أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعدون محسن ضمد - الثقافة العار














المزيد.....

الثقافة العار


سعدون محسن ضمد

الحوار المتمدن-العدد: 2057 - 2007 / 10 / 3 - 02:34
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


للحقيقة وجوه ثلاثة، وكل من هذه الوجوه يمثلها بمستوى معين؛ الوجه الأول هو وجهها الذي هي عليه، أي ما هي عليه بمعزل عن الإدراك البشري. الوجه الثاني لها، هو ذلك الذي أعرفه أنا وأعتقد به، فمن خلال عقلي وبالاستناد للأرث التاريخي والاجتماعي الذي أرجع إليه، أُكوِّن عن الحقيقة صورة تناسبني. الوجه الثالث لها، هو ذلك الذي يدركه الآخر (أي كل من هو غيري) ويؤمن به. والذي يُسْقط على الحقيقة ـ هو أيضاً ـ أرثه التاريخي والاجتماعي.
الحقيقة في وجهها الأول تمثل نفسها، إذ تتساوى مع الحق أو الصدق المطلق، في وجهها هذا لا يضاف لها من خارجها شيء. المشكلة الوحيدة بهذا الوجه أنه غير قابل للإدراك. فمهما كان إدراك الحقيقة بمستواها هذا بريئاً، فإنها ستتحول بعد إدراكها من وجهها الأول إلى الثاني وتصبح حقيقة مُدْرَكة لا مطلقة.
أما بالنسبة لوجهها الثاني فهو وجه يمثل الحقيقة من وجهة نظري، وكما أريد لها أن تكون. وهي بوجهها الثالث تكون مرسومة وفق مقاسات الآخر، وحاجاته وميوله، وكلما تعدد هذا الآخر تعددت وجوه الحقيقة.. المهم في هذا الموضوع هو التأكيد، بأن ليس للحقيقة وجه محدّد يمكن امتلاكه. فهي تتعدد بتعدد المدركين، أما وجهها الحقيقي فالإنسان غير معني به لأنه غير قابل للإدراك.
إن عملية معرفة الأشياء، ومهما كانت بريئة هي في نهاية المطاف نوع من إسقاط أفكار الذات العارفة على الموضوع المعروف. هناك، بالضرورة، زيادة ذاتية خلال عملية الإدراك، تضاف على الحقيقة. ومن هنا نستطيع أن نُفْرِغ موضوع التمييز الفكري من محتواه، ذلك أنه في حقيقته فعّالية اجتماعية أساسها اليقين بالوصول للحقيقة، وهذا اليقين غير حقيقي بالمرة؛ إذ ليس بالإمكان إدراك الحقيقة بصورة تامة.
نعم، هذا المستوى من اليقين (الوهمي) ضروري للجماهير، فالدين لا يمكن أن يؤدي وظيفته الجماهيرية من دون أن يستند إليه. لكن عندما يمسك مثل هذا اليقين بخناق المثقف، الديني أو غير الديني، ما يجعله ممراً سهلاً لأفكار التمييز والإقصاء، فهذا الأمر بحد ذاته مهزلة، نعم مهزلة كبيرة أن يؤمن إنسان بأن الحقيقة حكر عليه، وأنه فارسها الأوحد، والمهزلة الأكبر أن يهدد بإيمانه هذا إيمانات الآخرين. هذه الفعاليات الخيالية التي تناسب العصور الإنسانية القديمة، يجب أن تنتهي من حياتنا، فالإيمان حاجة للروح، ولا يمكن ولا نريده أن يكون حاجة للعقل. العقل لا يؤمن، بل يؤسس قواعد بحث دائمة التحرك.
لقد مررنا في العراق بزمن يغرق بالذبح، الذبح الذي شرعن له الإيمان المطلق، وما دامت بوادر الخلاص من ذلك الزمن قد لاحت، فالأولى بنا أن نقف ضد الثقافة التي فتحت أبوابنا له، هذه الثقافة يجب أن تنتهي تماماً، لئلا يرجع الغول علينا من جديد. الإيمان الذي يؤدي إلى تصنيف الناس باعتبارهم كفرة أو مُغَرراً بهم أو جهلة، يجب أن يتحول بعرفنا وثقافتنا لعار يستحق كل تبعات العار وضرائبه.



#سعدون_محسن_ضمد (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حاجات الجسد أطهر من حاجات الروح
- قلق الأديان... العودة بالدين لمربع الحاجات البشرية
- الكتابة عن الموت... الموت يركب خيوله
- الكتابة عن الموت.. الحنين إلى الرحم الأول والملاذ الأخير
- الكتابة عن الموت... تداعيات ما قبل الشروع بالنهاية
- تفاحة آدم.. نبش العمق الانثروبولوجي للتميز والاقصاء (2-2)
- تفاحة آدم.. نبش العمق الانثروبولوجي للتمييز والاقصاء (1-2)
- عقلية المواجهة... قراءة في كتاب (امبراطورية العقل الأميركي) ...
- قرية العراق.. الحاجة للانثروبولوجيا السياسية
- العائد مع الذات
- مرض الزعامة
- سرد الشياطين
- العودة إلى القرية
- الواقع الافتراضي.. الانترنت بوابة العالم الخيالي الجديد
- محكمة الاطفال
- حصاد السنين
- وحده الحيوان لم يتغير
- التنين العربي (مشنوقا)
- منطق الثور الهائج
- الاختلاف والدين.. كيف يمكن إجراء مصالحة بين الدين والاختلاف؟


المزيد.....




- -أمريكا ليست وجهتنا-..أوروبيون يقومون بإلغاء رحلاتهم إلى الو ...
- شاهد حجم الدمار الذي خلفته غارة إسرائيلية على مستشفى الأهلي ...
- إيران: قد يتغير مكان المفاوضات النووية.. وعلى أمريكا حل -الت ...
- تحذيرات من عاصفة شمسية قد تدمر العالم الرقمي وتعيدنا إلى الق ...
- الاتحاد الأوروبي يعلن عن مساعدات لفلسطين بـ1.6 مليار يورو
- باريس تقول إن الجزائر طلبت من 12 موظفاً بالسفارة الفرنسية مغ ...
- لماذا تحتاج واشنطن إلى أوروبا لإنجاح الجولة الثانية من المفا ...
- بوادر أزمة جديدة.. الجزائر تطلب مغادرة 12 موظفا بسفارة فرنسا ...
- آثار زلزال طاجيكستان (فيديوهات)
- محمد رمضان يرتدي -بدلة رقص- مثيرة للجدل


المزيد.....

- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعدون محسن ضمد - الثقافة العار