يوسف هريمة
الحوار المتمدن-العدد: 2082 - 2007 / 10 / 28 - 11:21
المحور:
الادب والفن
كان يلتقيها على مسرح ذلك الفراغ الروحي، وعلى عتبة سور كبير قد ثبَّت أصوله على أرضها، وامتد بعروشه إلى السماء، ليعانقها في مشهد قد ألقى برومانسيته على ذلك الخواء. كان الحزن يتلألأ بين أعين بريئة لينال من جمالها، ويقتل حسنها وبهاءها وهي لا تراوح باب ذلك السور علها تستنير بشمسه، أو تستميل قلبه إليها فينساب من عليائه متدفقا بماء الرحمة والعطاء.
كانت روحا تناشد الجسد وتناجيه في سكون ليل، وبشهادة نجوم زينت تلك السماء، وأصرت أن تسأل من يقاسمها الألم والأمل في عفوية وليلة روحيتين:
متى سينهار حصن هذا السور اللامحدود؟
متى سنلج الباب ونكشف السر المفقود؟
متى نركب سفينة حلمنا ونسافر إلى أرض الأفق المسدود؟
كانت كلماتها تنساب انسياب براءتها، وهو ينظر إليها في ابتسامة ساخرة من أسئلتها. أسئلة بريئة تحملها روح إلى جسد جريح لم يوقف نزيفه تقبيل السماء، ولا وقوف على عتبة سور منيع بقلب صلب، قد أوصد الأبواب في وجه كل من يريد اقتحام حماه أو ولوج بابه. التفت إليها ليمسح دمعها المنسكب بين خدود حمراء، قد شاب صفاءها غبار اليأس من علو ذلك السور المنيع. ثم استرسل في الجواب على وهم أسئلة أثقلت جسدا مثخما بالجراح، لعل أجوبته تحضن طهرها، أو ترفع الحجاب عن تسلط سور لم يرقب فيهما إلا ولا ذمة.
متى سينهار...؟
يوم ينهار جبل التكبر المنغرس في ذلك السور. إننا نحن من رفعناه مكانا عليا. وجليد التسلط لا محالة منصهر بمرور صيف ساخن بوقوفنا أمام جبروته. إننا نحن من أقمناه رقيبا بيننا ولم نهجره مليا.
متى سنلج الباب...؟
سره بيدنا لا نحتاج إلا أن نلتفت إلى الأمام لنجعل مفاتيحه راضية مرضية، نفتح بها قلب سور منيع قد أصداه ركام ثقافة مزورة. سره بيدنا لا نحتاج إلا أن نشعل في النفوس ثقة بقهر الجبروت، مهما تلبس بالأمل ومهما حمل في يده سيف الألم.
متى سنركب...؟
سفينة نوح قادمة لا يركبها إلا المؤمنون. من آمنوا وأمَّنُوا. من سالموا وسلَّمُوا. من ذَلَّلُوا وتذلَّلُوا. طوفان عميق سيسحق كل متسلط ولو كان سورا منيعا. وأرض طيبة ستهوي إليها أفئدة السلام ولو كان المنحدر ضليعا. سفينة نوح آتية ولا عاصم من أمر الله، ولو آوى المتألهون إلى السور وظنوا أنهم غير مُلاقي مصيرهم.
#يوسف_هريمة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟