|
السادس من آب 1945 الساعة 8:15 بتوقيت طوكيو..مركبة الشمس تحرق هيروشيما
زاهر بولس
الحوار المتمدن-العدد: 1997 - 2007 / 8 / 4 - 10:15
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
*ابولّو يستيقظ مبكّراً*
حين ذوّت ابولو مدى القوّة التي ملكتها يمناه، اخذته نشوة النصر القادم، ولم ينتظر كثيراً، حتى قرر تغيير قوانين اللعبة، واحرق اخلاقيات الآلهة المتعارف عليها، ليفرض قوانين جديدة للعبة الحياة والموت، على سنّة استراتيجيّة الحرب والسلم، فالاقوى يحدد قوانين هذه اللعبة وحدودها، فمن رضي بالقوانين المستحدثة رُحّب به في ملكوته، ليمتصّ دمه بهدوء، ومن أبى يستباح دمه ويعلن عليه الحرمان والحرب عليه حرب على الارهاب. في السادس من اب عام 1945، الساعة الثامنة والربع صباحاً بتوقيت اليابان ادرك ابولو مدى قوّته فالقى كرة النار من عربته السماوية على مدينة هيروشيما تجسّدت على صورة قنبلة يورانيوم دعيت باسم "الشاب الصغير"، رامزًا لما سيحدث حين يتعملق هذا الصغير، ليعملق خوفنا من الوهيّته المستحدثة الشريعة، فنخضع لمشيئته دون قيد او شرط . لقد سيطر رئيس الولايات المتحدة الامريكية هاري ترومان على عربة الشمس، "مخطط منهاتن"، واتخذ قراره بالقاء القنبلة لتنفجر وتصدر اشعاعاً كالاف الشموس، وصلت خلال دقائق الى ارتفاع 40 ألف قدم (أكثر من 13 ألف متر). امواج النار والحرارة والاشعاعات مسحت معظم بيوت المدينة عن وجه البسيطة، وابادت 70 ألف هيروشيمي من اصل 300 ألف في لمح البصر. ومات رقم مشابه من المصابين في السنوات التالية. وفي اليوم الثالث، في التاسع من آب(!!!)، استبدّ الجنون، والقيت كرة النار الثانية، لتدمّر مدينة ناغازاكي اليابانيّة، على هيئة قنبلة بلوتونيوم تدعى بـ "الرجُل السمين" وتبيد المدينة بمن يقطنها، ليسجل التاريخ بدماء مئات الاف الضحايا زيف القيم التي يحملها تمثال الحريّة، ولتتربع الولايات المتحدة الامريكية على قائمة الدول الارهابية ولتتلوها على التوالي والدتها العجوز بريطانيا (شريكتها في مشروع منهاتن) وربيبتها الفتيّة اسرائيل.
*معاهدة منع انتشار الاسلحة النوويّة*
لقد تمّ توقيع معاهدة منع انتشار الاسلحة النوويّة في العام 1968 واصبحت سارية المفعول في العام 1970. هذا وقد قررت المعاهدة فرض وضعيّة جديدة في العلاقات الدوليّة، ورسمت الحدّ الفاصل بين الدول اعضاء النادي النووي وبين بقيّة دول العالم. حددت المعاهدة الأول من كانون الثاني 1967 خطًّا فاصلاً وتاريخيًّا، فكل دولة قامت بتنفيذ تجربة نوويّة قبل الحدّ الفاصل دخلت النادي النووي، اما ما تبقّى من الدول، فتصبح مطالبة بالتوقيع على المعاهدة والتخلي عن برامجها لتطوير الاسلحة النوويّة، مقابل الاحتفاظ بحقّها في اقتناء التكنولوجيا النوويّة للاستعمالات السلميّة من الدول اعضاء النادي النووي. وبذلك تكون الدول الخمس- الولايات المتحدة الامريكيّة، بريطانيا، الاتحاد السوفييتي (روسيا لاحقًا)، فرنسا، الصين- وحدها صاحبة الحق بالانضمام الى النادي النووي.
*ماذا عن اسرائيل؟*
في الخامس من تشرين الأول 1986 نشرت الصاندي تايمز اللندنيّة تفاصيل عن التسلح النووي الاسرائيلي وبرنامج مفاعل ديمونة على لسان احد العاملين التقنيين السابقين فيه، ذو الوعي التقدمي وناشط السلام، مردخاي فانونو، حيث ذُكر في الصحيفة ان اسرائيل تمتلك بين 100 الى 200 رأس نووي. وقد سجنت السلطات الاسرائيليّة فانونو ثمانية عشر عاماً، حتى اطلق سراحه في العام 2004، ولا يزال يخضع للرقابة المشدّدة ولإعادته إلى السجن بحجّة خرق الشروط. لم تخرق اسرائيل معاهدة منع انتشار الاسلحة النوويّة فحسب، انما تحتل اراضي ثلاث دول وقد شنّت حرباً اجرامية على لبنان في الصيف الماضي، هُزمت فيها شر هزيمة، كان من الممكن ان تشعل المنطقة بأسرها. لقد ادخلت اسرائيل منطقة الشرق الاوسط الى سباق في التسلح النووي، وها هي تعلن عن نفسها المرّة تلو الاخرى جندرمة لحماية مصالح الولايات المتحدة الامريكيّة في المنطقة، فقد قامت في السابع من حزيران عام 1981 بقصف المفاعل النووي العراقي. وقد كان ضمن مخططات الحرب على لبنان توسيع رقعتها لضرب المنشآت النوويّة الايرانيّة، الا ان هذا المخطط تحطّم على صخرة المقاومة اللبنانيّة. ان مشروع اسرائيل النووي بالاضافة لسياساتها العدوانيّة يشكّلان قنبلة موقوتة تشكّل خطراً على ملايين سكان المنطقة بالاضافة للاخطار البيئيّة ذات الابعاد العالميّة. *الهيمنة الامريكيّة*
بغياب الرادع امام هيمنة الولايات المتحدة الامريكيّة بعد انهيار المنظومة الاشتراكيّة، قامت الولايات المتحدة بفرض قوانين اللعبة الدوليّة بحسب مصالحها ضمن التوازنات الجديدة. تمنح كرة النار لمن تشاء وتحاول منعها ممن لا يتماشى مع محاولات هيمنتها العالميّة، ضاربة عرض الحائط بمعاهدة منع نشر الاسلحة النوويّة فيما يتعلّق باسرائيل والهند والباكستان من جانب، ومن جانب آخر تحاول فرض المعاهدة بحذافيرها على ما اسمته محور الشر، كوريا الشماليّة وايران.
*الحزب الشيوعي و"التابو"*
للحزب الشيوعي الاسرائيلي معارك ميدانيّة مشهودة بدءاً بمقاومة الحكم العسكري مروراً بأيار 58 ويوم الأرض الخالد... والقائمة تطول. وفي المقابل تدرك الاحزاب الشيوعيّة الجدليّة بين محدوديّة التغيير من خلال البرلمانات الرأسماليّة وبين اهمية التواصل مع الجماهير الواسعة من خلال استخدام ابداعي لهذا المنبر. ان كسر "التابو" حول المفاعل النووي في ديمونة وفرض هذا الموضوع على الاجندة الاعلاميّة والجماهيريّة في اسرائيل والعالم يعتبر اهم قضيّة ذات تأثير بعيد المدى طرحت من قبل المعارضة منذ الكنيست الاولى. ليس صدفة ان من طرح هذه القضيّة في حينه كان السكرتير العام للحزب الشيوعي الرفيق عصام مخول، رغم اصطفاف الاجندة القوميّة، وليس صدفة ان الرفيق دوف حنين اعطى ابعاداً اضافيّة في الربط ما بين السياسة والعدل البيئي. فالاحزاب الشيوعيّة في العالم، كانت ولا تزال تسعى من اجل عالم خال من اسلحة الدمار الشامل، حتى نمنع تكرار مأساة هيروشيما وناغازاكي. وحتماً ان الاوان لتكثيف نشاطنا الميداني في هذا الخصوص.
#زاهر_بولس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
السودان يكشف عن شرطين أساسيين لبدء عملية التصالح مع الإمارات
...
-
علماء: الكوكب TRAPPIST-1b يشبه تيتان أكثر من عطارد
-
ماذا سيحصل للأرض إذا تغير شكل نواتها؟
-
مصادر مثالية للبروتين النباتي
-
هل تحميك مهنتك من ألزهايمر؟.. دراسة تفند دور بعض المهن في ذل
...
-
الولايات المتحدة لا تفهم كيف سرقت كييف صواريخ جافلين
-
سوريا وغاز قطر
-
الولايات المتحدة.. المجمع الانتخابي يمنح ترامب 312 صوتا والع
...
-
مسؤول أمريكي: مئات القتلى والجرحى من الجنود الكوريين شمال رو
...
-
مجلس الأمن يصدر بيانا بالإجماع بشأن سوريا
المزيد.....
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
المزيد.....
|