|
محاولة قراءة جديدة لانعتاق الروح .. تجربة ذاتية 2
أمل فؤاد عبيد
الحوار المتمدن-العدد: 1963 - 2007 / 7 / 1 - 05:50
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
قبل اتخاذ القرار تكون الأشياء واضحة ولكن على غير علاتها ..إنما من خلال أقنعة زائفة ..تخايل الذهن والفكر والإحساس.. حتى تستقطب ما يمكن استقطابه من مؤيدين ومرابين .. هى مسألة عادية ..كعادة الحياة في ظهورها من خلال أثوابها العادية .. الاعتيادية والمألوفة للنظر والحس إنها مسألة اشتياق تمارسها الموجودات والأشياء على الحواس والغرائز .. هنا تصبح الروح وكأنها في معتقل لا مفر منه غلا بصرخة عالية .. إلا بمطلب قاسي يخرج أو يتجاوز العادي والمألوف .. في هذه اللحظة وبعد انتهاء معاناة البدء .. ربما بقليل وبأقل من القليل .. أي بعد مرحلة التجهيز لاستقبال التآخي مع الروح .. واستبعاد أسر النفس .. أو تمكين الروح من حلقة حضور أولى .. وهي حلقة الظهور والانفلات .. وبدء تحسس طريقها .. تعجز الحواس في سيطرتها عليها سيطرة كاملة .. ولكن يبدأ الصراع في الظهور وسوف تقوم قيامته مع إحساس النفس الأول بأن هناك تآمرا عليها .. فتصبح النفس بكل ما لها من رغبات اشد حضورا وأكثر قسوة .. وتصبح الروح في حضورها في تفعيل حصانة من نوع جديد .. وهذا لتعرفها على حضورها الجديد .. ومن ثم لا تريد فقد ما حققته من حضور أو من مكتسبات .. وخروجها من حلقة العادة والمبتذل .. ومن ثم تصبح نوازع الرفض أقوى واشد حضورا أيضا .. وهذا لتحقيق المانعة النفسية المطلوبة لمرحلة التسامي والنضوج .. من هنا لا بد من ظهور الألم كعامل حاسم في المسألة .. لتغيير طبيعة الجسد وما اعتاد عليه من طبيعة .. وطريقة تفاعله مع حواجه والعالم الخارجي .. ولا بد في هذا الوقت من اكتساب مقدرات جديدة للرفض .. للسيطرة للقوة والابتعاد عن نهج الألفة السابقة الاعتيادية مع العالم الخارجي والبشر .. من أيضا لا بد من مقاومة احتلال الرغبات حيز الروح المتحرر من أسرها من قبل.. وبعد أن تكون مفهومات جديدة قد تأسست وبدأت في الظهور والتمكن تصبح المعركة أو الصراع على أشده .. ما بين إحساس الروح بذاتها وحضورها وبدء انطلاقها وبين رغبات النفس والجسد .. وليس معنى هذا الحضور الروحي سوف يلغي أي رغبات نفسية أو جسدية .. غنما وبعد تمكين الروح من استحضار قوتها وفاعليتها وحضورها ومن تغيير وجه اللعبة النفسية وكيفية التعامل مع كل من النفس والجسد .. سوف تحضر الرغبات المتكيفة أو المكيفة حسب ما تستسيغه الروح ويتآلف معها .. أي بصورة متسامية مطلوبة .. فليس المقصد من هذا هو التعالي المطلق على الحياة .. ولكن الغوص فيها من جديد بممكنات وأدوات جديدة .. هي من قبيل المنح الروحية التي تتجلى في أجمل صورها .. في إنسانيتها .. هنا يصبح القلب محل الم قد يهوى به في متاهات لا حل لها .. غلا بصلاة من نوع جديد .. ومن هنا تبدأ وجهته في التغيير .. من الأرض إلى السماء .. لتتبدى له أسطورة الظلام والنور من جديد .. ولكن في مراتب عليا وسماوية .. أكثر منها دنيوية أو مادية مباشرة .. أي أن استحضار الغيب مسألة تتعلق بحس القلب واستشفافه ما هو فوق الحس المباشر .. وبعد أن كان القلب متوهجا بكلمات عشق مادية .. يصبح مشتاقا لكلمات ولغة عشق روحية .. غير مرئية .. تتبدى في أثواب جليلة .. هي لغة محسوسة ولكنها ثقيلة في وزنها المعنوي .. أي أنها تنطلق من المحسوس إلا أنها تتجاوزه إلى أبعد منه أو ما هو فوقه .. تعطي أو تمنح للأشياء رحيقها وألوانها وعطرها من جديد .. وتصبح معالم الكون في شكل غير مفهوم في بدئه .. ولكنه ومع انقطاع القلب عن شهوة الحياة المادية رويدا وبترفعه عن مستوى المادة المحسوس .ز تصبح اللغة مفهومة ومرئية وواضحة .. للتعرف عليها الروح .. ومن خلال هذا التعارف .. تعرف الروح طريقها .. ترتفع من أسرها القديم .. وتتخلى عن فكرة العودة لما كانت عليه في سابق عهدها من سلبية أو تحجيم .. وتبدأ الحرب - على اشتعالها - في الهدوء .. ولكنها مرحلة هدنة غير طويلة الأمد .. ذلك أنها سوف تستعيد انخفاضها من جديد مع كل لائحة عرض جديدة من الحواس والحس .. واستغلال صمتها الراهن لتنقض النفس من جديد عليها .. ولكن الروح تبدأ في وعي موقفها الجديد أمام هذا الانقضاض أو هذا الحصر بأن تبدأ المقاومة أو التفاني في تحرير قوتها .. بان تتفوق على هذا الصراع .. للتخلي عن فكرة الهدوء والراحة حتى تتمكن من إرادتها من جديد بعيدا عن النفس ومغرياتها وإلحاحها .. التي تحاول السيطرة عليها أو تحجيمها من جديد بكل ما تملك من قوة .. ولكنها في النهاية هي قوة واهية لا تملك أن تصمد أمام قوة الروح وصلابتها وحقيقتها الخالدة .. ما بين الجذب والتراخي .. تبدأ اشتعال فكرة التحرر المطلق مع الله عند معرفة طريق النور من قلب الظلام .. والذي بدأ مع إطلالة الفكرة الأولى التي أدركها عقل المتحول .. لتتبدى في ثوب جديد .. ليس ثوب المتحدي والمعلن عن ثورته .. إنما ثوب من أدرك خفايا الأمور على نحو حقيقي .. وأراد التخلي عن نزوع القناع نحو الأرضي .. واللا معقول .. ليدرك أرضا جديدة .. لم تطاها قدماه من قبل .. ليفرح فرحة جديدة.. هي فرحة الحرية والشعور بها على انطلاقها ز. هي فرحة المعتوق من اسر الأسر بداية .. سجن النفس المحدود .. لينطلق في رحاب فضاء أوسع غير محدود .. في هذه المجادلة والمداولة النفسية الروحية .. تستعصي على الفهم مبادئ حسابية جديدة .. تعلو نبرتها كلما جاهدت الروح مبدأ الاستسلام لنزوع الهوى والنفس لتحقيق مكاسب مباشرة مادية ملموسة .. وتتراءى للروح مكاسب لا يفهمها إلا هي ولا يعرف مكتسباتها سوى مقدراتها التي أصبحت متفوقة على نفسها .. ليصبح أو يتحول شكل الحب / الطلب لديها .. أولا إلى حب الروح لذاتها وتقديرها لذاتها على نحو جديد ومبدع .. تتحسس مقدراتها الجلالية والسامية رويدا رويدا .. لتتجلى أفعالها المبدئية رواحا ومجيئا ..وما بين الرواح والمجيء تتبدى علل النفس والهوى .. وثقل الأوزار على صغرها أيضا .. والآفات النفسية .. على بساطتها .. من هنا تصبح الدموع سبيلا لنوع من التناجي الروحي والشعور بالخلاص .. في عقم اللحظة المعاشة والتي لم تدرك بعد نهايتها إلا قليلا .. ولكنها لحظة التحرر القاسي على النفس .. والراغب في الصعود .. إنه الصعود والتصعد إلى أعلى .. والارتفاع على شهوات النفس على مشروعيتها وترابية الجسد ومادية الشهوة والرغبة .. وما بين الصعود تارة .. والهبوط تارة ثانية .. تتأرجح الروح وتعاين مناطق جديدة لها .. فليس هذا التأرجح نوعا من الهذيان أو التيه .. بقدر ما هو نوعا من التسامي ومحاولة التحرر من قيودها ولكن بطريقة تبادلية .. أو إحلالية حتى لا يكون مصدر النور في لحظة هو مصدر علة أو صدمة قاسية .. لذا فإن هذا التراوح يأخذ شكل الرحمة .. حتى تتلبس الروح بثوبها الجديد وتستطيع من ثم أن تجسد مطالبها .. وتحقيق وصولها عبر الظلام إلى النور .. في لحظات عشق وتحرر أبدي .. وما بين الصعود والهبوط تتأرجح الروح والكيانات النفسية المباينة لنزعات الجسد والحس .. تأرجح ما بين بين دون ثبات على حال واحدة .. إنه في الحقيقة بحثا عن اليقين .. او وجهة اليقين الذي سوف ترتاح إليه ويصبح سكنا لها .. ومقرا .. عن نور الله في صلبها .. وحولها وفوقها وما يحيطها .. هو البحث عن نقطة صالحة للبدء على نحو خلاق وجديد .. يمنحها حضورا وفاعلية .. وما بين هذا التأرجح الذي يتخذ له موازنات جديدة في قياس الحق والباطل .. تصبح لعبة اللغة أحق الحقائق في استجداء المعنى والنصر والتوفيق .. وتصبح لعبة الشوق للمجهول / المعلوم / الغيب / الله .. واللا متحدد واللا متجسد واللا محسوس مسألة كبرى .. أو مطلب غالي .. وحقيقي تتعالى فيه الروح ويصبح الجسد والنفس محكوما بأمرة الروح .. وما تألفه هي .. وما ترتاح إليه ويتوافق وإياها دون سلب لحقوقهما المشروعة .. ولكنها مسألة وقت حتى تصبح النفس قاب قوسين أو أدنى من سيطرة الروح .. إنها بمشيئة الخالق .. مسألة وقت لا يحدها زمان أو مكان .. لتصبح الروح فوق محدودية الجسد والنفس .. أي تحتويهما .. وتصبح المعاني قياسا بما سبق لا مفهوم لها ولا قيمة .. ويصبح العقل في حل مما يجمع من معلومات ومفاهيم .ز ومباني فكرية قديمة .. وكأن الأمر وقد أصبح في حالة هدم تام .. أو هدم متواصل .. لا يني أن يبحث عن مبدأ التواصل والاستمرار رغم ذلك .. والبدء في مرحلة انعدام توازن ووزن لا مثيل لها .. ثم تبدأ الأشياء في إعادة التحديد والتشكيل من جديد .. ولكن على مبدأ غير قديم .. بل هو مبدأ يقاس عليه عالم الروح من جديد إنما هو نور اليقين الذي بدأ في البزوغ كشفرة حوار جديدة للروح مع عالم النشوة الإلهية / الوجودية .. التي لا مرئى لها مرئى العين .. إلا بعد الانقطاع عن مطالب الجسد والشهوة .. هذه التجربة على كثافتها إلا أنها تجربة شاقة على الروح والنفس .. فهي إعادة لمفهوم الحرية .. ومفهوم الحياة بشكل يبتعد ليقترب من مفهوم الحادة ولطن على سبيل التخصيص وليس التعميم .. بمعنى أنها تصبح حاجة لا تعيق تصعد الروح واستمرارها في التسامي وهذا هو غايتها وسلوكها .. انعتا قها من الحجر النفسي المعطل لها .. ولاستقبال أنوار السماء بكل يسر وبراح وهدوء .. وليس لنا أن نعيد تعميمها بأي شكل من الأشكال .. ولكنها فلسفة وجودية / روحية .. تعيد صياغة العالم من جديد بدءا من انطلاق / انفلات الروح وبحثها عما يمنحها يقينها وأنوارها التي تبيد بها ثقل الوزر وتعيد للإنسان مقامه السامي والعالي ..
#أمل_فؤاد_عبيد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
صوت .. وصدى
-
ماجد السمرائي و - سؤال الحرية -
-
الثقافة العربية في زمن العولمة .. أحمد مجدي حجازي
-
محاول قراءة جديدة لانعتاق الروح .. تجربة ذاتية 5
-
النفوذ اليهودي في الولايات المتحدة الأمريكية
-
خواطر .. 4
-
للحب مواسم .. الطبيعة الإنسان والنفس المطمئنة
-
زاوية ..
-
خواطر .. 3
-
محاولة قراءة جديدة لانعتاق الروح .. تجربة ذاتية 3
-
ممتد بين .. المستحيل والإمكان
-
محاولة قراءة جديدة لانعتاق الروح .. تجربة ذاتية 1
-
الأفلام التسجيلية بين معايشة الواقع وفانتازيا الإعلام
-
النفق ..
-
رجل ع *** بقري
-
انا ..
-
فنية المونتاج .. وتجسيد الرؤية الدرامية
-
2 الإعلام واستلاب العقول
-
فنية المونتاج وتجسيد الرؤية الدرامية
-
كان ..
المزيد.....
-
دام شهرًا.. قوات مصرية وسعودية تختتم التدريب العسكري المشترك
...
-
مستشار خامنئي: إيران تستعد للرد على ضربات إسرائيل
-
بينهم سلمان رشدي.. كُتاب عالميون يطالبون الجزائر بالإفراج عن
...
-
ما هي النرجسية؟ ولماذا تزداد انتشاراً؟ وهل أنت مصاب بها؟
-
بوشيلين: القوات الروسية تواصل تقدمها وسط مدينة توريتسك
-
لاريجاني: ايران تستعد للرد على الكيان الصهيوني
-
المحكمة العليا الإسرائيلية تماطل بالنظر في التماس حول كارثة
...
-
بحجم طابع بريدي.. رقعة مبتكرة لمراقبة ضغط الدم!
-
مدخل إلى فهم الذات أو كيف نكتشف الانحيازات المعرفية في أنفسن
...
-
إعلام عبري: عاموس هوكستين يهدد المسؤولين الإسرائيليين بترك ا
...
المزيد.....
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
-
فلسفات تسائل حياتنا
/ محمد الهلالي
-
المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر
/ ياسين الحاج صالح
-
الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع
/ كريمة سلام
-
سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري -
/ الحسن علاج
المزيد.....
|