أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - بوعبيد عبد اللطيف - القراءة بين تحقيق المتعة وإبدال جهد فكري وذهني.















المزيد.....

القراءة بين تحقيق المتعة وإبدال جهد فكري وذهني.


بوعبيد عبد اللطيف

الحوار المتمدن-العدد: 1969 - 2007 / 7 / 7 - 11:58
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


أنطلق من تساؤل جوهري لماذا الكتابات التافهة وكما أشرت في مقام آخر كتابات الرصيف, أكثر قراءة من الكتابات الرصينة والعلمية؟, ورغم وضوحه, يحيلني هذا التساؤل على آخر مضاد, وهل الكتابات الأكثر قراءة تعتبر تافهة؟. سنحاول إذن كشف فعل القراءة رغم أنه مرهون بالدوافع والحاجيات والميول, والظاهرة على ما يبدو مرتبطة بحالة نفسية عامة تقوي الإقبال على نوع من الكتابات لدى القراء دون أخرى, فعلى المستوى الأنتربولوجي نعلم أن الإنسان وقبل الفكر الحكمي والإرهاصات الأولى للفلسفة مع الأيونيين الأوائل, كان يعيش الأساطير على أساس أنها حقائق وكان يستمتع بتداولها وحكيها والانفعال معها وظلت هذه النزعة مرتبطة بالجماعات, مادامت تلبي لديها تحقيق الرغبات والنزعات التي تخترقها خاصة الصراع بين الشر والخير والحب والكره, والمرتبطة بالحروب والبطولات, وصراع القوة والضعف, وذلك كان يتم غالبية داخل ثقافة شفوية جماعية تنتقل من جيل إلى آخر وقبل اكتشاف آلة الطباعة التي ستحول وجه العالم وتحدد علاقة خاصة وجودية بين الفرد وذاته من خلال تعميم فعل القراءة الذي هو حديث في تاريخ الإنسان بشكله المعمم, مع انفجار المعارف وانتشارها وتعدد التخصصات وتنوعها في جميع الميادين المعرفية, بدون استثناء, ثم تحول الأدوات التي تحقق ذلك الفعل, فبفضل التطور التقني, في السنوات الأخيرة ظهر نوع جديد, من وسائل التعبير الكتابي, الجرائد الالكترونية والكتاب الالكتروني التي بالتأكيد سيتطلب أجيالا لتعميمها, و لخلق نوع من الألفة النفسية معها, هل سنتحدث يوما على العصر الورقي؟ كناية بتاريخ الورق الذي قد يختفي كوسيلة نعبر من خلالها كتابيا.
فعل القراءة ثابت لدى جميع الأفراد وعلى المستوى الكوني رغم أن القراءة نفسها مستويات, تختلف من فرد إلى آخر حسب تكوينه العلمي والثقافي وميولاته المعرفية وقدراته التحليلية.
سنحاول أن ننطلق من علاقة خاصة للإجابة على تساؤلنا الجوهري, باعتبار فعل القراءة عنصرا تابتا داخل خاصية أساسية تستحضر على المستوى النفسي متغيرين اثنين نراهما متناسبين مع فعل القراءة, وهما ميكانيزم نفسي يرتبط بمدى تحقيق القراءة للمتعة والتي يجدها كل قارئ في النص المقروء ومدى إبداله مجهودا ذهنيا وفكريا أي إهداره للطاقة, بخصوص نفس النص, وقد نختزل هذه الخاصية في علاقة رياضية نجدها تبسط بشكل كبير تصورنا لفعل القراءة وعلاقته بالمتغيرين ,
تحقيق المتــــــــــــــــعة
القراءة= ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
حرق الطاقة (أي بذل مجهود فكري وذهني)

أي كلما ثم حرق الطاقة بإبدال مجهود فكري وذهني يستدعي تحضير الانتباه خلال قراءتنا تنقص درجة الإحساس بالمتعة وهذا يفسر من جهة الإقبال على قراءة الحوادث, و المشاكل الاجتماعية والنفسية, وأخبار الجنس و الرياضة والكتب بسيطة التعبير, والقصص والأساطير والروايات...إلخ لأنها جميعها تشترك في عنصر تحقيق متعة لقارئها وفي الحين نفسه لا تكلفه إبدال أي مجهود ذهني أو فكري كبير, بينما نلاحظ أن الكتابات العلمية والمتخصصة أقل قراءة من غيرها, لأن لغتها مجردة وقراءتها تستدعي امتلاك مفاهيم معينة تعتبر مفاتيح فك رموز تلك الكتابات,وتستدعي كذلك تراكما معرفيا للفرد القارئ, لذلك يتم الإقبال على الكتابات التي لا تستدعي مجهودا عقليا وكما أشرت سابقا لكونها تخاطب الوجدان فقط كالكتب الصفراء وكتابات الجرائد, ويخف هذا الإقبال مرورا بالكتابات المتخصصة إلى الأكثر تخصصا, كالكتب الفلسفية, أضع سؤالا كقياس, للمهتمين بهذه الكتابات, كم منا قرأ كتاب هكذا تكلم زرادشت؟ لنيتشه ولم يكتفي فقط بالقراءات التي تناولت بالتحليل هذا الكتاب؟.
أتساءل من جهة أخرى ماذا لو كان المجهود الفكري والذهني منعدم يعني ليس هناك حرق للطاقة في عملية القراءة , المعادلة الرياضية التي حاولنا تبسيط فعل القراءة عبرها, تمنحنا حلين إثنين مقنعين, الأول يجعل القراءة لاجدوى منها, المسألة ليس لها علاقة بالفهم هنا, يعني بلغة مبسطة تكون القراءة نفسها منعدمة والحالة الثانية تصبح عميلة القراءة مطلقة بضبط خارق للنص المقروء, كما هي حالة بعض المصابين بمرض التوحد autisme ككيم بينك Kim Peek الذي تختلف عملية القراءة لديه بمجرد أن يقرأ كتابا أو مقالا بدون أن يبدل أي مجهود ذهني أو فكري يضبط تسعين في المائة مما يقرأ رغم أن القراءة هنا تستدعي حضور متغير الذاكرة, التي تختلف من شخص إلى آخر, لكن في قراءة كيم لا يمكن أن نتحدث عن متعة ما, وذلك مرتبط بحالة التوحد التي يعاني منها, ولا يبدل جهدا بالمرة في قراءاته أي بلغة رياضية حرق الطاقة لديه يتجه نحو العدد 0 أي منعدم, مما يجعل عملية القراءة لديه مطلقة.
ما هي الكتابات التافهة و ما هي الكتابات الرصينة؟
يصعب تحديد نوع الكتابات وتقييمها من كتابات تافهة إلى كتابات رصينة, لأن وجهات النظر تختلف حسب التكوين المعرفي والتراكم الثقافي والتوجه الإيديولوجي الذي يختلف من فرد إلى آخر, فالكتابات التي تبدو لي رصينة لأنها تلبي لدي حاجات خاصة لأنها قادرة على الكشف لا عرض الظواهر و تعتمد منهجا علميا وتحليليا في عرضها وتعمل على مخاطبة العقل وخلخلة مفاهيمه ولا تستغل حاجات نفسية أو اجتماعية أو إيديولوجية لبناء خطابها , قد لا تكون رصينة بالنسبة للآخر لكونها تتعارض مع توجهاته الفكرية. كتابات ماركس مثلا ليست ذي أهمية وليست رصينة عند جل الإسلاميين لأنها تنطلق من نكران الدين, والعكس كذلك فالكتابات الدينية يعتبرها البعض تافهة لكونها تحريضية مثلا أو لكونها فقط تقوم على الترهيب والترغيب والنواهي والتحريم... وكذلك الكتابات التي تثير المشاكل الجنسية بعرضها فقط أو تعمل على تحليلها لكن ليس من أجل قصدية علمية ولكن من أجل تحقيق مبيعات معينة تدخل هذه الكتابات إذن ضمن التافهة, لأن بكل بساطة تفقد قيمتها العلمية على حساب الجانب الاقتصادي(المبيعات), إن أي كتابة تقوم فقط على عرض الظواهر, خارج الكتابة التاريخية, تدخل ضمن الكتابات التافهة لأنها لا تمتلك تصورات علمية تحليلية, هنا يتبادر إلي تساؤل آخر ,هل الكتابات الأكثر مبيعا ليست رصينة؟ تقييم تلك الكتابات وكما أشرت يختلف حسب التكوين الأكاديمي و العلمي للفرد, كتابات هاري بوتر حققت مبيعات خيالية جدا ويعتبرها البعض كتابات مهمة بينما العديد من المثقفين والنقاد يعتبرونها كتابات غير رصينة أو تافهة لأنها تلبي فقط متعة أثناء قراءتها ولا تعمل على أي تغيير أو تحليل وهذا النوع من الكتابات يستغل فقط احتياجات الفرد النفسية للهروب قليلا من الواقع عبر قراءتها, ورغم أنها مهمة في جانب التسلية والمتعة التي نحتاجها من الحين إلى الآخر أمام اكراهات اليومي لكن غير ذي جدوى مادامت تفتقر إلى آليات التحليل أو التغيير, أو قلب المفاهيم, وهي وجهة نظر نسبية كما حددت من قبل, لكن هذا لا يعني أن كل الكتابات التي تحقق مبيعات هائلة ليست ذي قيمة, مثلا رواية اسم الوردة لأمبرطو إيكو وحجم المبيعات الهائلة التي حققتها, فالنقاد جميعهم أكدوا على أهمية قيمتها العلمية ورصانتها لكونه أحدثت توجها جديدا داخل الحقل المعرفي الروائي والنقدي , ورغم أن أمبرطو إيكو باحث سيميولوجي كبير لم يشتهر بكتاباته في السيميولوجية الأكثر علمية, بقدر ما أشهرته روايته إسم الوردة, والسبب واضح لكون الكتابات السيميولوجية ليست أكثر قراءة من الروايات لأن المسألة مرتبطة بنزعة جماعية والميل إلى قراءة ما يمتعنا وليس ما يجعلنا نبدل جهدا فكريا أو ذهنيا, فالإنسان لا يريد أن يبدل جهدا فهو يميل إلى الكسل وعلى المستوى النفسي يميل إلى تحقيق المتعة بأقل جهد ممكن .

لماذا كتابات الجرائد اليومية ليست رصينة؟ أولا حضور هاجس المبيعات وضرورة الإنتاج اليومي ثانيا تعمل فقط لعرض الظواهر و تحاول تلبية اهتمامات جميع شرائح القراء, وغالبيتها تستغل الحاجات النفسية والاجتماعية والإيديولوجية للفرد. بالتعرض لما يريده الفرد,وأهداف أصحابها, هذا التحليل يجعلنا قادرين على ضبط الصفحات الأكثر قراءة في الجريدة الواحدة, فمثلا صفحات الرياضة تدخل ضمن الحيز الأكثر تصفحا لان الثقافة الرياضية أكثر انتشارا بسبب الإعلام والاهتمام الفردي, ثم تلك المرتبطة بالمشاكل الاجتماعية والنفسية والسياسية والحوادث والأخبار الفنية والأدبية, ثم يأتي الخبر السياسي في آخر المقالات التي تقرأ ضمن الجريدة لكونها تحدث مللا ولكونها فقدت قيمتها ومحتواها الدلالي لدى القارئ, إذن الأفراد يميلون أكثر لما ما يجدونه يتناغم مع أفكارهم وحاجاته النفسية . وتبقى أسئلة أخرى مطروحة كيف يتم التمييز بين الكتابات الرصينة والكتابات التافهة ومتى يتم الوعي بها في المسيرة المعرفية لكل فرد قارئ؟



#بوعبيد_عبد_اللطيف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ارهاصات فلسفية: المسؤولية
- ارهاصات فلسفية: العمل والابداع
- انتصار الجهل
- أنا, أنا وأنت, أية علاقة؟
- الموت: الوجود الذي لا ننتمي إليه
- مشاهد


المزيد.....




- أمريكا تكشف معلومات جديدة عن الضربة الصاروخية الروسية على دن ...
- -سقوط مباشر-..-حزب الله- يعرض مشاهد استهدافه مقرا لقيادة لوا ...
- -الغارديان-: استخدام صواريخ -ستورم شادو- لضرب العمق الروسي ل ...
- صاروخ أوريشنيك.. رد روسي على التصعيد
- هكذا تبدو غزة.. إما دمارٌ ودماء.. وإما طوابير من أجل ربطة خ ...
- بيب غوارديولا يُجدّد عقده مع مانشستر سيتي لعامين حتى 2027
- مصدر طبي: الغارات الإسرائيلية على غزة أودت بحياة 90 شخصا منذ ...
- الولايات المتحدة.. السيناتور غايتز ينسحب من الترشح لمنصب الم ...
- البنتاغون: لا نسعى إلى صراع واسع مع روسيا
- قديروف: بعد استخدام -أوريشنيك- سيبدأ الغرب في التلميح إلى ال ...


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - بوعبيد عبد اللطيف - القراءة بين تحقيق المتعة وإبدال جهد فكري وذهني.