أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي البزاز - الفلم الوثائقي دبليو دبليو دبليو كلكامش صداقة كلكامشيه وعراق معطوب *















المزيد.....

الفلم الوثائقي دبليو دبليو دبليو كلكامش صداقة كلكامشيه وعراق معطوب *


علي البزاز

الحوار المتمدن-العدد: 1962 - 2007 / 6 / 30 - 11:37
المحور: الادب والفن
    


إنّ موت أنكيدو دفع بصديقه كلكامش إلى البحث عن عشبة الحياة درءً للموت وطمعاً بالخلود، الأمر الذي دفعه بالقيام برحلة مكانية قادته إلى جبال ألأرز حيث إلتقى هناك أوتونوبشتم بطل الطوفان والذي أرشده إلى عشبة الخلود التي حينما وجدها وذهب ليغتسل بالنهر إلتهمتها الأفعى كما تقول الملحمة 0 ورحلة أخرى روحيّة عبارة عن صراع مع فكرته عن الموت ** هاتان الرحلتان قادتاه إلى خلاصة معرفيّة هي عدم خلود الجسد فهو فانٍ والخلود للعمل, لذا قام كلكامش ببناء أسوار مدينة أوروك وعمّرها 0 إذاً ما أراده كلكامش جسدياُ ( الخلود ) حققه بالعمل ومن ثم بالملحمة إلتي تتغنى به " هو الذي رأى كل شيء فغني باسمه يا بلادي "

عنوان الفيلم " دبليو دبليو دبليو كلكامش " للمخرج طارق هاشم يحاول ألإشتغال على الملحمة إِنتساباً وغاية، فمن ناحية ألإنتساب: طارق ( يعيش في الدانمارك ) يحاور صديقه باسم الحجار (يعيش في العراق ) والصداقة الروحيّة والمعرفيّة ( حيث كلاهما ممثلان ) هي المبرر لهذا الحوار ومن ثمارها هذا الفيلم وهما من وادي الرافدين موطن الملك كلكامش 0
و المسافة بين العراق والدانمارك يقطعانها على شكل ( رحلة أسئلة ) إستعادة لأسئلة كلكامش عن الصداقة والوجود 0 الوجود هنا في الفيلم هو العراق كما ان الشخصيتين الرئيستين في الفيلم – طارق وباسم – تتحاوران عبر نص ملحمة كلكامش ملاحظة : إنّ الفيلم روائي وليس وثائقيا مثلما دُرج في برنامج مهرجان روتردام للفيلم العربي ، ذلك بسبب من وجود شخصيتين رئيستين لهما دور محدد ومسار مرسوم بعناية في الفيلم وتتعايشان عن طريق تحاورهما وهذا التفاعل فيما بينهما ينتج الحدث الرئيس في الفيلم الا وهو متابعة الوضع في العراق0
الفيلم يروي كيف يحاول طارق أن يستنطق الدمار والانهيار من خلال محاورة صديقه في العراق الممثل باسم الحجار عن طريق الانترنيت وهي فكرة سينمائية جميلة وطريفة والمراد منها ليس التواصل الكوني عبر الشبكة العنكبوتية فحسب وإنما الإيحاء بان نجاح الفكرة اوفشلها مرهون كذلك بتفاصيل الحياة اليومية هناك, فمثلا يُودي إنقطاع الكهرباء المزمن في العراق إلى تعطيل الاتصال عبر الانترنيت الذي يقود بدوره إلى قطع الحوار أي إلغاء التواصل مع البلد 0
يدخل طارق في لعبة يسميها هو في الفيلم - حقيرة – ليُحرّض صديقه على البوح وفضح الحالة المأساوية للمجتمع وعندما يكتشف بأنه قد أرهق صديقه بألاسئلة ومعايشة الخراب يُقرر التوقف ولكن ما فائدة إستنطاق الجحيم دون التوصل إلى خلاصة الموضوع والتي هي:
ليس هناك الآن من بلد إسمه العراق كما كان في المخيلة سابقاً 0 لا وطنية ولا أمان إضافة إلى تحطيم أواصر الترابط الاجتماعي جراء الطائفية يقول باسم { يحاولون إرغامي بشتى الوسائل لكي أطلق زوجتي لأنها سنيّة }
لقد أجاد باسم من خلال رهافة التعبير عن ماساته وهواجسه بتصوير الواقع عبر خصوصيّة عراقيّة فذّة - شتائم، لعنات - وبتلقائية الشخص المعطوب والمدمر كإنسان وكفنان 0 رافق الفيلم بعض المشاهد الترويحية خفضاً لماساته الكابوسيه 0
ما هي وظيفة الإحتلال هنا ؟؟ هي تحطيم قدرة المواطن العراقي على الإنسجام مع وطنيته فهو يشاهد الجيش الأمريكي ليلاً ونهاراً و في كل مكان إِضافة إِلى الحواجز الكونكريتية فينتابه شعور بأن هناك من يقاسمه وطنه عنوّة وتحت التهديد 0 هذه النقطة قد تحولت من مجرد شعورإلى نقطة مركزية في الفيلم ، قضية سيادة وإنتماء عراقيتيين فيقول باسم { إنقطعت الكهرباء الوطنية / أي سنتوقف عن التواصل ثم يشتم, اي وطنية هذه التي تأتي وتذهب متى تشاء ؟؟ } ناقداً بذلك الواقع السياسي بجملة مختصرة ولكنها كافية في مرارتها ومستوحاة من الهموم اليومية للعراقيين0
الفيلم هو بحق إِستجواب للحرب دون أن يتطرق إلى مفردات أو معدات الحرب وهو يدين الإحتلال دون التطرق إلى الوجود العسكري كل هذه الادانات جاءت عن طريق تتبع نتائج الحرب وفيما بعد الإحتلال على المجتمع العراقي - الطائفية المقبولة من قبل فئات معينة والإذلال الوحشي لحلم المواطن العراقي بحياة آمنة ومؤمنة ضد القتل - كل هذا من خلال حوار حاد وصريح في مأساته 0
نُشاهد أيضاً في الفيلم ( باسم وطارق ) وهما يُمثلان مقاطع من ملحمة كلكامش وفي سياق براعة ثمثيل باسم بدا المخرج طارق وكأنه محشور في بناء حبكة الفيلم و غير تلقائي 0 كما أخفق في تصوير حجم معاناته في الدانمارك ضمن سياق معاناة باسم في العراق , فهو يشعر بالملل ويعاني وحشة المكان وهذه الاشياء مقدور على مكافحتها وان كانت جوهرية في حياة المغترب ، أما باسم فيروم الأنقاذ الروحي والمكاني - يريد المغادرة - ونجاته أصعب من خلاص زميله وفي هذا الصدد كم كان سيبدو الفيلم مبنيّاً كلّغة سينمائيّة وليس كسرد تفاصيل فيما لو تم حذف بعض المشاهد في إثناء المونتاج والتي تصور طارق في الدانمارك لأن وجود طارق أصلاً في الفيلم هو لإستنطاق باسم وقد تمت هذه العملية بنجاح ممتاز ولذلك قال طارق: إنني العب معك يا باسم لعبة حقيرة
والشيء الأخر الذي يُؤسف له وقد ساهم نوعاًما بتجفيف مستوى كابوسية الماسا ة هو نهاية الفيلم و التي تُصور المخرج والممثل طارق في شوارع الدانمارك ليلاً ، والمشهد ليس موّفقا في هكذا نهاية مرفهة وعلى نحو غير متوقع قياساً إلى الحطام العراقي، لا من حيث الشخصي (حالة طارق مقارنة بباسم ) ولا من حيث المكان ( من إِنقطاع الكهرباء وسيادة الظلام في العراق إلى الأنوار المبّهرة في الدانمارك والمقارنة حتى السلبيّة شبه معدومة بين البلدين) ، ولا يُبرر هذا الإقحام المفاجىء إلا في إطار نيّة بريئة ترمي إلى إعلان حالة ألاْنا غير السعيدة حتى لوكانت تعيش في الدانمارك و ألإمعان في إشهار عذابها المتضامن مع الماساة 0
وهكذا ظل الخراب العراقي يطاردنا عاطفياً ويلوّح بتقصيرنا نتيجة السكوت الكلي لما يحدث هناك حتى بعد أن أُُضيئت الشاشة الفضيّة وكمشاهدين شاركنا جراء الصمت بقبول التدمير



* فاز الفيلم بالجائزة الفضيّة للأفلام الوثائقية الطويلة في مهرجان الفيلم العربي في روتردام من 13 ولغاية 17 حزيران 2007
** إن البشر يفزعون من أفكارهم حول الأشياء وليس من الأشياء ذاتها فمثلا: كانت فكرة كلكامش عن الموت هي الفناء والزوال إلى الحد الذي إعتراه الخوف والهزال 0 الإنسان الذي يُؤمن بتناسخ الارواح لا يفزع من الموت 0 المؤمنون توّاقون إلى الموت لملاقاة المكافأة الكبرى = الجنة 0الفنانون تُخلدهم أعمالهم ، إما البقية فيُُسهّل لهم الهرم أو الشيخوخة تقبّل فكرة الموت



#علي_البزاز (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مهرجان روتردام السينمائي تطور أم تراجع؟
- أضرحة وتعاويذ لتوطين النار وحفظ الأسرار الكتب الصناديق في م ...
- المعرض الفوتوغرافي العالمي الأرض من السماء
- الفيلم الوثائقي (أم ساري) الحرب: إرهاب للمستقبل
- فيلم -العراق في أشلاء
- مهرجان السينما العربية في بروكسل
- الفخاخ أكمن لعدالتها الآن
- عن فيلم الطريق إلى بغداد-الجزء الثاني - مشرق الارض - تربية ا ...
- عن فيلم الطريق إلى بغداد: غياب الفيلم كشخصية
- ذكرى رحيل الشاعر والرسام احمد أمير ..1 ..غياب مؤطر بمشاعل.. ...
- الحرق أسهل حلول الضعيف: فلم وثائقي عن العراق
- المنفى لباس الفجيعة إلى الشاعر كمال سبتي في منفاه
- مقام اليراع
- فلمان عن العراق: أية إنسانية لحرب لا إنسانية لها؟
- قصائد
- فيلم العراق أغاني الغائبين المخرج ليث عبد الأمير بطولة الإن ...
- أيها الهامشي ذو المعالي
- مهرجان الفيلم الوثائقي العالمي في أمستردام (IDFA) بدلاً من ...


المزيد.....




- -ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي البزاز - الفلم الوثائقي دبليو دبليو دبليو كلكامش صداقة كلكامشيه وعراق معطوب *