باسم الخندقجي
الحوار المتمدن-العدد: 2082 - 2007 / 10 / 28 - 11:38
المحور:
الادب والفن
هذا ... يأتون فجأة لبعثرة أشيائه دون سابق إنذار ... وغالبا ما يعشقون الصباح وقتا لممارسة هواية فضولهم الأمني الشره يقولون كلمة واحدة بلغة عربية ركيكة وباردة ... إنها :
" تفتيش" ...
فلا يملك الأسير الفلسطيني سوى لملمة حلمه لاستيعاب هذا الاجتياح الصباحي المفاجئ لرجالات امن السجن الذين يمتلكون أصابع لا تتقن سوى العبث بأشياء الأسير وبعثرتها في أرجاء الغرفة ...
فهم يقتحمون ملابسه وأوراقه وكتبه وفي أحيان كثيرة "ألبوم"صوره .. واثقين من ضرورة استخراج دبابة أو سلاح رشاش من تلك الأشياء .
وكلمة "تفتيش" لا تلتقي أبدا مع أي مفهوم إنساني يحارب الانتزاع الأمني الرهيب لأسير نائم بهدوء واستقرار مؤقتين ..
و"تفتيش" أيضا قاسية جدا لدرجة أن الأسير لا يشعر مطلقا بأي ذرة من الخصوصية أو الثبات .. ومع أن السجن واقع لا يحق للأسير الفلسطيني التحكم به إلا انه من الصعب أن لا يمتلك الإنسان جزءا من خصوصيته ورونق يحرس به أشيائه الخاصة.. إذ أن التفتيش عملية تستغرق أما دقائق معدودة في أندر الأحيان أو ساعتين وأكثر في غالب الأحيان ...
فالسجانون الأمينون يدخلون الغرفة في غارة مفاجئة لتكون أول مرحلة في عمليتهم هي إخراج كافة الأسرى منها إلى غرفة أخرى لكي يأخذوا أمانهم وراحتهم في بعثرة ملامح الغرفة ...
وتستمر العملية لساعتين .. تعلن بعدها وجوه السجانين العابسة انتهاء عملية التفتيش .. فهم لا يظفروا بشيء يهدد امن سجنهم .. باستثناء بعض الأشياء التي لا تشكل ذرة تهديد مثل صورة لزعيم عربي أو دفتر عجز السجان عن فهم اللغة العربية المكتوبة فيه .. لكي يثبت لنفسه انه نال من خصوصية هذه الغرفة .
الأسرى تعيبهم الصدمة أثناء دخولهم إلى الغرفة لدرجة انهم لم يصدقوا أنها غرفتهم التي كانوا يناما فيها قبل ساعتين ..
فهي بهذا المشهد تصلح فقط لتكون سوقا شعبيا يصعب فيه انتقاء بعض الحاجيات والأشياء لشدة اختلاط البضائع يبعضها البعض
الأسير باسم الخندقجي
سجن جلبوع المركزي
منتدى غسان كنفاني
#باسم_الخندقجي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟