|
عيناك أجمل المنافي ألسرية
جمال المظفر
الحوار المتمدن-العدد: 2036 - 2007 / 9 / 12 - 10:39
المحور:
الادب والفن
لم اسافر طوال عمري خارج حدود الوطن ولم تطأ أقدامي أية دولة أو مدينة ولكني سافرت في عينيك إلى كل المدن .... وإلى كل المدارات لم توقفني دوائر الأمن أو ألمخابرات أوالجوازات، ولم تلاحقني الشرطة السرية عيناك ... أوسع منفى وأجمل معتقل في العالم فيهما تتلاشى المدن والمطارات ، لاشئ سوى عوالم من السحر والخيال النجوم تتراقص ، والقمر يقف خجلا من تلك الأقمار الغافية على صدرك لأول مرة أشعر بالأمان وأنا أنام في عينيك ... لاشرطة ولامخبرين يتابعون حركاتي أو رقيب يتابع شطحات قلمي أو زلات حروفي ... لأول مرة أشعر بأن النوم في عيني إمرأة يعيدنا إلى الأمان ونحن ننام في أرحام أمهاتنا نلعب لعب الصبيان المهووسين بدفء الأماكن... السياحة في عينيك مغرية ومثيرة ، رحلة إلى اللذة والدهشة و اللامعقول ... كيف لعينيك أن تتسعان لكل تلك المدن والحضارات والمطارات والمرافئ ... كيف لهما أن تتسعان لكل تلك الخيبات والانكسارات ... قرأت في عينيك أكبر موسوعة عن جغرافية الجسد ألأنثوي عيناك توفران لي ألأمان ، أمارس أكتشافاتي بكل حرية لم تبق زاوية في عينيك أو شفتيك إلا وتجولت في ثناياها ... زرت كل المدن الغافية في عينيك ، بتضاريسها ومرتفعاتها وسهولها ومناطق الخصوبة والانوثة ... لم تبق منطقة إلا وكانت إحدى محطاتي .... لم يبق نهر أو ضفة إلا وكنت ضيفا عليهما ، ولم تبق خلية إلا واحترقت بأطراف أصابعي.. الاف الطيور تتزاوج وتتناسل وتبني أعشاشها في عينيك ، لاصيادين يرعبونها ، ولاأقفاص فولاذية ، ولاأسلاك شائكة .... تسرح على ضفتي النهر الخرافي الدافئ ، رغم انه لايدخل في سجل غينيس كأطول الأنهار في العالم ، ولكنه لملم كل الأجناس البشرية على ضفتيه وراقص مشاعر العشاق وألهمهم الشعر والحب والحياة .... المدن الغافية في عينيك ليست ككل المدن ، مدن من الكريستال ، لاتعرف التلوث النووي أو النفاق الحضاري ، لايدخلها إلا العشاق والمهووسين بالحب الفطري والفارين من جنون الحياة ورعبها .... في عينيك ، تتضاءل المجموعة الشمسية والكواكب تنزوي خجلة من دورة نهديك وجاذبيتهما .... كيف للكرز الطري أن يخجل من تلك الكرزات الناتئه فوق كواكبك الخجولة ... في فضاء عينيك ، تتراقص النجوم وألأقمار والكواكب والنيازك والشهب والمجرات وملائكة تطير..... في عينيك ..... بدايات التكوين وسر نشأة هذا العالم الطوباوي ..... عندما ينام الحراس ياحبيبتي أخرج متخفيا كخفاش يهوى الطيران الليلي أمارس هواية التسلق مغامرة أن تتسلق نهدي إمرأة من لايجيد تسلق المرتفعات والتحليق عاليا يسقط في دروس الجغرافية ... لأن جغرافية النهدين صعبة المراس ، ليست ككل المرتفعات والهضاب الممتدة على سطح الكرة ألأرضية لنهديك ملاسة الحرير ، من لايتقن التعامل مع ألأسطح الناعمة لايجيد التسلق من لايعرف كيف يتعامل مع الأجزاء الحساسة سيقع على وجهه ويرسب في أول إمتحان غير تقليدي .... وأنا اتجول في عينيك ، لم توقفني سيطرة عسكرية أو نقطة تفتيش وهمية أو تحاسبني دائرة الجمارك عما أحمله معي في الحقائب من شوق لنهديك أو شفتيك وكل شئ من بقايا جسدك المحترق .... لم يسألوني عن هذا العطر الآلهي الذي كان ينساب من خلاياك في لحظة النشوة والرغبة ونحن نتبادل ألأدوار ... لم يسألوني عن خصلات الشعر التي أخبئها في جيبي لم يسألوني عن آثار أظافرك التي خطت جداول وأنهارعلى مساحات جسدي ونحن نتقاسم السرير بالتساوي.... لم يسألوني عن هروبي بدون جواز سفر وأنا أدخل المدن والفضاءات المحرمة وأماكن زراعة الأفيون المنتشرة على مساحة نهديك ... لم يسالوني عن سكري وجنوني وإدماني ، لأن لعاب شفتيك أسكرني حد اللعنة .... لم يسألوني عن تمردي .... وانا ألعن السلطة وابايع نهديك ، وأطالب بالعصيان المدني ضد كل أشكال القمع والأضطهاد التي تمارس ضد العشاق .... لم اتهم بالتحريض وأنا أطالب بألغاء السجون وأن تحول عيون الحبيبات إلى معتقلات حضارية .... قد يصاب العالم بالدهشة عندما يعرف بأن عيني إمرأة تكفي لأيواء مليون لاجئ ومتشرد وأن جسد إمرأة يكفي لزراعة آلاف الهكتارات من القمح وقصب السكر على هيئة زغب غير مهجن ، وأن شفتي إمرأة تكفي لسقي كل الحقول والبساتين وإرواء آلاف العشاق الظمآنين .... لم يعتقلني العسكرلأني بايعت نهديك ولم أبايع السلطان ، وبأني أموت شهيدا على نهديك أفضل من أن أموت خائنا لأمرأة خبأتني داخل عينيها من عهر السلطة والسلطان ... لم يعتقلني العسكر وأنا اعلن ان الموت من اجل إمراة توصلك إلى مصاف الأمراء أفضل من الموت من أجل كرسي خال من المشاعر والأحاسيس ومن أجل كروش أكلت عرق أيامنا وبقايا أحلامنا .... لعينيك فطنة الحكماء ... ولنهديك هيبة الأمراء ... منهما تعلمت الكبرياء كيف يبقى رأسي مرفوعا مثل كوكب دري لاتطاله الايدي ، يتغزل به الشعراء ويخضع له الأمراء ، يهز العروش ويؤسر العيون اللاهثة نحو إنوثة الكواكب والمجرات .... ياأيها السادة ، جربوا المنافي ، لامنافي الاماكن ، جربوا منافي العيون ، ستجدون انها من اجمل المنافي وألذها وأروعها .... ستجدون ان السجون فيها مصحات عاطفية وأحضان دافئة ، وأن السجان فيها لايستخدم الكرباج ، بل يلوح لكم بأغصان الآس والياسمين ، وأن الحجز الأنفرادي هو ان تحجروا مابين الحاجب والعين .... أجمل المنافي ياأصدقائي منافي النساء جربوا ولو مرة واحدة ان تخوضوا النضال السري ، واهربوا الى عيون حبيباتكم ، فلن تطالكم الشرطة السرية أو رجال الأمن والمخابرات .... ولن تطالكم العيون ....
#جمال_المظفر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
جوجو يهز الحكومة
-
صفات الزعامة
-
تنهدات لأمرأة تحترق
-
بلد العجايب
-
لعنة السمتيات
-
الكتابة مابين اللذة والنار
-
القاصة والروائية سافرة جميل حافظ: الثقافة الاجتماعية تقف حجر
...
-
ضحايا الريادة الشعرية
-
انا والعراف ويوم السعد
-
المجلس الاعلى ... والمثقف المبتلى
-
المربد .. وماادراك ماالمربد
-
شيوعيون بلا مبادئ
-
الى قروية
-
امبراطورية المؤخرات
-
ايناس البدران:الكتابة ثمرة من ثمرات العقل
-
جمالية الصورة والمعنى في شعر رنا جعفر
-
واحدا واحدا يرحلون/ اصدارات جديدة
-
موت آخر النبوءات
-
مرقاب خفي/ الجدل الشعري والأيحائية المستترة
-
مرقاب خفي/ الجدل الشعري والايحائية المستترة
المزيد.....
-
-طفولة بلا مطر-: المولود الأدبي الأول للأكاديمي المغربي إدري
...
-
القبض على مغني الراب التونسي سمارا بتهمة ترويج المخدرات
-
فيديو تحرش -بترجمة فورية-.. سائحة صينية توثق تعرضها للتحرش ف
...
-
خلفيات سياسية وراء اعتراضات السيخ على فيلم -الطوارئ-
-
*محمد الشرقي يشهد حفل توزيع جوائز النسخة السادسة من مسابقة ا
...
-
-كأنك يا أبو زيد ما غزيت-.. فنانون سجلوا حضورهم في دمشق وغاد
...
-
أطفالهم لا يتحدثون العربية.. سوريون عائدون من تركيا يواجهون
...
-
بين القنابل والكتب.. آثار الحرب على الطلاب اللبنانيين
-
بعد جماهير بايرن ميونخ.. هجوم جديد على الخليفي بـ-اللغة العر
...
-
دراسة: الأطفال يتعلمون اللغة في وقت أبكر مما كنا نعتقد
المزيد.....
-
مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111
/ مصطفى رمضاني
-
جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
رضاب سام
/ سجاد حسن عواد
-
اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110
/ وردة عطابي - إشراق عماري
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
المزيد.....
|