|
من ذاك العمق قد صرخت- الشاعرة العبرية داليا رافيكوفيتش
أنوار سرحان
الحوار المتمدن-العدد: 2034 - 2007 / 9 / 10 - 12:33
المحور:
الادب والفن
ولدت الأديبة والشاعرة داليا رافيكوفيتش عام 1936 ، في رمات جان . وقبل أن تُتمّ السادسة من عمرها فقدت والدها فانعكس هذا الأمر في كثير من كتاباتها .تابعت دراستها في جامعة القدس وعملت كمعلمة عدة سنوات. نشرت كتاباتها وأشعارها منذ الخمسينيات فتميّزت بالحلم والرومنسية .. لكنها منذ العام 1982 (الحرب على لبنان) نحت منحى سياسيا بارزا في إبداعاتها ، التي اصطبغت بصبغة سياسية وإنسانية قوية تماهت مع وجع الشعب الفلسطيني واللبناني ، ومع آلامهم الإنسانية . فعُرفت كمناصرة مميزة وبارزة للقضية الفلسطينية ومناهضة للاحتلال وداعية إلى السلام. وقد تعرّضت لهجمة شرسة بعد أن نشرت مونولوجا بلسان شاب فلسطيني في طريقه لعملية انتحارية (تماهيا مع معاناة الشعب الفلسطيني) ، فاتّهمت من قِبل الكثيرين (حتى من اليساريين ) ، بتشجيعها للعمليات التفجيرية. عُرفت عنها حساسيتها المفرطة ، وميولها لحالات الكآبة ، وقيل إنها حاولت الانتحار أكثر من مرة ، مما اعتُبر دليلا على انتحارها يوم وُجدت في شقتها وقد فارقت الحياة بتاريخ 21-08-2005. رغم أن الكثيرين من أصدقائها رفضوا التسليم بأن موتها كان انتحارا. بعد وفاتها كُتب الكثير عن أدبها في الصحافة الإسرائيلية دون التعمّق في دورها النضالي لدعم السلام.
كتبت داليا رافيكوفيتش القصة القصيرة ، والشعر ، وقصص الأطفال ، كما ترجمت كتبا أخرى إلى العبرية. فيما يلي بعض من أشعارها .
الرضيع لا يُقتل مرتين إلى البِرك المراقة.. في صبرا وشاتيلا حيث نقلتم كمياتٍ من البشر -كانت تستحقّ الاحترام- من العالم الحي.. إلى العالم الحق..
******
ليلةً إثر ليلة : بدايةً.. رصاصاتهم أطلقوا ثم الضحايا علّقوا وأخيرا... ذبحوا بالسكاكين. نساءٌ مذهولات.. ظهرن مستنجدات من فوق التلال المعفّرة "إنهم يذبحوننا هناك.. في شاتيلا ! *****
طرف هلالٍ صغيرٍ تعلّق في فضاء المخيمات وجنودنا بالنيران .. أضاءوا تلك السماوات ...
"إلى مخيم مارش!! عودوا ".. أمر الجندي النساءَ المستصرخات..من صبرا وشاتيلا فلديه أوامر لا بد أن يؤديها.. والأطفال .... قد ألقوا هناك ...إلى برك القاذورات فاغرة أفواههم... ساكنين.. لن يمسهم أحد بسوء فالرضيع.. لا يُقتل مرتين!
وطرف الهلال اتّسع وامتلأ غدا بدرا ذهبيا واكتمل
******* أما جنودنا الأعزاء. فلم تكن لأنفسهم غايةٌ ترام سوى رغبةٍ جبارة أن يعودوا إلى البيت بسلام
STONES
Stones ...يعني حجارة. لماذا قلت stones ? لماذا رميت stones ؟ لِمَ أيها الطفل أنت هنا واقف ؟ لِمَ ترمي على الجنود stones؟ كيف تبدو غير خائف؟ لِم لا تقلق لغدك... ولا تخشى القادم من أيامك ؟ لماذا قلت stones ؟؟ لماذا stones هي كلّ ما في بالك؟؟ بل ويديك؟؟ ومن أين تأتيك كل هذي الخفة في قدميك؟؟
ما الذي تعنيه أصلا ب stones ؟ للتو قلنا stones طفلٌ في السابعة ، العاشرة التاسعة الثانية عشر.. كلّهم يُلقون stones .....
في جبهةٍ يصطفّون إذ من بين الأزقّة يطلّون. بأيدٍ ممتلئة.. وأجسادٍ مرحةٍ منطلقة. لا يشغل أذهانهم شيءٌ سوى ال stones !! وتكون فرحتهم عظيمة ! ربما بالهرب أيضا يفوزون.. و كجراداتٍ بين ثغورٍ خفيّةٍ يفرّون.. ويكون يومهم "الله أكبر" يوما من ال stones !
وما بين توقيفٍ أو اعتقال ربما أيضا ضربةٌ من هراوةٍ تأتيهم و بجرحٍ في الرأس يصابون ربما تُكسَّر أياديهم كل الاحتمالات لديهم واردة. , stones, stones , stones أطفال أطفال أطفال أطفال
عودوا إلى البيت يا أطفال كيف ستحيون هكذا؟؟؟ دون بعضٍ من سكون؟؟
حكاية العربيّ الذي مات احتراقا
حين التقطت النار جسده .. لم يأتِ ذلك بالتدريج لم تسبقه نوبةٌ حرارية.. ولا موجةُ دخانٍ خانق ولا غرفةٌ كجاورةٌ يلوذ بها أمسكته النار فورا ! ليس لهذا مثيل قشّرَت ثيابه تشبّثَت بلحمه..
أعصابُ الجلد أصيبت أولا والشَّعر غدا طعاماً للنيران "ربّي.. إني أحترق!!".. قد صرخ!!! هذا كل ما أمكنه أن يفعل دفاعا عن ذاته. قد اشتعل اللحمُ مع كُتل السقيفة تلك التي شكّلت بداية الحريق لم يعد يملك وعيا.. والنارُ التي اقتاتت على اللحم أخرسَت إحساسَه بالمستقبل وبذكريات عائلته. قد فقدَ ارتباطه بطفولته فصرخ دون حدودٍ من عقل
وفقدَ ارتباطه بكل عائلته فلم يطلب انتقاما، ولا خلاصا ، ليرى الفجر القادم لم يطلب سوى التوقف عن الاشتعال لكن جسده كان قوتاً للحريق.. وبدا مقيَّدا ومكبَّلا. لكنه لم يفكر حتى في هذا !
عنوةً.. ازداد جسده اشتعالا.. جسده المصنوع من لحم وشحوم وعروق.. اشتعل واشتعل زمنا طويلا فخرجت من حلقه أصواتٌ لا إنسانية لأن مهامَّ إنسانيةً كثيرةً قد تعطلت لديه نزعوا الآلام التي تسوقها الأعصاب بضرباتِ كهربائيةٍ لمركز الألم في الدماغ… لكن هذا لم يدم أكثر من يومٍ واحد كم هو رائعٌ أنّ روحه فارقته في ذاك اليوم فقد آن له أن يستريح. 1936-2005
#أنوار_سرحان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
رواية -الأسير- ليزهار سميلانسكي
-
من رواية خربة خزعة
-
الدخلة والقربان
المزيد.....
-
رشيد مشهراوي: السينما وطن لا يستطيع أحد احتلاله بالنسبة للفل
...
-
-هاري-الأمير المفقود-.. وثائقي جديد يثير الجدل قبل عرضه في أ
...
-
-جزيرة العرائس- باستضافة موسكو لأول مرة
-
-هواة الطوابع- الروسي يعرض في مهرجان القاهرة السينمائي
-
عن فلسفة النبوغ الشعري وأسباب التردي.. كيف نعرف أصناف الشعرا
...
-
-أجواء كانت مشحونة بالحيوية-.. صعود وهبوط السينما في المغرب
...
-
الكوفية: حكاية قماش نسجت الهوية الفلسطينية منذ الثورة الكبرى
...
-
رحيل الكوميدي المصري عادل الفار بعد صراع مع المرض
-
-ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
-
-قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|