أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - خالد تركي - لقد كنت شيوعيًّا صادِقًا عليّ. وعلينا أن نحفظ تراثك ليكون منارًا ونورًا يُهتدَى به الرّفيق علي إبراهيم عاشور في عاشوراء غيابه















المزيد.....

لقد كنت شيوعيًّا صادِقًا عليّ. وعلينا أن نحفظ تراثك ليكون منارًا ونورًا يُهتدَى به الرّفيق علي إبراهيم عاشور في عاشوراء غيابه


خالد تركي

الحوار المتمدن-العدد: 2069 - 2007 / 10 / 15 - 11:54
المحور: الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
    


ما أصعب الحقّ حين يكون موتًا. وما أصعب الموت حين يُفقدُكَ إنسانًا عزيزًا متواضِعًا، سياسيًّا فطينًا، مفكِّرًا ثوريًّا، شيوعيًّا بكلّ ما تحمله هذه الكلمة من معنى، أسمًا معروفًا ورمزًا وطنيًّا ومفخرةً للحزب والجبهة والشّعب.
فَقَدَهُ وافْتَقَدَهُ حزبنا وجبهتنا وجماهيرنا، وفقدَتْه وافْتقدَته حيفا وأهلها قبل عشر شهور من أيلول ذي الورق الأصفر، كان ذلك في فصل الخريف من العام 1997، بعد أن أتاها من غزّة هاشم حين ححرَّرهُ ورفاقَه رفاقُهُ الشّيوعيّون من المعتقلات الإسرائيليّة، بأمرٍ من محكمة العدل العليا، بعد النّكبة، من سجن "أبو عجيلة الصّحراوي"، الّذي كانت قد اعتقلته السّلطات المصريّة فيه، في أواسط عام النّكبة.
تخافُهُ وتخافُ فكرَهُ الرّجعيّة العربيّة قبل الصّهيونيّة، لأنّها تخاف الشّيوعيّة.
وُلِد الرّفيق علي عاشور في غزّة بتاريخ 20/9/1929، حيث كان والده، إبراهيم عاشور، شيخًا وعالِمًا من كبار علماء الدّين المسلمين في المدينة. وكان فهمي ألسّلفيتي، أحد أبرز القادة الشّيوعيّين في فلسطين والأردن، أباه الرّوحي، حيث سكن مدينة غزّة بعيدًا عن مسقط رأسه سلفيت قضاء نابلس. وبفضله وفضل أبي إبراهيم ورفاقه المثقّفين الثّورييّن تمكّنوا من تأسيس الحركة النّقابيّة هناك و في العام 1945 انضمّ إلى عصبة التّحرّر الوطني.




الرّفيق علي عاشور في إحدى مهرجانات حيفا الخطابيّة.

تشرّفت حيفا به وسكن زقاق الطّغرائي في حيّ وادي النّسناس بعد أن تزوّج من طيّبة الذّكر ورفيقته في الحزب سلمى شويري وأنجبا ثلاثة أطفال إبراهيم، جمال وكمال.
واستلم بعدها إدارة "قوت الكادحين" التّعاونيّة فكان مديرًا وسكرتيرًا للجمعيّة التّعاونيّة.
تسلّم لسنوات عديدة إدارة الاتحاد والجديد، فقد قال عنه الشّاعر الكبير محمود
درويش: علي عاشور من قدامى محرّري الاتّحاد الذين ارتبط اسمهم باسمها. فقد
كان خفيف الرّوح يُضفي على هيئة التّحرير جوًّا من المرح، حتّى في أشدّ الأخبار حلكة.
كان لسنين طويلة عضوًا للجنة المركزيّة للحزب الشّيوعيّ حتّى المؤتمر الثّالث والعشرين للحزب.
اشترك في أوّل لقاء رسميّ وعلنيّ للحزب الشّيوعي ومنظّمة التّحرير الفلسطينيّة في براغ عاصمة جمهوريّة تشيكوسلوفاكيا، عام 1977. وقد مثّل الحزب في مجلّة "قضايا السّلم والاشتراكيّة" العالميّة في براغ. وكان عضوًا في مجلس السّلام العالمي حيث مثّل الحزب في عدّة مؤتمرات دوليّة نظّمها المجلس.
كتبَ العديد من المقالات السّياسيّة والأدبيّة والشّعرية والعلميّة. وقام بترجمة بعض الكتب من الإنجليزيّة إلى العربيّة.
لقد عرف العمل السّريّ وكان اسمه الحركيّ في غزّة أنور سعيد حيث كان يعمل في مؤسّسة حكوميّة وكان يُحظر على الموظّفين العمل في السّياسة ولم يعرف أعضاء خليّته اسمه الحقيقي.
هناك في غزة لازمت صداقته أعلام الحركة الشّيوعيّة في الوطن العربي مثل الرّفاق فائق ورّاد، معين بسيسو، فؤاد خوري، أكرم برزق وحلمي أبو رمضان.
وفي حيفا نشر عدّة أشعار وقصص تحت اسم مستعار "أبو الهول دم دم".
كيف أنسى ما كَتَبَ من وصفٍ لطالع الأنظمة الرّجعيّة العربيّة وراء الزّحف اللاهث وراء أمريكا "راس الحيّة"، فما ينالون منهم غير الأصبع الثّالث من كفّ اليدّ اليُمنى أو اليُسرى.
كيف أنسى يوم حسدْتَ القائد الرّمز ياسر عرفات حين قال "أنا أحلم بالدّولة
الفلسطينيّة" في مقالة كتبتها تدافع فيها عن حلم أبي عمّار بعد هجوم أرعن قامت
به الصّحافة العبريّة في البلاد.
كيف أنسى وتذكُرُك حيفا على أنّك من مؤسّسي جمعيّة المبادرة الإسلاميّة في حيفا.
كيف أنسى لقاءنا في الجمهوريّة التشيكوسلوفاكيّة، أيّام دراستي، حين زُرناه
وفتَنَت دماثة خلقه وتواضعه ومرحه المواطنين هناك في كلّ مناسبة، فكان إنسانًا
يعرف قدر نفسه ولم يرَ قدره أعلى من غيره كقول الشّاعر:
ملءُ السّنابلِ تنحني بتواضع ٍ والفارغات رؤوسهنّ شوامخُ
كيف أنسى الدّورة الحزبيّة حين التقينا طيّب الذّكر الرّفيق علي عاشور، أبو إبراهيم، في إحدى محاضراته النّظريّة والتّثقيفيّة، لأعضاء الشّبيبة الشّيوعيّة في حيفا، حين أجاب على سؤال أحد الرّفاق حول تكفير الشّيوعيّين من بعض النّاس ولماذا يعتبرون الرّفاقَ كفرةً قال: من كَفَّرَكُم فهو كافر. والشّيوعيّون يا رفاق هم هم أوّل الدّاخلين إلى الجنّة، ويرحمهم الباري بأعمالهم الحسنة وصراطهم المستقيم وتفانيهم وتضحيتهم وإخلاصهم في عملهم من أجل رفاه وحريّة شعوبهم وسعادتها.




* في رحلته "تعرّف على وطنك" مع رفاق منطقة حيفا، آب ( 1972 )- استعنت بكتاب "جذور من الشّجرة دائمة الخضرة" للرّفيق د. أحمد سعد.

كيف أنسى بيتك في العاصمة التشيكوسلوفاكيّة، براغ، الذي كان مفتوحًا على مصراعيْه ودومًا للزوّار من بلادنا ومن خارجها، كما كان بيتك هنا في حيفا.
كيف أنسى تلك الحادثة التي رواها لي والدي أبو خالد حيث أنقذتَ مؤيّدًا للحزب من عائلة التّوتري خلال مشادّة كلاميّة كادت تتحوّل إلى مشاجرة، بعد أن دار نقاش سياسي بينه ومجموعة يمينية في الهدار، فما كان من الرّفيق أبو إبراهيم إلا الدّفاع عنه وتحريره من أيدي اليمينيّين بحنكته وفِطنته وذكائه المُميّز.
كيف أنسى ذلك اليوم المشئوم حين كان الحقّ أقوى من إرادتنا، وخطفتك يد المنون، سُجِّيتَ في نادي القدّيس لوقا (سانت لوكس) ونعشك مُغطّى بالعلم الأحمر. نتذكّر معًا ذلك النّشيد الذي أنشده الشّيوعيّون اللبنانيون خلال الحرب
الأهليّة:
وإنِ استشهدْت يا يُمّا بالعلم الأحمر لِفِّيني، بالعلم الأحمر لِفِّيني.
كيف أنسى ذلك اليوم (كما حدّثني والدي أبو خالد) حين اعتُقلتَ ورفاقك حيث كان بينهم: زاهي كركبي، أسعد مكّي، يوسف عبده، سليم شامي وابراهيم تركي، وقد أنشدْتُم في المعتقل الأناشيد الثّوريّة كالأمميّة ونحن الشّباب وظلاّم يا ظُلاّم وصلاح ونشيد قرانا وبعد كل نشيد كنتم تهتفون بحناجركم المباركة والعالية بحياة الحزب والشّبيبة والطّبقة العاملة. أغاظت هذه الأناشيد والهتافات السّجان وإدارة السّجن، فجاء أو أُرسِلَ متوَعِّدًا ومُحذِّرًا الرّفاق بالسّكوت وإلاّ... وعندما سمع الرّفاق هذا التّهديد المرفوض، والّذي تأباه النّفوسُ الكِرام، تقدّم منه خالُكَ طيّب الذّكر الرّفيق أسعد مكّي قائلاً وهازِئًا: اسمع، إذا منعتنا من الإنشاد اليوم، فلن نأتِيَ إليكمُ ولن نكون في ضيافتكُم قطّ. وبعد لحظة من المواجهة الكلاميّة، أحضر رجال الشّرطة اثنين من العسس الذين استفزّوا رفاقنا لغاية في نفس باعثيهم، وعلى ضوء هذا اعتُقِلوا وإذ بالرّفاق يصرخون طالبين من السّجان: أحْضِرْهما إلينا، إلينا... كانوا يريدون تصفية الحساب معهما.
لقد كتب الشّاعر الكبير محمود درويش في ذكرى ستّين ربيعًا على ميلاد الاتّحاد عن الرّفيق أبي إبراهيم ورفاقه ما يلي:
في عيد "الاتحاد" الستين، يستعيد كل واحد منا، قرّاءً وكُتّابًا، جزءًا من سيرته الذاتية والعامة. وأنا، إذ انظر قليلاً إلى الوراء، أتذكر غرفتين صغيرتين في ساحة خالية، قضيت فيهما عقدًا من الزمن، في صحبة مَن هم أكبر مني عمرًا وتجربة. لعلّي كنت في مدرسة لا في جريدة، هناك تعلّمت الكتابة الصحفيّة، من صياغة الخبر إلى التّقرير إلى الرِّيبورتاج إلى المقالة والافتتاحيّة. وهناك تعلّمتُ المشي على طريق المستقبل بثقة الشّباب الممتلئ حماسة. وهناك أيضًا تعلّمتُ طريقة الاهتداء إلى ذاتي والى علاقتها بالجماعة، فليست الحريّة تلمّسًا شخصيًا فحسب، ولا سؤالا فرديًا فحسب. ولم تكن السجون الصغيرة والكبيرة سوى محطّات للتّدرُّب على عبادة الحريّة، إذ، لم تكن "الاتحاد" جريدة إخباريّة، بقدر ما كانت ورشة عمل لاجتراح الأمل للخارجين من ليل النكبة. لقد أسهَمَتْ في بلورة وعينا بحقوقنا القومية، وبحقوقنا كمواطنين في دولة ليست لنا!. وساعدتنا"الاتحاد" في التعرّف على هويتنا الثّقافية التي كانت مهدّدة بالتّشظّي والتَّمزّق. ومنها وصلت أصواتنا الشعريّة إلى العالم، وأنا، إذ أنظر إلى الوراء، إلى بنت جيلي أرى ذكرياتي الحميمة تطالبني بالوفاء لأولئك الكبار الذين عملت معهم وتعلّمت منهم: توفيق طوبي، إميل توما، علي عاشور، إميل حبيبي، صليبا خميس ومحمّد خاصّ والعاملين في مطبعة "الاتحاد" القديمة. وإن سقطت مني دمعة، فلا تلوموني!
فلك يا عليّ الشّعب والحزب والجبهة ألف تحيّة إجلال وإكبار لذكراك.
أيّها الفارس الّذي جسّد بحياته تاريخَ ونضالَ حكاية شعب أبيٍّ لا يعرف الرّكوع ولا الضّياع.
أنت دمعتُنا التي لا تسقط. أنت دمعتُنا الّتي نحفظُها في مآقينا.
أنت الأسير والسّجين والمنْفِي واللاجئ في وطنه والمناضل العنيد والمُفكّر والكاتب والشّاعر والصّحافيّ والإنسان والفارس.
أنت العليّ يا عليّ بإنسانيّتك وتواضعِك.
لقد كنت شيوعيًّا صادِقًا عليّ. وعلينا أن نحفظ تراثك ونحافظ عليه برمش العين ليكون منارًا ونورًا يُهتدَى به.

(حيفا)




#خالد_تركي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من مُفكّرة شيوعيٍّ فحماويٍّ


المزيد.....




- الاتحاد الأوروبي بين مطرقة نقص العمالة وسندان اليمين المتطرف ...
- السيناتور بيرني ساندرز:اتهامات الجنائية الدولية لنتنياهو وغا ...
- بيرني ساندرز: اذا لم يحترم العالم القانون الدولي فسننحدر نحو ...
- حسن العبودي// دفاعا عن الجدال... دفاعا عن الجدل (ملحق الجزء ...
- الحراك الشعبي بفجيج ينير طريق المقاومة من أجل حق السكان في ا ...
- جورج عبد الله.. الماروني الذي لم يندم على 40 عاما في سجون فر ...
- بيان للمكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية
- «الديمقراطية» ترحب بقرار الجنائية الدولية، وتدعو المجتمع الد ...
- الوزير يفتتح «المونوريل» بدماء «عمال المطرية»
- متضامنون مع هدى عبد المنعم.. لا للتدوير


المزيد.....

- سلام عادل- سيرة مناضل - الجزء الاول / ثمينة ناجي يوسف & نزار خالد
- سلام عادل -سیرة مناضل- / ثمینة یوسف
- سلام عادل- سيرة مناضل / ثمينة ناجي يوسف
- قناديل مندائية / فائز الحيدر
- قناديل شيوعية عراقية / الجزءالثاني / خالد حسين سلطان
- الحرب الأهلية الإسبانية والمصير الغامض للمتطوعين الفلسطينيين ... / نعيم ناصر
- حياة شرارة الثائرة الصامتة / خالد حسين سلطان
- ملف صور الشهداء الجزء الاول 250 صورة لشهداء الحركة اليساري ... / خالد حسين سلطان
- قناديل شيوعية عراقية / الجزء الاول / خالد حسين سلطان
- نظرات حول مفهوم مابعد الامبريالية - هارى ماكدوف / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - خالد تركي - لقد كنت شيوعيًّا صادِقًا عليّ. وعلينا أن نحفظ تراثك ليكون منارًا ونورًا يُهتدَى به الرّفيق علي إبراهيم عاشور في عاشوراء غيابه