلك من دون دحر القوى الأجنبية وتمكين الأمة العربية من تحقيق مصيرها. هكذا وضع القومية في مواجهة الديمقراطية وسبقها عليها كما لو كان بينهما تنافس أو نزاع.
ما يأخذه بشارة على خصومه الديمقراطيين العرب، وهو يخاطبهم بصراحة كخصوم، ومن دون تمييز، ليس تبنيهم للفكرة الديمقراطية، فهو يتبناها أيضا، وإنما عدم فهمهم أن الديمقراطية لا تصح من دون أمة. وهو يفترض، أولا، أن غياب هذه الأمة، بما تعنيه من سيادة ورأي عام حر ومستقل، ومواطنية، ووجود طبقة وسطى قوية، وغياب العشائرية والقبلية، لا يترك أي فرصة لنشوء حركة ديمقراطية فما بالك بتحقيق هدفها. وثانيا أن أي حديث في الديمقراطية في ظروف غياب الديمقراطيين، أي غياب قوى ديمقراطية جماهيرية، لا يمكن إلا أن يحرف الرأي العام عن المعركة الرئيسية، ويشجع على التدخلات الأجنبية أو يبررها أو يستدرجها. وهكذا بدل أن يقود العمل الديمقراطي، المعتمد على مجموعات صغيرة لا أمل لها في تحقيق أي إنجاز، إلى إصلاح أوضاع المجتمعات العربية، لا يعمل في الواقع إلا على تأخير حل المسألة القومية المصيرية.
ليس من الصحيح اولا أن الحركة الديمقراطية قد تورطت كما يوحي الصديق عزمي بتأييد السياسات الأمريكية الجديدة. . فهي مستقلة عنها وسابقة لها بعقود. وقد ظهر كتابي "بيان من أجل الديمقراطية" عام 1977 وكان عنوانه الفرعي، مأساة الامة العربية، تأكيدا منذ ذلك الوقت للرابط بين الديمقراطية وإعادة بناء الأمة أو الوطنية العربية. وقد نما تيار الديمقراطية العربية منذ الثمانينات في سياق رد القوميين المخلصين، وفي مقدمهم مركز دراسات الوحدة العربية، على الانحطاط الذي أصاب الفكرة القومية بسبب السياسات الاستبدادية. وباستثناء أفراد قلائل ترفض الحركات الديمقراطية العربية نفسها الاعتراف بهم أو ضمهم إليها، لم تكف القوى الديمقراطية العربية عن التأكيد على ارتباط الديمقراطية بالخيارات الوطنية، وعن التعبئة ضد السياسات الاستعمارية الدولية، التي كانت ولا تزال تشكل العقبة الرئيسية أمام التحول السياسي في العالم العربي. ولا يغير من هذا الواقع أن هذه القوى أو بعضها قد اعتقد في لحظة من اللحظات أن من الممكن استغلال التناقضات التي برزت بين النظم الاستبدادية وحلفائها الاستعماريين الرئيسيين لتوسيع دائرة ممارسة الحريات الأساسية. أظهرت الأحداث بالتأكيد أن مثل هذا الرهان على التصدع في جبهة الاستبداد والاستعمار كان حسابا خاطئا، لكن هذا لا يضير القضية الديمقراطية ولا يشكل مأخذا عليها. ولو رفضت القوى الديمقراطية الأخذ بالاعتبار مجرى السياسات الدولية لن تكون قوى سياسية ولا مناضلة ولكن مجموعة من الثرثارين الصغار.

لكن مهما كان الحال، يبقى السؤال الذي يطرح على عزمي بشارة ويحتاج إلى جواب هو: إذا لم يكن هناك أجندة ديمقراطية في المجتمعات العربية، فهل هناك بالفعل أجندة قومية؟ وهل يشكل مجموع المقاومات والممانعات القائمة في بعض البلدان العربية، في فلسطين ولبنان والعراق، تجسيدا لأجندة تشكيل الأمة العربية وتحقيق مصيرها كما يتطلع إليه، وهل تخدم التضحية بالأجندة الديمقراطية هذه الأجندة القومية إذا وجدت ؟ أي هل يخدم الصمت على انتهاك حقوق الانسان وتغييب الحريات الأساسية وتسليط اجهزة الأمن على المجتمعات وتعميم الفساد السياسي والثقافي والاقتصادي والأخلاقي الناجم عن ذلك، قضية بناء الأمة العربية كأمة مستقلة وموحدة وذات سيادة قادرة على ضمان سيادة الشعب أو الشعوب العربية؟
في اعتقادي أن العكس هو الصحيح. ليست الممانعات التي نعيشها، في أحسن الأحوال، إلا معارك النفس الأخير في عملية تراجع تاريخية مستمرة لفكرة قومية تحتاج إلى مراجعة جذرية، وأن الأجندة الديمقراطية التي تهدف إلى إعادة إدخال الشعوب في المعادلة السياسية الإقليمية والدولية، وليس الوطنية فقط، هي وحدها القادرة على وقف سياسة الهرب المدمر إلى الأمام وخلق شروط إعادة بناء الوطنية العربية على أسس جديدة، وإطلاق طاقاتها في مواجهة الضغوط الاسرائيلية والاستعمارية. ومن دون ذلك سوف يستمر التراجع وتتوالى الانهيارات التي نشاهدها في فلسطين ولبنان والعراق أيضا إلى ما لا نهاية.
هذا هو في اعتقادي الإدراك الذي يجعل الجزء الأكبر من النخبة العربية وجمهور الطبقة الوسطى يتمسكان بأجندة الديمقراطية في كل البلاد العربية، حتى في تلك البلاد التي تشهد ساحاتها صراعات ومقاومات وطنية فعلية. وغيابها هو السبب في انهيار الأوضاع الفلسطينية وبروز ما يشبه الدولتين المتنابذتين.
في اعتقادي، يشكل الربط بين الديمقراطية والوطنية شرطا لنجاح كليهما، فهما وجهان متضامنان لمعركة واحدة هي معركة الحرية الفردية والجماعية، تماما كما يشكل الاستبداد والإخفاق الوطني وجهين لنظام واحد هو نظام الوصاية والسيطرة الأجنبية، ويعكس تفاهمهما الضمني الواعي أو الموضوعي. وقد كان همنا الدائم خلا السنوات الماضية تجنيب الرأي العام المأزق المأساوي الذي يقود إليه منهج عزمي بشارة، أي حتمية الاختيار بين الاستبداد والاستعمار. وأخشى أن يعيدنا عزمي في أطروحاته الجديدة إلى حقبة مضت تظهر فيها الديمقراطية نقيضا للقومية، في الوقت الذي تشكل فيه مصالحة القومية مع الديمقراطية الأمل الوحيد في إنقاذ المشروع القومي وبناء وطنية عربية جديدة.
في نظري، لا يشكل العمل على دمقرطة الحياة العربية مدخلا أساسيا لحل "المسألة العربية" وتمكين الأمة من تقرير مصيرها فحسب، وهو ما يطمح إليه عزمي بشارة، ولكن، أكثر من ذلك، الشرط الضروري لحماية المقاومات العربية الراهنة وتعزيز موقفها. ومن دونه سوف تجد المقاومة نفسها في طريق مسدودة، وربما ضحية الفوضى الزاحفة، سواء بقيت السيطرة الأجنبية قائمة أو تعرضت للانهيار.




#برهان_غليون (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدين والسياسية في مواجهة تحديات العصر
- في شروط تجاوز الأزمة الوطنية العربية
- من العلمانية إلى العلمنة
- في أصل المصاب العربي
- من أجل علمانية إنسانية
- سياسة سورية الخارجية أو نهاية الحقبة الامبرطورية
- حول المجتمع المدني
- الاستقطاب السياسي العربي بين المعارضة والموالاة
- في أصل حروب التدمير الذاتي العربية
- في ضرورة التمييز بين ثقافة المقاومة وثقافة الانتحار
- المثقفون ومستقبل الديمقراطية في البلاد العربية
- الخليج في قلب العالم
- حوار حول حماس والازمة الفلسطينية
- سياسة سورية الخارجية بين المباديء والمكاسب
- سورية وإسرائيل بين السلام والحرب
- سورية والمحكمة الدولية
- حتى لا تذهب تضحياتنا الوطنية هباءا
- نحو إعادة بناء حقل العلاقات الدولية
- الديمقراطية والعلمانية
- في الجذور العميقة لسياسات التوريث والتمديد


المزيد.....




- اليونان تعتقل 13 شخصا بتهمة إشعال حريق غابات
- الحوثيون يعلنون استهداف سفن بميناء حيفا والبحر المتوسط
- مطالب داخلية وخارجية بخطط واضحة لما بعد حرب غزة
- الجيش الروسي يتسلم دفعة جديدة من مدرعات -بي إم بي – 3- المطو ...
- OnePlus تعلن عن هاتف بمواصفات مميزة وسعر منافس
- على رأسهم السنوار.. تقرير عبري يكشف أسماء قادة -حماس- المتوا ...
- طبيب يقترح عن طريقة غير مألوفة لتناول الكيوي!
- عواقب غير متوقعة للدغات البعوض
- أوكرانيا تعرض على إسرائيل المساعدة في -الحرب على المسيرات-
- أحزاب ألمانية: على الأوكرانيين العمل أو العودة من حيث أتوا


المزيد.....

- تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1 ... / نصار يحيى
- الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت ... / عيسى بن ضيف الله حداد
- هواجس ثقافية 188 / آرام كربيت
- قبو الثلاثين / السماح عبد الله
- والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور / وليد الخشاب
- ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - برهان غليون - دفاعا عن الديمقراطية والديمقراطيين العرب