|
كسب الشرعية من الولايات المتحدة الامريكية يُخرج الديمقراطية في العراق عن مسارها الصحيح
علي جاسم
الحوار المتمدن-العدد: 2047 - 2007 / 9 / 23 - 10:08
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
في كل الانظمة الديمقراطية يوجد ادارتين لقيادة الدولة الاولى تتكون من رئاسة الجمهورية اورئاسة الوزراء كسلطة تنفيذية مسؤولة عن رسم السياسة الداخلية والخارجية للدولة وتشراف على اداء الوزارت والمؤسسات الحكومية خصوصاً الامنية والخدمية منها فضلاً عن ابرام الاتفاقات والمعاهدات الدولية وبمايصب في المصلحة العليا للبلاد ،اما الادارة الثانية فهي البرلمان الذي يمثل السلطة التشريعية ومسؤولية سن القوانين وتشريعها ومراقبة عمل الحكومة وتقيم ادئها ومساندتها في التصدي لاية تدخلات تمس المصالح العامة للدولة. وتكمن اللعبة السياسية وفق المفهوم الديمقراطي بوجود حكومة لديها اغلبية برلمانية ومعارضة تراقب عمل اداء الحكومة وتشخص اخطائها لكن ليس على حساب افقاد الحكومة هيبتها اومكانتها واضعاف شخصية رئيس وزرائها خصوصاً في البلدان التي تشهد تخلخلات امنية والتي تحتاج الى شخصية قوية وجريئة في ادارة الدولة لان اي اضعاف للحكومة سيؤدي الى نتائج كارثية لايحمد عقباها كما انه سيجعل الدولة خاضعة للضغوطات الدولية والاقليمية مما يسهل اختراقها من قبل الاجهزة الاستخباراتية المعادية. ومسالة اضعاف هيبة المؤسسة الحكومية في الدول المتقدمة تعد من الخطوط الحمراء التي تمنع التجاوز او التجرء عليها لانها تمثل مساس ليس بشخصية رئيس الدولة فحسب انما تمثل تجاوزاً على الدولة بصورة عامة. وذلك لايعني بالضرورة عدم معارضة الحكومة او تجنب تشخيص اخطائها بل ان عملية الاعتراض على اداء الحكومة ومراقبتها ينبغي ان يمرعبرالقنوات الدبلماسية والديمقراطية ودون التاثير على سياسة الدولة ،وهذا ما يفتقده السياسيون العراقيون الذين عملوا ومنذ اعلان نتائج الانتخابات الاخيرة على محاربة الحكومة والتصدي لها بالرغم من مشاركتهم فيها بل ان بعضهم التجأ الى اساليب لاتمت للديمقراطية باية صلة فبدلاً من اتخاذ قبة البرلمان اساساً لتسوية خلافاتهم السياسية وايجاد حلول ترضي كل الاطراف دون اي مساسا بهيبة الدولة التي يحتاجها العراق في هذه المرحلة الراهنة نجد بعضهم يشجعون اعمال العنف ويدعمون المليشيات المسلحة وتحولت منازلهم الى مقرات لعناصر تنظيم القاعدة يستخدمونها في تفخيخ المركبات وتعذيب وقتل الابرياء اضافة الى محاورت البعثيين لاعطائهم فرصة للعودة الى السلطة من جديد الى جانب انهم اتخذوا من الدول العربية مركزاً لهم من اجل اضعاف الحكومة العراقية واسقاطها. اذن الكتل السياسية المعارضة للحكومة عملت في اتجاهيين الاول يشجع اعمال العنف الطائفي الذي انهك مفاصل الدولة والثاني حشد الدول العربي وكسب تايدها وتمويلها للتصدي الى الحكومة، لذلك فان مسؤولية اضعاف المالكي تقع على السياسيين العراقيين انفسهم الذين لم يعطون حكومته اي دعم او فرصة بقدر ماسخروا جميع وسائلهم المتاحة لمحاربته، وهذا ماجعل المالكي يعتمد على الولايات المتحدة اكثر من اعتماده على الكتل السياسية او التحالفات البرلمانية لاسيما بعد الانسحابات المتكررة لبعض الكتل من الحكومة وكذلك من قائمة الائتلاف الموحد القاعدة الاساسية للمالكي بالرغم من ان الحكومة العراقية تكاد تكون الحكومة الشرعية الوحيدة في المنطقة كونها جاءت عبر الممارسة الديمقراطية . ان تجاهل السياسين لخطورة ترك رئيس الوزراء وحده يتحمل مسؤولية التصدي لمايجري في الساحة العراقية امر بغاية الحساسية والخطورة على مستقبل الديمقراطية في العراق لانه سيجعل القضية العراقية على محك قد يخضعها للسيطرة والتدخلات الخارجية ،وخير دليل على ذلك تراجع رئيس الوزراء نوري المالكي عن سحب الترخيص الذي تعمل شركة "بلاك ووتر" بموجبه بعد يومين فقط من قرارا منع عملها . ويبدوا ان التصريحات التي نشرتها الصحف الامريكية التي جاءت على لسان مسؤول امريكي بشان قرار منع الشركات والذي جاء فيه "ان الترخيص قد يسحب من المالكي نفسه والشركات ستبقى في العراق" وهذا مااكده الناطق المدني باسم خطة فرض القانون الي قال " هناك ضغوط امريكية لكن الحكومة مصرة على مواجهة تلك الضغوط وبالتالي تطبيق قرارها الرامي بطرد الشركة بصورة نهائية". يبدوا ان لتصرحات المسؤول الامريكي اثرها الكبير على عدول الحكومة العراقية عن قرارها ، هذا اذا اخذنا بنظر الاعتبار الضغوطات الكبيرة التي تواجه المالكي بسبب الحرب الميدانية والنفسية والدولية التي قادها السياسيون العراقيون ضده00ولايتعدى الامر الى ذلك فقط فتقرير"كروكر- بتريوس" كان له دورٌ بارز في رسم المشهد السياسي العراقي بشكل ينسجم مع تطلعات المالكي ويعزز موقفه ويضعف موقف الكتل السياسية التي عولت كثيراً بان يكون هذا التقرير سلبي بالنسبة للحكومة الامر الذي يمهد لتحرك امريكي مدعوم من الكونغرس لتغيرها وهذا مالم يتحقق . ان بعض الساسة العراقيون مازالوا غير متأقلمين في مناخ العراق الديمقراطي الذي يمتلك دستور وحكومة وبرلمان منتخب وهؤلاء السياسون وضع كافة الاسس الديمقراطية التي كفلها لهم الدستور جنباً واعتمدوا بضغطهم على الحكومة كسب الدعم الخارجي للوقوف ضدها ،والمشكلة الحقيقة لانكمن في اعتماد الكتلة السياسية المعارضة على الدعم الدولي بل انها تكمن في جر الحكومة الى هذا المنزلق الملغوم والمحفوف بالمخاطربجعلها هي الاخرى تستمد شرعيتها من الولايات المتحدة الامريكية ونست انها تمتلك شرعية دستورية وقاعدة شعبية عريضة. فتراجعها عن قرارها في طرد الشركة الامريكية يعد استخفافاً بارواح العراقيين الذين سقطوا ضحايا استهتارالشركات في تعاملها مع الشعب العراقي في الوقت الذي ينبغي فيه ان لاتكتفي الحكومة بمحاسبة هذه الشركة فحسب انما يتعدى ذلك الى محاسبة القوات الامريكية نفسها في حال قتل اي مواطن عراقي بريء . وعلى السياسيين العراقيين ان يتركوا خلافاتهم الشخصية مع رئيس الوزراء وان يؤازروه في مواجهة هذه التحدي الذي يمس بالسيادة العراقية لان مسالة اكتساب الشرعية من القوى الدولية والاعتماد عليها في تغير الخارطة السياسية بدلاً من الجؤ الى الحالة الديمقراطية الموجودة سيؤدي الى اخضاع العراق للسيطرة الخارجية وسيدق اخر مسمار في نعش الديمقراطية العراقية التي قتلها السياسيون العراقيون من خلال سياستهم غير الصحيحة. لذلك يجب ان نفعل دور الادارتين الرئيستين في العراق فمن جانب ندعم رئيس الوزراء ونقويه ونكسبه الشرعية ومن جانب اخر نعزز دور مجلس النواب واعطائه فرصة اكبر في المشاركة في ادارة الدولة حتى نستطيع المحافظة على نظامنا الديمقراطي الذي قدمنا من اجله تضحيات كبيرة لان الشعب العراقي على دراية كبيرة بمايحدث حوله لذلك سيكون مع استمرار هذا النهج السياسي من الصعب كسب تايده في اية مناسبة قادمة خصوصاً في الانتخابات المقبلة.
#علي_جاسم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الحوارمع البعثيين خرق دستوري يهدف الى ارضاء امريكا ودول المن
...
-
بدون تحقيق العقد الاجتماعي في العراق لن تعود اواصر الاخوة بي
...
-
قناة الشرقية انموذجاً للاعلام السياسي المشبوه والمزيف
-
الشعر العربي مازال يبحث عن اميرهِ والشاعرحازم التميمي لم ينص
...
-
اسباب نشاة الارهاب في العراق ومصادر تمويله
-
جبهة المعتدلين لان تتخطى التحديات والمصاعب التي تنتظرها دون
...
-
رغد صدام و بنازير بوتو تطلعات وهمية لعودة السلطة الضائعة
-
عراق الصراع والمصالحة تجربة جديدة للحوار المتمدن لدعم المصال
...
-
الانظمة الدكتاتورية وجوه لعملة واحدة....النظام الليبي انموذج
...
-
الديمقراطية في العراق تجربة تحتاج الى فهم وادراك وممارسة
-
هل اصبحت كتلة المعتدلين ضرورة سياسية لالغاء المحاصصة الطائفي
...
-
تحديات المالكي وفرصته التاريخية لتشكيل حكومة جديدة قائمة على
...
-
فضيحة دار الحنان لشديدي العوق بين الحقيقة والوهم
-
ليس بالانقلابات والاصطفافات السياسية الضيقة يبنى العراق
-
نقطة ضوء على القضاء العراقي الدساتير والقوانين وحدها لاتكفي
...
-
الحوار المتمدن في كتاب شهري ........العلمانية مطلباً وضرورة
-
من وراء تفجير جسر ديالى........؟
-
نشوة اللذه
المزيد.....
-
السعودية تعدم مواطنا ويمنيين بسبب جرائم إرهابية
-
الكرملين: استخدام ستورم شادو تصعيد خطر
-
معلمة تعنف طفلة وتثير جدلا في مصر
-
طرائف وأسئلة محرجة وغناء في تعداد العراق السكاني
-
أوكرانيا تستخدم صواريخ غربية لضرب عمق روسيا، كيف سيغير ذلك ا
...
-
في مذكرات ميركل ـ ترامب -مفتون- بالقادة السلطويين
-
طائرة روسية خاصة تجلي مواطني روسيا وبيلاروس من بيروت إلى موس
...
-
السفير الروسي في لندن: بريطانيا أصبحت متورطة بشكل مباشر في ا
...
-
قصف على تدمر.. إسرائيل توسع بنك أهدافها
-
لتنشيط قطاع السياحة.. الجزائر تقيم النسخة السادسة من المهرجا
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|