سارا فقي خدر
ترجمة : حميد كشكولي
الجدران قاسية ،
لا يمكنني رؤيتك عبر الجدران،
مفترق طرق ،
حياة تافهة بين الجدران ومع الجدران ،
موت مقصود ولعين،
عيناي مذهولتان،
أنوي الرجوع،
" أيتها الفتاة اعطيني يدك لنسقط هذه الجدران الصدئة "
بعد عشرين عاما قلتُ:
أيها الولد اعطني يدك لكي …
فأطلق ضحكة ساخرة ،
وبنى قفصا أدخلني فيه قائلا :
إنك حرة .. طيري !
يغمرني الحزن ويقول:
اضحكي من الفرح ،
لا تتشحي بوشاح اليأس،
اكتبي شعرا رقيقا،
من خلال نافذة مطلة علي بحر هادئ ،
وفي قوس قزح وأحلام مائية ،
الجدران قاسية،
لا تنهار حتى في قمة النشوة،
حب مشلول يستند إلى الجدران، ومعاشرات ممجوجة ،
الصوان يحدق بي أمامي بين الجدران ،
عاشق يقتل معشوقته،
ينزع أقراطها لكي يسافر ،
عجوز يهوي على رأس زوجته بكسارة القند ،
كنت متكئة على جدار ،
غفوت والجريدة في يدي ،
صوت يدوي في أزقة حلمي ،
" تمرد إناث المملكة "*
ثمة كارثة محدقة ،
إناث يختفين دون أثر،
مدارات تتفجر ،
حبيبات البلابل لا يعدن من الغابة،
أزهار تذبل كمدا،
الظباء الفاتنات في عدوها تختفي في لمحة بصر،
قبجات يمحين الأشرطة المرسومة في صدرهن ويهجرن،
طواويس يسقط ريشها الزاهي ،
صبايا القرية يكسرن ادوات الزينة والمرايا المحمولة معهن،
صبايا المدينة يفرغن حقائبهن من الماكياج على الأرض،
عجائز " الأنفال" و الموت الجماعي مزقن ألبستهن السوداء يتجولن في سوق البزازين ،
يسألن عن أقمشة خاكية ،
يغادرن بعد يومين تاركات اليتامى،
فالأسواق تعرض الدموع والدلال وأقمشة النايلون والحرير للبيع ،
وليس ثمة هناك زبائن ،
المطابخ خالية لا تشمّ رائحة الطبخ من أي بيت ،
البلاد تترقب محنتها الآتية ،
الإناث يختفين ،
لقد استيقظت الآن فماذا رأيت ؟
قوافل تأتى بأحمال خاكية ، أزهار خاكية
طواويس خاكية،
تنزل من القمة برفقة الآلاف من الإناث من أمثال "زينب" و "ژيلا" و"ليسي" و "مالين" ذات الرداء الخاكي.
أمطرت السماء،
تبللت الجدران فوهنت ،
سمعت صوت انهيار الجدار خلفي ،
سمعت صوت تكسر الصقيع من تحت أقدامهن ،
سمعن لاءات تتدفق من حناجرهن،
البيوت غدت بلا جدران وامتلأت بالنور،
والقلوب أصبحت مفعمة بالسعادة ،
*اسم قصة قصيرة لنجيبة احمد
** هذه القصيدة كتبتها الشاعرة قبل سنوات عديدة