أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ثائر العذاري - زاوية النظر والبداية في القصة القصيرة














المزيد.....

زاوية النظر والبداية في القصة القصيرة


ثائر العذاري

الحوار المتمدن-العدد: 2000 - 2007 / 8 / 7 - 05:08
المحور: الادب والفن
    


زاوية النظر واحدة من القضايا المعقدة في القصة القصيرة ، لكنها أيضا من أهم التكنيكات التي تعطي القصة سحرها وجمالها.
نقصد بزاوية النظر موقع الراوي (السارد) الذي يقص القصة ، الذي قد يكون الشخصية الرئيسة أو شاهد على الحدث، وقد يقص القصة بضمير المتكلم أو الغائب أو- وهذا نادر – بضمير المخاطب ، والمعلومات التي سيقدمها الراوي في القصة يجب أن تكون متوافقة مع موقعه من الحدث.
في القصص القديمة كان الكتاب يلجؤون الى ما نعرفه اليوم بالراوي العليم ، الراوي الذي يستطيع أن يعرف دواخل كل شخصيات القصة ، لكن هذا أسلوب بدائي يجعل القصة قريبة من الحكاية الشعبية ويضعف قيمتها الفنية كثيرا ، اذ يكفي أن نسأل عن مكان وجود هذا الراوي وكيف استطاع قراءة أفكار أكثر من شخصية واحدة لتتهافت القصة. ولا ننكر ان بعض الكتاب مازال يستخدم هذا الأسلوب بين الحين والآخر ربما لمبررات فنية يرمي اليها القاص، هذه مثلا بداية قصة (الشكوى ممنوعة) للقاص حسب الله يحيى:

((وقفت أمامه حائرة، لم تكن تريد أن تبوح له بحقيقة ما حدث.. خشية أن تقود نفسها إلى النار، وتلحقه بها.‏
أجابت.. أنها بخير، وأن المكان الذي نقلت إليه جيد ونافع لها.. غير أنه لاحظها وهي تخشى نظراته، تهرب منها.. كأنما كانت تخشى أن يكتشف كذبها عليه...‏))

حين نقرأ السطر الأول نظن أن القصة مكتوبة من زاوية نظر البطلة ، من خلال العبارة (لم تكن تريد أن تبوح له .....) لأن هذا حديث عن تفكير داخلي في عقل الشخصية ونفترض أن كل ما سيأتي يمثل زاوية نظرها ، غير أننا نفاجأ في الفقرة التالية بالعبارة (غير أنه لاحظها وهي تخشى نظراته، تهرب منها.. كأنما كانت تخشى أن يكتشف كذبها عليه) ففيها وصف للطريقة التي كان يفكر بها الشخص الثاني في داخله ونظرته الى البطلة، طبعا لا يمكن أن يكون هناك راوٍ يستطيع قراءة أفكار الناس جميعا.
فبداية هذه القصة أخفقت في إدخال القارئ عالم القصة من زاوية نظر محددة، ولذلك سيكون دوره متلقيا سلبيا لأن الراوي سيتكفل بشرح كل أفكار الشخصيات ولن يكون للقارئ دور في الحكم أو التدخل.
عندما يكون السرد باستخدام ضمير المتكلم أو المخاطب تكون الأمور أسهل لأن الضمير سيحكم معارف الراوي ، ومثالي هنا بداية قصة (الهولندي الطائر) للقاص العراقي علي عبد الأمير صالح:
((أنا رجل عاطفي، أهوى ثلاثاً: الموسيقى، الآيس كريم، والنساء..‏
ولأنني أعشق الموسيقى فأنا أُسمع مرضاي ألحاناً عذبةً، بينما هم ينتظرون دورهم في الصالة الواسعة.‏
الواقع، أن أغلب مرضاي من الجنس الناعم؛ فتيات بين السادسة عشرة والخامسة والعشرين، وسيدات في سني زواجهن الأولى..‏))

الراوي هنا هو نفسه الشخصية الرئيسة في القصة ، طبيب أسنان مصاب بالفتيشية ، وهي عقدة نفسية تجعل المصاب بها يتعلق بأشياء الحبيب كالملابس والأحذية أكثر من الحبيب نفسه. في القصة يرد حديث عن أكثر من شخصية نسائية لكننا نراهن جميعا كما يراهن الراوي بطل القصة ، مما يمكننا من الحكم عليه وعلى سلوكه المنحرف وهنا تكمن متعة القصة التي يلتزم فيها القاص بفكرة زاوية النظر.
وبالطبع يمكن أن تكتب القصة من زاوية نظر الشخصية الرئيسة ولكن باستخدام ضمير الغائب ، كما في (كاردينيا) للقاصة العراقية إيناس البدران:

((هكذا وجدت نفسها موزعة بين هنا وهناك ، دون ان يكون لمشاعرها دور يذكر ، تتابع الوجوه النحيلة ذات السواعد المعروقة وهي تمارس طقسها الأزلي المقدس في وصل شرايين الحياة ومد جسورها كجنود مجهولة بأنفاس مقطوعة وصبر))

هذه البداية (وجدت نفسها موزعة ......) حكمت الراوي بأن لا ينظر الى الحدث الا من زاوية نظر البطلة ، وهي لاتختلف شيئا عن الصيغة (هكذا وجدت نفسي موزعة بين هنا وهناك.....). والشخصيات التي تظهر في القصة فيما بعد انما هي موجودة في عقل شخصية البطلة:

((وتذكرت ما أخبرها به والدها يومها من أن هذه النبتة دائمة الخضرة تدخر ازهارها اللؤلؤية لتظهرها مرة واحدة في العام .))

قد لا يكون أبوها مرهفا الى هذا الحد ، وقد لا تكون هذه مقولة مهمة بالنسبة اليه ، لكنها طالعتنا من زاوية نظر هذه المرأة التي هي شخصية القصة الرئيسة.

بعض كتاب القصة يبدعون بدايات معقدة لتحديد زاوية النظر تضفي على القصة جمالا وآفاقا واسعة للتأويل ، خذ مثلا قصة (اليهودي) للقاص الروسي (ايفان تورجينيف):

((احك لنا شيئا يا سيادة العقيد . قلنا فى النهاية لنيكولاى إليتش .
ابتسم العقيد وأطلق دفقة دخان من بين شواربه ، ومر بيده على شعره الأشيب ثم سرح ببصره نحونا .
كنا نحب نيكولاى إليتش ، ونحترمه كثيرا لطيبته وحكمته ، ورفقه بإخواننا الشباب . كان طويل القامة ، عريض الكتفين ممتلئ ، ووجهه الأسمر " واحد من أجمل الوجوه الروسية "** ، وصراحته ونظرته الذكية وابتسامته الخاطفة وصوته الجهورى المفعم بالرجولة ـ كل شئ فيه كان يجذبنا ويثير إعجابنا .))

أحداث القصة هنا تروى بروايتين متداخلتين، فالراوي يصف لنا راويا آخر ويحاول حملنا على تصديقه من خلال الصفات التي يسندها اليه ، غير أن القارئ يجب أن يشعر ان أحداث القصة جاءت بعد أن أجرى الراوي من زاوية نظره تعديلات معينة على زاوية نظر الراوي الأول (نيكولاي).



#ثائر_العذاري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشفاهية .. الداء المستعصي في الثقافة العربية (7) الشفاهية و ...
- أسلوب الكولاج في شعر سعدي يوسف
- وظائف البداية في القصة القصيرة
- الشفاهية .. الداء المستعصي في الثقافة العربية (6) الشفاهية و ...
- الأفعى والتفاحة . . موضوعة الجنس في الأدب النسوي المعاصر
- فن البداية في القصة القصيرة
- الشفاهية .. الداء المستعصي في الثقافة العربية (4) الشفاهية و ...
- الشفاهية .. الداء المستعصي في الثقافة العربية (5) الشفاهية و ...
- فضاء الصغائر .. قراءة في قصص إيناس البدران
- الشفاهية..الداء المستعصي في الثقافة العربية الحلقة 1
- الشفاهية..الداء المستعصي في الثقافة العربية الحلقة 2
- الشفاهية..الداء المستعصي في الثقافة العربية الحلقة 3


المزيد.....




- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
- حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ثائر العذاري - زاوية النظر والبداية في القصة القصيرة