محمد البيتاوي
الحوار المتمدن-العدد: 2047 - 2007 / 9 / 23 - 10:00
المحور:
الادب والفن
عصيان
كنست أشعة الشمس شوارع وأزقة وحارات المدينة، بحثاً عن باب حانوت مفتوح تلج إليه.. ولكن كل الحوانيت كانت مغلقة بناء على طلب القيادة الموحدة.. إذن لقد بات لنا قيادة تتحدى قيادة عسكر الاحتلال.. عشرون عاماً مضت، والشارع يرضخ لأوامر ونواهي جلاوزة الاحتلال.. وها هي مكبرات صوته تلعلع في الشوارع والأزقة تعلن للتجار، ولأصحاب الحوانيت من حرفين وصناع، أن افتحوا أبواب حوانيتكم وإلا فإن الجنود سوف يقومون بتكسير أقفالها، وتركها مشرعة للسلب والنهب..
وقف غير قليل من أصحاب الحوانيت أمام محالهم، والتردد ما زال يأخذ بنواصيهم، والخوف ينوشهم على ممتلكاتهم. وكان الأطفال يتجولون بينهم ليبثوا الطمأنينة في قلوبهم.. ولكن...
قال بعضهم وكأنهم يطرحون حلاً وسطاً:
- اتركوا على كل باب قفل واحد، واحتفظوا بباقي الأقفال في جيوبكم للطوارئ..
وقال الشباب في نفرة حماسهم المتدفق:
- حل معقول، ولكن من الأفضل أن تغادروا قبل أن تبدأ حملتهم المسعورة، حتى لا تجدوا أنفسكم مضطرين للرضوخ أو المساءلة..
وبدأت حملة مسعورة ضد الأقفال.. بدأ الجند بتكسير الأقفال، وفتح أبواب المحال عنوة.. خاف البعض ممن كانوا يرقبون الوضع عن بعد على ممتلكاتهم.. لم تفلح طمأنة الشباب لهم.. وما أن فرغ الجند من تكسير أقفال محال الشارع الأول، حتى فؤجي الجزعون بالشباب، يحملون صناديقاً من الأقفال، وقد بدأوا بزرعها بدل الأقفال المكسرة بعد أن كانوا يعيدون إغلاق الأبواب بحرص من جديد..
وصلت الأنباء إلى الجلاوزة، فجُنَّ جنونهم، وراحوا يطلقون النار بصورة عشوائية على كل شيء يتحرك في الشوارع والأزقة، فكانت الحصيلة مزيداً من الدم والشهداء.. ثم راحت مكبرات الصوت تعلن عن منع للتجوال تم فرضه على البلدة القديمة وعلى المخيمات المحيطة بها.. ثم بدأت حملة اعتقالات واسعة..
#محمد_البيتاوي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟