|
المثقف والاختيار
ثائر سالم
الحوار المتمدن-العدد: 2006 - 2007 / 8 / 13 - 11:06
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
بحكم انشغاله بالشأن العام، وتعامله مع المعرفة والفكر، ونزعته للغوص في اعماق الضواهر والاحداث ، يكون المثقف مؤهلا اومعنيا بتقديم رؤية اقرب الى الواقع . وفي قدرته على توظيف تلك المعرفة والموهبة ، تكمن خطورة دوره في التاثيرعلى قناعات الناس ومواقفهم ، تاريخهم ومستقبل بلدهم، سلبا ( حينما يمارس تزييف الحقائق والتضليل، على حساب مصالحهم) . او ايجابا (مساعدتهم على التماس طريقهم وبلوغ اهدافهم). ان محاولة المثقف التقاط مشاكل المجتمع واستشرافه لمستقبله، لابد لها وان تنعكس على غنى تجربته الابداعية ومضمونها الانساني ، وتترك آثارها ، ايجابا او سلبا، على خبرة الحاكم والسياسي والجمهور، بل والمثقف ذاته. حينها فقط يكون المثقف قد نجح بتحويل الفكر والمعرفة الى قوة فاعلة في الواقع ذا تاثيرملموس على حياة الناس. هذا الدور يكتسب طابعا ايجابيا اعمق تاثيرا ،فقط حينما يصدق المثقف مع ذاته ومع الناس، ويحترم دوره في التعبيرعن قضاياهم ومصالحهم. ان تبني المثقف لقضايا الناس، يمكن ان يؤدي ادوارا بالغة التاثير والاهمية، في حياة شعبه وتطور مجتمعه، وعلى ثقة الناس بقضيتهم وعملهم من اجل مصالحهم. اما انعزال المثقف عن قضايا مجتمعه ، واعتبار انشغاله بالشان العام ومستقبل البلد ، تبديدا لموهبته لا حاجة له ، ولاحاجة للموهبة به ، واستثمارا لها خارج مجالها ، لاينتفع به المجتمع ولا تنتفع به الموهبه. لاسيما بوجود السياسي، الذي لا ياخذ جديا تلك الرؤى او القيم، ولا يلتزم دائما ثوابته وقيمه ذاتها. ومع ذلك فان تخلي المثقف، تأويلا او تضليلا.. تلوينا او تزييفا، عن مثله الانسانية، ومسؤليته الاخلاقية، سيكون ضرره بالغ الخطورة وبعيد المدى، على مجتمعه ومستقبل بلده. ويلحق الضرر بايمان الناس بقضيتهم ووعيهم لها. فالمعنى الذي يدعونا هؤلاء المثقفين لاستنباطه من "حكمة العدو العاقل والصديق الجاهل" هوغض الطرف عما يفعله هذا العاقل (العدوـ الحليف)، وتجاهل مسؤوليته عن معاناة ومآسي الناس ، وتدمير البلد وبناه التحتية، ونهب ماله العام، وسرقة ثروته الاساسية وشريان الحياة فيه، وتهريبها الى الخارج ، والانفلات الامني، الذي يتحمل هو ذاته، المسوؤلية القانونية والاخلاقية عنه. فالسيارات المفخخة وجرائم ميليشيات الموت والارهاب ، والقتل على الهوية وكل انواع القتل الجماعي والعشوائي. هي اشياء جاءت معه وبارادته او خطئه ، لايهم .. المهم هو ان القانون الدولي يلزم ، كما يعرف الجميع ، الدولة المحتلة بحماية المدنيين، وتوقير الامن لهم ، والحياة العادية في المجتمع. والصديق العاقل لايمكن ان يرتضي ان يسبب كل هذا لصديق ، عن جهل بالاوضاع او سلوك مقصود. وكل هذا وهؤلاء المثقفون، لايترددون في تبرئة ساحة هذا العاقل جدا من اي مسؤلية ، او عن دعوتنا، الى التغاضي عن عمليات الاعتقال الكيفي والجماعي والتعذيب الوحشي، الذي يتعرض له المواطنون، وتبرير ذلك بالمقارنة باعمال النظام السابق. والتغاضي ايضا ، عن تهجير ملايين العراقيين من بيوتهم ومناطق سكناهم ، وسرقة ممتلكاتهم وقتل العديد منهم على مسمع ومرآى القوات الحكومية. ان عدم القدرة ، على ايقافها هو موقف لايمكن ان ينقذه الاختباء وراء حجة سطوة وتعدد الاجندة الخارجية ونفوذها وعبثها الحاقد، الطامع، بالثروة والنفوذ. وصراع اجندتهم التي لايمكن ان تكون مصلحة الناس والبلد اولوية اجندتهم كثيرة واجندات متصارعة يمكن الاختفاء ورائها والتعكز عليها. الخطورة حينما يتم توضيفها لتبريرموقف سياسي (فردي،حزبي، فئوي، او حتى على المستوى الوطني او الدولي وفي ذلك رضا الحاكم - الظالم الجديد، وسعيا نحوالسلطة ومنافعها. اما قوات التحالف "الرقيقة جدا"! في معاملتها للمواطنين، التي "وفرت"! الامن منذ اربع سنوات للشعب العراقي ، "واطلقت"! اعادة اعمار وبناء هائلة!، " واقامت" مؤسسات ديموقراطية عمقت روابط المواطنة وحقوقها!!)، فقد اوفت بوعدها{بتوفيرالعلاج! والدواء!) (والغذاء والكساء!!)، من ارباح شركات السلاح والنفط "الامريكي" ، مساعدة! او تكرُما!!، كأن العراق بلد فقير جائع!، استنجد بالرئيس بوش وادارته، من (تهديد الجيران والاخوة!) لاستقلاله وسيادته وحريته. لا من النفط العراقي الذي عبرو البحار من اجله، وازهقوا ارواح ابنائهم قبل ارواح العراقيين ، وصرفوا المليارات التي كان ربعها فقط ، سيكفي لبناء دولة جديدة على الخارطة الدولية، او كافيا لتجنيب العراق والعالم والمنطقة ، كل هذه المآسي والخسائروالمحاطر المنتظرة، لولا ان تلك المليارات يجب وستذهب الى جيوب شركات النفط والسلاح. وبعد ان مولتها ضريبة المواطن الامريكي العادي. ولنترك المشهد اليومي (ومنجزاته) وحقائقه الحياتية، تتحدث عن ذاتها، لتكشف لنا مزايا " تعقل" عدونا (الحليف ـ الصديق) والعلاقة معه. ومن المفارقات ان عدونا "العاقل"! ذاته لايقول وربما لايحتاج في مواقف كثيرة الى قول او فعل حاكمنا ومعسكره باسم الديموقراطية وحقوق الانسان( فضائح ابوغريب احرجت الامريكيين فحققوا بها واقاموا المحاكم لها ، الامر الذي لم تفعله حكومتنا المناضلة سنين طويلة ضد الديكتاتورية. ان تبرئة الذات ، وتحريرها من عبء مسؤليتها، ودورها في الوضع وما آل اليه ، لن يتحقق الا بالمساهمة في لتغير معطيات الواقع. وتجنب الاستهانة بعقول وقدرات الناس وحقوقهم الادمية في حياة حرة كريمة، لا بالتلاعب بالحقيقة او التحايل على التاريخ والناس عبر قراءات لاتراعي مصلحة الناس اولا
#ثائر_سالم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قطار الديموقراطية
-
لعراق الجديد ..الحقيقة والوهم
المزيد.....
-
-يا إلهي-.. رد فعل عائلة بفيديو وثق بالصدفة لحظة تصادم طائرة
...
-
ماذا نعلم عن طياري المروحية العسكرية بحادث الاصطدام بطائرة ا
...
-
إليكم أبرز الرؤساء العرب الذين هنأوا الشرع على توليه رئاسة س
...
-
العلماء الروس يرصدون 7 توهجات شمسية قوية
-
أسير أوكراني يروي كيف أنقذ الأطباء الروس حياته
-
على شفا حرب كبيرة: رواندا والكونغو تتصارعان على الموارد
-
ألمانيا تمدد 4 مهام خارجية لقواتها قبيل الانتخابات
-
مرتضى منصور يحذر ترامب من زيارة مصر (فيديو)
-
-الناتو- يخطط لتقديم اقتراح لترامب بدلا من غرينلاند
-
مشهد -مرعب-.. سماء البرازيل -تمطر- عناكب والعلماء يفسرون الظ
...
المزيد.....
-
حوار مع صديقي الشات (ج ب ت)
/ أحمد التاوتي
-
قتل الأب عند دوستويفسكي
/ محمود الصباغ
-
العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا
...
/ محمد احمد الغريب عبدربه
-
تداولية المسؤولية الأخلاقية
/ زهير الخويلدي
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
المزيد.....
|