(الجزء الثالث)
[ نصّ مفتوح ]
...... ..... ..... .... ..... ....
أنْ يرحّبَ شاعرٌ في مشفى (المجانين!)
معتبراً هذا النـزول نعمةً
ولا كلّ النعمِ
أن يرحّب شاعرٌ
في أزقّة هذا الزمان
بعيداً عن أحضانِ الأحبّة
هرباً من جلاوزة العصر
أن يفرحَ شاعرٌ لا يملكُ درهماً مبخوشاً
موجّهاً أنظاره
إلى شعراءٍ من لونِ المحبّة
من لونِ خصوبة الشعر
مرتمياً بين إنكساراتِ الشفقِ
أن يفرحَ شاعرٌ
تاركاً خلفَ ظهره حقائب العمر
عابراً بهجة المسافات
تاركاً خلفه عظام الحضارة
تطحن ما تبقى من لجينِ العمرِ
صارخاً في وجهِ الشعراء
أين قنينة الكونياك
ما هذا البخل ..
يحذِّرونه أن لا يشتم أحداً منهم
أن يكون هادئاً
طبيعياً
يُجحظُ عينيه
مشترطاً عليهم بعنجهيةٍ غارقة
في بهجةِ التسكُّعِ
أريدُ كاساً من النبيذِ المسكّر أولاً
أريدُ أن أخرجَ أحزان العراق
من هذا القفص العلويّ
واضعاً سبابته على صدغه
الطافح بأوجاعِ النخيل
آهٍ .. إنّه زمن الإنزلاقِ
إنزلاقُ أسوار الحضارة
نحوَ أبراجِ الجنِّ!
يختفي طوال النهار
هارباً من الخدمة الإلزامية
ساخراً من فكرةٍ الجيشِ
فكرةِ الحروب
من فرقعاتِ الشعراء
يقهقه ملء فمه
عندما يسأله أحدهم عن شاعرٍ
تتعالى قهقهاته
ساخراً من شعراء
يحلمون بعطاءات الصحف الصفراء
بكمشات الزبيبِ
جان دمّو بين أيدي العسكر
يُقتَادُ إلى الخدمة
عابراً دون وجلٍ
دهاليز السجن
والموت المؤجّلِ!
.... .... ..... .... ..... يُتبَع!
ستوكهولم: 9 . 5 . 2003
صبري يوسف
كاتب وشاعر سوري مقيم في ستوكهولم
[email protected]
لا يجوز ترجمة هذا النصّ إلى لغاتٍ أخرى إلا بإتّفاق خطّي مع الكاتب.