|
عبدتك حباً فيك ، لا خوفاً من نارك ، ولا طمعاً في جنتك -
هفال زاخويي
الحوار المتمدن-العدد: 2024 - 2007 / 8 / 31 - 09:58
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
" عبدتك حباً فيك ، لا خوفاً من نارك ، ولا طمعاً في جنتك " ..."علي بن أبي طالب" لا أدري كم سيحالفني الحظ لأكون موفقاً في إيصال ما اريد إيصاله من خلال عنوان المقال والذي هو بحد ذاته مسألة فلسفية معمقة قد يكون بمقدور المهتم ان يكتب عنها أو تحت ضوئها مئات الصفحات ...؟ واعتقد ان الجملة اعلاه احق بأن نكتب عنها وفي ضوئها ، بدلاً من مئات الكتب التي تم تأليفها وطبعت ونشرت عن كيفية الوضوء وعن النكاح وعن الميراث وعن الزكاة والتي غدت كتباً للأرشفة وقد تكون صفحاتها تفتح بين حين وآخر من قبل مهتم واحد او اثنين ، اما الأهالي في عصرنا هذا فهم امام معضلة حقيقية هي اكبر بكثير من ان تتيح لهم الفرصة او المزاج لقراءة كتاب عن الوضوء او سير القادة والزعماء والخلفاء والولاة عبر تاريخنا الكئيب المليء بالكبوات والفشل والمحتقن بالدماء والثارات والعويل.
هنا لا بد لنا ان نتحدث ونكتب بلغة – وادعو زملائي ايضاً لذلك- يفهمها المواطن ، تكون لغة قريبة من لغة العلامة الدكتور علي الوردي الذي لم يكتب بلغة النخبة التي أضاعتنا وأضاعت نفسها في خضم أمواج التغيير السريعة والقوية في عالم أصبح فيه بمقدور كل فرد أن يطلع على التطورات والثقافات والمتغيرات عبر أجهزة خفيفة يمكن حملها في الجيب... نعم علينا النزول من الأبراج العاجية فلا نحصر العمل الإبداعي بالقصيدة والقصة والنقد الأدبي أو بخطابات القادة والزعماء الطويلة المملة المثيرة للنعاس، فنتوهم بأننا يجب أن نكون في مقدمة الركب بآلاف الأميال ، ما وظيفة المثقف الذي لايراه ولا يفهمه الآخرون ...؟، أتمنى ان لاتضيع جهودنا بين أبجديات اللغة البطيئة المملة وصراعات مدرسة الكوفة والبصرة النحويتين ، وان نظل محاصرين بين الفعل الماضي والمضارع وننسى المستقبل ، فلا الماضي المبني على الفتح نجح في بناء مجتمعاتنا على أسس سليمة ، ولا المضارع المرفوع رفع من شأننا وانتشلنا من أمراضنا المزمنة ، وأتمنى أن لا نتورط أيضاً في قضايا فلسفية عقيمة اريقت الدماء من أجلها ولم يتمكن المختلفون عليها - بعد كل العنف وبعد كل الدماء التي اريقت – من الوصول الى أية نتيجة حول موضوعة "خلق القرآن" ، فانتهت المسألة واختفت الى الأبد بعد معارك طاحنة خلفت الايتام والأرامل ، لا نحو سيبويه ينقذنا ولا خلاف المدرستين النحويتين الكوفية والبصرية ولا اختلاف المذهبين ،ولا تزمت المختلفين وتشبث كل فريق برأيه ورؤيته ان مطلق الحق معه وان خصمه يقف في دائرة مطلق الباطل "وكل حزب بما لديهم فرحون"... بل ما ينقذنا هو العودة الى منطق العقل ، وبالطبع لا منطق للعقل في ظل الاستعباد والقهروالإكراه ، ولن ينجح العقل في دائرة الإكراه للوصول الى حقائق الأشياء وأسرار الحياة ... فقط الحرية الفردية وحدها هي القادرة على الإبداع ووحدها هي القادرة على صنع المعجزات، بالطبع لا أقصد الحرية على الطريقة العراقية الجديدة التي لم تنتج الا الكثير من القتل والخراب ... ألسنا بحاجة لأخذ درس سريع في هذا المضمار بعيداً عن الدراسات والبحوث المطولة ، فالوقت يداهمنا ...؟
فردانية الفرد وحريته ووجوده المعنوي والمادي ورأيه ونظرته حالة مهمة وهي التي أوصلت بالبشرية الى حالة التطور التي نعيشها ونراها حالياً في العالم... المقولة- عنوان المقال- أطلقها الإمام علي بن أبي طالب "رض" قبل اربعة عشر قرناً ... فمن منا اعتنقها واعتقد بها...؟ وان اعتنقها أحد فهل منح الحق في أن يعتنقها الجميع أو أن يعتقد بها ويفهمها ويمارس الحياة انطلاقاً منها ...؟! هذه الجملة -المقولة الرائعة- لاتقف عند حدود اللغة الكئيبة المقيدة بالرفع والنصب والجر ، ولا تقف عند حدود المرئي – نرى الجدار ، اذن هو نهاية العالم فلا شيء بعده- لقد سبق الرجل عصره في رؤيته الخاصة للحياة والتي لاشك انها رؤية صائبة متفوقة ودقيقة في تشخيص الخلل ، مدلول المقولة يمكن اختزالها في كلمة واحدة – الحرية- والحرية تعني حرية الأختيار والرأي والتوجه... وحرية الأختيار تعني عدم اكراه الناس على فكرة معينة وفرض الرأي عليهم ترغيباً او ترهيباً ، فكيف نبني لمنظومة قيمية مؤمنة بالحرية الفردية انطلاقاً من مقولة الامام علي بن أبي طالب ونحن أصلاً نعاني من منظومة قيمية مريضة ومتهرئة غير كفيلة أبداً بالبناء بقدر ما هي كفيلة بالتدمير ...؟!
لم يستخدم الرجل في مقولته الأسلوب الوعظي العقيم ، ولم يستعن في تركيبها اللغوي بمفردات يعجز المرء عن فهمها وإدراكها، كما تفعل النخب الثقافية والسياسية أصحاب الأبراج العاجية ، ولم يستخدم اسلوب الصراخ وملء الدنيا ضجيجاً ، بل اطلق جملته الرائعة بهدوء تام في خضم معمعة حروب خاضها الرجل لاحقاق الحق وحفظ كرامة الإنسان وإنقاذه من الإستعباد البشري والإستبداد والطغيان ، و اطلاق الحريات العامة ضمن دائرة منظومة قيمية نظيفة ومعطاءة وبناءة كانت كفيلة باقامة مجتمع راق ومتحضرومنفتح وانسان متحرر مستقيم مبدع معطاء متفوق ... ظهر الرجل في غير زمانه وخسرته البشرية ،إذ ذهب ضحية فكره النير الذي أرعب الطغيان وجعل " الطبقة الجديدة" ترتعد خوفاً من طروحاته التي رأت فيها هدماً لصروح الطغيان والإستبداد والإستعباد والإستئثار بالمقدرات من خلال السلطة والسيطرة على الإقتصاد ، تلك الطبقة التي تنتعش الآن في بلدنا بشكل مثير فهي تعمل جاهدة لمصادرة الحريات بل ودفنها تماماً ، فلا انتعاش لهذه "الطبقة الجديدة" في ظل الحريات والانفتاح بل انها تنتعش في ظل الجهل الذي يقف من وراء تعطيل العقل عن أداء وظائفه.
#هفال_زاخويي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المصالحة الوطنية ... أم تقاسم المصالح والإمتيازات...؟!
-
-الطبقة الجديدة- مدفنة المباديء ... والشعارات سيد الموقف
-
لكي نؤسس لصحافة رائدة ،علينا ان نقول : لا لوعاظ السلاطين
-
المجالس الثقافية وثقافة المجالس خواتم ذهبية في ايدي الساسة..
...
-
- الطبقة الجديدة - ومستقبل البلد
-
ثقافة التهم الجاهزة
-
سيادة رئيس اقليم كردستان شكراً لكم ... لكن مواطنيك يتطلعون ل
...
-
العراق الجديد : دولة ب -78 - وزيراً
المزيد.....
-
-حرب- التعريفات الجمركية بين الصين وأمريكا.. كيف ستستجيب بكي
...
-
نتنياهو يتوجه إلى الولايات المتحدة ليكون أول رئيس وزراء يلتق
...
-
إجلاء أطفال فلسطينيين جرحى إلى مصر مع إعادة فتح معبر رفح
-
تعيين اللواء إيال زمير رئيسا جديدا لأركان الجيش الإسرائيلي
-
كاميرا تلتقط لحظة انفجار طائرة في فيلادلفيا في كارثة جوية جد
...
-
بوتين يهنئ البطريرك كيريل بذكرى تنصيبه الكنسي
-
قتلى وجرحى في قصف إسرائيلي استهدف مركبتين في مدينة جنين (فيد
...
-
الحرس الثوري الإيراني يكشف عن صاروخ كروز البحري بمدى يتجاوز
...
-
طالبة صينية أول ضحية لقانون ترامب بترحيل الطلاب المؤيدين لفل
...
-
ترامب يأمر بتوجيه -ضربة دقيقة- لاستهداف أحد زعماء -داعش-
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|