|
الأميرة والفقير - المشهد الثاني
وعد العسكري
الحوار المتمدن-العدد: 2011 - 2007 / 8 / 18 - 10:41
المحور:
الادب والفن
حبيبتي إنها الرابعة عصراً ولم تأتي ، هل ياترى أنت بخير أم اجتاحتك نوبات الألم التي بدأت تعزف في مسمعي معزوفات الألم الصاخبة التي لايطاق تحملها ، هل أنت بخير ؟ هل لازلت تبتسمين لألمك كما عرفتك في كتاباتك قوية وشجاعة لا تهابين نوبات الألم واعتصاراته لك حينما يأتيك حاقدا على صبرك وتحملك ؟ ألا زلت قوية كما تحدثت عنك كتاباتك وكما صرح لنا القلم بأنك أميرته ؟ ألا زلت تواجهين أمواج البحار المدمرة كوردة زرعت في وسط البحر بكل كبرياء وتحدي ؟ ألا زلتي حبيبتي كما أنت ؟ حبيبتي من اليوم فصاعدا سوف لن أدعوك أميرة القلم بل أنتي أميرة قلبي الغالية .. أموت لكي تحيين أنتي أحرق لك روحي مثل الشمعة أنير لك دربك في الحياة . إذن سوف لن أدعوك أميرة بل سأدعوك حبيبتي فقط . رغبة مني في العيش بأعماقك متخللأ كل أجزاء جسدك الإلهي الذي تباهى به الخالق تقديسا لكي ولكي أذوب في جسدك المخملي .وكذلك لأزيل كل الموانع والحواجز الوصفية التي تقف بين تقدمي نحوك وتقدم الحياة بمنحها الأمل في شفاؤك حبيبتي ، وكذلك الحال مع الحواجز الزمانية والضرفية التي لا أريد خوض مضمارها لكي لا تحرمني منك لحظة واحدة . إذن سأدعوك الحبيبة لأختصر المسافات وأخطو نحوك آلاف الخطوات إلى أن أصل إلى معبدي زاهدا بشفاهك القدسية وعينيك الإلهية مقبلا تارة وماسحاً عليهم تارة أخرى وسأعانقك كالمجنون .. كمجنون فاق من جنونه لكن سأفيق بطريقتي ولغتي ورسمي على مفاتن جسدك بأناملي وهذا ما أدعوه الرسم الإلهي الذي علمتنياه بكتاباتك القدسية .. إذن فليكتب التاريخ مضيفا إسمي إلى كل المجانين في تاريخ العشق .. إذن سأكون مجنونا بحبك لا تتذمري حبيبتي ! . حبيبتي سأحبك بفقري وغناي بحلوي ومري بطيشي وتهوري بعقلي وفكري وجوارحي فليبارك الإله حبي لكي يا أميرة قلبي الغالية . أجابت الأميرة الفقير بكل تواضع وسمو ، أرجوك لا تدعوني أميرة ! فقط نادني بإسمي بدون ألقاب ، فكلانا بشر والباقي فان وزائل ، تحدث الفقير قائلاً : لكن أميرتي ...!!! قاطعته الأميرة سائلة كم عمرك ؟ تلهف الفقير بسؤالها وانتابه الخوف من حرمان قد يطل عليهما بطلته اللئيمة التي تفرق بين المرء وحبيبه وتبعد بينهما كبعد المشرق من المغرب . أجابها الفقير قائلاً : حبيبتي أرجوكي لا تسأليني عن عمري ... شعرت الأميرة بأن الشاب الفقير مغرم بها . فقالت له الأميرة : أنا لا أفكر بالزواج فأنا إمرأة مريضة أريد العيش أريد الحياة دون احتياج لأحد . بكى الشاب الفقير بكاءً بصمتٍ رهيب لايسمع منه سوى صوت تساقط دموعه على مكتبه الذي كان جالسا عليه من شدة تعلقه وحبه بالأميرة الجميلة التي لم يخلق مثلها في الكون لما تحمله من صفات . وكم كان متعلقا بها فهي سلبت منه قلبه دون قصد ودون إستئذان . أجابها الشاب الفقير بعد إلتزامه الصمت لدقائق قليلة : لم تقولين هكذا .. فأنا أفديكي بروحي ، وأسأل الله أن لايجعلك تحتاجين لأحد ، ثم قاطعته الأميرة سائلة : ماذا تعمل : أجابها الفقير : أعمل معيد في الجامعة التي تخرجت منها . فقالت له الأميرة مازحة : وااااو معيد في الجامعة وتحب فتاة مثلي؟ أجابها الفقير : هل هناك إمرأة وأنثى مثلك ؟ سألته الأميرة الجميلة : ماذا عجبك بي ؟ أجابها الفقير مسرعا : حنانك ، إخلاصك ، وفائك .. سكتت الأميرة . ثم أخبرها الفقير بأنه كتب قصيدة فصحى لها ، موزونة ومقفاة على الرغم من كونه لايجيد كتابة الشعر ، فرحت الأميرة وإن كانت بخيلة بعض الشيء بمشاعرها تجاه الفقير ثم طلبت منه إرسالها إلى بريدها الألكتروني لتضمها إلى مجموعة الآراء والأشعار المكتوبة التي يرسلها لهم القراء الذين يقرؤون لها بالآف والذين يراسلونها شاكرينها على إبداعاتها الأدبية وما تبذله من جهود في هذا المضمار . لكن الفقير لم يفرح بل حزن حزنا شديداً كون الأميرة لم تهتم به كحبيب عاشق لها بل اعتبرته أحد القراء المجهولين الذين يقرؤون لها كعابر سبيل مر بسرعة في طريقه واعتبر إن الأميرة تجاهلت حبه وما احتفاضها بقصيدته في متحف قصائد المعجبين بنتاجاتها الأدبية إلا نوع من التهميش العاطفي . أرادت الأميرة ابعاد الفقير عن عالمها على مايبدو ولسببين ، قد يكون الأول هو لكي لا تشغل من يحبها بمرضها الأسطوري الذي جعل منها إمرأة قدسية الجسد والروح لما تعانيه من آلام أو لربما أيضا نفورها من الحب بسبب حبها الأول الذي لم تفلح به بسبب ارتفاع أمواج بحر الهموم التي هاجت على بيتها الرملي الذي لم يتقن بناءه ، البيت الذي بنته أيدي رجل أتعبته النساء وصالت به وجالت ومع الأسف على حساب حب الأميرة له وتعلقها به . على كل حال بدت حبيبتي الأميرة بحالة نفسية متعبة وأتمنى أن أحمل كل آلامها بجسدي القوي وأمسح بيدي على جبينها وأقبلها من جبينها كما فعلت في مخيلتي عندما كنا نتحدث في عالم الخيال . مرّت ساعات وجاء الليل بظلامه الموحش ليخبرني إن حبيبتك الأميرة الآن مستيقضة والعالم نيام في نومته السابعة بل والعاشرة أيضا والسبب في عدم نومها هو مرضها الذي بدأ يتلاشى من شدة عزيمة حبيبتي الأميرة وإصرارها على الشفاء . سارع الفقير إلى إرسال رسالة عبر هاتفه المحمول كاتبا فيها : " أميرتي أحبك وحق من أنزل القرآن . احبك بعقلي وبقلبي وجوارحي .. أرجوكي عودي " تمنى الشاب الفقير عودة الأميرة الجميلة إلى ديارها ناسياً السبب في سفرها وغربتها من شدة حبه لها . كان أنانياً بعض الشيء لكن دون قصد فهو معروف بنكران الذات . ردت الأميرة الجميلة رداً سريعا بكلمات كانت :"لا أستطيع العودة أريد أن أتعالج قد يتحول مرضي سرطان ..أعدك بالتواصل أنا أحبك أيضاً " . كلمات أدمت عيون الشاب الفقير من كثرة البكاء محللاً لكلماتها متوقفاً عند (سرطان) و (أعدك بالتواصل) و (أنا أحبك أيضاً) . تمنى الفقير لو كان طبيباً ليعالج حبيبته التي تتألم أمامه وهو يقف متفرجاً ، وقال في (أعدك بالتواصل) إنها لاتريدني وفي (أنا أحبك أيضاً) نقضت أفكاره في إبعادها له . انتفض من مقعده سائلاً إياها : " هل تقبلين مجيئي لكي إلى سوريا لأقترن بك ؟ " أراد الفقير بذلك أن يقف إلى جانب حبيبته وهي في أمس الحاجة إلى حبيب يقف معها ، لكن ليست نيته الشفقة بل غيرته وحميته على حبيبته الوحيدة في دنيا العلاج والأطباء ، أجابته الأميرة مختصرة المسافات : " .. سفري لأمريكا سيكون خلال أيام وغداً في السابعة ليلاً نتفاهم سأذهب للسفارة .. زواجنا صعب الآن " فرح الفقير بهذا الخبر كون حبيبته تخطو خطواتها مسرعة بعون الله والإتكال عليه نحو العلاج وتفاءل الفقير خيراً بشفاء حبيبته التي شيّد لها معبدا في قلبه ، وفرح بموعدها له لكن فرحته الكبرى حينما قالت (زواجنا صعب الآن) حيث اقترنت مع الفقير لغويا وهذا ما جعله يفرح فرحة عظيمة حيث ربطت الأميرة نفسها مع الفقير بضمير المتكلمين (نا) مما بعث الأمل في قلب الفقير وعقله بالزواج من الأميرة في المستقبل . وأخيراً أخبرني الشاب الفقير إنه سيكون على عهده لها ويبقى المخلص الأمين للأميرة الجميلة ، وقال لي أحبها بكبرياء .
#وعد_العسكري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الإنسانية في شعر نازك الملائكة
-
إلى مولاتي الجميلة
-
كلانا نعاني كلانا نبحث عن حب
-
الأميرة والفقير المشهد الأول
المزيد.....
-
وفاة الأديب الجنوب أفريقي بريتنباخ المناهض لنظام الفصل العنص
...
-
شاهد إضاءة شجرة عيد الميلاد العملاقة في لشبونة ومليونا مصباح
...
-
فيينا تضيف معرض مشترك للفنانين سعدون والعزاوي
-
قدّم -دقوا على الخشب- وعمل مع سيد مكاوي.. رحيل الفنان السوري
...
-
افتُتح بـ-شظية-.. ليبيا تنظم أول دورة لمهرجان الفيلم الأوروب
...
-
تونس.. التراث العثماني تاريخ مشترك في المغرب العربي
-
حبس المخرج عمر زهران احتياطيا بتهمة سرقة مجوهرات زوجة خالد ي
...
-
تيك توك تعقد ورشة عمل في العراق لتعزيز الوعي الرقمي والثقافة
...
-
تونس: أيام قرطاج المسرحية تفتتح دورتها الـ25 تحت شعار -المسر
...
-
سوريا.. رحيل المطرب عصمت رشيد عن عمر ناهز 76 عاما
المزيد.....
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
المزيد.....
|