|
لا مجتمع مدني حقيقي في ظل الاحتلال وحكوماته المتعاقبة في العراق !
جمال محمد تقي
الحوار المتمدن-العدد: 2025 - 2007 / 9 / 1 - 10:33
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
اسهال شعاراتي مزمن يرافقه سيلان منفلت في التجاوز على الفكرة وواقعها متجسدا في افراغ المعاني من معانيها ، فالاعراب في اللغات غير المحتلة مفصل فاصل بين الفعل الناقص والكامل ، بين الحروف وتنقيطها ، بين الساكن والمتحرك ، العلة والمعلول ، اللغة وعاء للتفكير والتدبير ، وهي لسان حالهما ، في اللغة غير المحتلة صفة لموصوف ، وحال فاعل ، وتمييز له . اما اللغة المحتلة فهي تقليد ببغاوي لا موقع للاعراب فيه ، ولا قواعد ولا مخارج ومداخل للاصوات ، الحروف كلها ساكنة كالاموات ، تراكيب ركيكة ، افعال ناقصة ، لا صلة فيها ولا موصول ، لا جار ولا مجرور ، ليس فيها لكان وان اخوات ، جلد ميت للغة لا تحس بها الا وكانها هتاف بارد لا صدى له ، شعارات ملقطة ، كبضاعة يمكن ان يشتريها ويبيعها من لا يعنيها ، تقليد تجاري هدفه الربحي هو التهويش على الاصل وتشويهه والنزول بقدراته الى حضيض من التسفيه املا بانحطاط الفكر واحتلاله بعد بوار ترابه ، لغة قواميس ومعاجم معلبة ، لغة مترجمة ومبرمجة الكترونيا لا روح لها !
شعارات فارغة تجدها ملصقة على كل حيطان واسوار وحواجز المنطقة الخضراء وتوابعها من مثل : منظمات المجتمع المدني ، الديمقراطية ، التعددية ، حقوق الانسان ، الاستفتاء ، الانتخابات ، حرية الصحافة ، النزاهة ، الشفافية ، الفدرالية ، وهلمجرا ، اما خلف الجدران الاسمنتية حيث المقرات فهناك تجد التجسيد الحي لكل نقائض شعاراتهم ، هناك تجد السفير الامريكي مندوب سامي ، تجد قائد الجيش الامريكي هو الحاكم بامره ميدانيا ، تجد اشباه العراقيين من مسؤولين وقادة يتجاورون مع المحتلين ويتسابقون لارضائهم وينافقون على بعضهم لزيادة حصصهم التي تقسم على اساس ديمقراطي من النوع غير المألوف ، افراد يمثلون كتل بشرية رصت تحت مسميات طائفية وعنصرية ، افراد يملكون ميليشيات واموال سرقوها وبعضها اغدقها عليهم المحتل ذاته ليكونوا واجهته التي سيصوت لها الشعب، بعد تجويعه وتخويفه بالدنيا والاخرة بل وتقطيعه ونهشه وتدويخه وتضليله ودغدغت شجونه بالايات وفتواها والاغوات وسلطان الاقطاع وسطوته ، واقامت لهم دورات للتجميل والتطبيل ليظهروا في مضمار سباق المحاصصة وجوها محمصة بالزيت الديمقراطي ذا النكهة الكاريكاتيرية !
فعل الاحتلال بذاته هو ممارسة غير مدنية ، فكيف في ظله وتحت رحمته وبدعمه تنبثق منظمات حقيقية للمجتمع المدني ؟ الاحتلال هدم البنى التحتية للمجتمع المدني ـ الاقتصاد ، الصحة ، التعليم ، الخدمات ، الامن ـ واشاع الفوضى وهي العدو اللدود للمجتمع المدني ، فمن يصدق مايذهب اليه اصحاب منظمات المجتمع المدني البريمري الا المستفيدين من عطاياها وجلهم من سكان المنطقة الخضراء او من المرشدين السياحيين من العراقيين اصحاب البزنز واصحاب الثلاث جنسيات !
اي مجتمع مدني بدون نقابات واتحادات اهلية ومهنية حقيقية اكذوبة كبرى : اين نقابة الفنانين ؟ اذا كان معظمهم قد هاجر او هجر واخذ القسم الاكبر منهم يعمل في بلاد الجوار ، فالدرما العراقية تنتج خارج العراق وكذلك الاغنية وو ! اين نقابة المحامين ؟ تحت التهديد والوعيد والقتل والتشريد لم يبقى سوى الصامتون والسائرون بالركاب من اشباه القائمين على المحكمة المسخرة التي تتواصل فصولها حتى الان ، ورغم ذلك كله استطاع شرفاء المهنة عرقلة محاولاتهم لتشكيل كيان هزيل تابع لحكومة الاحتلال تسمى جزافا نقابة المحامين ، نجد ان نكرة وصولية مثل طارق حرب من يتقدم الصفوف الانتهازية على انه خبير اصحاب المهنة ، اي اقدار تلك التي تجعل من المحاماة في العراق هذه المدرسة الوطنية مطية تسير بمن يركبها حتى لو كان المجرم ذاته ! بلاد ليس فيها قانون لا قيمة للمحاماة فيها ! اين نقابة المعلمين ؟ هذه النقابة المليونية التي كان يخشاها الملوك والرؤساء والوزراء ! اين نقابة الصحفيين ؟ بعد ان قتل منهم ومنذ احتلال العراق وحتى الان اكثر من 250 صحفي ومراسل ومصور ! اين نقابات العمال ؟ اذا سمع كل وزير من وزراء الاحتلال بكلمة نقابة ويضع يده على مسدسه كما كان يفعل غوبلز اذا سمع بكلمة ثقافة فهل هناك حق نقابي مكفول ؟ تحديدا هنا الوزير الشهرستاني ذا الجيوب الانفية والنفطية ، والذي حرم وجرم العمل النقابي في اي منشأة نفطية بذريعة "لا تقرب عود الثقاب من البنزين" خاصة وان البلاد مقدمة على معركة تمرير قانون النفط والغاز الجديد ! اذا كان الاضراب جريمة ، والتظاهر جريمة ، والمعارضة الجذرية جريمة ، فعن اي مجتمع مدني تتحدثون ؟ اين نقابات المهندسين المدنيين والزراعيين والاطباء والصيادلة وذوي المهن الصحية ؟ اذا هاجر او هج اغلبهم فعن اي نقابات تتحدثون ؟ اين اتحاد الادباء ؟ فاضل ثامر وبعض من الصغار في الوسط الثقافي العريق ، والذين خلت الساحة لهم شكلوا اتحادهم الذي هو شريك منبوذ في العملية المقاولاتية الجارية ، فرغم تبعيته لكن رجالات العملية السياسية مشغولون بما هو اهم من الثقافة والعلم والادب والذوق والرأي العام بامور الدولة وحماية الوطن والمواطن ! حتى اخذ الاتحاد يستجدي المعونات فتبرع لهم الرئيس الفدرالي بمبلغ 200 الف دولار قال بعدها السيد ياسين النصير : ارجعوها للرئيس ليصرفها على الولائم ، عيب عليكم ان تتقبلوا هذه الاهانة المخجلة ! . علما ان السيد ياسين هو من الموالين للعملية السياسية ! اين الاتحادات ؟ النسوية والطلابية والرياضية ؟ لاحاجة لهم بها فهي موجودة صورة فقط ، يكفي ان تظهر السيدة ميسون الدملوجي او صفية السهيل او هناء بوشو ليعلم العالم ان في العراق حركة نسوية حقيقية ، تدافع عن حقوق المرأة في سجون الاحتلال وتدافع عن الارامل والايتام وعن حقوق ضحايا القتل الامريكي والميليشياوي التابع له ، وبطبيعة الحال ففي العراق اليوم وزارة لحقوق الانسان وهذا مكسب مدني يعجز اللسان عن وصفه بحيث صار لا يوصف ابدا لانه لا يشغل اي حيز من الوجود ! ويكفي ان يعلم العالم بان احمد الحجية واكثر من نصف اعضاء اللجنة الاولمبية مختطفين حتى هذه الساعة واصابع الاتهام موجهة الى وزير الرياضة والشباب ، ليباركوا هذا المد المدني الذي زرعه حاكم الادارة المدنية بول بريمر ومن تابع نهجه من بعده ! في عهد بريمر تشكل تجمع مركزي لمنظمات المجتمع المدني في بغداد وخصص له مقر في شارع الرشيد تحت اشراف مستشارين امريكان وتسابق المتسابقون للحصول على موطيء قدم في عضويتها التي كانت تعني دعم مالي وانخراط في دورات ومؤتمرات خارج العراق ، فشكلت العديد من الاحزاب منظمات عديدة وتقدمت بنظام داخلي وبرنامج وتقرير عن نشاطها وفعلا حصلت اكثر من 250 منظمة وهمية وحزبية وميليشياوية بازياء مدنية على دعم يقدر بحوالي 40 مليون دولار صرفت للمقرات والسفر والسرقات والاعلام ومن هذه المنظمات : مجلس السلم والتضامن العراقي ، انصار بغداد ، منظمة الامل ، رابطة المراة العراقية " النسخة البريمرية " ، منظمة بدر ، المرأة المسلمة ، اتحاد شباب العراق ، اتحاد طلبة العراق ، اتحاد نساء العراق !
#جمال_محمد_تقي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لينين يحث الشعب العراقي على مقاومة المحتلين !
-
نوري المالكي خادم الاحتلالين !
-
القرن امريكي !
-
الحلم الامبراطوري الكوني الامريكي حقيقة ام وهم ؟
-
فلسطين فينا شعورا ولا شعور!
-
من يكتب التاريخ ؟
-
اعضاء منتخبنا واللجوء !
-
الوطنية العراقية أم المنجزات !
-
الافتتان الطائفي ينخر عظام الوطنية العراقية !
-
بعد خراب البصرة اكتشفوا : لا سلاح للدمارالشامل في العراق!
-
من يصارع امريكا في العراق ؟
-
العراق ملجأ كبير للأيتام !
-
حزب ش ي ع ي بدون هوية وطنية ولا طبقية !
-
غزة تحك ظهرها !
-
نفس العضّة
-
مدارات متشابكة
-
يا عمال العراق اتحدوا بوجه محتليكم !
-
اهتمام اعلامي رسمي ملفت بذكرى هزيمة حزيران !
-
ملاحظة حول عنوان الكتاب الشهري 4 للحوار المتمدن !
-
قصائد ارهابية
المزيد.....
-
ماذا يعني إصدار مذكرات توقيف من الجنائية الدولية بحق نتانياه
...
-
هولندا: سنعتقل نتنياهو وغالانت
-
مصدر: مرتزقة فرنسيون أطلقوا النار على المدنيين في مدينة سيلي
...
-
مكتب نتنياهو يعلق على مذكرتي اعتقاله وغالانت
-
متى يكون الصداع علامة على مشكلة صحية خطيرة؟
-
الأسباب الأكثر شيوعا لعقم الرجال
-
-القسام- تعلن الإجهاز على 15 جنديا إسرائيليا في بيت لاهيا من
...
-
كأس -بيلي جين كينغ- للتنس: سيدات إيطاليا يحرزن اللقب
-
شاهد.. متهم يحطم جدار غرفة التحقيق ويحاول الهرب من الشرطة
-
-أصبح من التاريخ-.. مغردون يتفاعلون مع مقتل مؤرخ إسرائيلي بج
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|