أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حيان نيوف - كان اللقاء الأخير ...














المزيد.....

كان اللقاء الأخير ...


حيان نيوف

الحوار المتمدن-العدد: 621 - 2003 / 10 / 14 - 00:19
المحور: الادب والفن
    


... " وفوق وادي الجثث المقرف هذا
      يتحرك فيّ ألم ولكن دون أن يناله العطب ،
      يتحرك الفكر وكله حنين ولهيب متأجج ،
      يحارب الموت ويجعل نفسه خالدا ."
     
    من لعبة الكريات الزجاجية ،قصائد التلميذ والطالب ، أثناء قراءة فيلسوف قديم / هرمان هيسَه. 


كان اللقاء الأخير قبل أن أدفن راسي بين كفي لأبكي .

كانت لحظة حولتني لطفل، فراحت تتقاذفني الذكريات ،التي لا تذكرنا إلا لحظة الحاجة لدمعة، تخرج معها الروح والآهات . في هذه اللحظة تعزّزت لدي فكرة : كما يحتاج الإنسان رغيف الخبز والحرية فإنه يحتاج الدمعة التي تخرجه من غصّة أزلية .

كانت تحدثني أوراق الزعتر البري كيف تدق بابها قطرات الندى لترتاح عليها بعد شوط طويل من التعب في ليلة مظلمة . كانت تحدثني عن  حكايا العاشقين تحت أشجار الخرّوب ، وكيف يركض النواطير وراءهم . كانت تحدثني عن هروب العاشقين بحثا عن المكان بعد أن ضاقت بهم الدنيا وضاق بهم زمن التسكع على أرصفة الحب . ضاع المكان كما ضاع الباحثون عنه وأي مكان هذا بعد " الونّوسيّة " : " بلاد أضيق من الحب " !! . 

إنها ليست مرثية في قصة حب ، وليست تأملات رومانسية في نص رمزي غامض ... ففي زمن " تشييع العقل في تابوت الحرية ولبسه كفن التنوير " سيصعب علينا أن نجد منفذا أو ثقبا إلى النور إلا من خلال قلب ، حتى و لو كان منهكا ! . إنها كلمات تسير ببطئ على حافة النص ، فإن وقعَت في الجب وقعْت معها . إنها الانكسار النابع من داخلي ومن فوهة قلمي المحترق على بقايا ورق عتيق . فقد تغتالنا الأيام ، وقد يغتالنا القهر ، وربما نغتال أنفسنا ، أما أن تغتالنا لحظة اللقاء الأخير .. !

أقبض بيدي على كومة من الجمر لأصيّرها رمادا ، يشقه الحلم، كما تشق الشمس سجن الليل لتحرّر الفجر ، وأحمل مأساتي على كتفي سيرا على أوجاعي المبنية بحجارة الشرود المستحيل . أمشي وحيدا في شوارع البلاد بحثا عن وجهي بعد أن كسرت كل المرايا . كل الأبواب مغلقة على أصحابها ،منذ سنوات طويلة، قرروا فيها معاشرة العنكبوت والظلمة التي تنهش لحمنا وعقولنا وتأخذ ما يتبقى من عظامنا لأبنائها ..

كان اللقاء الأخير قبل أن أرجع وحيدا برفقة وجهي المزدحم بدمعة واحدة .. هي أنا !  .. وقبل أن تمسك بيدي الشوارع ،الطويلة العريضة، المزدحمة بذكريات ورائحة أناس ذهبوا وتركوا الشوارع فارغة لا تمشي فيها إلا الأحلام المتبقية من روائح تبغهم .. . ومضى الوقت ، وأنا أمشي ،متأثرا باللقاء الأخير الذي صيّرني إلى نصفين : النصف الأول رحل مع نهاية اللقاء الأخير ، والنصف الآخر اختطفته عقارب الساعة . كم كنت كاذبا وأنا أضحك لحظة اللقاء الأخير!! نعم كنت كاذبا لأنني ، ساعتها ، كنت أحترق مثل لفافة تبغ بلدي، لا يذهب دخانها إلى الهواء ، بل يجتمع في حلقي ليخنقني ببطئ شديد .

لقد التقينا لنفترق في مكان يفترق كل الناس فيه ، وزمان أذاب ، دون رحمة ، كل الشموع التي أشعلناها، إيذانا باللقاء الأول على سرير الحياة ، قبل أن تفرّقنا الساحرة الشمطاء !! .

 



#حيان_نيوف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رحيل إدوارد سعيد في زمن الخريف
- منع - الجزيرة - و - العربية - من تغطية بعض الأخبار في العراق ...
- حكايات القبّيضة ...
- من وحي شاعر لا ينتمي ...
- انطلاق العدد خمسمائة من نشرة الحوار المتمدن
- حذاء عن حذاء يختلف
- الفن و-مذهب التكذيبية- ..
- سعد الله ونوس يعود للذاكرة الدمشقية ..
- صحفي عن صحفي يختلف ...
- قذائف الديمقراطية تسقط على الصحفيين


المزيد.....




- المزيد من الـ -Minions- قادمون في فيلم جديد
- موسم أصيلة الثقافي يعيد قراءة تاريخ المغرب من خلال نقوشه الص ...
- شائعة حول اختطاف فنانة مصرية شهيرة تثير جدلا (صور)
- اللغة العربية ضيفة الشرف في مهرجان أفينيون الفرنسي العام الم ...
- تراث عربي عريق.. النجف موطن صناعة العقال العراقي
- الاحتفاء بذكرى أم كلثوم الـ50 في مهرجاني نوتردام وأسوان لسين ...
- رجع أيام زمان.. استقبل قناة روتانا سينما 2024 وعيش فن زمان ا ...
- الرواية الصهيونية وتداعيات كذب الإحتلال باغتيال-محمد الضيف- ...
- الجزائر.. تحرك سريع بعد ضجة كبرى على واقعة نشر عمل روائي -إب ...
- كيف تناول الشعراء أحداث الهجرة النبوية في قصائدهم؟


المزيد.....

- الرفيق أبو خمرة والشيخ ابو نهدة / محمد الهلالي
- أسواق الحقيقة / محمد الهلالي
- نظرية التداخلات الأجناسية في رواية كل من عليها خان للسيد ح ... / روباش عليمة
- خواطر الشيطان / عدنان رضوان
- إتقان الذات / عدنان رضوان
- الكتابة المسرحية للأطفال بين الواقع والتجريب أعمال السيد ... / الويزة جبابلية
- تمثلات التجريب في المسرح العربي : السيد حافظ أنموذجاً / عبدالستار عبد ثابت البيضاني
- الصراع الدرامى فى مسرح السيد حافظ التجريبى مسرحية بوابة الم ... / محمد السيد عبدالعاطي دحريجة
- سأُحاولُكِ مرَّة أُخرى/ ديوان / ريتا عودة
- أنا جنونُكَ--- مجموعة قصصيّة / ريتا عودة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حيان نيوف - كان اللقاء الأخير ...