روسيا تقترح أنشاء -أوبك للحبوب-

محمد النعماني
(Mohammed Al Nommany)

الحوار المتمدن-العدد: 2035 - 2007 / 9 / 11 - 10:40
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

صرح وزير الزراعة الروسي ألكسي غوردييف بأنه يتطلع إلى مناقشة إمكانية إنشاء منظمة للبلدان المنتجة والمصدرة للقمح والحبوب على غرار "أوبك" مع مسؤولين أستراليين ، معبرا عن أمله في أن يصار إلى إنشاء منظمة دولية من هذا النوع.
وأعلنت وزارة الزراعة الروسية اقتراحها بإنشاء "أوبك للقمح" في بداية الصيف. وقد قبلت أوكرانيا وكازاخستان بهذا الاقتراح. وأبدت الولايات المتحدة الأمريكية أيضا اهتمامها بهذه المبادرة كما قال الوزير غوردييف.
ويعبر الخبراء اليوم عن قلقهم بشأن ارتفاع أسعار القمح في أسواق العالم. وهناك أسباب اقتصادية موضوعية وراء ارتفاع أسعار الحبوب يأتي في مقدمتها النمو السكاني، حيث يتزايد مجموع السكان في كوكبنا الأرض بـ70 مليون شخص سنويا وهو ما يترتب عليه ارتفاع الطلب على الخبز. ثانيا، يواصل الطلب على الحبوب كمادة أولية لصناعة الوقود البيولوجي النباتي ارتفاعه عاما بعد عام.
ومما يثير قلق الخبراء أن الظروف المناخية في هذا العام لا تساعد على تغطية الطلب المرتفع على القمح. ويُتوقع أن تظل أسعار الحبوب مرتفعة لمدة أخرى تتراوح بين عامين وثلاثة أعوام على الأقل.
وتصدّر روسيا 12 مليون طن من الحبوب في السنة في المتوسط إلى البلدان الأخرى. ولأن أسعار الحبوب في الأسواق العالمية مرتفعة فإن مزارعي روسيا يجدون لهم مصلحة في بيع جزء من الإنتاج في الأسواق العالمية في وقت يحذر فيه بعض الخبراء من أن أسعار الخبز في السوق الروسية مرشحة للارتفاع.
إلا أن وزير الزراعة الروسي لا يتوقع أي ندرة أو نقص في الخبز في السوق المحلية الروسية.

واقترحت وزارة الزراعة الروسية في شهر يونيو 2007 طرح فكرة إنشاء منظمة على شاكلة تلك التي تضم مصدري النفط، أي "أوبك للحبوب" لتنسيق نشاط المنتجين والمصدرين وتجارة الحبوب في العالم.
وشهدت روسيا حصاد 50 مليون طن من الحبوب، مما يفوق وتائر حصاد محاصيل الحبوب بنسبة 19 بالمائة في العام الماضي.
ويشار إلى أن محصول هذه السنة سيكون أقل من الأعوام الفائتة، قليلا. ومن المتوقع أن يصل إجمالي محصول الحبوب في بحلول شهر أغسطس عام 2007 في روسيا إلى مستوى 76 مليون طن مقابل 4ر78 مليون طن في عام 2006.
الماضي من مساحة 2ر8 مليون هكتار، مما يشكل ربع المساحة الإجمالية.
ويفوق هذا المؤشر أرقام العام الماضي للفترة المماثلة بنسبة 9ر25 بالمائة.

وأكد ممثلون لأكبر شركات الحبوب في روسيا أن أسعار الحبوب في البلاد قد استقرت بحلول شهر أغسطس الماضي
وقال عدد من خبراء شركات الحبوب: "بفضل المحاصيل الجيدة في روسيا استقرت أسعار الحبوب بحلول شهر أغسطس. وتلاحظ حاليا نزعة معينة إلى انخفاض الأسعار بشكل طفيف".
وفي ما يتعلق بارتفاع أسعار الحبوب في العالم، يرى الخبراء الروس أن هذا يعزى إلى نمو استهلاك الحبوب في آسيا وأفريقيا، وحالات التازم في بعض المناطق. كما يعود أحد أسباب تلك الظاهرة إلى تحول قسم كبير من محصول الذرة من قطاع صادرات الحبوب إلى قطاع إنتاج الوقود البيولوجي في الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي.
وفي هذه الأثناء قيمت وزارة الزراعة الروسية القدرة التصديرية لروسيا بنحو 10-15 مليون طن هذا الموسم.
وتجدر الإشارة إلى أن منظمة "أوبك" للدول المنتجة للنفط رأت النور في عام 1960 عندها اتحدت خمس دول وهي إيران والعراق والكويت والسعودية وفنزويلا من أجل التحكم بأسعار النفط العالمية. وانضمت إليها في ما بعد 9 دول أخرى. والهدف من هذا الكارتل الذي يتحكم بنحو ثلثي الاحتياطي العالمي من النفط وبأكثر من 50 بالمائة من صادرات النفط العالمية هو عدم السماح بانخفاض أسعار النفط. وفي حال بدأت الأسعار بالانخفاض، حينها تتخذ حكومات دول "أوبك" قرارا بتقليص استخراج النفط.
وطرح غوردييف فكرة إنشاء أوبك للحبوب في شهر يونيو من هذا العام في اجتماع اللجنة الروسية الأوكرانية حول مسائل تنمية المجمع الزراعي الصناعي. وأعجب وزير سياسة الزراعة الأوكراني يوري ميلنيك بهذه الفكرة وأعلن أنه من الضروري أن تنسق روسيا وأوكرانيا وكازاخستان مواقفها وخطواتها في سوق الحبوب. ويفكر وزير الزراعة الروسي حاليا في كيفية جذب الولايات المتحدة وأستراليا إلى هذا المشروع.
ويبدو ذلك منطقيا، إذ تشكل حصة روسيا وأوكرانيا وكازاخستان، حسب معطيات معهد دراسة حالات السوق الزراعية (موسكو)، نحو 20 بالمائة من سوق صادرات الحبوب. وهيهات أن يتيح ذلك ممارسة التأثير على سياسة الأسعار بشكل فعال. ولكن في حال دخلت الولايات المتحدة في "أوبك" الحبوب، ستتحكم هذه المنظمة في 62 بالمائة تقريبا من صادرات الحبوب على نطاق العالم كله.
ولكن من المستبعد أن تتفق الدول المعنية فيما بينها. فهناك ثماني دول كبرى (هي الأرجنتين وكندا والاتحاد الأوروبي عدا الدول الآنفة الذكر) توفر ما نسبته 90 بالمائة من حجم الصادرات العالمية من الحبوب لكنها تتنافس بشدة فيما بينها. وقال محلل معهد دراسة حالات السوق الزراعية ايغور بافينسكي: "إن الاتفاق على عمل مشترك من جانب تلك الدول صعب جدا. وتتنافس روسيا وأوكرانيا وكازاخستان فيما بينها ويمكن قول الشيء نفسه عن أستراليا وكندا".
وحتى لو افترضنا أن المتنافسين الدائمين تمكنوا من الاتفاق فيما بينهم فهنا تقف أمامهم مسألة كيف سيتحكم أعضاء الكارتل في حجم إنتاج الحبوب وسياسة تحديد الأسعار؟ من المعلوم أنه في بلدان "أوبك" المنتجة للنفط تحتكر الدولة استخراج وتصدير النفط. لكن الوضع ليس كذلك فيما يتعلق بالحبوب، لأن من يقوم على إنتاجها وتصديرها هي شركات خاصة لن ترفع أو تخفض الأسعار بأمر من الحكومة.
مع ذلك تمتلك الحكومة الروسية أداتين للتحكم في أسعار الحبوب. إن الأداة الأولى هي السياسة التعريفية، والثانية هي ما يسمى بـ "تدخلات الحكومة". فمثلا، بإمكان الحكومة التحكم في أسعار الحبوب عن طريق شراء جزء من المحصول، أو رفع الرسوم الجمركية على الصادرات للحد من تصدير الحبوب إلى السوق العالمية وخفض الأسعار داخل البلاد.
لكن السؤال الأهم هنا الذي لا يجيب عليه الوزير الروسي ويتناوله الخبراء بالنقاش يخص الهدف نفسه من إقامة "أوبك للحبوب" في الظروف الراهنة. ذلك أن الأسعار العالمية على الحبوب ترتفع حاليا، وليس هناك ما يشير إلى احتمال انخفاضها خلال عامين أو ثلاثة أعوام. وهناك عاملان يؤثران على ازدياد الطلب على الحبوب: فعدد سكان العالم ينمو سنويا بمعدل 80 مليون شخص. ثم أن الزيادة السكانية تتركز في دول في آسيا وأفريقيا لا تنتج الكثير من القمح. وعدا ذلك يتزايد إنتاج الوقود البيولوجي، الذي يعتمد بشكل رئيسي على الحبوب!
وأفاد مصدر في وزارة التنمية الاقتصادية والتجارة الروسية أن الوزارة أصبحت مستعدة لاقتراح زيادة الرسوم الجمركية على الحبوب التي تصدرها روسيا إلى البلدان الأخرى بنسبة تتراوح بين 10 و25% لمواجهة الارتفاع المحتمل في أسعار الخبز في السوق المحلية، مضيفا أنه من المنتظر أن تقرر الحكومة تقييد تصدير الحبوب، وبالأخص القمح، قبل نهاية هذا الأسبوع.
بيد أن وزارة الزراعة يمكن أن ترفض اقتراح وزارة التنمية الاقتصادية والتجارة. فقد قال وزير الزراعة ألكسي غوردييف إنه لا يرى ضرورة لاتخاذ أي إجراءات في السوق المحلية قبل نهاية نوفمبر عندما سيتم إعلان حجم المحاصيل الزراعية في هذا العام.
وكان رؤساء ما يزيد عن 50 مزرعة في روسيا قد قدموا عريضة إلى المسؤولين راجين فيها عدم تقييد تصدير الحبوب قبل الانتهاء من جني المحصول، مشيرين إلى أن تقييد التصدير سيؤدي إلى هبوط في أسعار الحبوب في السوق المحلية قد يكبد المزارعين خسائر تبلغ قيمتها الإجمالية 5ر1 مليار روبل.
وأعلن وزير التنمية الاقتصادية والتجارة الروسي جيرمان غريف في تصريح أدلى به لنوفوستي أن السلطات الروسية قد تفرض رسم تصدير على الحبوب إذا بدأت أسعار القمح في روسيا تزداد من جديد كما حدث في يونيو ـ يوليو.
وقال الوزير تعليقا على الموجة الجديدة لارتفاع أسعار الحبوب في الأسواق العالمية إن "الأسعار مستقرة حاليا، ولكن إذا بدأت بالارتفاع فإننا سنتدخل لنفرض رسوم تصدير".
وقد أعلن غريف عن التدخل في سوق الحبوب في هذه السنة لأول مرة في نهاية يوليو بعد ارتفاع أسعار الدقيق والخبز في روسيا في شهري يونيو ويوليو 2007.

ويتوقع تجار الحبوب الأوروبيون كما ذكرت صحيفة "Financial Times" تفاقم الوضع في سوق الاتحاد الأوروبي للحبوب بعد الإعلان عن احتمال قيام روسيا التي تعتبر خامس أكبر مصدري الحبوب في العالم بفرض قيود على تصدير الحبوب
وتؤكد الصحيفة أن روسيا قلقة من تنامي أسعار الخبز في السوق المحلية عشية الانتخابات البرلمانية المرتقبة في ديسمبر. ويفكر المسؤولون الروس حاليا بالإجراءات التي يتعين اتخاذها ـ الحد من حجم التصدير أو زيادة الرسوم المفروضة على تصدير الحبوب. وتشير الصحيفة إلى أن الحكومة الروسية قد تتخذ قرارها بهذا الشأن خلال الأسبوعين القادمين.
وتؤكد الصحيفة إن الشركات الروسية قد تتخلى عن نوايا توقيع عقود تصدير جديدة بسبب التخوف من انخفاض أرباحها.
وقد أكدت وزارة الزراعة الروسية في نهاية أغسطس توقعها بوصول حجم محصول الحبوب في هذا العام إلى نحو76 مليون طن.
ويذكر أن هذا المؤشر بلغ في العام الماضي 9ر77 مليون طن.
وعلى صعيد آخر لجأت أوكرانيا التي تعتبر سادس أكبر مصدر للحبوب في العالم إلى فرض قيود على تصدير حبوبها إلى جانب روسيا.
وقد فرضت كييف رسوما عالية على تصدير الحبوب الأوكرانية
قد تقرر الحكومة الروسية في 13 سبتمبر تحديد صادرات روسيا من الحبوب، خاصة القمح، في محاولة لوقف ارتفاع أسعار الخبز في السوق المحلية.
وكان القمح قد سجل ارتفاعا غير مسبوق في أسعاره في السوق العالمية بسبب انخفاض إنتاج بلدان أوروبا وكندا واستراليا من الحبوب في هذا العام.
وكانت حكومة أوكرانيا التي تعتبر سادس أكبر مصدر للقمح إلى الأسواق العالمية، قد أعلنت فرض رسوم جمركية تمنع تصدير القمح. وإذا خفضت روسيا التي تحتل المرتبة الخامسة بين البلدان المصدرة للحبوب، صادراتها فإن أسعار القمح يمكن أن تواصل ارتفاعها بشكل محموم.
ويذكر أن الشائعات حول الحظر المحتمل لتصدير القمح الروسي تقف وراء إقدام بعض البلدان المستوردة مثل مصر والهند على إنماء مخزونها من القمح.
ومن جانبه يرى المحلل إيغور بافينسكي من المعهد الروسي للأبحاث الخاصة بسوق المنتجات الزراعية، أن تحديد الصادرات الروسية من القمح لا يجوز، معتبرا أن العرض في السوق الروسية الآن يتناسب مع الطلب، وإذا فرض حظر على تصدير الفائض فسوف يتكبد القطاع الزراعي الروسي خسائر لا تعوض. وأضاف أن أوكرانيا تحدد الصادرات للعام الثاني على التوالي، ولكن هذا الإجراء لم يحقق أية فائدة مرجوة.

#محمد_النعماني (هاشتاغ)       Mohammed__Al_Nommany#          

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات