أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين عجيب - مدارات حزينة_ثرثرة















المزيد.....

مدارات حزينة_ثرثرة


حسين عجيب

الحوار المتمدن-العدد: 2040 - 2007 / 9 / 16 - 11:33
المحور: الادب والفن
    



مع اليوم الأول في رمضان,قبيل الغروب,أضع كأسي بمتعة فائقة, واشرب بصحة من أحبهم..... واللذين أحبوني يوما....
هذا البيت الذي ولدت فيه يحب العرق والنبيذ,يحب القرآن ونهج البلاغة والشعر الجاهلي. في هذا البيت جرى ألم كثير وأحلام ....مع أيام جميلة وبهيجة....أتذكّرها بحنان وشوق.
بيت يشترك مع غيره من بيوت بيت ياشوط وقراها وجبالها,في الهيجان العاطفي والطغيان الانفعالي,بنفس الشدّة مع قسوة بلا رحمة, لما يعتبر أخطاء بقوة العادة والتكرار, سقف سماحيته الشراب ....بيت حاكمته الأم وسيدته المطلقة....سيرفع من شأن الأنوثة ويعلي مكانة الاحتفال...كل حدث يصلح للاحتفال....,الموت,الولادة,قدوم ضيف,سفر....لقد ملأت أكبر كأس في البيت من عرق الريان وشربتها نخب أبي يوم موته....وأمام دهشة واستنكار البقية...أبي يستحق أن يودّع بالشراب والغناء_لقد رغبت بشدّة أن اسكب نصف كاسي على فمه وأكرع الباقي,قبل أن نطمره بالتراب والتراتيل_احترمت مشاعر ورأي أولاده وإخوته وأصحابه, وعدت لأشرب وحدي....
هو من صنف أغلبية الآباء,من عاشوا وماتوا في الظلّ,له عيوبه وأخطاؤه مثل بقية آباء هذا الشرق الفظيع,له ميزة كبرى محبة الشراب والفرح....وحتى المصالحة مهما غلا الثمن.
آخر كاس شربناه معا كان في رمضان السابق. على الإفطار هو وزوجته(أمي طبعا).قبل الغروب بنصف ساعة وأنا أحمل في حقيبتي كالعادة....عدة كتب وزجاجة عرق( لا سلام على الطعام بادرتهم مازحا) وفتحت الزجاجة بعدما أحضرت كأسين فأحتجّت الأم... ستبقى ولدا عاقّا....أين كأسي يا ولد....شربت الزجاجة واكتفيا بكأسين صغيرتين لكليهما....
كان يصوم ثلاثة أشهر متتابعة, ويشرب معي كلما زرته إلى البيت كأسا صغيرة ونادرا كأسين. كان حلمه أن أكون شاعرا.
قاومته بضراوة....حاول إحراق كتبي الحمراء مطلع شبابي...فهدّدته بإحراق القرآن ونهج البلاغة إن فعل.....صمت عشر سنين لم يصافحني خلالها!
مات ولم يعرف أن البعض يسمّوني شاعرا...
أشرب الآن بصحته...كصديق,كان مثلنا جميعا,له صفات محبّبة وأخرى لا تطاق ولا تحتمل.
وداعا أبي...
أفسدت فرصة أن نكون صديقين حقا وصدقا...
...هل تعلم أن المئات, وربما تجاوزوا الألف أعرضت عن صداقتهم,ربما بسببك!
المرأة المنكسرة عليا... تستعد لإفطارها بدونك,أحيانا أفهم...يكون الصمت ابلغ من الكلام.
.
.
لنفطر يا عليا_ نصف قرص شنكليشة وصحن سلطة+صحن بطاطا وصحن زيت..... يا إلهي كم أنتم متسامحون!
.
.
دخلت عليا إلى الصلاة.
غير مستعجلة أبدا,هي المحبة للطعام والسيطرة...
اليوم سأشرب حتى الثمالة(ثم شربت وسكرت وندمت)...
الله صديقي_ليس عدوي ولا سيدي_نشرب معا ونتبادل الأنخاب والكلام,نتفق ونختلف....مثل صديقين حقيقيين.
*
مدارات حزينة والبعض ترجمها مدارات شجية,آخر ما تبقى في ذاكرتي من كلود ليفي شتراوس, ومن مداراته احتفظت الذاكرة بالمقدمة الشاعرية يحيطها يأس غامر... وقبل خطوة من الغياب النهائي,الموت أو الردى أو العدم...وهو يدير أقوى الرؤوس وأعتى الشخصيات, حسنا فعل شتراوس وهو ويدون آخر هواجسه ويستذكر المعلم الأول بوذا.
ماذا عرفت في حياتي الطويلة كلها....وماذا كان بوسعي أن اعرف,أكثر من الحكيم الهندي,وهو يفتح عالمه الداخلي لضوء الاستنارة,....ليرى بعد مرور القرون والحقب, ما يعجز أكثرنا حتى اليوم عن رؤيته وإدراكه.....الموت.
هل سيموت أهل الهند جميعا بعد مئة سنة!كان ذلك تساؤل الشاب بوذا كما تروي الأسطورة, لينقطع بعدها إلى التأمل ويصل أخير إلى الاستنارة.
توجد معاناة وهي الحقيقة الأولى.
إخماد الرغبة هو الطريق الوحيد لتجنب المعاناة.
.
.
كيف فكّر شتراوس ببوذا على فراش الموت!
كيف قرأه! ما الذي كان يدور في عقله ونفسه وهو يدوّن ...مقدمة مدارات حزينة!
.
.
أغمض عينيه ومات. عبارة تختصر الجميع من الخارج.
الخال والعمّ والجدّة....الصديق والأخ والغريب. نقطة وينتهي كل شيء.
ما عملته, ما تجنّبته,ما أحببته, ما كرهته, ما جهلته, ما أنكرته....ما تعلّقت به....كل ما يوجد عبثا وقبض ريح.
لا يوجد كائن حيّ لا يرتعب أمام الموت. يقول المعلّم بوذا....من الحكمة احترام شركائنا في الحياة بدون تمييز.
.
.
على الطرف الآخر للخط
يصرخ وحيدا,
وإذ تدلف قدماه المرتجفة
يطمره الغبار والصمت.
اللحظة....هل مضت الآن!
يقولها
ويمدّ يديه.
*
تهرم البيوت مثل البشر.
تفقد الكثير من ذاكرتها وذكرياتها,ولا تعود تكترث لشيء,ماذا نفعل بالبيوت المثقلة بحيوات من رحلوا....!
لا اعرف.
في هذه الساعة المتأخرة من الليل,كل ما اعرفه كأس وسيجارة يتصاعد دخانها إلى فوق السماء,هي حصتي وميراثي....أحب السيجارة وأحب الكأس...أحب امرأة....اثنتان ....ثلاث... وينتهي العدّ يوما خارج التوقع.
لا تورثني أحلامك يا أبي
(كل اللذين أحبهم ذهبوا وراحوا....)
ليس بالدم
بالحبر كتبت
وطني حطّمني
*
تقوم عليا للسحور,وحيدة هذه المرة....
يقترب الفجر...
وأبقى برفقة صديقي بيسوا ورباعياته:

كمراكب فوق البحور
هي أغاني البرتغاليين
ترتحل من روح إلى أخرى
تخاطر بالغرق.

نظّمت كلّ لآلئ
هذا العقد لأهديه إليك.
اللآلئ قلبي
والخيط,حزني

الأرض بلا حياة. لا
شيء آخر يحيا سوى القلب
تلفك الأرض الباردة
لا حنيني

دعيني للحظة أعتقد
أنك لا تزالين قربي.
حزين ذلك الذي يظن
أنه بحاجة لأن يخدع نفسه بنفسه.

ميتا,سأبقى إلى جانبك
بدون أن اعرف شيئا, أن اشعر بشيء...
يكفيني هذا الأمر
لكي يكون للموت فضل.

لا اعرف إن كانت الروح تحيا في الماوراء
إن متّ_رغبت في الموت.
لأنني لو حييت,لرغبت في رؤيتك, وإلا
لا أستطيع نسيانك إلا بالموت.

طيلة الليل,سمعت المياه في الحوض
تنزل نقطة نقطة.
طيلة الليل,سمعت في روحي:
لا تستطيعين أن تحبيني.

أيتها السنونوة التي تمرّ
من ينتظرك؟
وحيدا,من يراك تمرّين
ويجدّد ثقته بالغد.



#حسين_عجيب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فنّ الاختلاف_ثرثرة
- طائر الخفّة يعبر 11 أيلول_ثرثرة
- صباح جديد_ثرثرة
- ...فليأتي الطوفان_ثرثرة
- لماذا لا تغير حياتك!؟_ثرثرة
- قطع حياة....البيت النفسي...._ثرثرة
- طيور أيلول_ثرثرة
- موت القارئ السوري_ثرثرة
- بعد موسم الموت في اللاذقية_ثرثرة
- قمر البسيط_ثرثرة
- ......إلى سماء_ثرثرة
- ساحرات جبلة وطرطوس وبيروت_ثرثرة
- رأي...خبر....معلومة...._ثرثرة
- في عصر الأنترنيت,الرسائل أرواحنا الهائمة_ثرثرة
- الرسالة,باليد والأنفاس_ثرثرة
- هذا هو السبب_ثرثرة
- لا هو بيت ولا هي نافذة_ثرثرة
- النفس....الخادمة_ثرثرة
- خجل....ثم انطواء على الذات_ثرثرة
- لا قمر لا نجوم لا شعر _ثرثرة


المزيد.....




- -ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين عجيب - مدارات حزينة_ثرثرة