أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - يوسف هريمة - أنا ومستنقع العربان...!!!














المزيد.....

أنا ومستنقع العربان...!!!


يوسف هريمة

الحوار المتمدن-العدد: 2075 - 2007 / 10 / 21 - 08:58
المحور: الادب والفن
    



في أرض أفل نجمها منذ زمن بعيد، ولم تعد شمس تلك الحضارة البائدة تعانقها كل صبح مشرق بالأمل. كان هناك مستنقع يدعى مستنقع العربان. تهدر فيه كرامة الإنسان، وتذبح على عتباته أجساد الحرية، وتنمو على جنباته أشباه زهور، يحسبها كل واطئ لهذا الحمى أزهار ربيع تفتحت للقاء ناظريها، حتى إذا جاءها لم يجد شيئا ووجد المستنقع عندها فوفاه حسابه.
سكان تلك القرية البعيدة عن عيون الحضارة، ماكان لهم إلا أن يعيشوا على أمل الانبعاث من جديد، عسى أن يصنع الحلم يوما مستقبلهم الغامض. ما وهنوا وما استكانوا لمصيرهم. يضربون الأرض علَّها تخرج أثقالها، ويرفعون أعينهم مُقبِّيلن وجه السماء، علَّهم يعثرون على مفتاح يفتحون به صحفا قد طويت، و أقلاما قد جف معينها. كنا يدا في يد مراهنين على أن العلم سبيلنا إلى إرجاع ثقافة ضائعة وحضارة غابرة. بحثنا عنه بكل ما أوتينا من قوة، هذا من زاويته والآخر من غيرها، لنصنع سويا أرضا بنبات طيب، ونخرج من أثون ذلك المستنقع المظلم. كانت لدينا القناعة أن تاريخ الإنسان لا يسطره إلا الإنسان، وأن الحضارة عمل تراكمي، كل يبني لبنته ويضع بصمته في هذا الصرخ العظيم.
ما زلت أذكر بسمة الأمهات وهي تحتضن حزن فلذات أكبادها في معركة الحياة، وما زلت أرجع القهقرى بذاكرتي، لأقف عند مشاهد البؤس والألم وهي تفترس رجالا بيد الاستغلال، وهم فرسان على أرض الوغى لا يعتريهم ضعف ولا وهن. كانت المشاهد تترى تتتابع فصولها أمام عيني، وفرسان المعركة وسط وطيس حامي، يحملون شواهد وفياتهم العلمية مرددين:" الجوع والعطالة داروا فينا حالة وفين العدالة الحكومة مهزلة... ". مشاهد رهيبة لن تجمعها الكلمات ولن تدركها البلاغة وأضرب المعاني والعبارات. مشاهد وأد العقل الناشد لمستقبل أفضل، ومشاهد وفاة الشهادة العلمية في موكب جنازي يرثي حاله، وسط جموع متفرجة على مستقبل قد عرض على شاشة الواقع بألوان دموع الأبرياء.
كان الموكب الجنازي محزنا بفراق العزيز. كل يعزي أخاه على شهادة ما أروت ظمأ، ولا رفعت شأنا، ولا حركت مياه ذلك المستنقع الراكد بسبات عميق. والكل يتحسر على شموع قد انطفأت في عز ليل مثقل بمرارة الظلم، فما وجدت من يشعل فتيلها، أو يمسح عن وجهها وديان دموع غرقت في وحلها الأحلام، وتاهت في بيدائها أنشودة الخروج من مستنقع كتم الأنفاس، ولا زال يحبسها عند سدرة منتهى الحرية الضائعة.
مشهد رهيب والناس تدس التراب على شواهدها في بكاء يسمع صوته القاصي والداني. كؤوس فارغة قد تجرعها كل منا ليقف بحملها على شفا حفرة من الانهيار الاجتماعي والثقافي، ويعدم بها على مشنقة الحلم الجميل. تفرق الجمع بعدها وتفرقت الأحلام عائدة بالمشهد إلى حيث المصير المجهول، والعودة إلى مستنقع العربان، معيدين المشهد من جديد مع أجيال لاحقة، ستحمل مشعل التحدي بالخروج من ظلمته مرددين:" إنا لله وإنا إلى المستنقع راجعون ".



#يوسف_هريمة (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بلاد الوهم...!!!
- القرآن وأزمة التأصيل: حوار صحفي...
- الباحث يوسف هريمة التديّن إذا اصطبغ بالفكر الشمولي انتهى.. آ ...
- عين على منهج إبراهيم ابن نبي في قراءة القرآن*
- القرآن ومنطق الإقصاء
- إبراهيم النبي وأزمة الثقافة الروائية
- إبراهيم النبي وأزمة الثقافة الروائية
- الشفاعة المحمدية والامتداد العقدي المسيحي
- الفكر الإسلامي وأزمة البنيات المُؤَسِّسَة
- حفظ الدين وقصور نظرية مقاصد الشريعة
- ثقافة الاحتكار واختراق منتدى المعراج
- أُميَّة الرسول بين القرآن والمفهوم الثقافي
- التنوع الثقافي والتنمية المنشودة
- علم مصطلح الحديث وتأسيس الثقافة الروائية
- الأديان ومستقبل الإنسانية
- نزول عيسى مسيانية يهودية مسيحية في قالب إسلامي
- القرآن الكريم والتسلط باسم الدين
- ثقافة الشيخ والمريد وأزمة الفكر الديني
- العواصم الثقافية ورهانات المستقبل
- النص الديني بين العلوم الشرعية والعلوم الإنسانية


المزيد.....




- عن -الأمالي-.. قراءة في المسار والخط!
- فلورنس بيو تُلح على السماح لها بقفزة جريئة في فيلم -Thunderb ...
- مصر.. تأييد لإلزام مطرب المهرجانات حسن شاكوش بدفع نفقة لطليق ...
- مصممة زي محمد رمضان المثير للجدل في مهرجان -كوتشيلا- ترد على ...
- مخرج فيلم عالمي شارك فيه ترامب منذ أكثر من 30 عاما يخشى ترح ...
- كرّم أحمد حلمي.. إعلان جوائز الدورة الرابعة من مهرجان -هوليو ...
- ابن حزم الأندلسي.. العالم والفقيه والشاعر الذي أُحرقت كتبه
- الكويت ولبنان يمنعان عرض فيلم لـ-ديزني- تشارك فيه ممثلة إسرا ...
- بوتين يتحدث باللغة الألمانية مع ألماني انتقل إلى روسيا بموجب ...
- مئات الكتّاب الإسرائيليين يهاجمون نتنياهو ويطلبون وقف الحرب ...


المزيد.....

- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - يوسف هريمة - أنا ومستنقع العربان...!!!