|
الحب لا يتكلم كثيرا
عبدالحق طوع
الحوار المتمدن-العدد: 2055 - 2007 / 10 / 1 - 10:00
المحور:
الادب والفن
الصوت الذي ينظم هذه الحروف ، صوت نابع من ذهني . فقدت حق الكلام ونعمة السمع منذ قدومي إلى هذا العالم . ماتت أمي ولم أحقق حلمها الوحيد هو نطقي بتلك الكلمة الدافئة : أمي يؤلمني هنا . أما أبي أدرك وباكرا إستحالة العيش مع إبن أخرس وزوجة عمياء . وفي ليلة ممطرة خرج ولم يعد. أكيد . مع إطلالة أولى شعرات ذقني والشارب والكشف عن عرق الإبطين . أهيء نفسي للبحث عن الأب المفقود. فقط ليوضح ولوبالإشارات سبب تيهه وهجرانه لي . من حقي أليس كذلك ؟ ألست نيتجة للذته ؟ ولأن الحياة لاتعطي الخبزبالمجان . أخدت مني أمي عكازطريق وعلمتني أولى مهني : الشحادة . تفكيري لغته إشارات . وكيف لأم عمياء قراء ة أفكاري ؟ ومع ذلك في أقصى حالات العزلة وفي سجن إنفرادي وليس من الضروري أن يكون هواء سقفه بقضبان ، في جحيم برودته أونعيم قرف رائحته يخلق الإنسان من نفسه وليفا . وقد تتحول صداقتهما إلى سنفونية حب خالدة . إسألوا مدام بوفاري عن فلوبير . أما فلوبيرتعجل ورددت جدران سجن غرفته صراخه :
ـ انا هي مدام بوفاري .
كان اللمس بيني و العمياء جسر تواصل . صمتي القاس والطويل علمني قراءة العيون . نعم العين لسان أخر يحكي وبصدق كبير ما يجول في دواخل البشر. فقط من لمعان عين محدثي أعرف مقدار حبه لي أو كراهيته . حتى هؤلاء الأطفال من يصفهم الكبار بالملائكة في عيونهم قرأت الرفض المطلق لصداقتي لهم . طبعا من يتحمل زعيق صوتي الحاد المزعج ما لغتي إلا إشارات تتطلب من الأخر صبرا لكي يلتقط معنى ما أرغب فيه . وحدها أمي تفهم لغتي ربما بالغريزة وهي الأخرى أحيانا تبكي عندما تعجز عن سبر أغوار رغبتي وخصوصا ساعة وجع مرض ما . وتخيلت نفسي كقطتنا عندما تجوع أولقضاء حاجاتها الطبيعية تموء . أنا أخرس ولي فيه نعمة أفضل بكثير من شر وسفالة لسان سليط ، لايحسن إلا ثلويث هواء العالم بالكلام المريض . محموله جهل وسفالة . لهذا السبب أحببت الرسم . وتمنيت لو كان تواصلي مع البشر لغة موسيقى ، حرمت من هذا الجمال . أكيد قلة من البشر ورغم إمتلاكهم أذان فهي طويلة لا تلتقط أوجاع جمالها . طبعا ! أكيد البعض منكم ، وأعرف جيدا فضولكم السامق عنقه ومطلق ذكاؤكم عرشه أرنبة أنوفكم وصديدأذانكم التي تقتفي أثار هسيس أخطاء وهفوات البشر . بل لي القدرة على قراءة رغوة عفونة نفوسكم التي لا تجيد إلا صناعة الألم . ليس غريبا أن يذلكم الأقوياء منكم لأنكم فقدتم مافي الإنسان من عظمة ، عظمة تقدر و لا تقهر من لاسواعد له. ليس غريبا أن تحولوا منازلكم بل نفوسكم ساحة لحرب خاسرة . وتقول فظاعتكم : ـ وكيف عرفت أن للموسيقى جمال الأنغام وأنت الأخرس ؟ ويضيف أشطرهم : ـ إدعاء الفهم جهل . ياسادة الهذرأقول لكم عيني سهم شد في وثر الروح لايخطيء هذفه : على الأنغام رأيت الناس ترقص ورأيت البعض للإنصات العميق ترقص دون أقدام ، مسافرة هائمة وكأن الأنغام أثبتت لهم أجنحة ....قلة قليلة من الناس حلقت . وهل يعادل صوت كمان طلقة رصاصة .. .. ..؟ نعم ! ماتت أمي كمدا وحزنا على غياب أبي ، وربما صمتي القاس : قاتلها . في ملجأ للأيتام بدء القدر يكتب سيرة جديدة من حياتي . سيرة تبدء بإغتصاب الكبار لنا ، أكل فاسد وسوط قيل لنا : معلمنا الأمين . ومع حرف ونقطة وفاصلة ، علامة تعجب وإستفهام . إتخدت من مكتبة الملجأ وطني . نعم ! المكتبة وطن المبدعين ، و القارئ ليس بالغريب بينهم . الغاية واحدة هنا كيف نكون سعداء . تسمح لنا أن نكتشف بلدانا لم تطأها أقدامنا . هنا لامعنى لجوازسفر، ولامعنى للألقاب والقامات . العرق ، اللون والجحيم . ويهمس زرادشت الحكيم : ـ يتلمسني الأميروالعبد الأجير . ويؤكد صاحب أغنية «شيروا لشلوم » . و من حق الإنسان هنا أن يختار أجداده . قلت أحببت الرسم . نعم وأول لوحة طلبت مني صديقة وهي أم أبنائي اليوم أن أوقعها بإسمي وتكون هذية لها لكي تزين بها غرفة نومها . بطلها : لسان وفوقه حمامة وعشيقها يمارسان الحب بالمنقار وغير بعيد يد المسيح يضع غصن زيتون في فوهة بندقية . وفي الأسفل كتبت : الحب لا يتكلم كثيرا . طبعا كنت ذكيا فصديقتي أم أبنائي اليوم كنت ممسوسا مسحورا محموما مهووسا بلغتها وهي الخرساء مثلي . لكن خرسنا كان يحلم بالكلام الجميل سماء للإنسان . هل قلت شيئا ؟
#عبدالحق_طوع (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الأبيض/ الأسود
المزيد.....
-
انطلاق النسخة السابعة من معرض الكتاب الفني
-
مهرجان الأفلام الوثائقية لـRT -زمن أبطالنا- ينطلق في صربيا ب
...
-
فوز الشاعر اللبناني شربل داغر بجائزة أبو القاسم الشابي في تو
...
-
الموصل تحتضن مهرجان بابلون للأفلام الوثائقية للمرة الثانية
-
متى وكيف يبدأ تعليم أطفالك فنون الطهي؟
-
فنان أمريكي شهير يكشف عن مثليته الجنسية
-
موسكو.. انطلاق أيام الثقافة البحرينية
-
مسلسل الطائر الرفراف الحلقة 84 مترجمة بجودة عالية قصة عشق
-
إبراهيم نصر الله: عمر الرجال أطول من الإمبراطوريات
-
الفلسطينية لينا خلف تفاحة تفوز بجائزة الكتاب الوطني للشعر
المزيد.....
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
المزيد.....
|