أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - طيف غسان - خانات العهر















المزيد.....

خانات العهر


طيف غسان

الحوار المتمدن-العدد: 2033 - 2007 / 9 / 9 - 08:33
المحور: الادب والفن
    


بعد دفقة احباط , والتي تثبت أبدية الملل الحياتي الذي تعيشه, والذي يتشكل بمختلف الترتيبات , دون التخلي عن موتيفاته الأساسية , تفتح صفحة فارغة على الحاسب . تحضر كيس اللب ,الذي اخفته بعيدا, في محاولة لتنظيم التهامها لربع كيلو في ساعات معدودة , آملة ان تستطيع الاكتفاء بكمية قليلة لا ترهقها, ولا تحول دمائها لملح ,وفي نفس الوقت لا تفقد لسانها لذه الاستمتاع بطعم واحدة اللب.

تؤكد ان انغماسها في وصف علاقتها بربع كيلو اللب حيلة معتادة على الاختفاء في التفاصيل المحايدة, واصطناع التجديد في كتابة القصة . كان اللجوء للكتابة هروبا آخر . لابد من اخراج شحنة الاحباط ,وما ترتب عليها, ولا يوجد ما هو اسمى من الكتابة ,وفي الواقع وأضمن .

هي تمتلك الجهاز واليدين والرغبة في التنفيس . ما لا تمتلكه حقا هو آخر يخفف عنها . تتباعد الرغبة في الكتابة وتقترب رهنا بحالتها المزاجية , ولتكن دقيقة , أو رهنا بمدى اقترابها من ذاتها أو بعدها عنها. لنقل حجم استلابها في الآخرين أو الآخر , لأنه في العادة لا يوجد آخرين . دائما هو آخر واحد فقط , وأحيانا كثيرة يكون تكوينه الذهني أكبر مساحة من تكوينه الواقعي.


تفننها في تشبيك الكلمات يريحها, لن تهتم أثناء الكتابة بردود الأفعال المستفزة لمن يقرئها , ولا بتخيل استجابات الآخرين , خاصة من يطفون على سطح أيامها . أن تكون مستفزة هو ما تنشده دائما . ما يشغلها الآن وفعلا هو كيف تشكل أركان القصة . تكتب عنها بضمير الغائب , وترسم عالم غرائبي , أم تصرح بكل تفاصيلها بنفس الذهنية المحايدة المنغمسة. أن تخلق جوا أدبيا لكي لا تُتهم بالضعف, أم لا تهتم سوي بإخراج دفقة الاحباط كما هي, دون حيل أدبية مفتعلة.


ما هو مدخل القصة , وما هي في الواقع الأفكار التي ترغب في توصيلها؟ دوما ما كانت لا تحمل أفكارا, هي تحمل فقط دفقات احباط - خوف - يأس, هي الأن حتى لا تجيد لعبة التشويق , ولا تمسك بخيوط القصة كما كانت تشعر في السابق .

ستشغل بالها بوضع نفسها في خانة من خانات العاهرة المتعددة.
-كيفه
- هو مين
-ك...
هكذا قال لها أحدهم على الماسنجر بعد أن اضافها. تعتقد أن ذلك بسبب قصصها المنشورة . لم يجدِ سبه في محو حالة الاحباط التي انتابتها.وأيضا الأفكار المسكنة التي تقرر أن ما يجر ي من معاكسات على الانترنت نتيجة للكبت السائد, والثقافة السائدة ,والفقر السائد ,وكل ما هو سائد في الحياة.

اية خانة تضع نفسها وبإرداتها حتى لا يجبرها أحد. لن تشغل بالها بعرض ثقافي للمعاني المختلفة للعهر , وتنظير طالما تمسكت به لتحفظ توازنها النفسي. في النهاية هي عاهرة بمعنى ما . ولن يندرج ذلك تحت إطار استلاب الانسان المقهور , وتبني الصورة الذهنية التي رسمها له قاهره.

أن تعلن حريتها في أن تضاجع من تشاء , وتضع حدودا ما تخصها وحدها لا يعني نفي عهرها, بل يؤكده بمعنى ما.. فكرة أن تكون لها رغبة في أن تضاجع هي عهر.. وأيضا أن تختار من تشاركه تلك اللحظة , وفقا لشروطها هي لا لشروط الجماعة.


خانة العاهرة المأجورة لا تصلح , لأنها دوما ما كانت تتجنب تعمدا أن تكون تابعة اقتصاديا لرجل . تؤكد على استقلاليتها المادية حتى في أسوأ مراحل حياتها . حتى في المرة الوحيدة التي تزوجت فيها كانت تساهم بأكثر مما يساهم زوجها في دخل الأسرة ,لأنه في الواقع كان لا يعمل , ويعتمد على منح أمه التي تعطيها له لتراه .
هي أبعد ما تكون عن خانة العاهرة المأجورة , والتي كانت تمثل لها دوما شبحا مخيفا , فهي في تنظيراتها حول العاهرة , لكي تحفظ توازنها النفسي , كانت تؤكد أن العهر يعني الجنس بمقابل مادي , أو حتى الحب بغرض ما خارجه. لذا انتابتها فوبيا نقود الرجل ,كانت تتجنبها بأقصى ما تستطيع , حتى تحافظ على صورتها الذهنية عن نفسها , وعندما اضطرت أن تعيد التنظير , وأن تخفف من حدة احتقارها للعاهرة المأجورة, لتستطيع أن تتعامل معها في ظل فرصة عمل جديدة , تتمثل في توعية العاهرات بالامراض الجنسية وطرق الوقاية منها. رغم التناقض النفسي الذي حدث في البداية. وافتعال قبولا ما , لكنها استقرت وبشكل نهائي أن التبعية لرجل هي العهر بعينه.


خانة أخرى للعاهرة النهمة , تلك المرأة التي تعشق المضاجعة , ولأجل ذلك تضاجع أكثر من رجل . لا تعلم موقفها النفسي منها . أحيانا تتعاطف ,وأحيانا ترفض , لكنها أيضا لا تنضم لهذه الخانة ,لأنها تستقر بوجود رجل واحد , يشعرها ذلك بأمان أكثر , أن تعتاد جسده ورائحته وصوته , أن تغمض عينيها وتتعرف على كل ذلك دون جهد, ويستدعي حضوره حالة أمان أبدي .

خانة أخرى للعاهرة الاجتماعية تلك, التي ترضى أن تسلم أمرها لرجل يشتريها , وفقا لشروط الجماعة , وتضطر , رغم الظروف , أن تنصاع له لاعتبارات كثيرة , ترضى بما يقدمه لها من جنس أحادي , قد لا تصل فيه ,في أحيان كثيرة, إلى قمة الاشباع , وتصبر على مضاجعته لأخريات, بدعوى أنها امرأة أصيلة ,لا تهجر زوجها. تربي الأطفال على الأخلاق , وعلى فضيلة أن تكره الفتاة المضاجعة , لن تستطيع أيضا أن تنضم لهذه الخانة , لأنها بتمردها في الزواج الأول على شروط الجماعة , قطعت على نفسها طريق الزواج الصالح الاجتماعي . هي تخرج من هذه الخانة جبرا رغم شوقها الشديد – خاصة في حالات اليأس القصوى- لأن تنضم لهذه الخانة , لتتمتع بميزات العاهرة الاجتماعية , وأولها أن تحتمى برجل وتختفي فيه ,أن يقوم عنها بكل المهام الصعبة , ويدجنها في بيته , تمشي معه في الشارع ليلا دون خوف , وتتباهي بأطفاله على كتفها , والذين يمنحونها شرف الأمومة السماوي.
مراوحة الرغبة في الانضمام إلى هذه الخانة هي ما تثبت الخلل .كثيرا ما تتشدق بتناقض الرجل في مواقفه تجاه المرأة , تقصد بالطبع الرجل الذي يعلن مناصرة المرأة , لكنها تهرب من تناقضها هي , تتعامى عن رؤيته . قد تصدق وجوده عند احتساء البيرة مع صديقة تشبهها , يرددن سويا أنهن رغم تمردهن السابق ما زلن يحتفظن بتبعيتهن للرجل , والتي في الواقع لم يتخلين عنها في يوم من الايام . التمرد على الأب لا يعني التخلص من التبعية , يعني فقط استبدال سلطة بأخرى . تزوجت صديقتها , واستمرت في زواجها رغم هزاته الكثيرة , مُنحت شرف الأمومة السماوي , واحتفظت فقط بتحذيرات طنانة تقولها لها عندما تعلن رغبة في انجاب طفل:
- يا بنتي انك تخلفي ده اخر قرار هاتخديه في حياتك .
لا تنسى لصديقتها أنها حرضتها وبقوة على التخلص من طفلها في شهره الثالث , بدعوى أن إنجاب طفل هو أصل الشرور. في حين أنها انجبت بعد زواجها بفترة قليلة.


تبعيتها للرجل مكمن الخلل. في أية علاقة تدخلها يكون المحك المقاومة العنيفة لأي فعل يظهر التبعية , وتكون النتيجة أن يُعلن الرجل , بعد الفشل بفترة , أنها اصابته بعقدة, وجعلته يهرب من شبح تناقضه كذكر , فيضطر أن يكرهها بدلا من أن يكره نفسه.

خانة أخرى العاهرة المتمردة , تلك العاهرة التي تكره قيم الجماعة وتعلن الثورة .
رغم أنها تتمنى أن تنضم لهذه الخانة إلا أن بعض الصدق مع النفس يمنعها أن تدعي انضمامها لصفوف المتمردات العاهرات .قد تشبه تلك العاهرة في جرأة ما . في أن تعلن رفضها للسائد المتعفن . ما يبقى ليس بقليل. أن تتمثل . أن لا تصدق فقط استقلاليتها بل وتعيشها . كثيرا ما احتارت .ما يمنعها من تمثل استقلالها؟

اكتشفت في النهاية أن الامر ليس رهنا بها فقط. ولا بالعاهرات المتمردات اللاتي يملئن الخانة . ولا بشرط الاستقلال المادي الذي لا تفلح في استكمال منظومته. ليس الاستقلال المادي أن تعمل بأجر, بل أن تمتلك مكانا. لا أن تعيش مع الأب الذي تمردت عليه في السابق . وأن تمتلك مكانا ليس بالسهل , ولا يخضع فقط لوجود نقود تكفي . أن تعيش وحدها أيضا فكرة غير مقبولة في أطار طبقتها ...أشياء كثيرة في الخارج تحول دون اكتمال منظومة الاستقلال . وما هو بالداخل خوف شديد , وثبات لا يدوم , وعنجهية مستمدة من جمل تنظيرية , استمدتها من كتب قديمة.. أن تقف في المنتصف ترى هل هو العهر بعينه. لا ترضى بالاندماج الكامل في الرجل . ولا تتخلى عن حلم الاختباء.

اذن هي في خانة العاهرة بلا هوية. عاهرة تنتظر توصيف لها.

تغلق الصفحة التي اصبحت ممتلئة الآن , وترمى بكيس اللب الفارغ في السلة, وتظل تتصل به على الهاتف لتقرأ له ما كتبت , لكنه كما العادة مشغول.......



#طيف_غسان (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دفا للأحلام الشتوية
- مشهد اغواء


المزيد.....




- فصل سلاف فواخرجي من نقابة فناني سوريا
- -بيت مال القدس- تقارب موضوع ترسيخ المعرفة بعناصر الثقافة الم ...
- الكوميدي الأميركي نيت بارغاتزي يقدم حفل توزيع جوائز إيمي
- نقابة الفنانين السوريين تشطب سلاف فواخرجي بسبب بشار الاسد!! ...
- -قصص تروى وتروى-.. مهرجان -أفلام السعودية- بدورته الـ11
- مناظرة افتراضية تكشف ما يحرّك حياتنا... الطباعة أم GPS؟
- معرض مسقط للكتاب يراهن على شغف القراءة في مواجهة ارتفاع الحر ...
- علاء مبارك يهاجم ممارسات فنانين مصريين
- وزير الثقافة التركي: يجب تحويل غوبكلي تبه الأثرية إلى علامة ...
- فيلم -استنساخ-.. غياب المنطق والهلع من الذكاء الاصطناعي


المزيد.....

- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - طيف غسان - خانات العهر