|
عين العدم ( أبناء في المزاد العلني )
عبد الحق طوع
الحوار المتمدن-العدد: 2035 - 2007 / 9 / 11 - 08:00
المحور:
الادب والفن
في الحلم وأوصتني أمي بكتابة هذه الكلمات على شاهد قبرها : (هذا هوالعالم الذي أجبرنا على إستنشاق غبار هوائه القذر.ولا حيلة لنا نحن النساء على الذهاب ضد منطق الرجال..ألم يلوثوا سمعة أمنا ؟ألم يحولوها إلا مجرمة وعاهرة؟ كلنا نعرف قصة التفاحة. صدقوني منذ زمن بعيد إمتنعت عن أكل التفاح )
نعم!
كان يعتقد أن النظرفي عيـن الأب ، رفع الصوت على صـوته أوأدنى إحتجاج على أمر ما . أ شياء تـعد من كبائر الإثم ،وأن هذا السلوك لايسلكه إلا أولاد الحرام ….ويواصل ….يواصل لعبة الترهيب والتــحدير وهي لعبة كلام لاتخلو من خبث ومكر .
كلام معسول تزين وتعطر بأعذب السجع . يطمئن ‘’ القلب ‘’ يقيد ‘’ اللسان ‘’ ويزهو ‘’ الخيال ‘’ . قال مرة بعد آخر ركلة وقعها حدائه الأسود البـالي على بطن أمي ، وهـي طريحة على الأرض . إليه تنظـر بعين واحدة دامعة …شيء حزين وغريب أن يبكي الإنسان من عين واحدة ؟ علمــت فيما بعد أن العين الثانية عمياء ، و أن الجاني : أبي . ـ شوفي يالحمارة ، أشْ كَيْقُولْ النبي في لْعَوْرَة ليمَاكَطِيعْش زوجها … ‘’ إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فلم تأته لعنتها الملائكة حتى تصبح ‘’ ويقول في حديث أخر : ‘’ لو كنت آمرا أحدا أن يسجد لأحد ، لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها ‘’ وربي كيقول : ‘’ واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن ‘’ و…. ولكل…. لكل عقاب نازلة بها يبرر جريمته . أكيد… أكيدإن كنت الضد سيكون مصيري كمصير أختي عزيزة ، عندما ضبطها تتحدث مع شاب في سنـها في فرن الحي . الكلب أشبعها ركلا ورفسا ولعن دين وعرق أمنا .
وهي… وهي تركض كان في حالة هستيرية ولهاث وشتم وحجارة ونفايات تلاحقها . في المنزل جلست بين ركبتيه ، كاتمة غيضها ، خانقة أنفاسها دمعها في الحلق. مستسلمة لحمم غضبه . هـــي …هـــي تعرف حق المعرفة ، أن يد الوحش لها مخالب وأنها قادرة تمزيق أحشائها .
وبإنفعال داخلي دز شعرها الطويل بمقص يعلوه الصدء . وبشفرة الحلاقة وبصاقه حلق حاجبيها . أكيد… أكيد عزيزة بعد اليوم لن تبرح عتبة المنزل . حصل العكس !!! في.. في الثلث الأخير من الليل فك رباطها …قبضها من رقبتـها فتح البـاب وبكل قوتـه قدف بجسـدها إلى الزقـاق المظلم . خبط بالباب بعنف وهو يردد : ـ لبَرْهُوشَا تعَلْمَتْ أتْهَزْ رَجْلِها . ساعة… ساعة بعد طرد عزيزة أو أقل جاءني بكاء أمي ممزوج بأهات شبق لذته وتعالى صوته : الأن…الأن…الأن….
‘’ إظلام ‘’
كنا ننام تحت نفس سقف الغرفة الوحيدة . وتحت نفس السـقف تطبخ أمـي . والمطبخ عبـارة عن صندوق من خشب وضع في الزاوية اليمينية من الغرفـة . بداخله قارورة غاز صـغيرة ، قدر أسود قــاعه ،زيـــت في علبة زجاجية ، ملح سكر، شاي، وقصعة من الطين الأحمر للعجين. وخارج الصندوق ، برميل ماءمن حين لأخرأتحـمل مسؤولية ملئه من لعوينة القريبة. هي في الحقيقة عبارة عــن صهريج ، يجر ببغال أوحـمير وعندما يفرغ ، يضع في مكانه صهريج جديد . باب الـغرفة مفتوح عـلى خـلاء يحـيط به سـور من قصدير يتوسـطه باب لدخـول والخروج الى الزقاق . هذاالخلاء الضيق نتخد منه مكانا للجلوس في ليالي الصيف وأحيانا لنوم لأن الحرارة في الغرفة لاتطاق. أيضا نودع فيه أشياء لاأهمية لها ولامعنى للإحتفاظ بها، ومع ذلك فهي هناك. إلينا تنظروإليها ننظر: راديومعطوب،إطاره الخشبي مكسر وأحشاؤه ممزقة مدهونة بصفرة لزجة. دراجة هوائية كانت لأبي وحدهاتعرف سروجودها هناك وجرح عطبها. عجلات حافلة لاأدري لأي شيء إلتقطها الوحش من مزبلة ما ووضعهاهناك. بـلاسـتيك ، قطـع حديديـة ، مـلابس تـفوح برائحة الــجيف. مكان آمـن ومـريح لعائلات الحشرات والفـئران . والى جانب هذه الجزيرة الصغيرة ، ربط الكلب العجوز ‘’ بقشيش ‘’ يأكل، يشرب ، يبول ويلقي أمعاء جوعه في مكان نومه . الى جانب بقشيش خم مهجورشيد في شكل سيء تغطي أرضيته ريش حمام وخراجه الذي تحول إلى حـجر. نفايات مأوى آمن ومصدرمثالي غني وجيد لنمو الجراثيم . ليس… ليس غريبا أن سكان هذه المقبرة لايعمرون طويلا . وليس غريبا أن الطبيب لا يقدم تحية للمريض منا …وهل هو أحمق ؟ لا أحد !!! لاأحد من عائلتي ولاأنا يأخد برباطه ويفسـح بقشيش.على الأقل يغيرزيته مع كلبة متشـردة وقـذرة وعـجوزة مثله . ربما الكلاب كالبشر في حالة شدة وهيجان الرغبة تستمني . والغريب في كل هـذا ، العـجوز بقشـيش لا ينبح . ربما الكلب الوحـيد في العالم الذي لاينبح. في الحقيقة إنـه هناك ينتظر موته . ولافرق بينه وبين الراديو المعطوب الروح أو الدراجة الهوائية أوالخم المهجور……….. إنه هناك…… ينتظر موته ويتمنى حلوله بقلب مؤمن ، ليخلصه من وجوهنا ، من كبته وجوعه . كان أبي يردد على مسامعنا كلما طلبت منه أمي وبتودد خجول التخلص من هذه النفايات : ـ كل شيء يصلح مع الوقت …… وفي نفسي أقول : ـ كل شيء يصلح مع الوقت إلا أنت أيها الوحش القذر .
*************** أمي الأرنب أنجبت سبعة ذكوروبنت . احتفظ أبي بثلاثة ذكور وبنت ووزع الباقي على عائلتين حرمتا من نعمة أو شقاءالإنجاب .عبد الملك وعمر تبنتهما عائلة يهودية مغربية طارق تبنته عائلة فرنسية .
وزع أبي إخواني مقابل حفنة من الدراهيم ، بعثرها وهو في قمة نشوته بين حانات البيضاء وبراكة ‘’القوادة’’ للالة شريفة وبعد أن تخطوا عتبة الباب،إنقطع حبل التواصل معهم وبصفة نهائية. إلا ماحكتهالقوادة لأمي ولاأدري هل هي صادقة في قولها ؟ طارق رحل مع عائلته الجديدة بعد سنوات من تبنيه إلى فرنسا.وعبد الملك وعمرإلى تل أبيب .ربما الأن يحاربان إلى جانب العسكر الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني .
ولما لا ؟؟؟؟ كل شيء …. كل شيء يجوز عندما تختلط الأوراق ، وتوزع الأدوار خطأ على الممثلين . قيل……. قيل أنها كانت تشتغل كطباخة عند هذه العائلات في المناسبات الكبيرة و أنها الطبــاخة الرقم واحد في أحياء القصدير.وحفلة عرس أو خثان إذا لم تـكن للالــة شريفة كطباـخة فلا معنى يذكـر للـحفل.قيل أنها تتحدث العبرية والفرنسية والإسبانية ولغات أخرى بطلاقة . قيل وقيل…. للالة شريفة أصيبت بمرض غريب. قيل أنه سرطان الدم النخاعي المزمن. ويؤكد من لهم أذان طويلة ولسان لايتعب من لعق هفوات وأخطاء البشر ، أن المرض عقاب من الله . لأن المرأة كانت تعاقرالخمرة وتأكل لحم الخنزير. أحيلت على معاش دون راتب وفي سن مبكرة ، ولكي تعيش ويعيش معـها باقي الـجراد من عائلتها حولت براكتها إلى مكان لهو وفساد .
نعم !!!! منزل فساد لبعض الأثقياء وهم قلة في حينا وربما لدر الرمادعلى العيون كما يقولون.هذا الحي مقام لشيطان. ومنزل أنس وبهجة لأولئك الرجال الذين يحبون الليل ، الطرب الشعبي ، الرقص وتعال ياكأس وياسرير . ويقولون فيما بينهم : ثبا لرجل يموت ونفسه لم تعشق إلا إمرأة واحدة .تعددهن نعم من نِعم الله. وحكمته سديدة وعميقة في قوله : ( وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم ذلك أدنى ألا تعولوا ، وآتوا النساء صدقاتهن نحلة فإن طبن لكم عن شيء منه نفساً فكلوه هنيئاً مريئاً ) وهل يعقل أن أعقل شراسة رغبتي فقط لأني لا أملك الطحين ؟ هكذا يبرورن دخولهم الدائم إلى براكة للالة شريفة . ويؤكدون أن الله غفور رحيم . كانت… كانت تعرف جيدا ما يدور في رؤوس العديد من زوار المسجد المحادي لمنزلها . لكن….عندما تلعب الخمرةبرأسها وتتذكر شتيمة ما وفي الثلث الأخير من الليل بالضبط مع صلاة الفجر ، تقف أمام براكتهاوفي عري مطلق تصرخ وتشتمعلانية دين جدادهم،ومن كان رجلا فليكشف عن لحيته. طبعا لا أحد يكشف عن لحيته ومن يجرؤ ؟ وهي تملك ملف كل واحد منهم . وأكثر من ذلك ، الكل يعرف أن المرأة لها علاقات كبيرة مع رجال سلطة كبار في القصر. هكذا تدعي وربمافي إدعائها حقيقة.و كما يشاع : للالة شريفة العين الثالثة للبوليس . كل مايجري وكل ما يقع في أحياألقصديرمن نزاعات وسرقات لها علم بها والملف جاهزليتسلمه أول بوليس سري يطرق باب للالة شريفة . هذا هو المحير في أمرها…إذا ما قبض على أحد من أبناء أحيائنا أثناء الحملة التطهيرية للبوليس أو لـسرقة خيففة أو شجار ما في مخفر أحياء الطوب….لامنقذ إلا للالة شريفة . كلمة من هنا وكلمة من هناك يطلق سراح المقبوض عليه . حتى إمام المسجد سي إبراهيم أحيانا يطرق بابها كلما قبض على إبنه تيجر ‘’العنزالأسود ‘’ في العائلة كما يسميه . لأن تيجر اختارطريق الأبالسة ، عكس أبيه وقيل أن عادة ‘’ الوصولية والوشاية ‘’ ورثثها عن أمها وأبيها. وقيل أن جدها كان عميلا للإحتلال الفرنـــسي وقد قدم الرجل العدد الكبير من الوطنيين الأحرارإلى المقاصل والسجون . طبعا!!!! مادام الجوع والجهل والبطالة بأنيابهم المسمومة تقرض الساعات والثواني…الأيام والعمر ، من الطبيعي في هذه الحالات يحلو السمر ويزهو على الرقص في جمجمة الغائب من الناس . وينسج الخيال صورا وحكايات لا علاقة لها بحقيقة الشخص المتحدثعنه. وقد يكون شراهة الحسد محرك أساسي لهذه الأحاسيس والأحـــكام المغلوطة .
لاأذكر شيئا عن للالة شريفة ‘’ الأن’’ إلا كرمها معي، في وقت كنت في أشدالحاجة إلى كرمها معي .ولايهمني في حينها ولا ‘’ الأن’’ إن كانت قديسة أو قوادة….مع العلم يؤلمني دخول أبي إلى منزلها .يؤلمني ، لكن لاحيلة لي ولا أمر لمنعه من الإنتشاء . ربما !!! ربما أمي لا تحقق رغبته الجنسية كما ينبغي . فنتازيا الجنس لاتتحقق لذاتها إلابتحريك مافي الجيب ومع أنثى عابرة وفي مكان عابر . هكذا سمعته يقول لصديق له في الخيانة . نعم !!! لايهمني !!! لايهمني حياتها في شيء . كل نفس في هذه المقبرة الموبوءة إلا ولها حكاية وأرجوحة . لايهمني مادامت تملأ بطني بنصف خبزة من الدقيق الناعم الجيد المذهون سطـحه بصــفرة البيض، المحشو باللـحم . وأحـيانا تمنـحني تذكرة دعوة لاأدري من أي جحـيم تحـصـل عليها؟؟؟ لدخول إلى ســنيما الطـوب . والمقابل شراء كل مايحتاجه زبائنها الليليون. من دخان ،حشيش ، كيف ، وخمرة من عند الحاج سي الأمين . كل… كل رجال أحياء القصديرزاروا هذا المكان ولو مرة واحدة . طبعا النساء على علم بخيانة أزواجهن ، لكن إيـــــــــــــــه ؟ لاحول لهن ولاقوة تماما كأمي . إلابعض النساءالحادقات كما تسميهم أمي ، قيدن أزواجهن بأعشاب العطار سي لعربي يزور الحي من حين لأخر .
يقولون : ( إذا ما أكل الرجل لسان حمار طهي بأعشاب ما ، يصبح مثله لايصلح إلا لنهيق . الأكل وحمل الأثقال والنوم النظر والصمت والرضى ولو تعهرت زوجته أمامه ) في الحقيقة…. تمنيت لو أكل أبي لسان حمار . والغريب في الأمر حتى النساء الحادقات ، يلجئن إلى للالة شريفة ساعة الضيق المالي…. ويكون الفرج على يديها .
*********** بين !!!!! بين ضربات السوط/السرير….. إستمرت علاقتهما إلى جنونه الأخير . في الحقيقة ! نكاد نجهل الشيء الكثيرعن حياته،إلا ماكان يهدي به في لحظات غيلان أعصـابه وتوثرها. ينــسج ظــلالذكرى بعيدة في قصص وحكايات غريبة .
كان….
كان من الصعب تصديق صدع خياله ، وهو خيال يرسم لنا بطولات،لانرى من حصادها إلاالدمـع والصـفع وحرقة الجوع .وهذا الصمت المسرنم بالرعب والجنـون البــارد ، ولاأحد..لاأحد يدري متى ولماذا وكيف سـكن أحـدية البشر، محموله القذر يثقل خطوات حركـــة الأقدام ؟؟؟ ليـس غريبا….ليس غريبا أن نعزل عن بقية العالم !!! أمي ….. أمي كان تكتفي بتحريك رأسها بالنفي. لكن أحيانا كانت تخلد إلى النظربفم مفتوح إلى سـيلان لسـانه وهويكور الحرف بالحرف وتنط الكلمـات كفقاعات صابون وتعلووعـندما تلمس السقف ، تملأ فضـاء الغرفـة بالنـقيق ووابل من أسئلة أخدت لنفسها شكل شفرة حلاقة . هل مايدعيه عين صدق ؟ تكتسي ملامحها حالة إستفهام وحيرة ، هي الأخرى أم الأولاد ، الزوجة ، العشرة ، العــيش والمـلح ، لاتعرف شيئا عن ماضيه ، عن فصله وأصله ،كيف عـاش طفولتـه وشبابه ؟وأين ؟ من هما أبواه؟ من أي جـحيم أتى ؟ ولماذا ؟ لماذا يخشى ويكره الحديث عن ماضيه ؟ لانملك إلا أسماء ، ألقاب ، تواريخ مدونة على ورق أبيض . خربشات سوداء شاحبة كماضيه . و….. وتجاوز جنونه حده عندما بدء يزعج الناس بالشتم وقدفهم بالحجارة.الركض في في كل الجهات وأنه في يوم ماسيضرم النار في هذاالحي المتعهر . وبهستيرية هذا السلوك والتهديد المغال فيه الذي يترجم حقده على نفسه والعالم . بدأت أمي تحرص على مراقبته من بعيد . تقضي أحيانا جل النهار خلفه ، وعندما يحل الليل تعودبأقدام متعبة وتهمس والدمع يحاصر الكلمات في الحلق .
ـ لقد دخل إلى المقبرة . و…. ننـــــام . أحيانا عندما يزداد حاله سوأً ، نظطرإلى سجنه في غرفته التي شيدها في باحة المنزل.والتي تشبه في حجمهاالقصير والضيق مأوى كلب . في تلك الليلـة لانـدري كيف فك رباطه وخـرج دون نـعل .عارنصـف جسـمه الأعلى ، خرج يتخبط في الظلام والمطر . أمي فطنت بخروجه المفاجئ . بعد ساعات من غيابه ، طلبت مني مرافقتها. النوم يغالبني حشوت أقدامي في نعلي ….مع المطر تحت سقف البراكة لاموعد لنا مع النوم .
ونحن في الطريق كان ‘’ تيجز’’ إبن سي إبراهيم ينادم معتوه الحي ‘’ ديبا ‘’عند عتبة منزل القوادة للالة شريفةربما إشترت له النبيذ مقابل تهدئت الوقت ، إذا ما اشتعلت فتيلة معركة…إنها ليلة السبت . قال تيجر : ـ أللالة شلحة ( الأمازيغية ) راه دازْ شي ساعة هاذي ولاَّ جُوجْ مَنْ هْنَا …وَاقيلَ زادْ أَعْليهْ الحَالْ . طْلبْ مَنَا كاسْ رُوجْ وديبا أسْخَطْ فِيهْ . مْشَى لْهيهْ وبْدَا كَيْسَّبْنَا ويَرْمينَا بِلَحْجَرْ . أمي إكتفت بالنظر إلى تيجر وواصلنا سيرنا . ويضيف : سنرافقكما في البحث عنه ؟ خِيرَكْ ساَبَقْ مْعَنَا أللالة شلحة . يتمايل في مشيته وقنينة النبيذ بيده اليمنى، شدها من عنقها. ووراءه يتبعه كلبه ‘’ بروسلي ‘’ يتحرك بين اليقظة والنوم . وبين خطوة وخطوة يتجرع من فم القنينة . وبصوت أقرب الى الغضب يخاطب ديبا :
ـ خد …. جُغْمَ (جرعة) واحدة . جُغْمَ….. إيهْ …..فُوقْها نَقْطَعْ لدينْ إيماكْ حَنْجُرْتَكْ ….جُغْمَ….
ودخلنا إلى المقبرة .
على ضـوء بطارية تيجر بدء البـحث عنه بين الأشجار والقبور. وبـعد وقت زمني وفجأة إرتفع صـوت ديبا بالصراخ : ـ مِّي شلحة هاهو أمْكَرْبَعْ هنا . وركضنا جميعا نحو ديبا .
مشهد رهيب !
أبي… سرواله وصل إلى ركبتيه …. يحضن….يحضن جثمان عجوز دفنت في مساء يومها .ومن حيت لاندري حول كل واحد منا نظره إلى مكان ما من المقبرة . إلا أمي .
وردد تيجر لازمة أبيه سي إبراهيم : لاحول ولاقوة إلا بالله العظيم . ورشف جرعات متتالية ، الشيء الذي أغضب ديبا ودفعه إلى الإحتجاج : ـ شْرَبْتِ خمسة جُغْمَاتْ أتيجرْ . ـ أُسُقْ أُمَّكْ ( وهل هذا شغل أمك ) ياكْ أنا لِقَوَرْتُ ( أنا الذي تعب من أجل الحصول عليه ) ـ لحاجة للاشريفة القوادة لِشْرَتُ وأنا لِتْسَخَرْتُ . ـ فُمَّكْ خَانَزْ أبْحَالْ ثُقبْ طيزَكْ……هاكْ . قال ديبا بهمس شديد : ـ شَفْتيهْ….سي الرْقيبْ خَشِي نَمُّو في….. ودون أن يلتفتا إلى الوراء، إلى مكان سقوطه إنفجرا بالضحك. ومن حيت لاأدري شاركتهما الضحك إلا أمي قاطعتنا .
ـ الضحك في المقبرة حرام . وخاطبتني وهي تناولني ورقة مطوية ومبللة ، عثرت عليها في جيب سرواله الخلفي . ـ شوفْ أَشْ مَكْتُوبْ هْنا ؟ على ضوء بطارية تيجر اليدوية ، وبعد أن تمكنت من فتح طيها . إنتبهت أن المكتوب أغنية لمطرب عربي . وعنوانها ‘’ عش أنت ‘’ ومن حيت لاأدري شعرت بدبيب تقاسيم أوثارالعود في نفسي. ربما حالة الجوالممطر وعنف المشهد ولَّـد في نفسي رغبة الغناء و ارتفع صوتي متمايلا مع أنغام الكلمات ورافقني تيجر وديبا بتشكيل الإيقاع الموسيقي بالفم .
وفجأة.!!!!
دخلنا في صمت عميق ، تبادلنا النظرات وانفجرت أعماقنا بقهقهة مديـــــــــــــــــديدة ….
#عبد_الحق_طوع (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
فصل من رواية عين العدم ( ليلة إغتصابي ...ليلة موت العالم في
...
-
فصل من رواية عين العدم
-
مسرحية قصيرة جدا...جدا
-
عين العدم ( 3) فصل من رواية
-
( عين العدم ) رواية : الفصل 1 2
المزيد.....
-
من باريس إلى عمّان .. -النجمات- معرض يحتفي برائدات الفن والم
...
-
الإعلان عن النسخة الثالثة من «ملتقى تعبير الأدبي» في دبي
-
ندوة خاصة حول جائزة الشيخ حمد للترجمة في معرض الكويت الدولي
...
-
حفل ختام النسخة الخامسة عشرة من مهرجان العين للكتاب
-
مش هتقدر تغمض عينيك “تردد قناة روتانا سينما الجديد 2025” ..
...
-
مش هتقدر تبطل ضحك “تردد قناة ميلودي أفلام 2025” .. تعرض أفلا
...
-
وفاة الأديب الجنوب أفريقي بريتنباخ المناهض لنظام الفصل العنص
...
-
شاهد إضاءة شجرة عيد الميلاد العملاقة في لشبونة ومليونا مصباح
...
-
فيينا تضيف معرض مشترك للفنانين سعدون والعزاوي
-
قدّم -دقوا على الخشب- وعمل مع سيد مكاوي.. رحيل الفنان السوري
...
المزيد.....
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
المزيد.....
|