|
دلالات الاستطلاع بالقوة
قاسيون
الحوار المتمدن-العدد: 2041 - 2007 / 9 / 17 - 12:36
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
اخترقت طائرات العدو الصهيوني أجواء سورية الشقيقة.. لم نلحظ رد فعل رسمي عربي ملموس إزاء هذا الأمر الخطير. الخبر تناولته وسائل الإعلام الرسمية العربية كما لو كان الحدث قد تم في أحد الجزر المجهولة في المحيط الهادي، أي أن ما تعودناه إزاء الكوارث بسبب العدوان والمذابح الجماعية لأبناء شعبنا في فلسطين والعراق والصمت الرسمي العربي، قد بقي علي حاله، لأن الطبقات الحاكمة قد تم تطويعها تماما للتكيف وبذل الجهد كي تتكيف الشعوب مع هذا الواقع المر. لكن الشعوب لم تتكيف لأنها تدرك (حتى وإن تأخر تعبيرها عن هذا الإدراك)، أن الأمور لن تتغير إلا إذا أخذت أمورها بيدها وألقت بهؤلاء المستسلمين إلى مزبلة التاريخ. لقد كتبت في عدد سابق مقالا بعنوان (الحرب قادمة)، ورغم أن كثير من المحللين يقولون بعكس ذلك، فان الواقع الموضوعي يؤكد أن الحرب قادمة، وأن الاستطلاع الجوي الصهيوني الذي تم هو في هذا السياق. أمور لها مغزى ثمة وقائع تحيط بهذا الاختراق الجوي تؤكد أن الأزمة الأمريكية تتعمق والتناقضات داخل النخبة الحاكمة هناك (وإن كانت ثانوية) تطفو، والصعوبات تتفاقم، وهو ما شكل مناخا ساعد علي حدوث هذا الخرق الجوى وعلى تداعياته القادمة. أحدث الوقائع هي تقرير (باترويس – كروكر)، أولهما هو قائد القوات الأمريكية في العراق، والآخر هو السفير الأمريكي في بغداد. وهذا التقرير قُدّم للكونجرس في 11 من الشهر الجاري، وهدفه هو تحديد الموقف من العراق، وقد تسرب منه حتي كتابة هذه السطور أمران: أولهما هو التأكيد على فشل المعالجة التي يقوم بها المالكي رئيس وزراء العراق، والآخر هو احتمال سحب بعض القوات الأمريكية في مارس القادم. وإن كان باتريوس قد ربط هذا الأمر بالوضع علي الأرض هناك. سبقه تقرير أصدره مكتب محاسبة الحكومة الأمريكية، وهذا المكتب هو أحد أذرع الكونجرس في محاسبة السلطة التنفيذية في الولايات المتحدة. ذكر هذا التقرير أن استراتيجية بوش الأمنية لم تكلل بالنجاح، ولم تعطِ بعد سبعة شهور نتائج ايجابية، وأن معدل الهجمات علي المدنيين مرتفع، واحتفظ بالنسبة نفسها خلال الشهور الماضية، وأعطي التقرير للحكومة الأمريكية 3 نقاط من 18 نقطة، وهي أنها: أنشأت قوة أمنية عراقية أمريكية مشتركة، أنشأت لجاناً لدعم تأمين بغداد، وأصدرت تشريعات لصالح الأقليات، أي أن الإدارة الأمريكية قد سقطت بجدارة، في حين أن بوش ادعى أن الحكومة العراقية قد حققت 9 نقاط من 18 نقطة، وهذا التعبير كان محل سخرية في الكونجرس، حيث علق رئيس لجنة العلاقات الخارجية بأن وصف بوش بأنه يشبه شخصاً سقط من مبني ارتفاعه 100 طابق، وعند وصوله إلى الطابق الـ 50 يؤكد أنه قد قطع نصف المسافة بسلام!! كذلك هناك تقرير آخر سابق للكونجرس هو تقرير جنرال (جونز) قال: إنه ينبغي حل الشرطة العراقية بالكامل لأنها طائفية وفاسدة، وإنه لا يصح أن يطلق على وزارة الداخلية العراقية اسم وزارة. وهكذا تشير مجمل التقارير المقدمة إلى الكونجرس، وما يحدث في جلسات الاستماع بشكل عام، إلى أن التقديرات العامة السائدة داخل النخبة السياسية وفي أهم المؤسسات أي الكونجرس، تؤكد أن هناك خيبة أمل شديدة نتيجة فشل الاستراتيجية الأمنية الأمريكية في العراق. ويعزز هذا الإخفاق نية الحكومة البريطانية الحليف الرئيسي للولايات المتحدة الانسحاب من المستنقع العراقي. يضاف إلى ذلك مستجدات الوضع في أفغانستان الذي أصبح أكثر سوءاً، إذ أطل أسامة بن لادن من جديد، وهو ما أنتج حالة من الهياج تجاه بوش الذي فشل في القبض عليه طيلة هذه السنوات، كما أصبح طريق قندهار تحت سيطرة طالبان، بما يعني عملية تقطيع أوصال الوجود العسكري الأطلسي في أفغانستان. كما أنتجت مفاوضات طالبان مع حكومة كوريا الجنوبية بشأن الأسرى الكوريين ثم تمام الإفراج عنهم، سمعة عالية لطالبان التي احتل اسمها الصدارة في الإعلام العالمي. وأخيرا التململ الأوربي، ومن ألمانيا بوجه خاص، حيث أشارت الاستطلاعات إلى مطالبة 65 % من الألمان بسحب القوات الألمانية من أفغانستان، وذلك يشير إلى أن (عقد) حلف الأطلسي في أفغانستان مهدد بالانفراط. القفز إلى الأمام!! في مقابل كل ما سبق، ربما يكون النجاح الأمريكي الوحيد (للأسف) قد حدث في فلسطين، حيث تم إحداث شرخ واسع فيها تمثل بتقسيم الباقي من التقسيم إلى ضفة وقطاع بين فتح وحماس، وانصياع محمود عباس للأمريكيين والإسرائيليين ورفضه الدخول في حوار للمصالحة، بما أوصل إلى تسعير الصراعات داخل الساحة الفلسطينية. وفي ظل هذا الوضع بكامله، أي الإخفاق الأمريكي في العراق وأفغانستان بعد الفشل المدوي في لبنان العام الماضي، وحتى الآن، ثم ويا للأسف الوضع الفلسطيني، تحاول الولايات المتحدة القيام بمناورة المؤتمر الدولي للسلام، وتضع شروطا لاشتراك سورية فيه مؤداها قبولها بالتفاوض حسب نهج الانصياع والاستسلام، لكن هذا المؤتمر (واقعياً) ليس مؤتمر سلام، ولن يتحقق تقدم علي هذه الجبهة، حيث صرح مدير جهاز الأمن الداخلي السابق في الكيان الصهيوني أن الظروف لا تسمح بمناقشة الحل النهائي، لكن الأمريكيون في ظل إخفاقاتهم يحاولون تلمس إنجاح مناورة، هي مجرد تعمية استراتيجية كي يقوموا بقفزة إلى الأمام لتجاوز الفشل والهزائم، ولتحقيق إزالة معوقات المشروع الإمبراطوري الأمريكي في الإقليم، أي الشرق الأوسط الجديد، تلك المعوقات المتمثلة في حائط الصد (سورية وإيران وحزب الله) كطلائع للمقاومة العربية والإسلامية. إن إجمالي ميزانية وزارة الدفاع الأمريكية يبلغ هذا العام 606 مليار دولار وهو أمر يحمل دلالات خطيرة. لكل ذلك خرج الكيان الصهيوني في ظل هذه الظروف التي يراها مؤاتية ليزيد التوتر في المنطقة، مستغلا مرارة الهزائم الأمريكية ونزق بوش وغياب الفعل الرسمي العربي المساند لسورية، والانقسام الفلسطيني، فاستدعي احتياطي القوات الجوية والدفاع الجوي، بل واختلاق مبررات وحجج واهية من قبيل تهريب السلاح للفلسطينيين لنشر القوات الإسرائيلية علي الحدود المصرية وحتى الأردنية. إن مسرح العمليات يتم إعداده للحرب الصهيو-أمريكية ضد سورية وإيران وحزب الله، وهذا هو السياق الذي جرى فيه الخرق الجوي. اشتعال المنطقة قادم. وعلينا الاستعداد لذلك.
* إبراهيم البدراوي
#قاسيون (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ما وراء ارتفاع الأسعار ؟
-
ماذا يريد الفاسدون من الشعب؟
-
الوهم والخراب..
-
مشروع الشرق الأوسط الكبير دخل طريقاً مسدوداً
-
خياران لا ثالث لهما
-
السير نحو المجهول
-
اعتدال آل سعود و«إخوتهم»..
-
الحرب قادمة..
-
وريث فيديل كاسترو هو الحزب
-
وحدة الشيوعيين السوريين
-
بغداد: مدينة الستة ملايين تعاني العطش والحر
-
من لا يملك خبزه لا يملك إرادته..
-
الكهرباء بين السياسة والاقتصاد
-
على طريق «وحدة الشيوعيين السوريين» .. خطوة إلى الأمام
-
انتخابات لبنان:انزياح المزاج الشعبي نحو إرادة الانتصار
-
أي نمو نريد؟؟
-
د. كمال خلف الطويل لقاسيون:مغامرو المؤسسة الأمريكية الحاكمة.
...
-
الخطر الاستراتيجي القادم
-
«رَشّ انبز»... بس على مين وليش؟
-
الأزمة الفلسطينية... استعصاء عابر أم مأزق دائم؟
المزيد.....
-
كيف يمكن إقناع بوتين بقضية أوكرانيا؟.. قائد الناتو الأسبق يب
...
-
شاهد ما رصدته طائرة عندما حلقت فوق بركان أيسلندا لحظة ثورانه
...
-
الأردن: إطلاق نار على دورية أمنية في منطقة الرابية والأمن يع
...
-
حولته لحفرة عملاقة.. شاهد ما حدث لمبنى في وسط بيروت قصفته مق
...
-
بعد 23 عاما.. الولايات المتحدة تعيد زمردة -ملعونة- إلى البرا
...
-
وسط احتجاجات عنيفة في مسقط رأسه.. رقص جاستين ترودو خلال حفل
...
-
الأمن الأردني: تصفية مسلح أطلق النار على رجال الأمن بمنطقة ا
...
-
وصول طائرة شحن روسية إلى ميانمار تحمل 33 طنا من المساعدات
-
مقتل مسلح وإصابة ثلاثة رجال أمن بعد إطلاق نار على دورية أمني
...
-
تأثير الشخير على سلوك المراهقين
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|