|
محطات سلبية في المعادلة السياسية العراقية
أحمد الجُبير
الحوار المتمدن-العدد: 1967 - 2007 / 7 / 5 - 06:30
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
يتسم عمل النخبة الحاكمة في العراق حالياً بالتخبط، وعدم القدرة على إختيار المنهج الصحيح، الذي يمكن أن تتبناه سياسياً والإتجاه الإيجابي الذي يمكن أن تسلكه إقتصادياً. أماعملها فمقتصر على إنتظار مايصدر اليها من توجيهات وتعليمات من قيادة الإحتلال لتنفيذها. فمشاريع مثل "المصالحه الوطنية! "و"تقاسم الثروات! "و"الأستثمار! "و"قانون النفط" وقد يصل الحد الى "قانون الجنسية!"، كلها من صنع الأمريكان وقد صيغت فقرات هذه المشاريع في مراكز أبحاثها ومقرات شركاتها العملاقة، وليس للحكومة الحالية سوى تلقي الضغوطات من أجل التنفيذ. أما هموم النخبة فلا يتعدى بأكثر من الصراع على ما سيئول لكل منهم من حصه ليس إلا.
هل الإحتلال وحده المسؤول عما يحصل بالعراق؟ كلا. إذ لولا هذه المجاميع التي تساعد الإحتلال، لما إستطاع الأخير الأستمرار والقيام بكل شيْ. ولعجز عن تقديم كافة المستلزمات المطلوبة لشعب يقارب من خمسة وعشرون مليونا، أي أنه سيكون مقصراً وفق ماتفرضه عليه الإلتزامات الدولية كونه المسؤول عن قيادة البلد، ومن ثم لابد له من تقديم كافة المستلزمات المطلوبة لإعالة ذلك الشعب المحتل. وبحساب بسيط فأن العدد الأجمالي للقوات المحتلة حتى لو تفًرغت بالكامل لتقديم الخدمات للشعب العراقي فإنها ستكون غير كافية لتلبية إحتياجات كافة أفرد المجتمع، بمعنى إنهم سيكونون بحاجة الى عدة أضعاف لهذا العدد من أجل تقديم الخدمات فقط، ناهيك عن المهمات القتاليه. وهذا ما كان يصعب على المحتل أن يوفره. ولكن هذه المجاميع العاملة معه اليوم قدمت له الخدمة المطلوبة ووفرت عليه الجهد والوقت، وحلًت نفسها في المكان والوقت المناسبين، تحت مسميات تحرير البلد وخدمة الوطن وتحقبق والحرية والديموقراطية و..الخ. فرغم المسؤولية الأساسية للإحتلال لما وصل اليه البلد اليوم، إلا أن الهيئةَ الحاكمة من "مؤيدي الإحتلال ومريديه والحاكمين بإسمه" تتحمل هي الأخرى المسؤولية كونها المساعد واليد المنفذة لما يريده الإحتلال.
ماهو الدور الذي تلعبه الفئات الحاكمة في العراق؟
التيارات والأطراف المتصارعة على السلطة في العراق اليوم لعبت ولاتزال تعلب، الدور الأكبر في عمليات الهدم والتخريب والنهب المنظم لكل شيء، وهي عمليات تصب بالنتيجة في مصلحة أعداء البلد من كل الجهات. ولكن أهم وأخطر الأدوار التي تؤديها تلك الأطراف بجداره هي عملية تسيس الدين وجعله في خدمة السياسة وليس هذا فحسب وإنما الإستخدام السيء للدين، إذ أن المستخدم منه هو "الشق الطائفي"، الذي هو بالأساس إعتداء على الدين ذاته وبالمؤمنيين به، كما وإن هذا الجانب هو منفذ الأعداء للتشويه بالدين والإعتداء عليه. لذا فإن وقعت لاسامح الله حرب أهلية وهي أم الشرور"والتي يتوقعها الكثير من المحللين في أوربا"، فسيكون سببها هولاء الذين يساهمون في قيادة البلد نحو الهاوية، وبالتأكيد فأن هذا هو مايسعى اليه المحتل ولأجله يدعم توجهات هذه الفئآت الغير واعية سياسياً.
ماهو دور رجال الدين لما يحصل في العراق؟
في البداية لابد لنا القول من أن رجال الدين ما كان لهم الدخول في معترك السياسة، لأسباب نبين منها : * إن رجال الدين لهم مهام تختلف عن رجال السياسة. *أن صفات رجال الدين لاتتطابق وما يمتلكه السياسيون في عالم اليوم . * أن طبيعة ووسائل عمل كل طرف تختلف عن الآخر. بمعنى إن لكل منهم عمله المنوط به، فدخول أيً طرف على الطرف الآخر، يعني تدخل هذا الطرف في شؤون الطرف الآخر. والمعروف في عالمنا، هو السماح لرجال الدين للتدخل في السياسة، ولكن لايسمح لرجال السياسة بالتدخل في الدين، إلا بالطرق الملتوية، بمعنى أن يستخدم الحاكم رجال الدين لأغراضه السياسية (وما أكثرهم في عالمنا اليوم). فخدمة رجال الدين لأغراض الحاكم تعني إستخدام الدين لأغراض سياسية، وأبغض مايقوم به رجال الدين اليوم هو تنفيذهم لسياسات التفرقة الطائفية، وهو تنفيذ جاهل لسياسات جاهلة. لأن النتائج المترتبة على هكذا عمل سياسي، ستكون تفكك المجتمعات أو الحرب الأهلية، وخصوصاً في المجتمعات التي تفتقد للمركزية كما هو الحال في العراق اليوم. "والحروب الأهلية هي من أسؤأ الحروب التي مارستها المجتمعات على مدى التاريخ، وجروحها لايكمن شفاءها إلا بعد زمن طويل". وبما أن رجال الدين لايمتلكون قدرة التحاور والوصول الى نتائج توحًد كلمة المجتمع، فإن هذا يعني بأن الأمل مفقود في أن يكون لرجال الدين الكلمة الأخيرة لحسم الصراع، ناهيك عن إرتباطات كل طرف بأطراف (لايعجبها أن تتوحد كلمة أبناء العراق)، وتنفيذ رجال الدين لهكذا معادلة تضعهم في مقدمة الناس الذين سيتحملون مسؤولية مايحصل جنباً الى جنب مع النخبة الحاكمة سواًءً رضوا أم لم يرضوا.
#أحمد_الجُبير (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الممكن والمستحيل في بناء الدولة العراقية المُوًحدة
-
نزعة الحرب المقدسة في الديانات السماويه
-
صفقات السياسه الرديئه تقود الى إذلال البلد الى مالانهايه
-
أزمة العلاقات السياسيه الدوليه تسببها السياسات الخاطئه
-
ما الجديد في المحادثات الأمريكيه / الإيرانيه في بغداد. ؟
-
خيوط الترابط والمحبه بين الأديان تقًطعها السياسه والمصالح
-
الإنسحاب بات وشيكاً.. وماذا بَعد ؟
-
الفكر السياسي في دولة الإسلام والمواقف العدائيه للغرب
-
رؤية مستقبليه لدولة الصراع السياسي في العراق
-
الإحتلال يحرض على الطائفيه في العراق
المزيد.....
-
السعودية تعدم مواطنا ويمنيين بسبب جرائم إرهابية
-
الكرملين: استخدام ستورم شادو تصعيد خطر
-
معلمة تعنف طفلة وتثير جدلا في مصر
-
طرائف وأسئلة محرجة وغناء في تعداد العراق السكاني
-
أوكرانيا تستخدم صواريخ غربية لضرب عمق روسيا، كيف سيغير ذلك ا
...
-
في مذكرات ميركل ـ ترامب -مفتون- بالقادة السلطويين
-
طائرة روسية خاصة تجلي مواطني روسيا وبيلاروس من بيروت إلى موس
...
-
السفير الروسي في لندن: بريطانيا أصبحت متورطة بشكل مباشر في ا
...
-
قصف على تدمر.. إسرائيل توسع بنك أهدافها
-
لتنشيط قطاع السياحة.. الجزائر تقيم النسخة السادسة من المهرجا
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|