|
جريمة حرب معلنة في غزة
بدر الدين شنن
الحوار المتمدن-العدد: 2049 - 2007 / 9 / 25 - 12:28
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لم يأت قرار " الحكومة الإسرائيلية " بجديد ، فيما يتعلق بحالة العداء القائمة بين غزة بل والشعب الفلسطيني من جهة والكيان " الإسرائيلي من جهة أخرى . ذلك أن الاحتلال الاسرائيلي للأراضي الفلسطينية هو المعبّر الصارخ عن هذا العداء ، الذي لايمكن تحوله إلى حالة مغايرة يسودها السلام والعيش المشترك ، إلاّ بعد إنهاء الاحتلال ، وإنهاء الميز الصهيوني والكيان الاستيطاني العنصري ، وإقامة دولة ديمقراطية علمانية تضم كل المؤمنين بالحياة السلمية الانسانية المشتركة فوق التراب الفلسطيني . إن ماجاء بقرار " الحكومة الإسرائيلية " تأكيد على العداء المضاعف مع طرف فلسطيني مازال متمسكاً بالمقاومة للإحتلال المعادي ، ويرفض المشاركة مع الفلسطينيين " المعتدلين " في صفقة إنهاء العداء القائم تحت السيادة الإسرائيلية العدوة المحتلة .
وعلى هذا ، فإن قرار " الحكومة الإسرائيلية " وإن بدا أنه عقاب جماعي للشعب الفلسطيني على التصويت لحماس لتولي قيادته التشريعية والحكومية ، فإنه يستهدف بالضبط المقاومة بكل فصائلها ، يدعم ذلك طلبات إسرائيل وأميركا وحلفائهما في المحيط العربي والدولي من الحكومة الفلسطينية الجديدة التخلي عن المقاومة والاعتراف بإسرائيل وبالاتفاقات التسووية التي عقدتها منظمة التحرير مع الكيان الإسرائيلي ، ولو أن حماس قبلت وغيرها من الفصائل التخلي عن المقاومة لما وصلت التداعيات بين عباس وحماس وبين غزة وإسرائيل ، إلى ما وصلت إليه من اقتتال وأخيراً اتخاذ " الحكومة الإسرائيلية " قرارها بوضع غزة بخانة الكيان العدو ، وكان التعامل ، مع غزة والسلطة الفلسطينية عامة تحت قيادة حماس المنتخبة ديمقراطياً ، على كل المستويات الفلسطينية " المعتدلة " والعربية المتهافتة والدولية المتواطئة ، يجري يإطار المألوف في العلاقات الدولية الطبيعية .
المطلوب هو رأس المقاومة .. كل المقاومة .. لتمرير تسوية الصراع العربي الإسرائيلي . وقد اتخذ الهجوم على المقاومة عنوان " حماس " لأن حماس اكتسبت إلى جانب دورها في المقاومة ، اكتسبت الشرعية التشريعية والسلطوية عبر صناديق الاقتراع . ولو كانت فتح أو الجهاد الإسلامي أو الجبهة الشعبية في موقع حماس الراهن وتمسكت بالمقاومة أيضاً لكان عنوان الهجوم قد حمل اسمها بالتأكيد . من طرف آخر ، لو أن القوى الفلسطينية " المعتدلة ، كانت تستحوز على المجلس التشريعي وحكومة السلطة ، فإن معركة تصفية المقاومة لن تتوقف ، بل إن تاريخ الصراع مع العدو الإسرائيلي قبل نجاح حماس في الانتخابات الأخيرة وبعدها يؤكد أن ما يجري من عداء ا ستفزازي لقطاع غزة الآن ، هو امتداد لأساليب وسياسات العدو الإسرائيلي للشعب الفلسطيني ، منذ أن تمكن الصهاينة من إقامة كيانهم الإسرائيلي حتى الآن .
ما تستفيد منه إسرائيل ، في اللحظة السياسية الراهنة ، في تغطية جرائمها ضد قطاع غزة ، أمام الرأي العام الإقلمي والدولي ، هو إمكانية التذرع بخلفية حماس الإسلامية " المتطرفة " ومناخ الحرب الكونية على "الارهاب الإسلامي " ، وكون حماس تتلقى دعم التحالف السوري الإيراني ، الذي مازال في حالة ا شتباك مع إسرائيل وحلفائها الأميركيين والأوربيين ومعظم الدول العربية " المعتدلة " . غير أن هذا السلاح له حد آخر . إذ أن الحيثيات الإسرائيلية لجرائمها ضد المقاومة في غزة وبقية الشعب الفلسطيني ، إنما يقوي القوى ، التي تزعم أو تتوخى أنها تعمل على إضعافها ، بل وإنها تمهد إذا نجحت في إضعافها فعلاً ، لأن يحتل قيادة الصراع لاحقاً ضدها القوى الأكثر " تطرفاً " من التي تمكنت من إقصائها . وابن لادن يمد الآن أذرعة القاعدة إلى أكثر من موقع في الجوار وغداً مع هكذا تداعيات سيتمكن من مدها إلى العمق الفلسطيني .
ليس كل من يرفض الاحتلال أو يؤثر المقاومة حمساوياً . هناك قوى ا سلامية أخرى . وهناك منظمات علمانية ويسارية وديمقراطية في المشهد الفلسطيني . بل هناك من لايقبل رؤى حماس في الحكم " الاسلامي " أو تطبيق التقليد الموروث في مسائل المجتمع المدني .. ألخ .. هو مع هذا الرفض والإيثار . من هنا ، فإن قرار " الحكومة الإسرائيلية " باعتبار قطاع غزة كياناً معادياً ، مع ما يترتب عليه من اعتداءات واجتياحات وحرمانات للشعب الفلسطيني ، هو قرار ا ستعماري ا ستفزازي ، هو جريمة حرب معلنة بحق شعب تحت الاحتلال الأجنبي ، وهو فعل مخالف لكل المواثيق والقوانين الدولية ذات الصلة بحقوق الشعوب الرازحة تحت الاحتلال الأجنبي . ويشارك إ سرائيل بهذه الجريمة البشعة كل المنخرطين في العداء للمقاومة ولحق الشعب الفلسطيني بتقرير المصير من الحكام العرب والقوى الدولية وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأميركية .
من العار .. كل العار .. إلتزام الصمت إزاء جريمة الحرب الدائرة ضد الشعب الفلسطيني .. لاسيما في غزة .. فحسب قرار اعتبار غزة كيان معاد لإسرائيل ، تجري أمام مرأى ومسمع المنظمات الدولية .. والعرب .. والعالم .. تجري المجزرة .. وكأن الدم الفلسطيني مباح .. والإنسان الفلسطيني أبخس ثمناً من الحيوان الموبوء . كل يوم اجتياح عسكري إ سرائيلي أو أكثر .. كل يوم قتلى وجرحى ومعتقلين بالعشرات .. كل يوم تدمير بيوت وجرف تربة وسحق أشجار مثمرة .. ليس هناك بيت في غزة .. ليس هناك أي غزاوي ليس مستهدفاً .. بالتدمير والقتل والتجويع .
شعب بكامله .. مليون ونصف مليون إنسان في سجن نازي دموي مساحته 364 كم2 . وحسب المعطيات الأخيرة ، ممنوع على شعب غزة ، من جملة الممنوعات ، الاسمنت والحديد والخشب والمسامير والألبسة والأحذية والأدوات الكهربائية والإلكترونية والبطاريات الجافة ومنتجات البلاستيك .. حتى ورق التواليت وأدوات المطابخ ولعب الأطفال .. لم يعد في غزة ورق وأحبار لطبع الكتب المدرسية .. نحو نصف مليون إنسان قطعت عنهم مصادر عيشهم نتيجة توقف المصانع عن العمل وقذف 65 ألف عامل إلى ساحة البؤس والبطالة .
لم يعد في غزة دواء كاف خاصة لأمراض الكلى والسكري والقلب والسرطان .. والأدوية المخدرة للعمليات الجراحية الكهرباء والمحروقات والمياه متقطعة أو مقطوعة وحسب وصف مندوبي الأمم المتحدة " غزة على حافة الانهيار الاقتصادي والاجتماعي "
ما يمزق القلب ألماً ، أن الحكام في الدول العربية الأساسية .. من أمير المؤمنين في المغرب إلى خادم الحرمين الشريفين في المشرق ، في وقت تطحن فيه آليات المجزرة أجساد وبيوت وكيان الشعب الفلسطيني ، إما أنهم يستثمرون مآسي الشعب الفلسطيني في لعبة العلاقات العامة السياسية ، أو يتجاهلون المجزرة ، أو يشاركون بها ، لكسب رضى السيد " الأمير - إيلي" ليضمنوا ا ستقرار أنظمتهم وثرواتهم وامتيازاتهم ، بيمنا تقبع في مستودعاتهم أسلحة بمئات المليارات من الدولارات يأكلها الصدأ ، وملايين الجنود في جيوشهم تستخدم للقمع الداخلي والاستعراضات ، وتتعفن وتتآكل أموالهم بآلاف المليارات من الدولارات في خزائن البنوك الإمبريالية والصهيونية . يكفي فقط أن يهددوا جدياً باستخدام بما يملكون من ثروات وقدرات حتى تتغير المعادلة الشرق أوسطية كلها .. لكنهم لايفعلون .
إنها جريمة العصر .. مجزرة العصر بامتياز .. إنها تستدعي كل القوى المناضلة العربية والدولية ، لوقف المجزرة ، والدعوة لمعاقبة المجرمين الصهاينة وحلفائهم .. حتى يتمكن الشعب الفلسطيني من ا ستعادة أرضه وتقرير مصيره .
#بدر_الدين_شنن (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
إشكالية الدستور واقتصاد السوق والتغيير الديمقراطي
-
الرد الأقوى على الاختراقات والتحديات
-
الحركة النقابية بين قيود السلطة ومطالب الطبقة العاملة
-
إنها لحظة انتزاع المبادرة ..
-
الجديد في - انتخابات - اللاتجديد
-
من هنا تأتي المعارضة
-
مئة عام من المقاومة .. تحولات وآفاق .. 2
-
مئة عام من المقاومة .. تحولات وآفاق .. 1 ..
-
أزمة أولويات أم أزمة نظام .. ؟
-
نداء شهداء معبر رفح
-
استحقاقات عودة الزمن النقابي
-
صفقات شيطانية
-
هل حقاً أن الشعب قد انتخب وأفتى .. ؟
-
اسقاط جدار العزل السياسي مهمة أولى
-
مأساة الديمقراطية في الشرق الأوسط
-
من أجل ضحايا الاعتقال السياسي .. والحرية
-
الجواب على سؤال الهزيمة
-
السلطة والثروة في الصراع السياسي
-
التجمع اليساري الماركسي ( تيم ) مابين التكامل والتمايز
-
خوفاً من ألاّ يفوز الرئيس المرشح للرئاسة
المزيد.....
-
تحقيق CNN يكشف ما وجد داخل صواريخ روسية استهدفت أوكرانيا
-
ثعبان سافر مئات الأميال يُفاجئ عمال متجر في هاواي.. شاهد ما
...
-
الصحة اللبنانية تكشف عدد قتلى الغارات الإسرائيلية على وسط بي
...
-
غارة إسرائيلية -ضخمة- وسط بيروت، ووسائل إعلام تشير إلى أن ال
...
-
مصادر لبنانية: غارات إسرائيلية جديدة استهدفت وسط وجنوب بيروت
...
-
بالفيديو.. الغارة الإسرائيلية على البسطة الفوقا خلفت حفرة بع
...
-
مشاهد جديدة توثق الدمار الهائل الذي لحق بمنطقة البسطة الفوقا
...
-
كندا.. مظاهرات حاشدة تزامنا مع انعقاد الدروة الـ70 للجمعية ا
...
-
مراسلتنا: اشتباكات عنيفة بين -حزب الله- والجيش الإسرائيلي في
...
-
مصر.. ضبط شبكة دولية للاختراق الإلكتروني والاحتيال
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|