|
رهانات الانتخابات بتركيا
أوسنو-أجيت يلماز
الحوار المتمدن-العدد: 1983 - 2007 / 7 / 21 - 08:46
المحور:
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
ستجرى الانتخابات التشريعية المقبلة بتركيا يوم 22 يوليوز 2007. تكشف كل مرحلة انتخابية أوجها عديدة من أزمة الدولة والمجتمع التركيين. بعد قرب انتهاء مدة رئاسة الجمهورية، بات النقاش حول انتخاب رئيس دولة جديد مفتوحا. جرت العادة على تقلد هذا المنصب من طرف عسكري قديم أو رئيس الحزب السياسي الحاكم. ولدى حزب العدالة والتنمية ، صاحب الأغلبية بالبرلمان، كامل الشرعية لنيل هذا المنصب.
-------------------------------------------------------------------------------- وجه الجيش بواسطة بلاغ صحفي ، نشر بموقعه بانترنت، إنذارا إلى حزب العدالة والتنمية. يمكن إيجازه على النحو التالي: نحن طرف في النقاش حول العلمانية، وسنعبر عن رد فعلنا إذا اقتضى الأمر ذلك. إن الرسالة واضحة: لا يمكن انتخاب أي وزير من حزب العدالة والتنمية رئيسا، وإلا سنمسك بزمام الأمور، وبالقوة عند الحاجة. كما أن اقتراح ترشيح آخر غير تاييب اردوغان إلى رئاسة الجمهورية لم يرض الجيش. كما فشلت محاولة انتخاب الرئيس من قبل الشعب مباشرة ، عبر تعديل تشريعي، بالنظر إلى معارضة النخب الحاكمة التي تمثل أقلية بالبلد.
وفي الآن ذاته، ضمت تجمعات من اجل الجمهورية مئات ألوف الأشخاص في مدن عديدة. وكانت القوى السياسية التي دعت إليها مكونة أساسا من جمعيات نشر وتطوير الفكر الكمالي (يقودها في الغالب عسكر قدامى)، وقوى من أقصى اليمين، وكذا " الاشتراكية – الديمقراطية" الوطنية مثل حزب العمل بقيادة دوغو برانسك، المدان قضائيا مؤخرا في لوزان بتهمة إنكار مذبحة الأرمن. أنهم بوجه الإجمال ممثلو الفئات المحظوظة بالمجتمع، ضرب من " المجتمع المدني" في خدمة الجيش.
وتكمن خلف هذه المظاهرات رهانات أخرى: أصبح الرأسمال من أصل أناضولي قوة اقتصادية كبيرة ويطالب بقسطه من السلطة. وبوجه المسألة الكردية، والإسلام السياسي و النيوليبرالية، تعرض النظام ومحرمات النخب السائدة إلى الاضطراب، وأصابها ضعف، وأصبحت موضوع نقاش. وخوفا من هذا التشكل الجديد التي قد يفيد الإسلام السياسي، دعا الجيش الشرائح الميسورة والرجعية بالمجتمع إلى رد الفعل، بمبرر أن العلمانية مهددة. إن المهدد في الواقع هو سلطة النخب الحاكمة. ليست الدين في تركيا مسألة خارج السياسة، بل هي في مركزها. فالدولة تدفع أجورا لأكثر من 100000 رجل دين ولها وزارة دين.
إن تلك المظاهرات "من اجل الجمهورية" ضغطت على أحزاب اليسار القومي و على اليمين، وأدت إلى تحالف بين حزبي "اليسار" القومي، حزب الجمهورية لبيكال وحزب اليسار الديمقراطي [1].إن خطابيهما متماثلان تقريبا. أما اندماج حزبي اليمين فقد فشل في آخر لحظة. قادة احدهما، محمد أغار، عسكري سابقا، تكون في مدرسة شبه عسكرية أمريكية، وقام بدور هام في الحرب ضد الأكراد. هكذا فان تدخل الجيش عزز "يسارا" قوميا ومحافظا كبديل لحزب العدالة والتنمية، بعد أن فشل تعزيز اليمين القومي والليبرالي في آخر لحظة. ولن يكفي ذلك على الأرجح لإضعاف حزب العدالة والتنمية ولا لإرضاء البرجوازية الأناضولية الجديدة.
حرب منخفضة الحدة في كردستان تركيا؟
أرسل الجيش التركي زهاء نصف مليون جندي إلى حدود كردستان إيران، وهدد حزب العمال الكردستاني وأكراد العراق بتدخل عسكري شديد. وجرى إنشاء منطقة حماية بالغة بالحدود، وتم توسيع صلاحيات الشرطة، وتقليص الحقوق الأساسية، وهذا بطلب من الجيش.
ومن جهته زاد حزب العمال الكردستاني من عملياته العسكرية بمدن عديدة بكردستان. وردا على استئناف المعارك دعا الجيش"مجتمعه المدني" طالبا منه "ردود فعل جماعية". وأدت هذه الدعوة إلى مظاهرات قومية تركية في مدن عديدة بكردستان.
إن انزعاج النخب الحاكمة من المسألة الكردية صارخ. فقد أعلن حزب العمال الكردستاني مرارا وقف إطلاق النار، ودعا مناضليه والمتعاطفين معه إلى بناء مجتمع مدني، والقيام بأنشطة عصيان مدني. أدت هذه الأنشطة إلى انزعاج متنام إزاء الجمهورية. ومن جهة أخرى، فتحت البلديات التي بيد الحزب الكردي - حزب الشعب الديمقراطي- مدارس لتعلم اللغة الكردية. وثمة محاولات عديدة لتشجيع اللغة والثقافة الكرديتين.
وقرر حزب الشعب الديمقراطي تقديم مرشحين مستقلين، لكون ذلك السبيل الوحيد لدخول البرلمان من طرف الأحزاب التي لم تتخط حصة10 بالمائة المحددة بقانون الانتخابات. كما تشكل تحالف مع أحزاب أخرى من أقصى اليسار.فبقصد جعل انتخابهم صعبا، صوت البرلمان باستعجال على قانون لتغيير ورقة التصويت بما يجعل المرشحين المستقلين غير ظاهرين.
إن بإمكان الأكراد الفوز بالانتخابات في اغلب مدن كردستان الكبرى، وقد يدخل منهم إلى البرلمان أكثر من 30 نائبا. و تسعى النخب الحاكمة إلى الحيلولة دون ذلك بأي ثمن. نعيد إلى الأذهان أن آخر مرة أرسل فيها الأكراد نوابهم إلى البرلمان كانت في العام 1994، وخرج هؤلاء مقيدي الأيدي بالأصفاد. وُحكم عليهم لاحقا بالسجن 15 سنة. واعتبارا لحكمي ادانة من المحكمة الأوربية لحقوق الإنسان، ُبرئ أولئك البرلمانيون وأفرج عنهم بعد قضاء 10 سنوات في السجن. ستتعمق أزمة الدولة التركية في السنوات المقبلة. وأيا كان الحزب الحاكم بعد الانتخابات، ستبقى سلطة الجيش، خارج البرلمان، على حالها. وسيواصل التدخل في سياسة البلد الداخلية والخارجية. وما ليس بوسعه منعه هو الأزمة المتنامية للمحرمات التي تشكل قاعدة الايدولوجيا الرسمية للنخب الحاكمة، منها بوجه خاص رفض الاعتراف بالواقع القومي الكردي.
Hüsnü-Agit Yilmaz بقلم
المصدر:جريدة Solidarites السويسرية –عدد 110 بتاريخ 20-06-2007
تعريب جريدة المناضل-ة
-------------------------------------------------------------------------------- [1]: MHP حزب الحركة القومية:حزب قومي تركي متطرف منغرس في البنيات العسكرية والشرطة و الشرطة السرية والجنود المحترفون وبعض البنيات المافياوية
#أوسنو-أجيت_يلماز (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
شاهد.. نقاش حاد بين عضوتين بالكونغرس وإحداهما تتحدى الأخرى ب
...
-
تيك توك بحاجة ماسة إلى مشترٍ أمريكي قبل حظره.. هل تبيعه الصي
...
-
مستشار لترامب: أرباح الرئيس المنتخب قد تصل إلى 500 مليون دول
...
-
أردوغان يلتقي الدبيبة في أنقرة
-
هل أخفقت إسرائيل في اختراق الحوثيين استخباراتيا؟
-
وزير الخارجية السعودي يبحث مع لافروف آخر المستجدات الإقليمية
...
-
خبير يستبعد تقارب روسيا مع الولايات المتحدة في عهد ترامب
-
ترامب لن يشتري غرينلاند ولن يدفع زيلينسكي إلى السلام
-
ألمانيا تمهّد الطريق لعودة -السيل الشمالي-
-
كيف تستعد إسرائيل لتحييد قناة السويس؟
المزيد.....
-
قراءة ماركس لنمط الإنتاج الآسيوي وأشكال الملكية في الهند
/ زهير الخويلدي
-
مشاركة الأحزاب الشيوعية في الحكومة: طريقة لخروج الرأسمالية م
...
/ دلير زنكنة
-
عشتار الفصول:14000 قراءات في اللغة العربية والمسيحيون العرب
...
/ اسحق قومي
-
الديمقراطية الغربية من الداخل
/ دلير زنكنة
-
يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال
...
/ رشيد غويلب
-
من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية
/ دلير زنكنة
-
تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت
...
/ دلير زنكنة
-
تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت
...
/ دلير زنكنة
-
عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها
...
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار *
/ رشيد غويلب
المزيد.....
|