حسين عجيب
الحوار المتمدن-العدد: 2083 - 2007 / 10 / 29 - 11:24
المحور:
الادب والفن
هذه المرّة 19 في اللاذقية. تغيير البيت والحارة والجيران.كرة تتدحرج....... أتذكّر عبارة"ما خفّ وزنه وغلا ثمنه" أثناء ترتيب الكتب,جزء قليل سينتقل معي إلى بسنادا والباقي,في أكياس مرتّبة على شكل هدايا ,ولمن يريدها, قرب حاوية القمامة.
توقّفت عادة إهداء الكتب وتوشك على الموت في اللاذقية.طويلا بقي الكتاب الهديّة الألطف والأجمل ولمختلف المناسبات,وراح يتقهقر إلى الخلف ويبتعد أكثر عن الواجهة. في هذا البيت انحسرت كتب الإهداء إلى نسخة من الكاتب ة, عدا سوزان الاستثناء,الذي يذكّر ويوصل ومرات يقطع,فينقطع الأمل....فرناندو بيسوا,الانسان المهدور,نحن والآخرون,عراقي في باريس, بندقية صيد,فوق خطّ الحياة بقليل, قصائد النثر المصرية لعلاء وأحمد وهدى وإيمان وفاطمة وعماد وجرجس.... بنسخ أنيقة ومربوطة بشرائط ملّونة فيها من روح سوزان وجمالها, أرتبّ الكتب التي سأحملها,وبين التعب والتعرّق وفقدان الجدوى...أترك كتبا عليها إهداء لصدفة في الطريق.كتب قديمة وأخرى حديثة....المجلات والجرائد كلها في أكياس إلى الطريق.
.
.
ماذا أحمل معي! وماذا سأترك في هذا البيت,غرفتي العجيبة...أربع سنوات مكثّفة عشت فيها أكثر من بقية عمري,هي حلقة متوتّرة في حياتي المهدورة,من هذه الغرفة نبتت أجنحة عابرة للحدود وبقية الحواجز الغبية...صديقات وأصدقاء...حوار واختلاف وتبادل لأمزجة متقلبة....آمال ووعود,واستيقظ على الأرض.
لست حزينا على مغادرة الحارة والبيت,أما غرفتي الحميمة بنوافذها وشرفاتها المفتوحة على الجهات الأربع,الغرفة بستائرها المسدلة دوما,هي رحمي الوجداني, أغادرها بيأس واستسلام. وأعرف أن بقية العمر تتناقص بسرعة,ولا مجال لاستدراك أو حتى إلقاء نظرة ثانية.
حزم من الكتب حملتها على ظهري وتركتها في الشارع.
الزجاجات الفارغة بقيت على النوافذ والبلكون,لكل زجاجة حكاية وحكايات.
أوراق وغبار وقطع عاطفية تلصق ولا تغادر.
*
ماذا يبقى في البيت المهجور!
ما ذا بوسعك أن تحمل...وأنت ترغب بتبديل ملامحك!
بعد الشهر القادم,سيكون مشروع شريتح بما فيه,ندبة على الذاكرة لا أكثر.
.
.
في هذا البيت,الكمبيوتر أزاح القلم والدفاتر,وشبكة الأنترنيت أزاحت الكتاب والصحيفة. حدث تغيّر جوهري ما تزال حركته غير مستقرّة.
*
علاقتي بالمكتوب والقراءة أكثر توتّرا من علاقتي بالمرأة.
لا أعرف أين يوجد الواقع أكثر,في الكتاب أم في الحفلة والشارع,لم أحسم خياري بعد.
ما هو الحقيقي! ما هو الأهمّ!
....لا أعتقد بوجود صلة بين الشخصي والمشترك,أبعد من المصادفة والعشوائية.
سنة بعد أخرى نصير الحكايات التي سمعناها وقرأناها وحلمنا بها.
*
#حسين_عجيب (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟