أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حسن جميل الحريس - للفقر مصداقية باكية ح / 3















المزيد.....

للفقر مصداقية باكية ح / 3


حسن جميل الحريس

الحوار المتمدن-العدد: 1991 - 2007 / 7 / 29 - 13:19
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


وباء الربيع الحامض / 1
وأقصد به الفقر الفكري بأسبابه وأحداثه المأساوية التي يتبدل فيها أبطالها / أشخاصها / ولا تتبدل فيها نتائجها ومسالكها مهما اختلف الزمان والمكان , فلا يزال محتواه ثابتاً ومفسّراً لملكات ذاتنا الفردية وقدراتها على تبرير الأفعال , أي أنه يكرر مغزاه كل مرةٍ كفيروسٍ يغزو جسد ضحيته ويسّخرها لتنسخ منه ملايين الفيروسات , وهو من أشدّ أنواع الفقر دهاءً إن لم نقل أعتاها فتنةً وفساد , ولفهم معناه ونتائجه بصورةٍ أفضل نورد عليه أمثلة عديدة على شكل قصصٍ قصيرةٍ قد تكون أحداثها مستقاة من جذورِ ماضينا ولكن بعض فصولها لا زالت تكرر نفسها في كل زمانٍ ومكانٍ بغض النظرِ عن ذكر موضعها نظرا لتسارع ديناميكية تطورها دائما من جهة , ولتطويرها أدواتها بشكل سريعٍ منقطعِ النظير لكافة أشكالها المعروفة كالنصب والخداع والاحتيال , وللرأي لا البرهان أرى أن لكل إنسانٍ حق مشروع بنسبٍ متفاوتةٍ من مكنونات / الحب والكراهية / والغدر والوفاء / والحقد والمحبة / والعصف والسلام / وكذلك من قسطٍ مفروضٍ عليه أن يصبح عنوةً عنه أعمى بين جموعٍ غفيرةٍ من مبصرين أغبياء .
- ذكرت أحلامي الوهمية المستقاة من عويل الفقراء , أنه في سالف العصر والأوان , كان الوالي زعفران حاكماً على سلطانه بقليلٍ من الجهد وكثيرٍ من البيانات , وأنه هرع من سريره ذات يومٍ مذعوراً , وأمر بجمع وزرائه ومستشاريه في مجلسه وسألهم :
- الوالي : أفتوني برؤيةٍ دكّت سريرتي وجعلتني أفكر ملياً بإصدار ألف بيان ..... حلمت أنني عقدت على حوانيت دون تجارة ما , ونقلت إليها أكوام حجارةٍ كثيرةٍ رتبتها على شكل تلّةٍ وصعدت فوقها فدخل مسمار غليظ بمقعد ظهري آلمني كثيراً وأقعدني .... استيقظت مذعوراً من حلمي .... هيا أفتوني قبل أن أصدر بحقكم أمري ... أفتوني قبل أن آمر باعتقالكم جميعاً في أول بيان .
تضاربت تفاسير مستشاريه ووزرائه فيما بينهم وكانوا هلعين من بطشه وسطوته فانبرى مستشاره الأول بين يديه وسأله راجياً :
- المستشار الأول : مولاي .... إن تفسير حلمك عظيم الشأن , ومن أجل الدقة والأمانة بتفسيره أرجو من مقامك الكريم أن تمنحنا فرصة حتى غدٍ... وأنا حريص ومتأكد أننا حين نحظى بشرف المثول بين يديكم الكريمتين غداً في مجلسكم الجليل سيكون تفسير حلمك الكبير رهناً بيدي .
- الوالي : حسناً حسناً ..... لك ذلك .... ولكن أريد تفسيراً جميلاً لحلمي . واصل وزراؤه ومستشاروه اجتماعاتهم بدار الحكم حتى بدايات الفجر , ولم يتوصلوا لتفسيرٍ نمطي يشفي جراح حلمه , واتفقوا على رواية تنجيهم من حكمه مثل كل عصيبٍ مرّ , وهي تفسير رؤيته على أنها دلالةً بأن رعيته يكيدون له وسيمكرون به , ولكن خبر رؤية الوالي شاع بين خدمه فحضر خادم مستشاره الأول بين يديه وأخبره :
- الخادم : سيدي المستشار ..... في الطرف الشرقي لبلدتنا بيت رجل ذو علمٍ ووقار , كان يحدثنا في جلساتنا عن العلوم والأدب وبعض الدين والفلسفة وأظنه محيطا بتفسير الرؤية .
- المستشار : ماذا قلت ؟؟!!! تفسير الرؤية !!!! هل تعرف مسكنه ؟
وطارا من فورهما إلى داره خفية قبل طلوع الشمس , وبعدما دخل عليه المستشار بمفرده حيّياه وسأله ممتحنا قدراته :
- المستشار : حلمت أنني أحمل بيدي عصا أهش بها على نمرٍ كان يهم بصيد ببغاء... هل تفسر لي حلمي ؟؟
- أبو حسان : تشير عصاك أنك رجل شريف يعتمد عليه أهله , والنمر عدو لك عظيم الاقتدار شديد الخطر , والببغاء كناية عن جارية أو غلام يتيم , وتفسير حلمك أنك بحكمتك وقدرتك أبعدت عنك وعن بيتك مصيبة من فعل عدو يصاحبك كان يريد بأهل بيتك أن تكون جارية عنده ولأولادك صفة اليتم .
- المستشار : صدقت في تفسيرك يا أبا حسان ... ألا تأخذ عني رؤيتي التي عكّرت سكينتي وأرهقتني ؟
وسرد عليه حلم واليه على أنه هو صاحب الرؤية , فرد عليه أبو حسان مفسرا لحلمه :
- أبو حسان : أما عن عقدك على حوانيت دون تجارة فهو كلام كثير وجدل عقيم تخوض فيه دون جدوى حول قرار ستتخذه لتخوض حربا ضروسا تنال بها أرضا واسعة ممن هو في مكانتك , ولأنك صعدت عليها ستأخذها منه بقوة نصرك , ولكنك لن تعدل في رعيتك , وسيظهر بينهم رجل عظيم الهمة شديد البأس سيأخذ منك مطالبهم بقوته وحكمته وهذا هو تفسير المسمار الذي دخل في مقعد صلبك .
لم ينه أبو حسان حديثه حتى وقع المستشار بين يدي واليه عند عتبة عرشه ليخبره عن تفسير حلمه , وختم قوله :
- المستشار : وهذا يا مولاي كل ما عندي , ولن أخفِ عن مقامك أنني أجهدت نفسي كثيرا لأفسّره من معرفتي وعلمي .
- الوالي : أنت من فسّره إذن , لم اعلم عنك أنك تفسّر أحلاما !!! وأي رؤيةٍ ؟! رؤيتي !! بارك الله فيك , ومن الآن وصاعدا سأطلق يدك فوق وزرائي كلهم وفوق رعيتي .
- المستشار : أمرك مطاع بخادمك المخلص لك يا مولاي .
- الوالي : تعال لنتفرغ سويا إلى ماحملته لنا رؤيتي .. أريدك أن تعدّ جيشنا للزحف على إمارة قتلائيل , حان الوقت لنقضي على واليها / عجلا بول / فمنذ سنوات أراد سلب ملكي ... يجب أن نباغته ونأتيه على حين غرّة .
- المستشار : ولكنه يا مولاي نزل على عقد هدنة معنا ؟؟
- الوالي : وإن نزل عليها ما الضرر الذي سيصيبنا إن كنا مالكين لها !!! ألا ترى معي أن رؤيتي هي أحق بها من غيرها ؟! علينا بترجمتها كما نريد لها .. حجة منقذة لنا لا يشوبها علّة بائنة .
ومضى الوالي لأمره وحاز على إمارة قتلائيل بعدما عانى من جور حصارها حولين كاملين نال من بعدهما نصره الواهن وبهذا توسّع سلطانه على حساب معاناة رعيته , إذ أرهق زمن الحصار كاهلهم وقصّر يد حالهم وزاد فقرهم والفساد في ملكه وصار يتهددهم مما حذى بالوالي ليصدر بحقهم قرارات غير صائبة أدت بنهاية الأمر أن يخرج بعضهم عليه ويتطاول على عسسه , وحدث أن رأى الوالي رؤية أخرى هرعت به إلى مجلسه بحضور وزرائه ومستشاره الثاني الذي ناب عن مستشاره الأول الذي أرسله بمهمة خارجية تستدعي بقاؤه فيها أشهرا عدة , فقال لمن حضر حول عرشه :
- الوالي : آتوني بمعبّرٍ يفسّر لي رؤيتي ... كنت في زرع أحصده وبين شتلاته حبات متناثرة من لوز يابس وفستق أخضر .. وكانت ملامح من يعصر لي خمرا غامضة عني مع أنه نازعني في احتسائه ... ووضعت بفمي بضع حبات من الحمّص والذرة وإذا عضضت على شفتي ولساني آلمني ... مددت يدي وتفحصّت لساني فوجدته قصيرا جدا لم أحظى به ... أسرعت نحو قصري خائفا هاربا مما لا أدري , وتناولت قوسي فتكسّر بيدي , عدت للخلف قليلا فدخل في مقعد خلفي مسمار غليظ آلمني جدا وأقعدني ... أفتوني برؤيتي قبل يوم غدِ .
وعادت حليمة لعادة رقص الفكر , واختلفوا جميعهم بتفسير رؤية الفجر , حتى تناهى خبر رؤية الوالي بين خدمه وحشمه فتصّدر الخادم نفسه بين يديّ كبير وزراء القصر وأخبره عن قصة الأمس فهوى كبيرهم بدار أبي حسان وسأله ممتحنا :
- كبيرهم : أيها الفاضل أفتني ... ماذا في رجلٍ يلبس صوفا ينازع رجلا آخر بصيد ثور فصاد ديكاً كبير الحجم ؟
أجابه أبو حسان مبتسما :
- أبو حسان : ما بكم أيها السادة ترشفون عصارة عقلي !! فما ذكرته من رجل يلبس صوفا فإنه ينال مالا جما وعزا صالحا نادر الذكر , وعن منازعته لرجل آخر في صيد ثور فهذا يعني أنه سيحل مكانه كمستشار عند صاحب الأمر ... ولاأرى علّة لصيده ديكا كبير الحجم ففيه إشارة إلى أنه سيصبح رجلا يسمع حديثه قومه كلهم ويطيعون أمره .
- كبيرهم : أصبت يا أبا حسان أصبت .... ولكن هذا ليس هدفي فما جئتك به رؤية لوالينا في منامه بالأمس .. وأنا على يقين أنك فسّرت لمستشاره الأول رؤية والينا منذ عامين وأكثر وقد نسبها لنفسه , وأعاهدك على جزائك خير جزاءٍ إن أصابني بها رضا والينا في يومي وغدي .
فأتاه أبو حسان بتفسير رؤية واليه بقوله :
- أبو حسان : أرى من حصاد زرع والينا أنهم مجموعة رجال خرجوا عليه وأحزنوه وسينال منهم بقتلهم كلهم , وما رآه من حباتٍ متناثرةٍ بين زرعهِ من لوزٍ يابسٍ وفستقٍ أخضر فإن رزق والينا محجوب عنه بفعل يده , وعن حبات الحمّص والذرة فهي أموال غير طيبة كسبها بهتانا وفيها حزن وغم له ولرعيته ,وإن عضّه على شفتيه إشارة إلى أنه سيقضي على فتنة وفساد استشرى بين أعوانه وما حجم لسانه القصير إلا دلالة على صلاح سلطانه , وخوفه في منامه أمان له ولأهله والدليل أنه قصد قصره الدال على عظمة ملكه , وقد بلغ سروري أقصاه عندما أخبرتني أنه كان هاربا مما لا يدري فهو توبة نصوحة له تعمّ بالخير على رعيته , وأحمد الله أن قوسه تكسرّ في يده فهو دلالة أكيدة على فسادٍ عظيمٍ أصاب حاشيته ... وموجز قولي :
أن والينا سيكشف فساد حاشيته وبعض رعيته وسيأخذ بسلطانه من هم وغم إلى حياة هانئة وفيرة بالخير على ملكه ورعيته .... وقد راوده ذات المسمار الذي ورد في حلمه الأول وهذا دليل آخر على أن مستشاره أخفى عنه خبره أو لم يعد يذكر تفسيره .
- كبيرهم : وما تفسيره يا أبا حسان ؟
- أبو حسان : دع المسمار يتقدم في حلمه ... فكلما عادت رؤياه أنذرتنا بقرب ظهوره .
وعندما حضر كبيرهم بين يديّ مولاه ختم حديثه بقوله :
- كبيرهم : هذا كل ما أعرفه يا مولاي .... وقد أجهدت نفسي كثيرا لأفسّر رؤيتكم الكريمة وفق علمي من عظيم الأثر .
- الوالي : أرى تفسيرك منطقيا ... ولم أكن اعلم أنك ملمّاًً بعلم تفسير الحلم ؟!
- كبيرهم : في الحقيقة يا مولاي أن صاحب التفسير هو ابن أخي !!! وهو يطمع في تكرّمك عليه ليكون خادماً لك ويحرص على تلبية أمرك ويحفظ تنفيذه على رعيتك .
- الوالي : حسناً حسناً .... لابأس به ... لقد عينّاه قائداً للعسس .... ادعوه غداً ليمثل بين يدينا لأخبره بنفسي ...... يتبع .



#حسن_جميل_الحريس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جذور الارهاب / كوهين - الجاسوس / ح : 5
- يا زائرة الحرمين
- باركوا ل / بانة وهبي / وشارل / الجهلاني / ح - 1
- جذور الإرهاب / كوهين - الجاسوس / ح : 4
- للفقر مصداقية باكية ح / 2
- بوذا والعلمانية في زيارة مضاجعنا العربية / ج / 5
- للفقر مصداقية باكية ج / 1
- جذور الإرهاب / كوهين - الجاسوس / ح / 3
- مسلسل جذور الإرهاب ح / 2
- بوذا والعلمانية في زيارة مضاجعنا العربية / 4
- حزينة على رباط حذائها
- فكر الفيل وحرية الذبابة
- مسلسل جذور الإرهاب الحلقة / 1
- تعالي من أي طريق تختاريه
- بوذا والعلمانية في زيارة مضاجعنا العربية / 3
- ياسور وهمي
- بوذا والعلمانية في زيارة مضاجعنا العربية / 2
- لون عينيك تربة دافئة
- بوذا والعلمانية في زيارة مضاجعنا العربية / 1


المزيد.....




- -لقاء يرمز لالتزام إسبانيا تجاه فلسطين-.. أول اجتماع حكومي د ...
- كيف أصبحت موزة فناً يُباع بالملايين
- بيسكوف: لم نبلغ واشنطن مسبقا بإطلاق صاروخ أوريشنيك لكن كان ه ...
- هل ينجو نتنياهو وغالانت من الاعتقال؟
- أوليانوف يدعو الوكالة الدولية للطاقة الذرية للتحقق من امتثال ...
- السيسي يجتمع بقيادات الجيش المصري ويوجه عدة رسائل: لا تغتروا ...
- -يوم عنيف-.. 47 قتيلا و22 جريحا جراء الغارات إلإسرائيلية على ...
- نتنياهو: لن أعترف بقرار محكمة لاهاي ضدي
- مساعدة بايدن: الرعب يدب في أمريكا!
- نتانياهو: كيف سينجو من العدالة؟


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حسن جميل الحريس - للفقر مصداقية باكية ح / 3