|
قَواربُ المليكة
كمال سبتي
الحوار المتمدن-العدد: 2050 - 2007 / 9 / 26 - 10:12
المحور:
الادب والفن
-1- روحٌ من الفخاّرِ تهبطُ ، والتلولُ تنامُ فوقَ الريحِ مثل قواربٍ ، لا يسمعُ الحطّابُ أغنيةَ الخريفِ ،ولا أنينَ الغابةِ الليليَّ ، تهبطُ ، والمليكةُ –بعدُ- نائمة على الأوقاتِ ، قربَ سريرها شيخٌ يردّدُ سرَّهُ اليوميَّ " كانَ هناكَ.. "..، والكلماتُ لم تهدأْ.. ولم يهدأْ حنينُ الغابةِ الليليّ ، أهبطُ من جنوني ، يهبطُ الفخّارُ قربَ سريرِها فأردُّ عن صحوي تُلولَ الريحِ ، أدفعُها بعيداً عن مليكتِنا التي رسمتْ قواربَ في المنامِ..وتمتمتْ : مُدُني ، سيوقظُها الخريفُ لتسمعَ الحطّابَ منهمكاً بشقِّ طريقِهِ والشيخَ لفَّ سوادُهُ أفقاً وأغنيةً عن الإسراءِ والمعراجِ ، أهبطُ من جنوني ، يهبطُ الفخّارُ قربَ تلولِها فألمُّ عن قلبي الصراخَ ورحلةَ الخيباتِ ، هل تدري المليكةُ : كنتُ إذّاكَ التقيتُ مجرّةَ الإسراءِ والمعراجِ ، لم أفهمْ طريقي ، خفتُ ، لم أعلُ : ارتجفتُ ، أنا صراخُ الميتينَ ، - تعبتُ من موتي – على جبلٍ أنكّسُ حيْرتي كي أستظلَّ بما يُكرَّسُ لي ، سأسألُ : منْ تُرى خلفَ المدينةِ يوقظُ الكلماتِ والمعنى المكرّسُ لي : جحيمٌ أخرسٌ ؟ ما عدتُ أعرفُ : هل سمَّيْتُ ما يشقى به الفهمُ ، المسالكُ لا أراها ، والسماءُ عواءُ ذئبٍ ، والمليكةُ : دميةُ الطينِ ، احترقْ يا فهمُ في القُبَلِ اليتيمةِ ، واحترقْ في جُثَّةٍ عزلاءَ تمطرُ ذكرياتٍ، واحترقْ فيَّ ، احترقْ ، كنتُ اصطحبتُكَ صولجاناً فانحنيتُ وصخرةَ المنفى أسائلُ غابةً : ما كلُّ هذا الليلِ..فانشَطرتْ إلى شطرينِ..لم أسألْكَ شيئاً غيرَ أنَّ الليلَ عمَّدَ دارتي بالشكِّ..ما المعنى ؟ سألتُكَ ، أعرفُ ، اِنْشَطرَتْ إلى شطرينِ ، أعرفُ ، والنهايةُ ؟ حدِّثِ الشعراءَ عنها ، حدِّث الطرقَ الكثيرةَ والمطاراتِ ، الحقائبَ والجوازاتِ..النهاياتُ ، النهاياتُ ، انطلقنَ عشيّةَ انهارَ الربيعُ على الربيعِ وغيَّرتْ سحبُ الدخانِ أُنوثةَ الأنهارِ كي تنسى أخاءَ الطينِ..، حدِّثْ كلَّ شيءٍ ، كلَّ ما يربو على العينينِ والأبوابِ..حدِّثْ بئرَ زمزمَ.."هل نسيتَ ؟ "..وكيفَ أنسى ؟.. قلْ لهم ما كنتُ أُدركُ كلَّ هذا الليل. * * *
-2-
من أينَ يأتي كلُّ هذا الليلِ ، كانَ الطفلُ يُدرِكُ جنَّةَ الأمراءِ بالذكرى ، و يُدركُ جنةَ الذكرى بحكمةِ صوتِهِ المذبوحِ ، هل نيرونَ يدركُ جنةَ الذكرى ؟ تساءَلَ : كان حبلُ النارِ أقصَرَ من طريقٍ ، هذه مُدُني..تعالوا..هذه الأضواءُ أضوائي..تعالوا : سوفَ أُسْمِعُكُم صراخَ النسوةِ : احتشدوا هنا حولَ المجانينَ..اِدخلوا بيتاً..فبيتاً واحرقوا نارَ التميمةِ ،.. هذه مُدُني تناساها الأميرُ وغرَّبَ الشعراءُ كلَّ حجارةٍ فيها..فقادتْني إلى الذكرى لتسألَ : أينَ أنت ؟ أنا القريبُ : إليكَ أمضي كلَّ حين..لا أراني غيرَ مطرودٍ من الجنّاتِ ، تعرفني البدايَةُ ، والنهايَةُ أطفأتْ قمري الوحيدَ ، أنا البعيدُ : إليكِ أمضي كلَّ حينٍ..لا أراني غيرَ مهجورٍ من الحاناتِ ، ضيَّعني إله الخمرِ في الطرقاتِ فاحتشَدَ الدخانُ يُكلِّمُ الأحجارَ : أنْ مُدّي إليهِ اللفظَ كي ينأى بما هوَ فيهِ عن طِلَّسْمِ ماضيهِ ، اِحتَرقْ يا فَهمُ..فالذكرى : الأرومةُ ، والأرومةُ : نفيُنا القدسيُّ.. ولتهنأْ بموتِكَ يا كلامُ ، ليَ الدخانُ يكلِّمُ الأحجارَ في منآهُ،لي صوتٌ حزينٌ من ليالي الأُنسِ يأتي من قريشَ : " خذ الكتابَ بقوَّةٍ ".. كنتُ استمعتُ إليكَ تسرقُ من جنوني حَيْرَةَ الإنشاءِ، لم أسألْكَ شيئاً، غيرَ أنّ الليلَ عمَّدََّ دارتي بالشّكِّ،هل تدري : حفظتُكَ قبلَ نومي، قبلَ تسميتي بما هيأتَ لي من سورةِ الأسماءِ لم أعهَدْكَ إلاّ فارسَ الفرسانِ! مالَكَ قد رُكْنتَ.. ولي نسائي : كوكبٌ عارٍ من الأزمانِ يسألُ وقتَكَ المكيَّ : هل أدمْنتَ غيبَتَنا ، وهلْ غُيِّبْتَ ؟ ماذا بعدُ ؟ كان الكوكبُ العاري من الأزمان يستلُّ احتضارَ بنيهِ من صحراءِ بطنِ الحوتِ، كان يقولُ : في هذا اِحتراقُ الإرثِ ، لستم وارثينَ نساءَكم، والحوتُ يضحكُ ،طفلةٌ سألتْ قواربَ في المنامِ: أهذه أحلاميَ ؟ اِحْتَرَقَتْ قواربُها وعادتْ مرَّةً أخرى لتسألَ : كيفَ تحترقينَ ؟والميناءُ تمتمةٌ لنُطقٍ أخرسٍ،باللهِ ماذا كان يجري ؟ لم تُجِبْ والحوتُ يضحَكُ، بئرُ زمزمَ هُدِّمَتْ ؟بعدُ ،اِنتظرْ من إرثِكَ الكلماتِ ، " والهذيانُ ؟ _ تسميةُ القصيدةِ في الليالي !.." لي نسائي كلما أسريتُ ينهبنَ الطريقَ فأستحي من خطوتي الأولى وأجفلُ ، غيرَ أنَّ البحرَ كانَ توعَّدَ الماشينَ إنْ وصلوا الشّواطىءَ..بالنهايةِ.. - هل تظنُّ البحرَ دميتَكَ الصغيرةَ ؟.. - لا أظنُّ.. ولي نسائي : يحتفلنَ بما يُشاعُ عن البطولةِ في الأُنوثةِ ، كانَ صوتي في محافلهنَّ ينثرُ ذعرَهُ ، يبكي وتبكيه الطبولُ ، أتستريحُ الآنَ ؟ يسألُ كلَّ يومٍ..كانَ يعرفُ طقسَهُ الوحشيَّ ، يعرف خدعةَ الأفعى إذا مرّتْ قريباً منهُ.. والحيوانُ ، يتركُهُ يناصرُ حائطَ المبغى.. ويبكي. هكذا كانَ : الشوارعُ أفقُهُ ، والنهرُ دميتُهُ.. ويهتف كانَ إنْ مرَّتْ فتاةُ الدغلِ في عينيهِ أنْ عودي إليَّ. ولي نسائي..مرَّةً قالَ المهرّجُ: إنما هنَّ المرايا فاستغثتُ بصورة الذكرى..وهَشّمتُ المرايا هكذا..وجهاً فقلباً..أينَ يمكنُ أن تكونَ ؟ - أكونُ في البيتِ القديمِ، وأينَ يمكنُ أن تكونَ ؟ - أكونُ في البارِ القديمِ ، وأينَ يمكنُ أن تكونَ ؟ - أكون فيَّ.. ولي تماثيلٌ من الفخّارِ تهبطُ كلَّ حينٍ تسألُ المدنَ القريبةَ والبعيدةَ : هل أتحتِ لنا حياةً ؟ كانت المدنُ القريبةُ والبعيدةُ لا تُجيبُ، لنا جِناسُ اللفظِ ! ماذا تقصدُ ؟ الطينُ ، الخرابُ ، وحائطُ المبغى..وأينَ هوَ الجناسُ ؟ لنا التماثيلُ الخفيّةُ : فالمدينةُ بعدُ لم تلد المدينةَ ، لم تزلْ أخبارها تترى علينا : الروحُ أشبَهُ بالخديعةِ والدخانُ دليلُ مبغانا ، تريَّثْ : طفلةٌ سألتْ قواربَها لماذا ينحني بحرٌ على الميناء ؟ نائمةٌ على الأوقاتِ، ترسمُ في المنامِ تلولَها ليمرَّ حطّابُ الخريفِ ويوقظَ القمرَ الوحيدَ، الدامعَ العينينِ ، قبَّرةٌ تمرُّ ، الفجرُ يُطلقُ نايَهُ ، الكلماتُ تغفو والنساءُ رحلنَ عني ، والقصيدةُ تنطفي.. هي ذي نهايتُها وأنتَ قتيل.
#كمال_سبتي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مقالان في مهاجمة الحداثة
-
كلمات في المهب
-
كلمات في المهب / الكتابة الجديدة / 2
-
كلمات في المهب : في الكتابة الجديدة
-
الطريق إلى الحرب.. والإعلام العربيّ
-
الاختلاف الحر
-
لم أهدأْ فعرَّفني الجبلُ تائباً
-
مصائرُ السّرد
-
خَريفُ الغِياب
-
تلك السَّعادةُ غائبة
-
في الليل .. قصيدة بدر شاكر السياب والاستثناء الشعري
-
بمناسبة ذكرى رحيل السياب ..تشظّي الصّوتِ الشّعريِّ الأوّل
-
الآخَرُ ، العدوّ، عند إدوارد سعيد والشعراء العرب
-
الشاعر والتاريخ والعزلة
-
قصيدة البلاد
-
مكيدة المصائر
-
بريد عاجل للموتى
-
وسوى الرومِ خلفَ ظهرِكَ رومٌ : نشيد انتصار
-
الشاعر واصدقاؤه
-
أنعتبُ على أدوارد سعيد وهو غائب عنا ..؟
المزيد.....
-
-ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
-
-قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
-
مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
-
فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة
...
-
جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس
...
-
أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
-
طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
-
ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف
...
-
24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات
...
-
معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|