الشفاهية .. الداء المستعصي في الثقافة العربية (7) الشفاهية واقصاء المرأة

ثائر العذاري

الحوار المتمدن-العدد: 2001 - 2007 / 8 / 8 - 05:31
المحور: الادب والفن
    

اقتضت تقاليد المجتمع العربي القائمة على ( الفحولة ) اتزواء المرأة وانسحابها من الحياة العامة الى ما وراء ظل الرجل ، ثم جاءت القراءة العربية لتعاليم الدين الاسلامي الحنيف الخاصة بالمرأة لتزيد هذا الانطواء أضعافا ، فقد فهموا من تلك التعاليم ان المرأة كلها عورة ، وان عليها ان تلزم بيتها ولا تظهر نفسها الا لمن تحل له ، ومع هذا فان بعض النسوة استطعن خرق هذه المفاهيم والطفو على سطح السياسة والادب. غير ان الظاهرة الغريبة هي أن المرأة على امتداد التاريخ العربي لم تبرز – ولو على سبيل الشذوذ – كاتبة أو مؤلفة أو معلمة.
والحقيقة التي لابد من الاعتراف بها هي ان السبب نفسه يقف وراء هذه الظاهرة ، الشفاهية.
في بداية نشأة الرواية التي كانت مقتصرة على الحديث النبوي الشريف نجد في الطبقة الأولى من الرواة أمهات المؤمنين عائشة وأم سلمة (رض)،ثم ، بعد ذلك ، تكون القطيعة التي لا عودة بعدها.
ان الجمع بين عدد من المعطيات السابقة كان لا بد أن يؤدي الى هذه النتيجة:
الرواية مقدسة
الرواية تتم في المسجد
الرواية نوع من الشهادة
المرأة كلها عورة
مكان المرأة بيتها
لا يحل للمرأة الاختلاط بالرجال الأجانب
ماذا تكون نتيجة الجمع بين هذه المعطيات الستة سوى ابعاد المرأة ابعادا تاما عن عالم الرواية والرواة ؟ فالمرأة (العورة) لايجوز لها الجلوس في مكان مقدس لتلقي روايات مقدسة من شيخ (رجل أجنبي) في حلقته (بين رجال أجانب) ، فضلا عن أن الرواية جنس من الشهادة وشهادة المرأة الواحدة لا تقبل.
فاذا تذكرت ما نبهتك اليه في مفالة سابقة في أن تعريفهم للعالم كان ذلك الرجل الكثير الحفظ ، علمت ان المرأة لا يمكن أن تكون عالمة بعد اقصائها عن أماكن التحفيظ.
وبمرور الزمن اقتنعت المرأة العربية نفسها بان هذا هو الوضع الطبيعي، وان الرواية والعلوم الناتجة عنها عمل مقصور على الرجال، ولذلك نرى ان المرأة حتى في العصور التي أتيح لها فيها قدر من الحرية كما حدث في الأندلس ، فانها لم تبرز عالمة ، بل برزت بصورة المرأة المسلية للرجل ، مغنية أو شاعرة حب (ولادة بنت المستكفي).
اما في المدة التي تلت سقوط بغداد على يد التتار فقد اختفت كل نماذج المرأة من الحياة العامة حتى مطلع القرن العشرين.

الشفاهية تحملنا هموما كبيرة ، فهل لي أن أواصل بقية الحديث؟


[email protected]

#ثائر_العذاري (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات