بافي رامان
الحوار المتمدن-العدد: 1962 - 2007 / 6 / 30 - 07:50
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
هل الارهاب مغروس في الانظمة الاستبدادية ؟ ام الانظمة الاستبدادية تولد الارهاب ؟ ان هذا السؤال يشبه هل البيضة من دجاجة ام الدجاجة من البيضة ؟ لانه لولا البيضة لما كانت هناك الدجاجة ، و لولا الدجاجة لما كانت هناك البيضة ايضا . لذلك فلولا وجود الانظمة الاستبدادية لما تولد الارهاب في مجتمعاتنا و ان الارهاب متوازية ونتيجة لهذه الانظمة التي عملت على افرغ المجتمعات من كل القيم باسلوب ارهابي قمعي و الارهاب ليس بالضرورة ان تكون جسدي لان الارهاب الفكري قد تكون لها تاثير اكبر على الشعوب ، من خلال الثقافات المشوهة و من خلال مناهج الدراسية لغسيل ادمغة الاطفال منذوا دخوله الى المدارس و كل ذلك تحدث خارج القانون لانه في ظل الانظمة الاستبدادية فليس للقانون اي معنى و الذين يتحكمون في كل اجهزة الدولة هم اجهزة قمعية اسنخباراتية . فالارهاب هو كل ما يتصل بعمل او حركة او قول تمارسه جهة ما خروجا عن القانون ، بهدف نشر الفوضى و الاضطراب و تعكير صفو الامن و الاستقرار و ايقاع الضرر المادي و المعنوي على جهة اخرى تلبيه لحاجة لا سبيل لنيلها او الحصول عليها الا بواسطته ؟ فالارهاب عمل شاذ يفتقر الى المبادىء السامية و القيم الانسانية ، و الارهاب حالة غير طبيعية في العلاقات الانسانية ، و ظاهرة غير طبيعية و غير انسانية و مأساوية تسود بعض اركان المجتمع الدولي و تهدد امنه و استقراره و لايمكن اعتبار الارهاب كل ما يتصل بالنضال الوطني و القومي و الدفاع عن الحقوق القومية المشروعة للشعوب المضطهدة فعندما يناضل الشعب الكردي في جميع اجزاء كردستان من اجل حقه في تقرير مصيره و بجميع الاساليب السياسية و العسكرية لايمكن اعتباره ارهاب و انما يناضلون ضد ارهاب الدول الظالمة ، فالمقاومة الشعبية و الوطنية و الكفاح المسلح الوطني و القومي بكل اشكاله و الذي تمارسه حركات التحرر الوطنية و القومية كالحركة القومية الكردية و النضال الفلسطيني ضد الاحتلال و الاضطهاد و الاستغلال ، و قد أقر المجتمع الدولي في كثير من القرارات الصادرة عن الجمعية العامة للآمم المتحدة شرعية اعمال النضال الوطني و القومي و الكفاح المسلح . والارهاب اما ان تمارسه اجهزة او تنظيمات غير رسمية كالعصابات و الشبكات الارهابية الاجرامية ، او تمارسه رسميا بعض الدول ضد مناوئيها او ضد حركات التحرر الوطنية او القومية او ضد رعايا و مصالح دولة مجاورة او غير مجاورة و هذا ما يطلق عليه اسم الارهاب المنظم او الارهاب الدولي ، لقد استخدمت الانظمة العربية و بدون استثناء و منذ احتلال اسرائيل للفلسطين هذه القضية كما يسمونها (( الحلقة المركزية )) على حد تعبيرهم ، كوسيلة لقمع شعوبهم و كبح الديمقراطية و التنمية و حرية الانسان و اضطهاد الشعوب الاخرى المتواجدة في ظل بعض الدول العربية كشعب الكردي في العراق و سوريا ، و اصبحت القضية الفلسطينية ذريعة وهمية لهم لاستخدام الارهاب الفكري من خلال قمع المثقفيين و الاحرار و اصحاب الرأي ، و ذلك برفعهم شعار (( لاصوت يعلو فوق صوت المعركة )) ،مدعين ان الامة العربية مهددة بالخطر من قبل القوى الامبريالية و الصهيونية و الاستعمارية ، على الرغم ان كل هذه الانظمة الاستبدادية مرتبطة بشكل مباشر او غير مباشر مع الدولة الصهيونية و الاستعمارية و مع الدول الكبرى و تعمل لصالح هذه القوى الاستعمارية ، و بهذه الذريعة حرمت هذه الحكومات و الانظمة شعوبها من الحرية و الديمقراطية و العيش الحر و الكريم ، فبدلا من استثمار ثرواتها الهائلة و الكبيرة على النتمية البشرية و النمو الاقتصادي و العلمي و الرفاهية . بددت هذه الثروات على عسكرة المجتمعات و الاجهزة الامنية الاستخباراتية و على الحروب العبثية التي قادت من هزيمة الى هزيمة فاضحة و افظع ، و بالتالي لم يحرروا فلسطين و لا الانسان من الفقر و التخلف و انما جعلوا من القضية الفلسطينية لنهب و سرقة بلدانهم و شعوبهم و ايداع مليارات الدولارات في البنوك الاجنبية و قادوا مجتمعاتهم الى الوراء ، لتسقط في النهاية في احضان التطرف الديني ووليده الارهاب الاسلامي بسبب فقدان ثقة الشعوب و الجماهير بهذه الحكومات و الانظمة ، و بسبب تعرض اغلب الشعوب للظلم و الاضطهاد و القمع على ايدي جلاوزة هذه الانظمة يأملون انهم لم يملكوا اي شي ء في هذه الدنيا لذلك يبقى لهم ان يملكوا الجنة من خلال الجهاد المزيف و باسلوب ارهابي متطرف ، على الرغم ان زعماء الارهاب يعلمون جيدا ماذا يعملون و كيف يخدمون الانظمة الاستبدادية و الشركات الكبرى العالمية ، و يعلمون كيفية استغلال هؤلاء البسطاء في اعمالهم الارهابية و الاجرامية باسم الاسلام و الدين ؟ على الرغم ان الدين و الاسلام برىء من هؤلاء ؟ و سؤال يطرح نفسه : كيف يمكن لهذه السلطات الاستبدادية ان تنتصر بجنود جائعين و شعوب مضطهدة و مغلوبة على امرهم و محرومة من الخبز و الحرية ؟ اجل ان هذه الانظمة الاستبدادية لم تفشل فقط في حل المشاكل و الازمات المتفاقمة التي تعاني منها شعوبها من الفقر و التخلف و الجهل و الامية و المرض المزمن ، وان الممارسات اللاخلاقية ادت الى انتهاك الحق في الحياة لعشرات الآلاف من البشر و تشريد و افقار مئات الالاف الاخرين ، و انتهاك حق تقرير مصير الشعوب المضطهدة ، كما انتهكت هذه الممارسات حقوق شعوب الدول النامية في التنمية و التجارة العالمية العادلة و تم تشريد آلاف العمال و الفلاحين و المنتجين في هذه الدول بسبب تطبيق سياسات السوق الحرة ، حيث ادت هذه السياسات و الاتفاقيات التجارية الجديدة مع الانظمة الاستبدادية الى الاتجار بالغذاء و الادوية و المياه و الارض و الموارد الطبيعية المختلفة و ادت على جانب اخر لمزيد من القتلى و المصابين و المعتقليين و الجياع و المرضى و العاطلين و المشردين و انتجت هذه السياسات ظواهر مثل زيادة العنف و الارهاب و اضافت اليها التطرف الديني و الارهاب الاسلامي ، مما اعطت الذريعة و الحجة لبعض التنظيمات الاسلامية المتطرفة و الارهابية لتدعي امتلاكها للحل السحري للوضع المتأزم ، حيث رفعت شعارها الديماغوجي (( الحل في الاسلام )) لان اغلب مجتمعاتنا دينية و الشعور الديني منتشر بشكل كبير ؟ كما ساعدت السلطات المستبدة على دفع شعوبها الى التنظيمات الاسلامية المتطرفة و التطرف الديني و ذلك بمحاربتها للقوى الديمقراطية و الليبرالية الصاعدة و منع نشر الفكر التنويري ، في الوقت الذي منحت اكبر حرية و اوسعها لبعض القوى الاسلامية الظلامية و السلفية و الوهابية لنشر افكارها و محاربة الديمقراطيين و الليبراليين . و رغم هذه النتائج الكارثية مازالت منظمة التجارة العالمية و الشركات متعددة الجنسيات تقوم بفرض اسواق للاتجار بالغذاء و احتكار الزراعة و الصناعة و ما زالت القوة العسكرية هي التي تحكم العلاقات الدولية ؟ و الارهاب ليس اداة طارئة يستعملها الانظمة الاستبدادية الشمولية في ظرف معين كرد فعل و انما الارهاب متأصل في جذور و فكر هذه الانظمة و هو جزء عضوي داخلي من كياناتهم السلطوية و لا تتطور العضوية الاجتماعية الا به ، و لا يبقى هذه الانظمة الا اذا اعتمد عليه ، فان زال الارهاب زال تسلطهم الدموي اي الارهاب ضرورة داخلية غير مشروطة بعمل خارجي او ظرف معين طارىء . ففي ظل الانظمة الاستبدادية ليست للمشاركة الديمقراطية منافذ و ان وجدت فهي ضيقة جدا تدفع الانسان زجرا الى التنفس و التحرك خارج الاطارات الشرعية ، و العدل و القانون غير متوفرا بالاساس مما يوسع الهوة بين الغني و الفقير ، الغني يزداد جشعا و الفقير يزداد حقدا لانه عاجز عن تحقيق ادنى المتطلبات الانسانية فخط الفقر يمتد و يتعمق . و ليس غريبا ان تواجه الديمقراطية معارضة و ممانعة شديدين من قبل الحكومات الاستبدادية و ذلك خوفا على عروشها و اصرارها على احتكارها الحكم و السلطة و لا من القوى الظلامية و الرجعية و السلفية التي تتعطش و تعمل على بقاء شعوبها في ظلام العبودية و الرجعية . و لكن الغريب و المستغرب ان يتخوف حتى دعاة الديمقراطية في هذه المجتمعات من الديمقراطية نفسها ؟ و جاءت الوضع العراقي ليزيد الطين بلة لصالح هذه الانظمة الاستبدادية ضد الديمقراطية و هو في الاساس من صنعهم ، فبعد سقوط الفاشية فان اغلب الانظمة او كلها كانت ضد تحرير العراق من الفاشية و العنصرية البعثية الصدامية و ذلك بسبب خوف هؤلاء من نجاح الديمقراطية فيه ووصول شراراتها الى بلدانهم ، لذلك و منذ سقوط البعث الصدامي الفاشي اصابت المنطقة زلزال من جراء ازاحة اعتى طاغية و ديكتاتورية عرفته البشرية و العتاة من زبانيته و و الكيفية المشينة في القبض عليه التي اوجس منها الرعب و الخيفة التي ما بعدها خيفة كل حكام المنطقة .و كان نظام صدام البائد متراسا لدول المنطقة و عرابها التي تحتمي به و تتفق معه و تدفعه في عدوانيته ، و كونه مأوى لكل المجرمين من شذاذ الآفاق و ملاذا للارهاب و الارهابييين . و مع هبوب رياح و عاصفة الديمقراطية و الحرية و حقوق الانسان على بؤر الاستبداد في المنطقة ، فان الانظمة الاستبدادية في المنطقة فقدت صوابها و توازنها ، فعملت هذه الحكومات و بالاخص النظام السوري و الايراني على افشال العملية السياسية في العراق و ذلك بدعم الارهاب و تدريب الارهابيين في بلدانهم ومن ثم ارسالهم الى العراق لضرب البنية التحتية من جهة و لاشعال الفتنة الطائفية من خلال دعم التكفيرين و السلفيين و الارهابيين و الزرقاويين مما احالوا حياة العراقييين الى جحيم و بذلك فقد توفرت لهم حجة و ذريعة لمنع الديمقراطية في بلدانهم و تخويف شعوبهم منها ، اذ راحوا يخاطبون شعوبهم : ان الديمقراطية تعني الوضع العراقي ، وان صدام الفاشي و الديكتاتوري افضل بكثير للشعب العراقي من هذه الفوضى العارمة . و ان الشعوب يجب ان تشكر الله و تحمده على وجود و نعيم الانظمة الاستبدادية و الا فالبديل هو الوضع العراقي الدموي ؟ و كل نظام له اهداف و مصالح من خلال ترهيب المنطقة و استغلال نفذهم من خلال بعض التنظيمات الارهابية لعدم استقرار المنطقة و كل ذلك من اجل الحفاظ على السلطات الشمولية الاستبدادية فالنظام الملالي في ايران تعمل من اجل توسيع نفوذهم الفارسي و كما يقول المحافظين : ان هناك تحديات كبرى تهدد وجود النظام الايراني و امنه القومي لذلك لابد من اختار سياسات ذات ابعاد خطيرة مبنية على ايديولوجيته تخدم مصالحها في الخارج و تحافظ على هيبتها في الداخل و لا يستطيع النظام الايراني التخلي عنها ، لان بتخليه عنها قد تزلزل هيبته في الداخل حيث يراهن على الاستمرار في سياسته الخارجية و خاصة بعد ازالة الجناح المسمى بالاصلاحيين عن الساحة السياسية الايرانية بشكل عام و تربع الجناح المحافظ على اركان النظام من جديد و من خلال الحرس الثوري ، و خصوصا بعد مجىء احمدي نجاد الى سدة الحكم و تاريخه دامغ في الارهاب الفوضوي و المنظم و هو الذي خطط و نفذ الاغتيال الارهابي بحق الدكتور عبدالرحمن قاسملو سكرتير حزب الديمقراطي الكردستاني في ايران في احد مقاهي فيينا و خاصة ان المفاوضات كانت موجودة بين القيادات الكردية و النظام الملالي ، و عمل بتخطيط مسبق لاكمال المهمة اي الاستراتيجية الايرانية داخليا المتمثلة بالقمع و البطش المتزايد و سياسة الاقصاء ، و خارجيا المتمثلة بالتحدي للمجتمع الدولي و سياسة تصدير الارهاب الى الدول الجوار مثل العراق و لبنان و فلسطين و دول الخليج ، و كذلك الملف النووي حيث اصبح اهم سياسات الخارجية الايرانية الذي يعول عليه كاستراتيجية ثابتة تؤمن أمنه القومي و طموحه الاستراتيجي في المنطقة و اعتزازه الداخلي حيث اصبح هذا الملف احد اهم اركان السياسة الخارجية من اجل فرض هيبته و كبريائه في داخل ايران ، و اي تراجع عن هذا الملف يسبب صداع كبير في هيكل النظام داخليا و ربما انهياره . و من جهة اخرى فان النظام الايراني في مسعى للحصول على القنبلة الذرية هو ليس وليد هذه الساعة و انما مسعى قديم و كل ذلك من خلال استغلاله لعدة نقاط تمتلكها و منها النفط عندما يلوح في كل مرة بايقاف تصديره الى الدول الاوربية و ذلك سيخلق ازمة حادة بالارتفاع اسعار النفط ،و كذلك الموقع المناسب و الاستراتيجي لايران على مضيق هرمز ، و كذلك من خلال استغلال الدين الاسلامي و خاصة المذهب الشيعي من خلال انشاء الهلال الشيعي و محاولة انشاء الحسينيات و الحوزات الشيعية في بعض الدول لتشييع المجتمعات و هذا ما يحصل الان في سوريا عندما ربط النظام الاسدي مصيره و استراتيجيته مع النظام الملالي في ايران و الان يحاولون جعل سوريا قاعدة عسكرية للصواريخ الايرانية لمواجهة المجتمع الدولي ، و كذلك اهم و اقوى اوراق ايران في المنطقة و العالم عندما يراهن في اية مواجهة محتملة هي قواته الارهابية التي يدربها و يشرف عليها الحرس الثوري و حسب آخر احصائية ان الحرس الثوري درب اكثر من 40 ألف انتحاري خاصة من الشباب و المراهقين في المدارس الثانوية و المتوسطة بعد المرور بدورة تدريبية (( عقائدية )) لغسل ادمغتهم .
#بافي_رامان (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟