|
هل معظم الأحزاب العربية أحزاب ( نكاية) ؟
توفيق أبو شومر
الحوار المتمدن-العدد: 1977 - 2007 / 7 / 15 - 10:42
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
معظم الأحزاب العالمية في الأوطان المتحضرة [ تتنافس] لإغناء أوطانها والنهوض بها و[ إعلاء] شأنها والمساهمة في تخفيف ضائقة أهلها ، وتصحيح مسار الساسة وأولي الأمر ، إلا أن الكثير من أحزاب بني يعرب بن قحطان تتنافس لإنهاك أوطانها وإضعاف خصومها ولو كان ذلك بتخريب الوطن ، ويساهم بعضها كذلك في تعزيز الضائقة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية لإذلال أبناء الوطن وترويضهم على الطاعة ، وتقوم بعض الأحزاب العربية بتأسيس الديكتاتورية العربية ، وتمهيد البيئة العربية لنشر الجهالات والخرافات ! تختلف الأحزاب العربية في طبيعة تأسيسها عن الأحزاب العالمية الأخرى وحتى عن المفهوم الأيدلوجي لنشأة الأحزاب ، إذ أن أساس بناء الأحزاب في الأيدلوجيا هو تعدد وجهات النظر في خدمة [ الغاية] المركزية والرغبة في تنويع وتفريع الأعمال وبناء قدرات المواطن والنهوض به من الجهل ، كما أن بناء الأحزاب أيدلوجيا يكون بدراسة البيئة الثقافية والحزبية للوطن بالاعتماد على [ المخزونات] الأيدلوجية الحزبية للوطن . أما بناء أكثر الأحزاب العربية فيكون في الغالب [رد اعتبار] لبعض الشخصيات التي لم تفلح في بناء حزب قوي ، أو [ انتقاما] من نجاح أحد الأحزاب وتفوقها ، أو لشق حزبٍ قوي بإنشاء [ مسميات] حزبية أو لاقتناص غنيمة بواسطة الحصول على [توكيل] حزبٍ أجنبي ، وهذا يشبه إلى حد كبير التوكيلات التجارية في عصرنا الراهن لذلك فإن كثيرا من أحزابنا العربية ، وبخاصة الأحزاب الفلسطينية تدخل تحت اسم وهو [ أحزاب النكايــة] ! ومن تكتيكات أحزاب النكاية أنها أولا تصبُّ في جيب أمينها العام أو مسؤولها الأول ، أو مرشدها أو قائدها ، فالحزب في الغالب ملكٌ خاص للرجل الأول أو [ فتى الحزب] فهو يشكل الحزب أو الحركة وفق مرآته الخاصة ، ويصنع من حزبه وأتباع حزبه (خلطة) من مواد التجميل في صورة معلبات من الكريمات والأصباغ لوجهه غير الجميل ، فيقوم أولا بإبعاد منافسيه وتقريب أقاربه وأبنائه وذويه ، ولا يمر وقتٌ طويل حتى يصبح الحزب والحركة [ تجمعا عائليا] أو [ ميليشيا] قبلية ! وكل حزب يكون على هذه الشاكلة فإنه أولا يرفض التأثير والتأثُّر ، ويحول ثانيا دون تجديد الدماء الفكرية ، ويُقصي ثالثا النابغين والمفكرين خوفا منهم ثم يتحول بمرور الوقت إلى نسخة مشوهة من رئيسه أو أمينه العام ، ويلد في نهاية أمره نسلا [ مشوها] وذلك لافتقاره إلى التبادلية الفكرية والتجديد القيادي ! ومن آفات هذا النمط من أحزاب النكاية أنه يفضل بقاء المنتسبين له [ جاهلين] حتى يسهل تنويمهم تنويما مغناطيسيا ، ليؤدوا المهمة الشخصية للأمين والمسؤول الأول فقط ، وهو يرى أن الثقافة والتنوير ألدّ أعدائه ، لذلك فإنه يوعز إلى حزبه بأن يصنع [ الشرنقات] والأغلفة التي تحول دون نشر ثقافة التنوير بطرق عدة أبرزها ؛ إشغال أعضاء الحزب وإلهائهم بأغاني حزبية وشعارات جوفاء ، وفرض حظر التجول على عقولهم ، وإشغالهم بمعارك فرعية ، وإيهامهم بأنهم مطاردون لجميع أفراد الوطن وأنهم إن فكروا في ترك حزبهم فإنهم هالكون لا محالة ، وأن الحل الوحيد لهم هو أن [ يتفانوا] في خدمة زعيم الحزب وأن يطيعوه طاعة الأعشى لقائده ! ويسعى زعماء هذا النمط من الأحزاب إلى تكبير الشرخ بينهم وبين اهلهم وذويهم ، وفي كثير من الأنماط فإن زعماء أحزاب النكاية [ يعمدون] إلى توريط اتباعهم حتى في دم أهلهم وذويهم ! وحزب النكاية يفتنُّ في رفع الشعارات المضللة غير القابلة للتطبيق والتصديق ، وهو صيغة [ بديلة] عن الحزب الحاكم ، وهو نموذج لحكومة أخرى . ومن أخطر ممارسات هذا النمط الحزبي تغريره الدائم بالأطفال والشباب ممن لم يصلوا إلى سن العقل والنضوج ، وإدماجهم في الأطر الحزبية بدون النظر إلى مستقبلهم الدراسي ، لهدف تكبير الأنصار والمريدين . حاولت أن أجد مؤسسات حزبية أهلية مستقلة لكثير من الأحزاب العربية ، فلم اعثر عند كثير من احزاب العرب إلا على جمل إنشائية وشعارات ، واستعنت بالباحث الألكتروني (غوغول) وبما املكه في مكتبتي من كتب ، فلم أجد سوى بعض فروع الدعم [ الأكلي] وبناء بعض المراكز الشبابية ، ووجدت فائضا كبيرا يتمثل في عشرات جمعيات خدمات المرضى والمصابين والعاجزين ، وحينما حاولت أن أعثر على خدمات هذه الجمعيات ، وجدت أن كثيرا منها أيضا يدخل تحت الإطار السابق [خدمة زعيم] الحزب ! فكثير من تلك الجمعيات تحولت على إقطاعات للأقارب والمريدين . المهم أنني لم أجد في هذا كثير من أحزاب هذا النمط العربي الحزبي مؤسسات تعليمية وتربوية ومعاهد وكليات تكنلوجية كبيرة ومتطورة ، ولم أجد فيها مشاريع ثقافية وفنية عملاقة ! حاولت أن أبحث عن بعض الأحزاب العالمية فوجدت بأن كثيرا من الأحزاب العالمية تخلصت من الديماغوجيا التقليدية ، وأدخلت العصرنة على أحزابها وأذكر على سبيل المثال الحزب الديموقراطي الإيطالي الذي يشرف على التكنلوجيا الإعلامية والفضائية ، وحتى الفاتيكان وهو حكومة وحزب ديني في الوقت نفسه يملك أكبر نصيب في أسهم شركة أليتاليا للطيران ، وله مئات المؤسسات الثقافية والسياحية والعقارية ومئات المكتبات العامة ، وماذا أقول عن حزب السلام الأخضر الذي يملك أيضا مئات المؤسسات الثقافية التي تبث على مدار الساعة المخاطر المحدقة بالبيئة العالمية ، وتنشر مبادئها وآراءها بكل لغات العالم ، وتساهم في توسيع المدارك العقلية للشباب بواسطة عشرات المكتبات الكبرى . واقتبست إسرائيل من العالم هذا النظام ، فأسست أقوى المراكز الثقافية اليهودية في العالم في أمريكا في صورة المركز الثقافي اليهودي في نيويورك ، وهذا المركز يحتوي على كل أنواع الأنشطة فهو يقدم العلاج والسفر والثقافة والنصائح التجارية ، وإذا أضفنا إلية مؤسسة الإيباك اليهودية نكون قد عثرنا على السبب الذي يجعل العالم أجمع يتعاطف مع إسرائيل حتى في [ باطلها] أما الحزب الحريدي اليهودي (حباد) وهو حزب ديني متصوف ، وليس هذا من قبيل الدعاية لهذا الحزب ، ولكن لأنني أعد دراسة عن هذا الحزب تمهيدا لنشرها في كتاب ؛ فهذا الحزب يملك مثلا دارا للنشر اسمها (كيحوت) وتقوم هذه الدار بترجمة المؤلفات والمطبوعات إلى أربع عشرة لغة عالمية ، ومكتبتها النادرة تضم كل الكتب والمراجع اليهودية النادرة . ولهذه الحركة أربعة وأربعون مركزا في إسرائيل ، مقرها كفار حباد . ولن أسرد مئات المؤسسات الخدمية والدعوية والفنية لحركة شاس الدينية اليهودية . إذن يحتاج النظام الحزبي في كثير من أحزاب العرب إلى ثورة شاملة لتجديد المفاهيم الأيدلوجية التقليدية لكثير من الأحزاب ومزج المبادئ الحزبية بتكنلوجيا العصر ، لكي تتمكن هذه الأحزاب من بناء جيل عربي جديد يقف في وجه أحزاب التجهيل التي تستغل الفراغ الثقافي الحزبي وتستغل عجز كثير من الأحزاب العربية التنويرية ، فتقوم بالاستيلاء على مدخراتنا من شبابنا وأبنائنا ، وإخضاع عقولهم لتيار الجهل والخرافة ! 12/7/2007م
#توفيق_أبو_شومر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
من إنسان ( متفجر) إلى إنسان متحرر.
-
من الإنسان المتفجر إلى الإنسان المتحرر
-
إسرائيل أكبر مهدد للديموقراطية في الشرق الأوسط !
-
إسرائيل أكبر مهددة للديموقراطية في الشرق الأوسط
-
أوهام السلام الإسرائيلي
-
انتهاك الديموقراطية في فلسطين
-
اغتيال النشء الفلسطيني
-
العملاء واغتيال الروح الفلسطينية
-
رسالة من غزة إلى حفيدي
-
رسالة إلى حفيدي
-
الغيرة وما أدراك ؟!!
-
هل هناك مؤامرة على الترجمةإلى اللغة العربية ؟
-
من فنون اللجوء الفلسطيني
-
عجائب ثقافية
-
بلاد الفرز ... والحراسات
-
ابتسم .. أنت في غزة
-
وجادلهم ..... بالمتفجرات
-
علاقة الأحزاب الفلسطينية بمنظمات المجتمع المدني
-
هل الإحباط مرض عربيٌ ؟
-
هل أنظمة الاختبارات التقليدية إرهاب ؟
المزيد.....
-
-ذي تلغراف-: الولايات المتحدة قد تنشر أسلحة نووية في بريطاني
...
-
-200 ألف جثة خلال 5 سنوات-.. سائق جرافة يتحدث عن دفن الجثث ب
...
-
وليد اللافي لـ RT: البرلمان الليبي انحاز للمصالح السياسية وا
...
-
ميزنتسيف: نشر -أوريشنيك- في بيلاروس كان ردا قسريا على الضغوط
...
-
خوفا من الامتحانات.. طالبة مصرية تقفز من الطابق الرابع بالمد
...
-
ألمانيا وفرنسا وبريطانيا تدعو إيران إلى -التراجع عن تصعيدها
...
-
طهران تجيب عن سؤال الـ 50 مليار دولار.. من سيدفع ديون سوريا
...
-
محكمة مصرية تؤيد سجن المعارض السياسي أحمد طنطاوي لعام وحظر ت
...
-
اشتباكات مسلحة بنابلس وإصابة فلسطيني برصاص الاحتلال قرب رام
...
-
المقابر الجماعية في سوريا.. تأكيد أميركي على ضمان المساءلة
المزيد.....
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
المزيد.....
|