أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - غازي الصوراني - حيدر عبد الشافي الإنسان والسياسي والقائد الذي جاء إفرازاً لاندماجه الواعي بحركة شعبه















المزيد.....

حيدر عبد الشافي الإنسان والسياسي والقائد الذي جاء إفرازاً لاندماجه الواعي بحركة شعبه


غازي الصوراني
مفكر وباحث فلسطيني


الحوار المتمدن-العدد: 2051 - 2007 / 9 / 27 - 11:38
المحور: الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
    


بالأمس فارقنا حيدر عبد الشافي... بعد أن ودعته غزة ومخيماتها وقراها في لحظة يشعر فيها أبناء شعبنا الفلسطيني في حيفا ويافا والقدس والجليل والدهيشة وعين الماء وكل مخيمات الوطن والمنافي أنهم أحوج ما يكونوا إليه مثل خيط من الضياء والعقل في هذا المشهد السوداوي الشديد الإظلام الذي يلف أبناء شعبنا ويسد عليهم كل الآفاق إلى حين ... ففي مشهد الوداع الغزاوي كانت سفينة نوح الفلسطينية تسير بهدوء في مياه بحر غزة الحزين، نتطلع في وجوه ركابها في المشهد الجنائزي الذي ضمَّ المودعين من كل قرية ومدينة فلسطينية ...من القدس ويافا وحيفا والناصرة والجليل وصفد واسدود والمجدل ونابلس والخليل ... تلك هي غزة سفينة نوح التي عهدناها ولم نزل كحارس أمين من حراس الهوية الوطنية الفلسطينية بامتياز.
الحديث عن حيدر ليس حديثاً عن قائد وطني كبير حاز على الاحترام والتقدير من أبناء شعبه كما في المحافل العربية والدولية الرسمية والشعبية، بل هو حديث عن غزة المدينة الفلسطينية التي أرغمت "شمشون" على جر طاحون المعصرة إلى أن طغى عليه يأسه فقال كلمته: "عليَّ وعلى أعدائي" .
إن الحديث عن الدكتور حيدر عبد الشافي هو حديث عن العام قبل الخاص... عن الشعب قبل الأفراد، لان التاريخ لا يصنعه – في المقدمات والنتائج- سوى حركة الجماهير، وأي حديث عن قائد أو فرد كصانع للتاريخ ليس سوى عملية تزييف باهتة قد تدوم للحظات في المكان والزمان لكنها لا تملك أية إمكانية للاستمرار أو الثبات في سجل التاريخ.
من هنا أهمية التقييم الموضوعي لدور الفرد عبر التحامه الصادق والأمين بحركة شعبه في صعودها إلى الأمام دون أي تطلع للتمجيد أو العبادة الشخصية أو المصالح الأنانية أو الاستزلام والفساد، وهي أمور أو صفات ازعم أن حيدر عبد الشافي كان حريصاً طوال تاريخه ان يظل أميناً لقضايا شعبه دون أي اقتراب منه نحو المصالح الخاصة تحت أي ظرف من الظروف.
بدأ حياته السياسية في بيروت عضواً في جمعية العروة الوثقى، وهي جمعية قومية ثقافية سياسية خلال الفترة منذ عام 1937 – 1940 حيث أغلقت الجمعية لأسباب أمنية، ثم التحق منذ عام 1940 – 1943 في تجمع "القوميين العرب" مع كل من المرحوم منيف الرزازود صلاح عنبتاوي وكان الأب الروحي لهذا التجمع الأستاذ قسطنطين زريق.
وبعد تخرجه من الجامعة الأمريكية ارتبط بصداقات مع القوى الديمقراطية والتقدمية ذات الطابع اليساري في فلسطين، امتدت هذه العلاقة ضمن أبعادها السياسية والأيدلوجية إلى ما بعد النكبة عام 1948 حيث استمر على نهجه هذا طوال ممارسته لمهنته كطبيب، جامعاً بشكل متوازن بين الفكر والممارسة فكان بحق طبيباً للفقراء ومناضلاً ديمقراطياً عنيداً في الدفاع عن حقوقهم وأهدافهم الوطنية.
وفي مارس عام 1955 حينما هبت جماهيرنا الفلسطينية في قطاع غزة في انتفاضتها الأولى ضد المشروع الأمريكي لتوطين اللاجئين في سيناء وتحت شعار "لا توطين ولا إسكان... يا عملاء الأمريكان"... كان حيدر عبد الشافي واحداً من الرموز الوطنية في القطاع التي التحمت بالجماهير... وتراجعت الولايات المتحدة الأمريكية عن مشروعها بعد أن أعلن القائد الخالد جمال عبد الناصر رفضه لمؤامرة التوطين استجابة منه لانتفاضة غزة الأولى.
وفي أوائل نوفمبر 1956 بدأ العدوان الثلاثي على مصر وفلسطين واحتلت إسرائيل قطاع غزة، وتنادت القوى الوطنية لتشكيل الجبهة الوطنية، وكان حيدر عبد الشافي من أبرز قيادات تلك الجبهة منذ تشكيلها... وأمام ضغوط المقاومة في الداخل والضغوط الدولية السوفيتية انسحب المحتلون من مصر وقطاع غزة ليبدأ عهد جديد.
وفي بداية الستينات بدأت الإدارة المصرية بالتنسيق مع قيادة الحركة الوطنية في القطاع بتأسيس أول مجلس تشريعي، وفي أوائل عام 1962 بدأت عملية الانتخابات لعضوية المجلس وكان فقيدنا الراحل حيدر واحداً من عشرة أعضاء فازوا في الانتخابات الجماهيرية عن مدينة غزة، وتم عقد الدورة العادية الأولى للمجلس التشريعي يوم السبت 22/6/1962، وانتخب في الجلسة الأولى رئيسا للسلطة التشريعية، وباتفاق مع زملائه الوطنيين والديمقراطيين تم صياغة هذا الإعلان الصريح أن "مجلسنا التشريعي ليس من مهمته فقط أن يشكل لجاناً أو يقر قوانين تتعلق بالاعمار أو الشؤون الإدارية المختلفة، بل إن مهمتنا تنحصر في الدرجة الأولى بالعمل على إبراز الكيان الفلسطيني حرصاً على وحدة شعبنا التي باتت مهددة بالزوال... لقد بات من اللازم أن يجسد الفلسطينيون وحدتهم في شكل كيان فلسطيني"، وتقدم حيدر عبد الشافي وعدد من زملائه أعضاء المجلس بمشروع قانون يجعل من قطاع غزة موطناً لكل فلسطيني، وبالتالي فان "حق العودة إلى الجنسية الفلسطينية والإقامة الدائمة في القطاع حق أساسي من حقوق كل عربي فلسطيني أينما وجد، باعتباره البقية الباقية من فلسطين وما زال يحمل اسمها".
هذا القرار التاريخي لم يكن بعيداً عن الحركة الجماهيرية الفلسطينية في القطاع التي هتفت بكل عفوية وصدق من اجل "إعلان جمهورية فلسطين في قطاع غزة" آنذاك وليتها فعلت!؟
وجاء عام 1964 بالإعلان عن ولادة منظمة التحرير الفلسطينية استجابة بهذا القدر أو ذاك لتطلع جماهيرنا الفلسطينية ونزوعها نحو الاستقلال والتحرر (رغم خطة النظام العربي الذي كان يسعى إلى غير ذلك)، ففي 28/5/1964 عقد المجلس الوطني الفلسطيني الأول في القدس وتم انتخاب المرحوم احمد الشقيري رئيسا للمؤتمر وحيدر عبد الشافي نائباً للرئيس، وفي منتصف عام 1964، تم اختياره عضواً في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية.
وجاءت هزيمة حزيران ... وخيم الظلام الدامي على قطاعنا الحبيب في الأيام الثلاثة الأولى... وفي اليوم الرابع بدأ أبناء شعبنا الفلسطيني في غزة وخانيونس والبريج وجباليا ورفح والشاطيء وبيت حانون يضيئون شموع الأمل، ومنذ البداية توجه حيدر عبد الشافي مع أبناء شعبه بكل ثبات وتواضع يضيء شمعته هو الآخر ضد الظلام عبر دوره النضالي التقدمي الديمقراطي الذي استمر دون كلل رافعاً شعار الوحدة الوطنية والتربية الأخلاقية حتى رحيله عنا بالأمس.
وفي ظل الاحتلال ورغم كل ما تعرض له من ضغوط ونفي... ظل حيدر عبد الشافي صامداً يعمل بصمت دون كلل حتى عام 1982 حين قام مع عدد من رموز الحركة الوطنية في القطاع بتأسيس جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني التي تمارس نشاطها لصالح الفقراء والكادحين في المخيمات والحارات الفقيرة في غزة وخانيونس ورفح.
إن الحديث عن حيدر عبد الشافي ليس على الإطلاق حديثاً ذاتياً رغم كل هذه العلامات التاريخية المضيئة في حياته التي تحمل طابعاً خصوصياً فهو حديث موضوعي في المطلق لان شكله ارتبط بحركة الجماهير التي حددت منذ البدء مسار الدكتور حيدر عبد الشافي دون أن يكون له أي دور كفرد في صنع الأحداث وإنما عبر اندماجه الواعي والطوعي معها بعيداً عن مصالحه الخاصة بل على حسابها... من هنا جاء إجماع القوى الوطنية الفلسطينية على اختياره رئيسا لوفدنا الفلسطيني ليمثل في جوهره امتداداً لإجماع جماهيرنا الفلسطينية وتقديرها واحترامها – سواء بحسها العفوي أو الواعي للقائد العربي الفلسطيني الكبير، حيث رأت فيه مجسداً ومدافعاً صلباً عن الهوية الوطنية والمشروع الوطني الديمقراطي.
إن القول بان حيدر عبد الشافي يمثل – ولاعتبارات موضوعية- "صمام الأمان" للأهداف الوطنية الكبرى لشعبنا، إنما يؤكد على حقيقة موضوعية، لان التزامه بحق تقرير المصير والبناء الديمقراطي للمجتمع الفلسطيني وحق شعبنا في السيادة على أرضه ووطنه بقيادة منظمة التحرير الفلسطينية هو التزام بحركة ومستقبل جماهيرنا الفلسطينية التي كانت –وستظل- دوماً المعلم والمراقب الكبير لكل قياداتنا الوطنية في الماضي والحاضر والمستقبل... وداعاً يا ضمير شعبنا ... أيها الأب الروحي للحركة الديمقراطية في فلسطين وكل أرجاء الوطن العربي ... وداعاً أيها القائد أبا خالد.




#غازي_الصوراني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إمكانية استئناف الحوار الوطني الفلسطيني في ضوء التطورات الأخ ...
- محاضرة في :الندوة المعقودة بمناسبة الذكرى الخامسة والثلاثين ...
- حول المأزق الراهن
- الأوضاع الدولية والعربية الراهنة وآثارها على القضية الفلسطين ...
- كلمة أ. غازي الصوراني* في المؤتمر الشعبي لمواجهة الفلتان الأ ...
- بمناسبة الذكرى التاسعة والخمسين للنكبة: الحقوق الثابتة والصر ...
- ورقة حول -التنمية في برنامج وتطبيقات الحكومة الحادية عشرة
- تقديم وتلخيص التقرير الاقتصادي العربي الموحد لعام 2005
- مستقبل الديمقراطية في فلسطين راهناً ودور قوى اليسار
- حول تبعية وتخلف المجتمع والاقتصاد العربي وسبل التجاوز والنهو ...
- الأوضاع الاقتصادية والتنموية في فلسطين
- المجتمع السياسي الفلسطيني ومشروعه الوطني إلى أين ..؟
- واقع الصناعة والتجارة في الضفة الغربية وقطاع غزة
- دراسة حول : البلديات والنقابات المهنية والعمالية في فلسطين
- دراسة أولية حول : التعليم والتعليم العالي في فلسطين
- دراسة أولية حول : الواقع الثقافي الفلسطيني
- الاوضاع الصحية في فلسطين
- المسالة الزراعية والمياه في الضفة الغربية وقطاع غزة
- الوضع العربي الراهن وآفاق المستقبل
- العولمة والعلاقات الدولية الراهنة


المزيد.....




- الحراك الشعبي بفجيج ينير طريق المقاومة من أجل حق السكان في ا ...
- جورج عبد الله.. الماروني الذي لم يندم على 40 عاما في سجون فر ...
- بيان للمكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية
- «الديمقراطية» ترحب بقرار الجنائية الدولية، وتدعو المجتمع الد ...
- الوزير يفتتح «المونوريل» بدماء «عمال المطرية»
- متضامنون مع هدى عبد المنعم.. لا للتدوير
- نيابة المنصورة تحبس «طفل» و5 من أهالي المطرية
- اليوم الـ 50 من إضراب ليلى سويف.. و«القومي للمرأة» مغلق بأوا ...
- الحبس للوزير مش لأهالي الضحايا
- اشتباكات في جزيرة الوراق.. «لا للتهجير»


المزيد.....

- سلام عادل- سيرة مناضل - الجزء الاول / ثمينة ناجي يوسف & نزار خالد
- سلام عادل -سیرة مناضل- / ثمینة یوسف
- سلام عادل- سيرة مناضل / ثمينة ناجي يوسف
- قناديل مندائية / فائز الحيدر
- قناديل شيوعية عراقية / الجزءالثاني / خالد حسين سلطان
- الحرب الأهلية الإسبانية والمصير الغامض للمتطوعين الفلسطينيين ... / نعيم ناصر
- حياة شرارة الثائرة الصامتة / خالد حسين سلطان
- ملف صور الشهداء الجزء الاول 250 صورة لشهداء الحركة اليساري ... / خالد حسين سلطان
- قناديل شيوعية عراقية / الجزء الاول / خالد حسين سلطان
- نظرات حول مفهوم مابعد الامبريالية - هارى ماكدوف / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - غازي الصوراني - حيدر عبد الشافي الإنسان والسياسي والقائد الذي جاء إفرازاً لاندماجه الواعي بحركة شعبه