|
مواسم الحصاد
ازهار علي حسين
الحوار المتمدن-العدد: 1973 - 2007 / 7 / 11 - 05:33
المحور:
الادب والفن
مواسم الحصاد ... ورور: تودين مثل كل موسم تمجيد بطولات الحصاد ...؟ غبشه : ولم لا ؟ والحصاد تكرار إستثنائي ..؟ ورور: أستطيع سماع أفكارك وأنت تخمنين أني تركت يدي تعبث تحت ثيابك ، لكي أكون ضـمن تعداد بطـولات الحصاد .. حين أحست غبشه ، كوية الإشتياق ، اللا مبرر ، لورورالقهوجي ، الرجل الذي لم يكن ليطالبها ، بأقل مما يطالبها رجل سواه ممن يحضرون في طلب المتعة الرخيصة ، وأيضاً لم يكن ليمنحها ، ثمناً أكثر ، مما يمنحها سواه ، إلا بعض تلك الأغان المرتجله ، بصوته العذب ، في حالات نشوته التي لاتتبع وقتاً مسمى ، أو حالة مدروسه ، لفرح أو حزن .. كان ثمة إدراك مرٌّ يسبح متمرداً داخلها ، يعزو نفسه الى سابق معرفتها بالكثير ، عن تلك التفصيلات الصغيره الخادعه ، التي لاتستوعب روائحها ، سوى رائحة الحمق ، تلبس ثوب ضحكات وهمسات مبطنه ، يتقنها بالكثير من الحذق ، أولئك الرجال ، ممارسين ألاعيبهم ، وموهمين مشاعر النساء بالحب .. أما ورور المتخفي في ظل نحيب الناي ، ووجع الأبوذيات المشحونه ، تلك التي عرفت وإشتهرت ، أكثر مما عرف إسم قرية (السعيدان) ببريقه المقرون بعبق سنابل العنبر ، مزدهية بغنجٍ أنثوي ... فلم يكن رهن أبوذياته ، وديوان (المحفوظ) العامر ليلاً ونهاراً ، وشجى أغانيه السابحة في هواء القرى ، فحسب ، بل ورهن ذاكرته الثقيله ، المحمله بكل الأخبار الملتهبه ، منطلقة من مذياعه الأسود الصغير ، الذي عد قريناً لايفارقه ، مغذياً برعبها ، تلك الأنباء المحمومه ، النفوس الخرسة ، ببدأ سرده لنشرته اليوميه ، في الساعة المعلومه ، تتخللها فترات شرح مفصل ، لمعنىً مزوي ، أو إسم مبهمٍ غريب ، أو كربطٍ بديهي ، مابين نبأٍ كان قد تسرب من الأذهان ، وآخر أذهلها للتو .. حين قدمت غبشه ، دون سبب معروف ، قرية (السعيدان ) في وقتٍ كانت الرهبة المتسربه من خبر إستيلاء وسيطرة ، جيش الحكومة مجدداً ، على المناطق الثائره ، والتي عدت (السعيدان ) منها ، وضمنها ، تلزم حتى حظر النظر من ثقوب الأبواب الموصده ، في الوقت الذي لم يكن لأحد أن يتحرك أو يتجول في الشوارع ، سوى الرصاص المتناثر ، وثورات الجثث الممزقه ، وبساطيل أول أفراد الجيش المتقدمه .. كانت غبشة تطرق أبواب الدور الطينيه الموصدة على الرعب ، بعنفٍ جارحٍ ، في محاولة مستميتة ، للتشبث بآخر خيوط الحياة . وجه غبشة الشاحب ، والجنود يقتادونها ، وكف الرعب المتسربه مع صرخاتها ، منسلة عبر فجوات الأسى ، كانت الى الأبد هاجساً عنكبوتياً خانقاً ، يفترس ذاكرة القرية ، المختبئة مابين سعفات النخل ، ورائحة التراب المندى ، والريح التي حملت وصمة مدويه ، دستها في العيون المتحجره ، لم ترحم نفسها ، إلا بإنزواءٍ مخذول ، في ظل النحيب المتخفي وراء الأيدي المتعبه ، والمساحي المعطله .. الوحيدة ذاكرة ورور القهوجي ، كانت الأكثر إلحاحاً في تحطيم هاجس مخذول ، كان يلوح في الأفق ، وكانت الغضب ، الأعصار الذي لم يكتف إحتفاءاً بمزن المحاجرالمطله ، وتعدتها كموقف كان إلغاءاً ، لكل موقف سواه ، عبر مشهد إغتصاب الجنود المستثارين ، برائحة الموت ، لغبشه ، في حوض بساتين النخل ، تهاجمها فكرة إنفلاق الأرض وإبتلاع ذواتها المتهاويه .. وفي طرف المدينة الأقرب الى القريه ، إعتادت الدار التي إستقلتها غبشة التي عرفت وقتئذ بإسم (نواره) ، ورفيقاتها ممن إعتدن إبتياع الحب في ظلام الغرف ، الأحتفال في نهاية موسم الحصاد من كل عام ، ببطولة مسجلة على الجدران ، تحصد غبشة بطولاتها ، عبر طلب أعداد رجال القرية ، لـها دون سواها .. كان أسم (نواره) عنواناً ، لم يكن ليظلل أحداً من أولئك السعدانيين ، ممن ينوءون بلذة إستمتاعهم ، بثقل الجراح المستثاره ، والهاجس المخذول ، في نهاية مواسم الحصاد ، يحملون كل عام ، أنباءاً متناقضه ، خجله ، عن رؤية ورور القهوجي ، في السجون الظلماء ، أوخبر عن إعدامه ، في أماكن مجهوله ، يتحدثون لها دون إعتراض ، بسرعة مفرطة الإرتباك ، تحكيها عنهم أجفانهم الراعشه ، وشفاههم المرتشنجه ، وأصواتهم الشحيحه ، حين تسألهم ، مطالبة عيونهم الوقحه ، بالدين الحقيقي اللامدفوع ـ عفتها ـ... لم تكن غبشة لتوهم نفسها ، بحياة ورور ، قدر ما إقتنعت بموته ، في وقت كان الأقرب لموسم الحصاد ، حين سبق نبأ تداول أبوذياته مجدداً ، في القريه ، حدث قدومه إليها ، فحين تمثل الذوات ، نار المأساة ، لاتمتلك إلاقدرة الأحتراق بها ، كوقود لأدامة الإحتفال إدامة فعليه ، وحتىيظهر ورور من جديد ...
#ازهار_علي_حسين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هواجس الرحيل
-
لزمن اطول00
-
زوايا مهرجان الصمت
المزيد.....
-
-الشارقة للفنون- تعلن الفائزين بمنحة إنتاج الأفلام القصيرة
-
فيلم -الحائط الرابع-: القوة السامية للفن في زمن الحرب
-
أول ناد غنائي للرجال فقط في تونس يعالج الضغوط بالموسيقى
-
إصدارات جديدة للكاتب العراقي مجيد الكفائي
-
الكاتبة ريم مراد تطرح رواية -إليك أنتمي- في معرض الكتاب الدو
...
-
-ما هنالك-.. الأديب إبراهيم المويلحي راويا لآخر أيام العثمان
...
-
تخطى 120 مليون جنيه.. -الحريفة 2- يدخل قائمة أعلى الأفلام ال
...
-
جائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي تكرِّم المؤسسات الإع
...
-
نقل الموناليزا لمكان آخر.. متحف اللوفر في حالة حرجة
-
الموسم السادس: قيامة عثمان الحلقة 178 باللغة العربية على ترد
...
المزيد.....
-
مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111
/ مصطفى رمضاني
-
جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
رضاب سام
/ سجاد حسن عواد
-
اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110
/ وردة عطابي - إشراق عماري
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
المزيد.....
|