أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الواحد بلقصري - الذاكرة السياسية والعدالة: -المغرب/الأرجنتين- دراسة مقارنة .الجزء الثالث















المزيد.....

الذاكرة السياسية والعدالة: -المغرب/الأرجنتين- دراسة مقارنة .الجزء الثالث


عبد الواحد بلقصري

الحوار المتمدن-العدد: 1997 - 2007 / 8 / 4 - 10:12
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


المبحث الثاني:
حسم الصراع حول السلطة السياسية
بوادر حسم السلطة السياسية بإقالة حكومة عبد الله إبراهيم 1961، واستئثار الملك بالسلطة التأسيسية في وضع دستور 1962، بدل وضعه من قبل مجلس تأسيسي منتخب كما كانت تطالب الحركة الوطنية، ستجد هذه الأخيرة نفسها عاجزة عن أي رد فعل تجاه احتداد منهجية القمع، ومن ثمة حدوث أزمة سياسية بعد مقاطعة دستور 1970 والبرلمان الناجم عن انتخابات 1970، ستعرف نهايتها بعد التعديل الدستوري لسنة 1972، وبلورة انفراج وإدماج الحركة الوطنية من جديد في اللعبة السياسية، بعد طرح مفهوم الإجماع الوطني عام 1974، واحتداد الصراع الاجتماعي والاقتصادي، وأخذه لأبعاد هيكلية وبنيوية، تدفع في اتجاه حل الأزمة من خلال مفاتيح الإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي، بإجراءات مسطرية وقانونيةـ تروم بناء دولة المؤسسات المشروعة ودولة الحق والقانون لتحقيق الديمقراطية.
انطلاقا من ذلك سنعمل على تقسيم هذا المبحث إلى مطلبين، كل واحد يؤطر لمرحلة ويؤرخ لظروفها وأبعادها.
المطلب الأول: 1974 – 1990
الظرفية السياسة لبداية السبعينات، تميزت بإدماج الحكم للمعارضة في اللعبة السياسية، بعد قبول قواعد اللعبة، كما يحددها الحكم " الاعتراف بالقواعد الشكلية، كقدسية الملكية والإسلام، والقواعد غير المكتوبة كالإجماع حول الثوابت وتحديد الاختيارات الوطنية... من خلال تأكيد الهوية الوطنية والقومية، قضية الصحراء 1974، وبعث كثيبة جنود مغاربة إلى الجولان 1973، أدت إلى تمثين الجبهة الداخلية، وما تطلبه من مستلزمات، يتدخل فيها الإيديولوجي عبر ما يسمى الإجماع الوطني " والاقتصادي عبر ما يسمى "بالمغربة " والانكباب على تصريفه سياسيا عبر ما يسمى " بالمسلسل الديمقراطي" .
الانتخابات التشريعية لسنة 1977، شاركت فيها كل أحزاب الحركة الوطنية ، واعتبرها الأستاذان عبد الرحمان القادري وخالد الناصري، تفتقد للطابع التنافسي، أولا لعدم نشر نتائجها، وثانيا عدم نزاهتها . كما وضح خالد الناصري أن الانتخابات في المغرب تلعب دورا في إضفاء المشروعية على توزيع سابق وضعه الجهاز الإداري الذي لا يحترم حرية الانتخاب وإرادة الناخبين.
هذه الانتخابات سجلت حد أدنى من الإدماج السياسي ، وإصلاح الوضع دون المس بجوهر السلطة السياسية، التي استطاعت التكيف مع المحيط الداخلي والخارجي، وإعطاءها قيمة مركزية لميزان القوى بالشكل الذي يخدم أهداف ومصالح الحكم ، بدءا بتلجيم كل الميولات الشعبية.
انتفاضة الخبز بالبيضاء 1981 بعد دعوة الديموقراطية للشغل إلى إضراب عام، عم أغلب أحياء البيضاء، وتدخلت قوى الجيش والشرطة، وثم إحصاء ما لا يقل عن 600 قتيل ، وعدة اعتقالات ووصلها بالمحاكمات.
زاد من احتدام الصراع الاجتماعي، قبول المغرب بإعادة جدولة ديونه، وإقرار برنامج التقويم الهيكلي الذي يمتد من 1983 إلى 1993، ودفع الشعب المغربي لكلفته ماليا واقتصاديا واجتماعيا. ليخرج هذا الشعب عن صمته في مظاهرات بمدينة مراكش ومدن الشمال 1984، لم تخرج في مستوى قمعها عن انتفاضتي البيضاء 1965 و 1981 من حيث الاعتقالات الواسعة وإجراء المحاكمات.
أمام الثقل الذي يتحمله كاهل الشعب المغربي الناتج عن السياسات الاقتصادية والاجتماعية المنتجة للأزمة، لم يبق أمامه إلا معاودة الخروج إلى الشارع في بداية التسعينات وبالضبط 14 دجنبر 1990، استجابة منه لدعوة نقابتي الكنفدرالية الديمقراطية للشغل والاتحاد العام للشغالين بالمغرب، في مدن فاس وطنجة وغيرها .. عرفت مدينة فاس مواجهات عنيفة إثر تدخل الجيش وتجاوز الأحداث لرجال الشرطة، واستعمال الآليات العسكرية الثقيلة من مثل المدافع الرشاشة، خلفت 100 قتيل و 1000 معتقل صدرت في حقهم أحكام قاسية .
هذه المظاهرات الزاخمة خلال فترة الثمانينات وبداية التسعينات، أعطت مؤشر دفع المعارضة البرلمانية إلى تنظيم نفسها، ومساندة الشعب الفلسطيني والتضامن مع الشعب العراقي. ساهم في ذلك انهيار نظام القطبية الثنائية، والمبادرة بمطالب الإصلاح السياسي والإداري والقضائي مكن أجل تعبيد الطريق دولة الحق والقانون كمدخل للديمقراطية.
المطلب الثاني: مرحلة 1990 إلى 1999
التحولات السياسية والجيوستراتيجية على المستوى العالمي، بنهاية نظام القطبية الثنائية والضغط الاجتماعي المتزايد للشعب المغربي، وتنظيم المعارضة البرلمانية، وتهيكل المجتمع المدني، طغت المطالبة بالديمقراطية، وإحداث إصلاح سياسي وإداري وقضائي يواكب تيار العولمة الزاحف.
جعل النظام يقدم، على تأسيس المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، وجعله شرطا لإجراء قطائع مع ثقل الموروث الثقافي والمجتمعي ، والإعفاء عن مجموعة من المعتقلين السياسيين سنة 1991. بروز الكتلة الديمقراطية ، وتقديمها للمذكرة الأولى قبل وضع دستور 1992، الذي رفضته، باستثناء حزب التقدم والاشتراكية، وأعلن في ديباجة الدستور، عن تشبث المغرب بحقوق الإنسان كما هو متعارف عليه عالميا، تلاه الإفراج عن جميع المعتقلين السياسيين والعفو عن المنفيين، ومؤسسيا إحداث وزارة حقوق الإنسان، وتنصيب المجلس الدستوري كآلية ديمقراطية للمراقبة الدستورية بما فيها القوانين الانتخابية.
هذه الخطوات خلقت انفتاحا سياسيا بين الحكم والمعارضة، بهدف توسيع المشاركة السياسية، وإرساء هيئات قارة لتنظيم الحوار وتعميق دراسة القضايا الكبرى المطروحة على البلاد، واقتراح السياسات والتدابير حول سبل معالجتها ، الأمر الذي دفع الكتلة الديمقراطية إلى تقديم المذكرة الثانية للمطالبة بضرورة الإصلاح السياسي والدستوري ، شكلت مدخلا لبروز مفهوم "التوافق" كشعار جديد يجمع بين الحكم والمعارضة البرلمانية، في تأطير الحقبة السياسية المقبلة.
انفرد الحكم بوضع دستور جديد سنة 1996، قبلته المعارضة البرلمانية -باستثناء- منظمة العمل الديمقراطي الشعبي - لتدخل في مسلسلات " الحوار الاجتماعي " وآخر للحوار السياسي، أدى كل منهما إلى تصريح مشترك، الأول بين الحكومة والباطرونا والنقابات، والثاني بين الحكومة والأحزاب السياسية، يدفع الأول في اتجاه ضمان سلم اجتماعي، والثاني " للتوافق" حول اللعبة السياسية، من خلال التراضي حول القوانين المؤطرة للعملية الانتخابية .
وبالتالي التحول في طبيعة المعارضة السياسية بالمغرب ، إذ لم تعد هناك معارضة الحكم بل أضحت معارضة صرفة للحكومة .
فهل نجحت سياسة التوافق فيما فشلت سياسة "الوحدة الوطنية" والإجماع الوطني ؟
هذه الدينامية الحاصلة في المشهد السياسي المغربي، شكلت طفرة نوعية في مجال الإصلاح السياسي والدستوري، بإثباتها لإرادة سياسية قادرة على تحصين المكاسب والمنجزات، وتحويلها إلى نقط ارتكاز صانعة لآفاق قادرة على مقاومة الممانعات والضغوط المضادة للإرادة القائمة في ميدان الإصلاح ، بتشكيل حكومة التناوب التوافقي المنبثقة عن نتائج الانتخابات التشريعية لسنة 1997 بقيادة عبد الرحمان اليوسفي.
حكومة التناوب التوافقي استطاعت أن تحدث تطورا إيجابيا لمؤسسة الحكومة مغايرة لحكومات عقد الستينات والسبعينات والثمانيات ، بتحقيق نجاعة البرامج والسياسات العمومية عبر تخليق الحياة العامة، كمقوم للحكامة الجيدة، وتثبيت الشجاعة والجرأة في طرح أولويات الإصلاح. وفتح أوراشه المركبة، بدءا بتشجيع الاستثمار وخلق فرص العمل وتقليص العدد المهول للبطالة في حدود دنيا، مرورا بتكريس المساواة بين الرجل والمرأة في إطار الخطة الوطنية لإدماج المرأة في التنمية، وقوفا عند إصلاح المنظومة التعليمية والإدارية والقضائية. بالإضافة إلى المساهمة الفعالة في تعزيز استقرار البلاد وأمنها، وضمان انتقال الحكم في ظروف سلسة بعيدا عن كل الهزات والتوترات التي عرفها تاريخ انتقال الحكم في المغرب، والعمل إلى جانب الملك الجديد في بلورة العديد من النصوص والقواعد القانونية الهادفة إلى تحصين الحياة السياسية (مشروع مدونة الأحزاب ، مشروع القانون الانتخابي)، والاقتصادية (مشروع قانون الاستثمار)، والاجتماعية (مشروع مدونة التغطية الصحية، مشروع مدونة الأسرة..).
إذن حكومة التناوب استطاعت وضع التوجه الحازم نحو المستقبل، وتقعيد الخيار الديمقراطي المعبر عن المصلحة العليا للأمة، في تجاوب مع الإجماع الوطني، كالاعتراف بتاريخ الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في المغرب المستقل، وتأسيس هيئة التعويض المستقلة إلى جانب المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان من أجل الوقوف على سنوات الرصاص وتجاوزها عبر جبر الضرر للضحايا، وفتح الطريق نحو التأصيل الدستوري لحقوق الإنسان كما هو متعارف عليه عالميا، ومن خلال الاستفادة من التجارب التي عرفتها شعوب العالم، بهدف خلق مجتمع ديمقراطي تسوده الحرية والعدالة والحق.



#عبد_الواحد_بلقصري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الذاكرة السياسية والعدالة: -المغرب/الأرجنتين- دراسة مقارنة ا ...
- أي تسوية لقضية التشغيل في مغرب الألفية الثالثة ؟
- الذاكرة السياسية والعدالة: -المغرب/الأرجنتين- دراسة مقارنة. ...
- حوار مع الأستاذ سعيد الكحل
- المنتديات المدنية بين زخم الاشكاليات وسؤال الافاق
- حوار مع الكاتب العام لنقابة عمال شركة ديلفي -المختار خشنة-
- المغرب في تقارير التنمية الإنسانية العربية للعام 2002-2003/2 ...
- الحركة الاحتجاجية لشركة -دلفي- بمدينة طنجة وإشكالية الحق في ...
- في الحاجة إلى قيم مدنية حقيقية
- الديمقراطيةوالثقة
- المغرب فى تقرير التنمية الإنسانية العربية للعام 2003
- التنمية حرية- لأمارتيا صن
- شىء ما من الحديث عن قيم المواطنة
- المنتدى الاجتماعي العالمي بين واقع الحركات الاجتماعية العالم ...
- في الحديث عن ثقافة المشاركة
- الأحزاب السياسية في المغرب وإشكالية البرنامجية
- الشباب المغربي: رهانات متعددة
- 2007. مقاربة الشباب والسياسة
- قراءة في كتاب سوسيولوجيا الشباب المغربي جدل الادماج والتهميش
- الوجه الآخر للإصلاح


المزيد.....




- مسؤولون إسرائيليون في أمريكا لتسوية خلافات حرب غزة ونتنياهو: ...
- مراهقون أوكرانيون يتدربون لخوض حرب طويلة ضد روسيا في ناد عسك ...
- وزير الدفاع الإيطالي يحذر من استيلاء روسيا والصين على إفريقي ...
- جدل في الجيش الإسرائيلي بعد تصريحات متتابعة عن -القضاء على ح ...
- -رويترز-: بكين وواشنطن تستأنفان المباحثات النووية بعد انقطاع ...
- الاستعدادات مستمرة لنشر أسلحة نووية أمريكية في بريطانيا
- آخر تطورات العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا /21.06.2024/ ...
- تقرير إسرائيلي: قوات المراقبة رصدت مناورة -غير طبيعية- قبل 4 ...
- سيول تطلق طلقات تحذيرية بعد عبور جنود كوريين شماليين الحدود ...
- قيادة بوتين وزعيم كوريا الشمالية لسيارة ليموزين روسية الصنع ...


المزيد.....

- تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1 ... / نصار يحيى
- الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت ... / عيسى بن ضيف الله حداد
- هواجس ثقافية 188 / آرام كربيت
- قبو الثلاثين / السماح عبد الله
- والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور / وليد الخشاب
- ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الواحد بلقصري - الذاكرة السياسية والعدالة: -المغرب/الأرجنتين- دراسة مقارنة .الجزء الثالث