مهدي بندق
الحوار المتمدن-العدد: 2020 - 2007 / 8 / 27 - 06:31
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
يقول فردينان دي سوسير : إن اللغة نسق من العلامات، وأية ضوضاء لا تعد بحد ذاتها لغة إلا حين تستخدم للتعبير عن الأفكار.
من هذا التحديد يمكننا أن نرى في اللغة وجهاً إيجابياً، وآخر سلبياً. الأول منهما يتبدى كعلامات وإشارات متفق عليها (والمعادلات الرياضية أكثرها دقة) أما الثاني فيعبر عن انحطاط اللغة حين تصبح مجرد ضوضاء (حتى وإن أرادت التعبير عن الأفكار)، وتمثل الأيديولوجيا هذه الضوضاء بقوة، منتجة ً بذلك وعياً زائفاً لأصحابها. أولاً لأنها تحصر نفسها في الموقف الساكن Synchronic الذي يعزلها عن حركة التاريخ في تدفقه وتغيره. وثانياً لأنها لا تشير إلى وقائع متكاملة على مستوى رؤية العالم، وإنما تعبر -جزئياً- عن مصالح أصحابها حسب، دون إلتفات إلى مصالح الآخرين، وثالثاً لكونها تشوه المعطيات "الواقعية" لكي تلائم سرير "بروكروست" الذي تصنعه على مقاس معين، طالبة من الكائنات الحية أن ترقد عليه، فإذا كانت الكائنات أطول حزت رؤوسها او بترت أقدامها، وإذا كانت أقصر مطت أجسادها لتناسب السرير.
وعليه، فإن أول ما ينبغي على الكاتب "الحقيقي" أن يفعله.. هو أن يلقي بسرير "بروكروست" الذي يخصه، إلى غرفة "العاديات اللغوية"، (إذ لا يوجد ما يسمى بـ"خارج البيت اللغوي") ذلك أن اللغة -تجريداً رياضياً، أو ممارسة فيزيائية، أو اشتباكاً فلسفياً، أو تصويراً شعرياً- إنما هي المجلى الأعظم للكون.. ومن ثم فاللغة بهذا المعنى الأوسع، هي أساس الكون، وهي سقفه وأعمدته، وجدرانه.. شريطة أن تنقي مادتها باستمرار من شوائبها العالقة بها، والتي مصدرها الفساد (نقيض الكون) المتمثل في الأوهام والجهل، والخرافة.
فمن تنوط به مهمة التنقية هذه؟
إنهم العلماء، والفلاسفة، والشعراء ممن حصلوا - بوعيهم- على رتبة المثقِف العضوي.
وفي هذا العدد يمكن للقارئ الكريم أن يطالع محاولات كتابية من هذا النوع المنشود.
#مهدي_بندق (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟