أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رامز صافي - النظام السوري واسترضاء أميركا: حلم صعب المنال















المزيد.....

النظام السوري واسترضاء أميركا: حلم صعب المنال


رامز صافي

الحوار المتمدن-العدد: 1962 - 2007 / 6 / 30 - 07:34
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


هناك أخبار وأحداث، رغم أهميتها، تمر عليها الصحافة مرور الكرام ولا تنال ما تستحقه من تحليل أو نقاش. مثال ذلك خبر لقاء مفتي الجمهورية العربية السورية أحمد بدر الدين حسون بالحاخام الأكبر للجالية اليهودية في النرويج يوئاف مليكور وهو نجل عضو الكنيست الإسرائيلي عن حزب العمل ميخائيل مليكور.

موقع "سيريا نيوز" اأورد الخبر كما يلي: وذكرت الإذاعة الإسرائيلية أن "الاجتماع عقد في الكنيس الكبير في أوسلو عاصمة النرويج حيث وجه المفتي حسون دعوة إلى الحاخام ملكيور لزيارة سورية "، الذي رد "بإنه ينظر بإيجابية إلى هذه الدعوة".

وحول لقاء حسون بالحاخام قال مدير مكتب مفتي الجمهورية في حلب عبد الغني بكار في اتصال لـ "سيريا نيوز" إن "هدف زيارة المفتي حسون للنروج للقاء رجال الدين المسيحي واليهودي لعرض صورة إيجابية عن قيم الدين الإسلامي وأخلاقه الإنسانية ومبادئه الأصيلة التي تستند على حب الشعوب والنظر إليها برؤية إنسانية بمعزل عن شريعتها الدينية".

وحسب موقع "العربية نت" قال حسون إنه دعا خلال لقاء الحاخام اليهودي إلى عودة يهود سوريا إلى بلدهم "فلهم بيوتهم وكنيسهم وأملاكهم كلها مفتوحة لهم، وسيكون لهم حقوق مثل أي سوري آخر". وتابع "لم يطرد أي يهودي من سورية ولا يوجد منع مغادرة ضدهم. هم هربوا وسافروا بدون أي ضغوط وكل أملاكهم كما هي، ويوجد لهم في دمشق وحلب كنيسان ولا أعرف عددهم بالضبط.

ولأن مثل هذا اللقاء، وهذا رأيي، لا علاقة له بتعريف الحاخام المحترم بقيم الإسلام وأخلاقه التي يعرفها أكثر منا، ولأني اعتقد أن لهذا اللقاء أهداف سياسية تحتاج للتوضيح لم يفصح عنها سماحة المفتي حسون، ولأن ما حدث ليس جديداً على التاريخ، أستعيد من ذاكرة هذا التاريخ القريب أحداث أيام عشتها بوعي في جمهورية ألمانيا الديمقراطية في أواخر الثمانينات من القرن الماضي أعتقد أنها تشبه إلى حد بعيد ما يجري اليوم .

في أواخر أيام نظام حكم ايريش هونيكر وتفاقم أزماته اعتقد عقل النظام أن تحسين العلاقات الثنائية المتوترة مع أميركا سيساهم في دعم نظام الحكم على الساحة الدولية وسيسهل عليه بعدها بناء علاقات أكثر ايجابية مع الدوائر الغربية عموما.ً واعتقد كذلك أن استرضاء اللوبي اليهودي في أميركا (واسع التأثير حسب تقديرات القيادة الألمانية آنذاك) هو مدخل ضروري لا بد منه لاسترضاء أميركا، وهو بمثابة اشارة الفيزا لزيارة ايريش هونيكر الرسمية إلى واشنطن .

ولتحقيق هذة الرؤية قام هرمان أكسن ، عضو المكتب السياسي للحزب الاشتراكي الألماني الموحد، بتاريخ 6/6/1988 بزيارة رسمية إلى واشنطن، وكان حتى ذلك الوقت أعلى مسؤول ألماني شيوعي يزور أميركا رسمياً، وكانت ألمانيا الديمقراطية إحدى الدول الصناعية العشر الكبرى وعضو في حلف وارسو. قام باستقباله جورج شولتز وزير الخارجية الأميركي آنذاك، ونوقش في هذا اللقاء موضوع زيارة رئيس الحزب ايريش هونيكر اللاحقة إلى واشنطن، وكانت الآمال الألمانية المعقودة على هذه الزيارة التي جرى الإعداد لها في هذا اللقاء أنها ستشكل أعلى اعترافاً دولياً بنظام ايريش هونيكر.

وبتاريخ 18/10 من العام ذاته قام ادغار برونفمان، رئيس الكونغرس اليهودي العالمي، ولأول مرة بزيارة إلى ألمانيا الديمقراطية، استقبله إيريش هونيكر شخصياً وقال له في هذا اللقاء "إن ألمانيا الديمقراطية تعترف بمسؤوليتها عن الهولكوست وهي مستعدة لتقديم تعويضات مالية رمزية للضحايا". وقام هونيكر بتقليد برونفمان وسام النجمة الكبرى لصداقة الشعوب. بعد شهر واحد من الزيارة بدأت أعمال البناء لإعادة إعمار الكنيس اليهودي في برلين المهدم أثناء الحرب.

لم تتحقق الزيارة (الحلم) لواشنطن لأن النظام السياسي القائم في ألمانيا انهار قبلها، فقد خرجت الجموع إلى شوارع برلين ولم يتمكن النظام الحاكم من إدارة الأزمة الداخلية التي كان قد تجاهلها أربعين عاماً. هذا شيء من التاريخ القريب، ورغم أن المقارنات التاريخية لا تستقيم دائماً فسورية ليست ألمانيا، وهناك فوارق في درجة تطور البلدين واختلاف الظروف والثقافات، لكن ما يعنينا في هذا السياق هو الفكرة القائلة أن الحصول على التأييد الأميركي يخلص النظام من أزماته. وليس سراً أن عقل النظام السوري يرى أن أميركا هي مفتاح الحل والربط في منطقتنا وأن مواجهة الضغوط الخارجية الأمريكية وفك العزلة يكون عبر الوصول إلى اتفاق مع اسرائيل يجعل أميركا تعترف بالدور الاقليمي السوري، ولهذا لا بد من فتح أقنية مع المنظمات والجاليات اليهودية العالمية الواسعة التأثير.

وهكذا نستطيع رؤية لقاء مفتي الجمهورية مع الحاخام الأكبر في النرويج من خلال رؤية مجموعة النشاطات والجهود السابقة والجديدة التي بذلها ويبذلها النظام السوري للوصول إلى كسب رضا أميركا، ومنها مساعي السفير السوري في واشنطن عماد مصطفى في محاولة الوصول إلى الجالية اليهودية في أميركا، زيارة ابراهيم سليمان إلى اسرائيل الذي كان قبلها قد فاوض اسرائيل لمدة سنتين بسرية كاملة، يضاف ليها دور أمير قطر المميز في الوساطة بين سورية واسرائيل. ولا نعتقد بالتالي أن زيارة المستشار الألماني السابق شرودر الأخيرة لسورية والمعروف بقوة علاقاته مع اسرائيل، والدعم القوي والمتميز الذي قدمه للجالية اليهودية في ألمانيا خلال فترة حكمه إلا جزءاً من هذه الجهود التي يبقى قسم هام منها في حيز السرية، تماماً مثلما بقيت المفاوضات بين المفاوض السوري سليمان واسرائيل سرية إلى أن كشفت عنها إسرائيل.

والحقيقة إنه من المستحيل تصديق أن مفتي الجمهورية حسون يلتقي الحاخام الأكبر اليهودي في النرويج دون معرفة المسئولين السوريين وموافقتهم المسبقة، فسورية بلد تدار سياسته بصرامة بالغة ولامجال فيها للمبادرات الفردية. لا يجد النظام السوري حرجاً أن يعلم المواطن السوري بتفاصيل الحوارات والمفاوضات السرية مع إسرائيل التي دامت سنتين من الإذاعة والصحف الإسرائيلية وبتأكيد من المفاوض سليمان شخصياً. ولا يتجرأ احد في حزب البعث، الحزب القائد، أو الجبهة التقدمية أن يطلب توضيحاً من القيادة السورية أو دعوة السيد سليمان من قبل مجلس الشعب ليفتح تحقيقاً برلمانياً. ولا يغير النفي السوري الرسمي شيئاً أمام حقائق دامغة.

لا نعرف حقيقة هل سيستجيب الحاخام الأكبر مليكور لدعوة المفتي له بالعودة إلى بلده الأم سورية، ولا نعرف هل ومتى سيبدأ إصلاح الكنيس اليهودي في حلب ودمشق، لكن نعرف وبالتأكيد أن هناك آلافاً من السوريين غير اليهود في المهجر ممنوعون من العودة وهم يحلمون بلقاء بلدهم ورؤية ذويهم وربما يحلمون مثلي بطعام عشاء على سفح قاسيون.
مسكين مفتي سورية الذي يستطيع أن يطلب من اليهود السوريين العودة إلى بلدهم الأم سورية ويطمئنهم على أملاكهم وكنائسهم، ولكنه لا يستطيع دعوة السوريين المنفيين الطوعيين والقسريين إلى العودة إلى بلادهم. وأحمق هذا النظام السياسي الذي يستطيع إرسال مئات الرسائل والمبعوثين إلى أميركا وإسرائيل عبر العالم، لكنه لا يستطيع دعوة المعارضة الوطنية إلى حوار وطني لحل أزمات البلد.



#رامز_صافي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- استرضاء أميركا حلم صعب المنال.


المزيد.....




- كييف تتحدث عن تقدم قواتها في كورسيك وموسكو تعلن التصدي لها
- واقعة مثيرة للجدل داخل مستشفى في مصر.. ومسؤول يعلق
- زاخاروفا: الهجوم على محطة زابوروجيه عمل إرهابي كشف خطورة نظا ...
- حماس: موافقة واشنطن على صفقة أسلحة جديدة لإسرائيل تؤكد أنها ...
- خبير عسكري أوكراني يحذر من سقوط مدينة هامة بيد الجيش الروسي ...
- مقتل 5 فلسطينيين بقصف إسرائيلي على الضفة
- احتجاز مواطن أمريكي في موسكو لاعتدائه على شرطي
- إيلون ماسك يصف -الغارديان- بأنها -قمامة- وسائل الإعلام
- الجيش الإسرائيلي يعلق على مقتل التوأم في غزة
- مغامرة نظام كييف في كورسك بدأت فعليا في التحول إلى كارثة محق ...


المزيد.....

- الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ / ليندة زهير
- لا تُعارضْ / ياسر يونس
- التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري / عبد السلام أديب
- فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا ... / نجم الدين فارس
- The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun / سامي القسيمي
- تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1 ... / نصار يحيى
- الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت ... / عيسى بن ضيف الله حداد
- هواجس ثقافية 188 / آرام كربيت
- قبو الثلاثين / السماح عبد الله
- والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور / وليد الخشاب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رامز صافي - النظام السوري واسترضاء أميركا: حلم صعب المنال