أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مصباح الغفري - يوم دخلت السُـلطة إلى حَمّــام الأســــطة!














المزيد.....

يوم دخلت السُـلطة إلى حَمّــام الأســــطة!


مصباح الغفري

الحوار المتمدن-العدد: 638 - 2003 / 10 / 31 - 02:57
المحور: الادب والفن
    



حدثنا أبو يسار الدمشقي قال :

قرر واحد من أثرياء التقدم والإشتراكية إحياء التراث، فافتتح حماماً عاماً جهزه بأفخر المُعدات والأثاث . وأطلق عليه اسم " حمام الأسطة "، ودعا إلى حفلة الافتتاح رجال الحكومة والسلطة .
 ولما كان لا بد في هذه المناسبة من الطعام، فقد ذبحت الخراف والأغنام . وأديرت على الحاضرين الكؤوس، فشع الفرح ودارت الرؤوس . ولكي يَطلع المسؤولون على الحمام العتيد، وما أدخل اليه من وسائل الحضارة والتجديد . فقد خلع الجميع الثياب وتركوا المناسف، ودخلوا الحمام عراة إلا من الفوَط والمناشف . وأعطي لكل واحد قبقاب، صنع من أجود أنواع الأخشاب .

وبما أنني كنت مدعواً إلى هذه الوليمة، فقد لبيت الدعوة بكل همة وعزيمة . لكنني وصلت متأخراً بعد تناول الطعام، فدخلت مباشرة إلى الحمام . وشاهدت أصحاب السيادة والمعالي عراة، وقد تكشفت منهم السيقان وظهرت العورات !  فرأيت أن أنقل إلى القراء الكرام، وصفاً دقيقاً لأصحاب الحل والربط في الحمام، وإليكم مشاهداتي أيها السادة، بدون نقصان ولا زيادة :

جلس دولة رئيس الوزراء، على بلاط الحمام جلسة القرفصاء . له كرش منتفخ عجيب، وساقان كأطفال الأنانيب . لو شاهدته بهذا الشكل في الأحلام ، لَعَز عليك الكرى والمنام . ولو وُزعت صورَته عارياً على الحدود، لأصيب موسم السياحة بالركود والجمود .

أما منظر قائد الجيش بلا ثياب، فيوقظ في النفس الرغبة في النميمة والاغتياب . ولو رآه أحد جنوده بهذا الجسم المُشوه، لفرّ من الجيش دون أن يتحسر أو يتأوه . ولو ظهر بكرشه في جبهة القتال، لتوقف القتال والنزال . ولَولى العدُو الأدبار، ولاذ جنوده من الرعب بالفرار .
 لكن أعجب هذه الأشكال، هو شكل مدير المخابرات بلا جدال . إذ امتلأ جسمه باللحم، وتكومت عليه بضعة أطنان من الشحم . تراه وهو جالس على الأرض، وقد تساوى طوله بالعرض . بساقين نحيلتين كعيدان القصب، وأثداء تدعو إلى الإشمئناط والعجب . فتساءلت أهذا هو الذي ينشر الرعب في قلوب الناس، ويحصي عليهم الحركات والأنفاس ؟

وقضيت ساعة أو ساعات، أتأمل في عجائب المخلوقات . وكدت أصاب بالإغماء، وأنا أرى على الطبيعة الجنرالات والعمداء . وفجأة لمحت في الزاوية بعض شعراء النظام، يستنزلون من المشهد الوحي والإلهام. وانفصل عنهم شاعر مخابرات العسكر، يتمشى في الحمام ويتبختر . وعندما جاءه الإلهام وأخذه الحال، تثنى وسعل ومال، ثم ما لبث أن قال :

يا مدير المخابرات في بلاد العروبة
     أنت في الحسن والجمال أعجوبة!

 

فأشار إليه سيادته أن توقف عن هذا الهذر، فعاد إلى الزاوية ممتلئاً بالقهر .

وما هي إلا لحظة حتى أتاني صوت لطيف، فالتفت فإذا هو صديقي أبو شريف . وهو من احترف الدسَّ واغتياب الناس، حتى سمي بالوسواس الخناس . قال لو رأى الشعب حكامه عراة في الحمام، إذن لثار وأسقط النظام. فظهور المسؤولين بهذه الأشكال، كافٍ لإشعال الثورة وتأجيج النضال . فهم إنما يلقون الرعب في قلوب الناس، بالأوسمة والنياشين وأناقة اللباس .

لكن مدير الأمن كان لنا بالمرصاد، فاقترب وقال بم تأتمرون أيها الأوغاد ؟ فتلعثمت وقلت رويدك يا سيادة اللواء، فحديثنا كله هراء بهراء . ولم نخرج عن موضوع الطقس، وكيف تغير بين اليوم والأمس .

قال حذار من الحديث عن السلطة، وإلا أصبحتم في ورطة .  فانسللت بسرعة من الحمام، وتواريت من الخوف بضعة أيام .

وتلفت أبو يسار ست الجهات، ثم أنشد للمتنبي هذه الأبيات :

أيمـلِكُ المُـلْكَ والأســياف ظامِــئة         والطيرُ جائعة ، لحمٌ على وَضــــــمِ ؟
من لو رآنيَ ماءً ، مات من ظمـأ          ولو عَرَضـتُ له في النـــوم ، لم يَنمِ
ميعادُ كُل رقيق الشـفرتيـن غـــداً         ومن عصى من ملوك العرب والعجمِ

 



#مصباح_الغفري (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- بعد دفن 3000 رأس ماشية في المجر... تحلل جثث الحيوانات النافق ...
- انتقادات تطال مقترح رفع شرط اللغة لطلاب معاهد إعداد المعلمين ...
- -روحي راحت منّي-.. أخت الممثلة الراحلة إيناس النجار تعبّر عن ...
- -عرافة هافانا- مجموعة قصصية ترسم خرائط الوجع والأمل
- الفنانة ثراء ديوب تتحدث عن تجربتها في -زهرة عمري-
- إلتون جون يعترف بفشل مسرحيته الموسيقية -Tammy Faye- في برودو ...
- معجم الدوحة التاريخي ثروة لغوية وفكرية وريادة على مستوى العر ...
- بين موهبة الرسامين و-نهب الكتب-.. هل يهدد الذكاء الاصطناعي ج ...
- بعد انتهاء تصوير -7Dogs-.. تركي آل الشيخ يعلن عن أفلام سعودي ...
- برائعة شعرية.. محمد بن راشد يهنئ أمير قطر بفوز «هوت شو» بكأس ...


المزيد.....

- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مصباح الغفري - يوم دخلت السُـلطة إلى حَمّــام الأســــطة!