|
" تعقيب على موضوع حقوق المرأة"
يعقوب جناحي
الحوار المتمدن-العدد: 99 - 2002 / 3 / 23 - 08:46
المحور:
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
مداخلة قدمت في ندوة نظمتها جمعية المرأة البحرينية في 6 / 2 / 2002 حول الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة ونشرت في الأيام بتاريخ 24 / 2 /2002 تحت عنوان " تعقيب على موضوع حقوق المرأة". لقد قدم الأستاذ محمد السيد تغطية شاملة للمرحلة التي سبقت إقرار الاتفاقية ولمحتواها والتحفظات على بعض موادها وشرحا وافيا لأوضاع المرأة.
لذلك وعذرا إذا كررت بعض ما قاله الأستاذ محمد، أود في البدء التأكيد على أن وضع المرأة وكذلك الطفل تدهور بشكل كبير في العالم خلال العقد الماضي على اثر تدهور الحقوق الاجتماعية والاقتصادية للمرأة والطفل في أروبا الشرقية بشكل خاص، وفي العديد من مناطق القارة الآسيوية والأفريقية وأمريكا اللاتينية وزادت نسبة الفقر والمجاعة في العالم بسبب سياسة العولمة وحرية السوق الوحشية. وذلك بالرغم من إدعاءات الدول الغربية، وبخاصة الولايات المتحدة الأمريكية دفاعها عن الديمقراطية وحقوق الإنسان، فيىالوقت الذي استبدلت القانون الدولي ومجلس الأمن بقرارتها ومصالحها وفرضت قيمها الاستعمارية على العالم بدلا من القيم الإنسانية الحميدة لشعوب العالم.
أما فيما يخص البحرين اسمحوا لي أن أركز على الجانب التطبيقي للحقوق الدستورية وكذلك الحقوق الواردة في اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة. فخلال العقود الماضية وفي غياب المجلس التشريعي والحريات الديمقراطية كان المتضرر الإكبر من ذلك المواطن، وبخاصة المرأة. وأما اليوم وخلال فترة عام من إعلان سمو الأمير المشروع الاصلاحي حدث انعطاف كبير في الحياة السياسية وبداية نهضة نسائية فاعلة ومسنودة من قائد الحركة الاصلاحية وجميع الفعاليات السياسية في البلاد. فقد حصلت المرأة على حقوق واسعة على طريق مساواتها بالرجل وتفعيل دورها في المجتمع. فإلى جانب العديد من الحقوق الدستوريةفأن الحقوق الواردة في الاتفاقية المذكورة وأيضا في البروتوكولين الاختياريين لاتفاقية حقوق الطفل بشأن اشتراك الأطفال في الصراعات المسلحة وبشأن بيع وبغاء الأطفال والمواد الاباحية، الذين وافق عليهما مجلس الوزراء في الآونة الأخيرة، ستصبح، بعد التصديق عليها، تشريعا وطنيا ملزما لجميع الأطراف الرسمية والأهلية وللمواطن العادي رجل كان أم امرأة. إلا أن هذا الانجاز لا يجب أن يعطي المرأة السكينة والإطمئنان، بل يفترض أن يكون حافزا للمزيد من اللعمل والنشاط لنقل تلك الحقوق إلى الواقع المعاش. ولتحقيق ذلك يتطلب من المرأة، وبخاصة من جمعياتها ومن جميع الفعاليات السياسية والاجتماعية والأهلية والسلطات الرسمية بذل جهود كبيرة وعم دؤوب وواقعي وعقلاني. وباعتقادي أن من أهم المهام المطروحة أمام الجمعيات النسائية والفعاليات السياسية والمؤسسات الأهلية الأخرى، لكي تتمكن المرأة من الاستفادة الفعلية من هذه الحقوق وتعزيز دورها في جميع مجالات الحياة الاجتماعية، العمل على اصدار قانون عصري للأحوال الشخصية يشمل كافة الحقوق الدستورية وبنود اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة وبأقل تحفظ ممكن على مواد الاتفاقية. أما بخصوص التحفظات، فكما ذكر الاستاذ محمد، أن العديد من الدول العربية، التي انضمت إلى الاتفاقية أو في طريقها إلى ذلك ومنها البحرين، تحفظت على بعض موادها أو فقراتها لعدة أسباب، وأهمها عدم تطابق تلك المواد مع الشريعة الاسلامية. وأنا أتفق مع الاستاذ محمد السيد، واعتفد ان جميع الحضور متفق بأن لا تتعارض مطالب المرأة وحرياتها مع ديننا الإسلامي الحنيف وشريعته السمحاء. إلا أن وللأسف توجد تفسيرات عديدة ومتناقضة لحقوق المرأة في الاسلام تضيق أو تتسع وذلك حسب فهم ومنظور شخصي لرجال الدين الأفاضل وبعض من يدعي ذلك. وبما أن هذا الموضوع ذات أهمية بالغة ويتطلب معرفة وإلمام جيدين به، وتجنبا من السقوط في محاذير الجروج عن تعاليم ديننا الحنيف وكذلك لتجنب التقوقع في مفاهيم بالية ليس لها صلة بالدين، اني أرى ضرورة عقد ندوات وورش عمل لتحديد حقوق المرأة المعاصرة في الشريعة وما هي الأمور الواردة في الاتفاقية، التي تتنافى مع الشريعة الاسلامية. وذلك بمشاركة متخصصين ورجال دين أفاضل يشهد لهم دورهم واجتهادهم في رحاب ديننا الحنيف بهدف عدم وقف وتعطيل تقدم مجتمعاتنا ودور المرأة فيها نحو الحياة الكريمة الأفضل إنطلاقا من أن الدين يسر وليس عسر. واسمحوا لي ،مع معرفتي المتواضعة في هذا المجال أن اطرح عليكم بعض من ملاحظاتي على التحفظات، التي أبدتها بعض الدول العربية على الاتفاقية ومنها البحرين. ونأمل أن لا تكون كل هذه التحفظات هي تحفظات حكومة البحرين. _ فمثلا المادة الثانية والخاصة بالضمانات القانونية لمبدأ المساواة بين الرجل والمرأة وإزالة أي تمييز ضدها. التحفظ هو أن يكون تنفيذ المادة ضمن الشريعة. وطبعا لا خلاف على هذا التحفظ من حيث المبدأ. ولكن المشكلة تبرز في حال إذا لم يكن هناك تفسير عقلاني ومنصف لهذه المادة بحق المرأة. ففي هذه الحلة سيؤثر ذلك سلبا على المواد الإخرى ولن تنفذ مع انه لم يجري التحفظ عليها. ومنها السبيل المثال المادة الثالثة، التي تضمن حقوقا متساوية للمرأة مع الرجل في الميادين السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية. وكذلك المادة الخامسة، التي تطالب الدول بتعديل الانماط الاجتماعية والثقافية لسلوك الرجل والمرأة والتحيزات والعادات العرفية والممارسات الأخرى القائمة على فكرة دوبية المرأة وتفوق الرجل. _ أما فيما يخص التحفظ على الفقرة (ب) من المادة (7)، التي تعطي المرأة حق المشاركة في صياغة سياسة الحكومة وتنفيذ هذه السياسة وفي شغل الوظائف العامة وعلى جميع المستويات الاحكومية. فأن هذا التحفظ لا يتوافق، بل يتناقض مع الفقرة (أ) من نفس المادة، التي ليس عليها تحفظ وتعطي المرأة حق التصويت في الانتخابات وحق الترشيح لجميع الهيئات الانتخابية. ويتنافى مع الحقوق الدستورية للمرأة في بلادنا. كما أن هذا التحفظ يعني بشكل غير مباشر الاعتراض على شغل المرأة للوظائف الحكومية العامة. وهذا طبعا لا ينسجم مع وضع المرأة عندنا وهي سفيرة ووزيرة وعضو مجلس الشورى الخ. _ كذلك الحال مع التحفظ على المادة (9) فقرة (2) الخاصة بحق التساوي مع الرجل فيما يتعلق بجنسية الأطفال. ان هذا التحفظ ممكن قبوله في الحالة الطبيعية للأسرة عندما يكون الرجل (الزوج) يتمتع بجنسية بلده وليس هناك إشكالية في حصول الأطفال على جنسية الأب. ولكن عندما يكون الأب بلا جنسية(بدون) أو متوفى فيجب أن يحق للمرأة إعطاء أطفالها جنسيتها. _ التحفظ الأخر يخص الفقرة (4) من المادة (15) حول حق حرية الحركة وحرية اختيار الأشخاص محل سكناهم وإقامتهم. أن هذا التحفظ تجاوزته الحياة لأسباب عديدة، وعلى سبيل المثال: أليس هناك العديد من الارامل والمطلقات يسكنن بمفردهن مع أطفالهن ويعيشن بكرامة وبجهدهن وعملهن الشريف ويربين الأطفال تربية حسنة؟ _ الملاحظة الأخيرة حول المادة (16)، التي تحفظ عليها للأسف معظم الدول العربية ونأمل أن لا تكون البحرين منها. والمادة تخص مساوات الرجل والمرأة في أمور الزواج وحق أختيار الزوج وعدم الزواج إلا برضا المرأة وتمتعها بنفس الحقوق والمسئوليات أثناء الزواج وعند فسخه، وفي تقرير عدد الأطفال وأختيار أسم الأسرة والمهنة والوظيفة وتحديد سن أدنى للزواج الخ. وكما نرى فأن هذه المادة مهمة جدا ولا أعتقد الحقوق المذكورة تتنافى مع الشريعة. نعم هناك وجهات نظر فيما يخص الأرث وغيرها من الأمور القليلة. وممكن التحفظ على مثل هذه الفقرات . ولكن لا يجوز التحفظ عى المادة كاملة، لأن ذلك بطبيعة الحال يلغي أو يعرقل تطبيق العديد من المواد الأخرى الموافق عليهامن قبل الدولة.
وأخيرا ينبغي التأكيد على أن مهما حققت المرأة من حقوق في إطار سن القوانين لصالحها ستبقى جميعها على الورق إذا لم تكن للمرأة ذاتها هم وحماس لتحقيق هذه الحقوق بنفسها في واقع الحياة. لذلك مطلوب توعية مستمرة وحثيثة للمرأة بحقوقها، وبخاصة جيل الشباب وحثها الانخراط في هذا النشاط الهام. وعلى الفعليات السياسية والاجتماعية دون استثناء دعم ومساندة ومساعدة المرأة في هذا العمل الاجتماعي الهام والنبيل، والذي يشكل أساس متين لأنطلاق مجتمعنا البحريني نحو أفاق رحبة لخلق التطلعات الكبيرة التي ننشدها جميعل شعبا وأميرا.
وشكرا
د. يعقوب يوسف الجناحي 6 / 2 / 2002
#يعقوب_جناحي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
وزيرة الخارجية الألمانية: روسيا جزء من الأسرة الأوروبية لكنه
...
-
الوكالة الوطنية توضح حقيقة زيادة منحة المرأة الماكثة في المن
...
-
ما حقيقة اعتقال 5 متهمين باغتصاب موظف تعداد في بابل؟
-
مركز حقوقي: نسبة العنف الاسري على الفتيات 73% والذكور 27%
-
بعد أكثر من عام على قبلة روبياليس -المسيئة-.. الآثار السلبية
...
-
استشهاد الصحافية الفلسطينية فاطمة الكريري بعد منعها من العلا
...
-
الطفولة في لبنان تحت رعب العدوان
-
ما هي شروط التقديم على منحة المرأة الماكثة في البيت + كيفية
...
-
الوكالة الوطنية تكشف حقيقة زيادة منحة المرأة الماكثة في البي
...
-
تحديد عيب وراثي رئيسي مرتبط بالعقم عند النساء
المزيد.....
-
الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات
/ ريتا فرج
-
واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء
/ ابراهيم محمد جبريل
-
الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات
/ بربارة أيرينريش
-
المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي
/ ابراهيم محمد جبريل
-
بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية
/ حنان سالم
-
قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق
/ بلسم مصطفى
-
مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية
/ رابطة المرأة العراقية
-
اضطهاد النساء مقاربة نقدية
/ رضا الظاهر
-
تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل
...
/ رابطة المرأة العراقية
-
وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن
...
/ أنس رحيمي
المزيد.....
|