|
بعض من ألم وعبرة
محمد البيتاوي
الحوار المتمدن-العدد: 2036 - 2007 / 9 / 12 - 09:28
المحور:
الادب والفن
جاملني وإلا...
يقولون: "إن اختلاف الرأي لا يفسد للود قضية".. ورغم صدق هذه المقولة إلا أن البعض يرغب في تجاوزها عندما يصبح الأمر يعنيه بشكل مباشر.. قلت: سوف تستمر صداقتنا رغم اختلاف وجهات نظرنا.. قال: كيف وأنت تتعامل معي بقاعدة خالف تعرف.؟ قلت: هل يجب أن أكون صدى لصوتك حتى تتغير نظرتك إلي؟ قال: أنا لم أقل هذا، ولكنك تحب دائمًا أن تخالفني الرأي.. قلت: عندما أخالفك الرأي ماذا تكون النتائج؟ قال: أعرف بأنك غالباً ما تكون على صواب، وإن هذا ما يفقدني صوابي.. قلت: لأنك تسمح لعواطفك أن تتحكم في وجهات نظرك.. فلا حاجة للعناد.. قال: المهم يجب أن تأخذ بوجهة نظري ولو من باب المجاملة.. ألست صديقك كما تدعي يا أخي؟ قلت: أتكون المجاملة على حساب الحق والمنطق والحقيقية؟! قال: ولو... فهززت رأسي، ثم قطعت باقي المشوار، وأنا أسير إلى جواره في صمت مطبق.. حاول أن يفتح كثيرًا من المواضيع، ولكن صمتي كان أعمق..
بيئــــــــــــة
البعض يقرأ أنصاف الجمل، ليكون انطباعًا حول موضوع ما، ومنهم من يستمع إلى أنصاف الجمل، فيفتي قبل أن يستمع إلى باقي الجملة.. واليوم، عندما وجدها مصرة على فهم الأمور بشكل غريب، من وجهة نظرها الخاصة، نتيجة قراءة خاطئة، لم تلتفت فيها إلى زوايا كثيرة مطروقة في الموضوع . وبع تردد ، وجد نفسه يقول في طيبة: - اللي في ايده المغرفة ما بجوع.. وبدون مقدمات، اربدت النظرة في عينيها، وتقلصت ملامح وجهها غضبًا وهي تقول بلهجة لم تخل من احتقار وازدراء: - استغرب أن أسمع قولاً كهذا من شخص مثقف مثلك.. إنه كلام بيئة.. - غَرَّبَت الأفكار وشرَّقت في رأسه بحثًا عما أغاظها في المثل الشعبي الذي يطلق في اليوم مئات المرات توصيفًا للوضع الذي هما فيه، ولكنه لم يجد.. وبحث عن سبب لتحقيره ولهذا الكم من الازدراء الذي ناءت به عبارتها.. ولكنه أيضًا لم يجد، ثم أخذ يبحث عن معنى كلمة مغرفة ، فلربما كانت تعني شيئًا آخر غير ملعقة كبيرة لتحريك الحساء في القدور، وعندما أعياه النبش في الذاكرة قال والدهشة تستولي على ملاح وجهه:
- أيمكن أن تكون كل هذه الثورة، بكل ملحقاتها، ناتجة عن سماعك مثلاً شعبيًا دارجًا.. فقالت في تقزز: - شيء مقرف.. أمثلي من يقال لها مغرفة وكلام ناقص؟! - فضحك حتى استلقى على قفاه، ثم تركها تلوك نفسها دون أن يردف بحرف.. صحيح لبس البوصة تصبح عروسه، واللي بدري بدري واللي ما بدري بقول كف عدس..
قلائــــد حمــــــر
هناك،
حيث مقام الشيخ اسعيد..
كان صبي يرعى سخلين يعدهما والده ليضحي بهما في العيد. تسلق جذع الخروبة المعمرة، القائمة بالقرب من المقام، والتي تظلل جزءًا كبيرًا منه، وراح يقطف قرون الخروب، ويلقي بها إليهما ، فأخذا يتلقفانها قبل أن تصل إلى الأرض.. وكان يردد لهما بصوته الأخنف:
- كنن قنن قنن وخنين لأخوكن قنن قنن وإلا بلبسكن قنايد حمر.. - فقد كان قد ترك سخلاً ثالثًا في البيت، لأنه لا ينسجم مع الاثنين، إذ يتمتع بشيء من القوة والشراسة والفحولة ، إلا أن طعم الخروب بما يحويه من سكر طبيعي، لم يترك للسخلين فرصة التقاط الأنفاس، هذا لو افترضنا جدلاً بأنهما فهما مطلبه. كأنا يلتهمان بشراهة مما أغضب الراعي الصبي الذي تهدجت أوداجه، وراح يرغي ويزيد وهو يشهر سكينه، ليبدأ بجز الرقاب الجشعة النهمة، التي لم تعبأ بتعليماته، ولم تدع شيئًا من الخروب للتيس الذي بقي في ذلك اليوم في البيت، ولو جاء لحرمهما أصلاً من الاقتراب إلى هذه الوليمة.
- أنا قنت قنن قنن وخنين لأخوكن قنن قنن وإلا بلبسكن قنايد حمر.. وها.. هاي أون اقناده إنك يا بن المفجوعة.. وهاي الثانية إنك.. - وعندما عاد إلى مسكنه وسئل عن السخلين قال:
- ما ردين علي.. فنبستهن قنايد حمر.. نوحو هاتوهن، من تحت الخنوبه.. - ولطمت الأم الخدود وقدت الجيوب، وشد الأب الشعر حتى نتفه وهو يقول:
- الله عليك.. الله عليك.. ما قدرت اتهش عليهن بالعصاية.. ربيناهن كل هالوقت حتى تذبحهن والعيد باقي عليه أسبوع.. شو أسوي فيك.. شو أسوي.. فقال الصبي الأخنف الذي كان يعاني من إعاقة عقلية أيضًا إضافة للخنف في تذمر:
- مش أتت اني ما بند عنيك بتضنبه.؟
- آه.. ضرب مش ذبح.. فقام الأب يجر أذيال خيبته، والأم ما برحت تندب بختها.. وللحظة، فكر الأب في قتل ولده والخلاص منه، ولكنه استعاذ بالله من الشيطان الرجيم وهو يردد لنفسه: - الحق عليَّ.. إللي بسلم رقبته لجاهل، بيصير له أكثر من هيك كمان.. وكيف لما يكون خالص من رحمة ربه؟
#محمد_البيتاوي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هذيان خارج النص
-
حواريات في الحب
-
مقطع من رواية : اوراق خريفية
-
الصوت والصدى
-
بقايا من ثمالة
-
قصص قصيرة
المزيد.....
-
-قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
-
مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
-
فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة
...
-
جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس
...
-
أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
-
طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
-
ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف
...
-
24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات
...
-
معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
-
بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|