أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بشار إبراهيم - سينما سورية جديدة (1)















المزيد.....

سينما سورية جديدة (1)


بشار إبراهيم

الحوار المتمدن-العدد: 2044 - 2007 / 9 / 20 - 12:40
المحور: الادب والفن
    


الجُودان: كوراني وسعيد
من الطريف في بلد ما، أن يحمل مخرجان سينمائيان الاسم نفسه، لتنشأ ظاهرة باسمهما، حتى لو كانا يعملان دونما أيّ تعاون بينهما!.. هكذا تتدوال الأوساط السينمائية، في مصر، ظاهرة (التامرين): تامر السعيد، وتامر عزت.
في سوريا، ومنذ عامين، بدأت تنشأ ظاهرة سينمائية جديدة، يمكن تسميتها (الجُودان): جود كوراني، وجود سعيد. والطريف أنهما سينمائية وسينمائي، بالاسم نفسه. فهي؛ السينمائية: جود كوراني، خرّيجة قسم التصوير السينمائي، بمعهد فيمي للسينما، في فرنسا 2005. وشاركت مديرة تصوير عدة أفلام، بموازاة تحقيق فيلمها «قبل الإختفاء»، التسجيلي الوثائقي القصير، مشروع تخرُّجها، من إنتاج: معهد فيمي للسينما في باريس، عام 2005. وهو؛ السينمائي: جود سعيد، خرّيج قسم فنون المسرح والصورة والشاشة في جامعة ليون الثانية في فرنسا 2005، وقدَّم فيلم تخرّجه بعنوان «بضع من أيام أُخر»، عام 2004.
وما بين الجُودين: (كوراني وسعيد)، ثمَّة مشتركات، تبدأ من الاسم نفسه، ودراسة السينما في فرنسا، وأنهما ينتميان إلى جيل الشباب، ولا تنتهي عند الهموم المشتركة، في التمكُّن من تحقيق سينما سورية جديدة، شكلاً ومضموناً.
جود كوراني: «قبل الاختفاء»
جود كوراني، التي يمكن اعتبارها أول مديرة تصوير سينمائية في سوريا، إذ لم نتمكَّن حتى اللحظة، من التحقُّق من وجود مديرة تصوير سينمائية قبلها، وعلى هذا الأساس تمَّ تكريمها، بمبادرة من طرفنا، في «تظاهرة الوردة للسينما العربية المستقلة بدمشق»، عام 2006، وهي مع ذلك قدَّمت نفسها، منذ البداية، مُخرجةً لفيلمها مشروع تخرجها.
شخصياً، لا أدري فعلاً، لماذا لم تستعن مديرة التصوير جود كوراني بمخرج، وهي تحقِّق فيلم تخرُّجها، وبالتالي تحمَّلت هي بنفسها عبء تصويره وإخراجه، وربما لا جواباً مُقترح لديّ، إلا رغبتها بأن تقدِّم فيلمها، ضمن رؤاها وتصوُّرها، وكما أرادته.
يبدو فيلم «قبل اختفاء»، في قراءة أولى، على هيئة رحلة (traveling) تتابع نهر بردى من المنبع إلى المصبّ، وربما على هذا الأساس وضعت المخرجة عنوانين فرعيين، عند بداية وخاتمة فيلمها.
الرحلة التي يقطعها الفيلم، فيما بين المنبع والمصب، والتي لا تتجاوز مدة 13 دقيقة (وهذا الرقم نذير شؤم عند البعض، والفرنسيين منهم، على الأقل)، تكشف المآل المفجع الذي يمضي إليه بردى، حتى يكاد الفيلم يكون في مستوى أوَّل من قراءته، بيان نعي للنهر، ومرثية للناس الدمشقيين، الذي عاشوا على ضفتيه، بحكاياتهم، وأفراحهم، وأحزانهم، بقعداتهم الأنيسة، وسيراناتهم اللطيفة.. قبل أن يتحوَّل النهر مكان نفورهم، وتكميم أنوفهم آن يمرَّون بمحاذاته!..
وفي حين تبدو، الرحلة الأفقية، أو الجغرافية، ما بين نقطتي المنبع والمصب، منظورة ومرئية، فإن الرحلة غير المنظورة، التي تجري في التاريخ والوجدان، والتي تتوارى في الفيلم، هي تلك الرحلة التي تذهب في عمق تاريخ آلاف السنوات، منذ أن كان النهر دافقاً، صافياً، رقراقاً، فأمعن البشر به إذلالاً، حتى بات خانعاً مُعتكراً، لا يعدو أن يكون ساقية صرف صحي، تنزُّ روائحها الكريهة.
وإذ يستدعي عنوان فيلم «قبل الاختفاء» لجود كوراني، فيلماً آخر بعنوان «سجل اختفاء» للمخرج الفلسطيني إيليا سليمان، أنجزه عام 1996، وهو فيلم روائي طويل، يكشف من خلاله تخوُّفه الشديد من «اختفاء فلسطين»، فإن فيلم كوراني بدوره، وبقراءة أكثر تمعُّناً له، سنجد أنه لا يعدو أن يكون صرخة هلعة من المآل الذي ينتظر دمشق ذاتها، فيُهدِّد «روح المدينة»، على حدِّ تعبير كوراني..
«بردى هو روح دمشق».. ذاك أمر لا مراء فيه.. ويمكن القول إن «دمشق هي هبة بردى».. فماذا إذا مات، أو جفّ، أو تحوَّل إلى مجرور؟.. ذاك هو السؤال المُوجع، الذي ينساب مع آخر قطرات النهر، التي تتدحرج متهالكة، فلا تكاد تصل حافة المدينة، وتترك النهر عارياً من قميصه النديّ، يعلوه السواد، ويمزِّقه التشقُّق.. وذاك هو السؤال المُوجع، الذي يفيض من لقطات الفيلم ومشاهده..
على صعيد البنية المضمونية والفنية التي اختارتها المخرجة، يمكننا الانتباه إلى أنه، وبغضّ النظر عن مقدار التأثر أو الاستعارة مما فعله المخرج عمر أميرلاي في فيلمه «الطوفان»، خاصة لناحية الاستعانة بتلميذة مُعتمرة البيريه الطلائعية، وتهيئ الصفَّ لتلقّي الدرس، صارخة: «استاعد»، ومن ثم مُرحِّبة بالتحية العسكرية!.. فإن الفيلم يُوهم، وبافتراضٍ أوَّل، أنه يريد البناء على التناقض (paradox) فيما بين الترداد الببغائي لمنجزات التعليم التلقيني، عبر أقوال من طراز: «يعطينا الجمال»، «مياهه عذبة، صافية، صالحة للشرب»، والإدِّعاء بأن نهر بردى، يعطي المكان الذي يجري فيه «الظلّ والندى، والنغم والصدى»، من جهة أولى، وما يقدِّمه الواقع من تفاصيل مناقضة، من جهة ثانية.
ولكن المخرجة لن تعود أبداً إلى ذاك الصفِّ المدرسي، الذي انطلقت منه، وسيمضي الفيلم إلى نهايته، دون العناية بالربط فيما بين البداية والنهاية، وبالتالي دون إغلاق محكم لدائرة الحديث، أو استكمال مفردات التناقض.
قد يبدو، بافتراضٍ ثانٍ، أن الربط بين المنبع والمصب، هو الأساس في الفيلم، بحضورهما كعنوانين فرعيين، ولكن الفيلم لم يبدأ من «نبع بردى»، أو لم يتوقف عنده، ولم ينظر فيما أصاب هذا النبع من استنزاف قاتل، كان بداية المآل المأساوي للنهر.
يبقى أن فيلم «قبل الاختفاء»، هو عملياً حالة من التأمل في واقع النهر، مع قدر من التلصُّص عليه، وعلى الناس، الأمر الذي يمنح الفيلم صفة البنية المفتوحة، التي يمكن أن تضيف إليها، أو تحذف منها، دون أن يختلَّ إيقاع الفيلم، أو يشوِّش مقولته.
وفي هذا المقام يغدو من نافل القول الحديث عن لقطات زائدة، مثل لقطة تجمهر الأطفال التلاميذ أمام الكاميرا، بعد الاستهلال اللطيف، إذا كان الهدف الذهاب نحو التناقض، أو مثل لقطة الولد الذي يغنِّي غناء شعبياً «على دلعونة»، حتى لو كان المقصود من هذه اللقطة نبع بردى ذاته. فحينها، ما مبرر القفز مباشرة إلى لقطة عامة، غائمة وقاتمة، لمدينة دمشق، من فوق؟..
على صعيد الصوت، تستغني المخرجة عن التعليق تماماً، كما تستغني عن الحوارات، أو اللقاءات، أو الشهادات، كما تستغني، على صعيد الصورة، عن الاستعانة بأجهزة الإضاءة(رغم أنها مديرة تصوير وإضاءة)، أو الغرافيك، أو المخططات والرسوم، ولا تستعين أيضاً بأيِّ صور أرشيفية للنهر، ففي الوقت الذي يمكن الحديث عن رحلة النهر بين المنبع والمصب، ستبدو الرحلة الأكثر قسوة للنهر، هي رحلته ما بين الماضي والحاضر.. وهو ما كان فعله المخرج عمار البيك، من قبل، في فيلمه «نهر الذهب»، عن بردى نفسه، عام 2002.
على صعيد المؤثرات الصوتية، وبملاحظة حضور الآذان كخلفية مرتين، يعتمد الفيلم على الصوت الطبيعي، أو ما يفيض به المكان، كما في مشاهد النادي ليلي، حيث ثمة غناء فولكلوري، ليس من تراث مدينة دمشق، وأخشى أن تكون إضافة هذه المشاهد إرضاء لنزعة «إكزوتيكية»، أكثر من دلالة التعبير عن حضور غير دمشقي في دمشق، كان من نتائجه استنزاف بردى إلى درجة موت النهر، فمما لا شك فيه أن هجرة الأرياف إلى دمشق حمَّلتها أضعاف ما يمكن أن تحتمل، الأمر الذي أثقل كاهليها، وأتعب نهرها..



#بشار_إبراهيم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سينما سورية جديدة (2):
- سينما سورية جديدة (3)
- العالم عالق بأسطورة بابل، أم بالحكاية..
- فئران سكورسيزي المُحاصرة.. هل تمنحه الأوسكار؟..
- المرأة الفلسطينية.. كتابة وصورة
- الفلسطيني بين الواقع والرمز
- تظاهرة الوردة للسينما العربية المستقلة
- عندما يصبح الانتظار لعبة الفلسطينيين
- العالم كما يراه بوش
- إياد الداوود في ضيافة البندقية
- أسئلة السينما العراقية المعاصرة
- المخرج محمد ملص في جديده: (باب المقام).. أين المشكلة؟..
- عندما يصبح ال «انتظار» لعبة الفلسطينيين
- سينما الأصوات الصامتة في سوريا
- جديد مجلة «الوردة»: وماذا لو فاق أبو زهدي؟..
- تعاونية عمان للأفلام.. سينما الشباب في الأردن
- الفلسطيني يحضر بموته.. رحيل المخرج مازن غطاس
- عدنان مدانات.. بحثاً عن السينما
- هموم شباب لبنان في صورته السينمائية
- أسئلة شباب السينما المصرية المستقلة


المزيد.....




- -ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بشار إبراهيم - سينما سورية جديدة (1)