|
-أفريكوم- وسيلة لمحاربة -الإرهاب- وتأمين الموارد النفطية لأمريكا
إدريس ولد القابلة
(Driss Ould El Kabla)
الحوار المتمدن-العدد: 1962 - 2007 / 6 / 30 - 07:09
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
"أفريكوم" وسيلة لمحاربة "الإرهاب" وتأمين الموارد النفطية لأمريكا هل المغرب انخرط في اللعبة؟
في البداية لم يكن اهتمام العم سام بالقارة الإفريقية كبيرا باعتبار أن واشنطن اعتمدت على نفوذ حليفتيها، فرنسا وبريطانيا، لاسيما بخصوص تأمين الإسناد اللوجستيكي لقواتها عند الحاجة ولتأمين ما تحتاجه من موارد أولية. وفي الوقت الذي نفت فيه الرباط، بشكل قاطع، طلبها استضافة القيادة العسكرية الأمريكية الإفريقية "أفريكوم"، أعلنت الجزائر تحفظها بصدد إقامة هذه القيادة. في واقع الأمر إن قوة "أفريكوم" ستكون سادس قوة أمريكية للتدخل الإقليمي السريع في العالم، علما أن التفكير فيها والقدوم على تأسيسها جاء بالأساس، تنفيذا لخطة وضعها المعهد الإسرائيلي الأمريكي للدراسات السياسية والاستراتيجية المتقدمة التابع للمحافظين الجدد. وهي القوة السادسة بعد "نورد كوم" (أمريكا الشمالية) و"ثاوثكوم" (أمريكا الجنوبية والوسطى) و"سنتكوم" (الشرق الأدنى والأوسط وأفغانستان وآسيا الوسطى وجمهوريات الاتحاد السوفياتي سابقا) و"باكوم" (المحيط الباسيفيكي والصين) و"أيكوم" (الدولة الأوروبية). على امتداد الأسبوعين الأخيرين زارت وفود عسكرية من البنتاغون دولا مغاربية وإفريقية لاختيار موقع احتضان مقر القيادة الأمريكية في إفريقيا (أفريكوم).
كيف راجت فكرة قبول المغرب لاستقبال قيادة "أفريكوم"؟
إن المنطلق لرواج بعض الأخبار عن استقبال المغرب لقيادة "أفريكوم" هو ما تسرب من بعض اجتماعات البنتاغون، إذ كشف معهد الدراسات والأبحاث التابع للكونغرس الأمريكي في دراسة ظهرت تحت عنوان "القيادة الإفريقية، المصالح الاستراتيجية للولايات المتحدة ودور العسكريين الأمريكيين في إفريقيا" بشأن تمركز وتموقع الجيش الأمريكي لمكافحة الإرهاب في العالم، حيث تسعى واشنطن، ومنذ ثلاث سنوات، للحصول على قواعد عسكرية في القارة السمراء، وفتحت النقاش مع عدد من الدول، وهي 11 في المجموع، ومن الدول العربية المغرب والجزائر وليبيا وموريتانيا، وقد لمح هذا التقرير إلى أن دولتين أعربتا عن استعدادهما لاستقبال قيادة "أفريكوم" وهما المغرب وبوستوانا. ونفس هذا التقرير هو الذي أبرز إشكالية إقامة قاعدة عسكرية بالمغرب، والتي أسالت الكثير من المداد، إذ جاء فيه بالحرف ما يلي: "... وتجدر الإشارة إلى أن البنتاغون يتوفر على مساحة كبيرة في إقليم طانطان للتدريب العسكري...". اعتمادا على هذه المعطيات بدأت بعض الصحف المستقلة الحديث عن شبه قاعدة عسكرية أمريكية قد تتحول إلى قاعدة حقيقية في مطلع 2009، وبعد ذلك تحدث الإعلام المستقل عما أسماه بالتنازلات التي قدمها المغرب للبيت الأبيض مقابل تأييد الاقتراح المغربي لطي ملف الصحراء. المؤكد هو أن تقرير مركز خدمة البحوث للكونغرس الأمريكي أكد بأن المغرب من الدول التي تحظى واشنطن فيها بتسهيلات عسكرية من قبيل استعمال ترابه للقيام ببعض العمليات العسكرية.
ماذا عن مقر "أفريكوم"؟
كل المصادر تؤكد أنه لم يتم تعيين مكان لاستضافة مقر قيادة "أفريكوم" إلى حد الآن، وما زال لم يتم اتخاذ القرار في هذا الشأن، علما أن واشنطن تنوي إحداث هذه القيادة ومقرها في شهر شتنبر القادم، وهذا المقر ليس قاعدة أو مصلحة عسكرية وإنما مجرد مقر ومكان للتخطيط فقط. من المنتظر أن لا يخرج إحداث هذا المقر عن جيبوتي ليبيا، إثيوبيا والمغرب بعد أن أعلنت الجزائر عن رفضها لاحتضانه، وحسب مصدر أمريكي هناك خيارات ثلاثة إلى حد الآن لاستضافة هذه القيادة ومن ضمنها المغرب. غير أن السلطات الرسمية المغربية أقرت بعدم طلب المغرب لاحتضان قيادة "أفريكوم" إلا أنها لم تحدد الموقف بخصوص احتضانه إذا طلب منها ذلك، ولقد كذبت وزارة الخارجية ما جاء في بيان نواب العدالة والتنمية بهذا الخصوص. فقد برمج الوفد الأمريكي زيارة المغرب والجزائر وجيبوتي وإثيوبيا وليبيا ومصر، وعقد لقاء مع مسؤولين مغاربة، مدنيين وعسكريين، لبحث وجهات النظر بخصوص القضايا المتعلقة بمستقبل ودور القيادة العسكرية الأمريكية في إفريقيا، وقاد الوفد الأمريكي "ريان هنري"، مساعد وزير الدفاع في شؤون التخطيط والسياسات، وكان الوفد مكونا من عسركيين، أما الوفد المغربي فضم الجنرال عبد العزيز بناني المفتش العام للقوات المسلحة الملكية وقائد المنطقة الجنوبية وممثلين عن وزارة الخارجية والمصالح الاستخباراتية.
لماذا قيادة "أفريكوم"؟
كان ميلاد "أفريكوم" في أعقاب إعلان الرئيس الأمريكي، جورج بوش، عن ضرورة قيام قيادة عسكرية إقليمية جديدة في فبراير 2007، تساهم فيها دول شريكة واشنطن، وذلك لتنسيق مصالح الحكومة الأمريكية في القارة السمراء، وتهم هذه القيادة جميع البلدان الإفريقية باستثناء مصر. وفي أواخر فبراير 2007 جال "ريان هنري" مرفوقا بوفد عسكري 6 دول إفريقية، كما زار مقر الاتحاد الإفريقي بأديس أبابا. وحسب الموقف الرسمي الأمريكي، يهدف "أفريكوم" للعمل مع بلدان ومنظمات عالمية في إفريقيا لدعم الحلول في مجال الأمن والاستقرار. وحسب "ريان هنري"، إن السبب الرئيسي لإنشاء "أفريكوم" هو ضمان تنسيق الموارد الراهنة للحكومة الأمريكية ومصالحها، علما أن الاستثمارات الأمريكية في القارة الإفريقية زادت ثلاثة أضعاف في عهد الرئيس بوش. وقد استبعد أن يكون الوجود الصيني في القارة السمراء أو تعزيز مكافحة الإرهاب أو تأمين موارد النفط هي الأسباب الكامنة وراء إنشاء "أفريكوم"، الذي تدافع عنها واشنطن عبر عرضها كآلية من آليات مساعدة الزعماء الأفارقة في مجال الأمن والاستقرار. قبل 11 شتنبر 2001، كانت القارة الإفريقية، من المنظور الاستراتيجي الأمريكي مقسمة إلى ثلاثة مناطق، مصر ودول القرن الإفريقي وتنتمي إلى القيادة العسكرية الوسطى التي تشمل منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ومدغشقر إلى قيادة الباسيفيك، وباقي الدول الإفريقية ظلت تحت لواء قيادة المنطقة الأوروبية. إعلاميا برر "ريان هنري" اعتماد قيادة "أفريكوم" من أجل تحقيق إقامة مجتمعات مدنية والعمل على تحسين ظروف مستوى معيشة شعوبها. علما أن القارة السمراء تمثل 35 في المائة من مساحة العالم و25 في المائة من ساكنة الكوكب. في حين إن الرغبة الحقيقية للعم سام هي مراقبة القارة عن قرب ونزع فتيل المناهضة الأمريكية. إن "ريان هنري" يقدم "افريكوم" كخطوة إنسانية (تقديم المساعدات الإنسانية والإغاثة الطبية والغذائية)، في حين إن المسألة مرتبطة برغبة السيطرة والتحكم الاستراتيجي في العالم ومواجهة النفوذ الصيني المتنامي بسرعة بالقارة وتحجيمه اقتصاديا وعسكريا، والأهم من هذا وذاك، هو تأمين عمليات التنقيب على حقول النفط، باعتبار أن القارة الإفريقية ستلبي 25 في المائة على الأقل من احتياجات الولايات المتحدة من البترول مع حلول 2015، ومن المعلوم أن الكونغرس خصص ميزانية قدرها 500 مليون دولار لمدة ست سنوات لمكافحة "الإرهاب" عبر الصحراء الإفريقية بعد توقيع جملة من المعاهدات الأمنية والعسكرية مع دول إفريقيا. إذن هناك عدة أسباب دفعت واشنطن إلى فرض "أفريكوم"، ومنها: - الأهمية الاستراتيجية لتجارة النفط والتحركات العسكرية؟ - المخزون النفطي غير المكتشف بعد (تزامن تدخل أمريكا في الصومال مع ظهور النفط به). - تنامي الحركات الإسلامية بها والمطالبة بتطبيق الشريعة الإسلامية. تقوم استراتيجية "أفريكوم" على 3 عناصر أساسية وهي: احتواء مصادر الطاقة (وفي مقدمتها النفط)، تطوير شبكة المعلومات والتدخل للحفاظ على شبكات التحالفات القائمة. ولن يتأتى هذا لواشنطن إلا بتوفير قاعدة امتداد خلفي ضمن السيطرة الإستراتيجية على المنطقة. ستضم قيادة "أفريكوم" خبراء دبلوماسيين واقتصاديين وخبراء التنمية وطبعا عسكريين. وسيكون قائدها ضابطا عسكريا ساميا أمريكيا ونائبه موظفا مدنيا من وزارة الخارجية.
الجزائر، ليبيا، مالي
قبل قدومه إلى المغرب زار الوفد الأمريكي الجزائر التي رفضت الطلب الأمريكي بخصوص إقامة مقر قيادة "افريكوم" وقال مصدر جزائري إن الجزائر تفضل أن يضطلع الأفارقة أنفسهم بالقضايا الأمنية والدفاعية ومحاربة الإرهاب، وذلك بواسطة هياكل الاتحاد الإفريقي. أما ليبيا، فلم تقتصر على رفض احتضان قيادة "أفريكوم"، وإنما أعلنت عن رفضها لإقامة قواعد عسكرية أمريكية بالقارة الإفريقية كلها. في حين قبلت مالي منح العم سام امتيازات عسكرية في شمال مالي بهدف مراقبة الطوارق، علما أن مصر والجنرالات بالجزائر هم الذين زكوا الرئيس المالي لدى واشنطن، لكنه عرف كيف يلعب بورقتي الطوارق والتصدي للإرهاب بالمنطقة للفوز بالمزيد من ود الأمريكيين، وفي هذا الصدد وجبت الإشارة إلى أن بعض فصائل الطوارق ارتمت في أحضان إسرائيل واللوبي الإسرائيلي بحثا عن الحماية من جبروت السلطات المالية.
على سبيل الختم
مع احتمال تشكيل "أفريكوم" سيتم استيعاب واحتواء كافة الدول الإفريقية، أراد من أراد وكره من كره، وذلك تحت الغطاء العسكري الأمريكي، وسيكون القائد العام لـ "أفريكوم" (الأمريكي طبعا) الآمر الناهي في القارة الإفريقية، بما فيه جزؤها الشمالي، أي المهيمن على القرارات والتوجهات الاستراتيجية لكل المنظمات الإقليمية (الاتحاد الإفريقي وغيره)، هذا ما دامت واشنطن قد اختارت إضفاء الطابع العسكري على السياسة الخارجية الأمريكية. إدريس ولد القابلة
#إدريس_ولد_القابلة (هاشتاغ)
Driss_Ould_El_Kabla#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
البصري يسلم أسراره لابنه لحمايته
-
حوار مع الباحث محمد الحنفي
-
هل القاعدة أضحت تهدد الملك محمد السادس؟
-
دركي مغربي يعلن اكتشاف أكبر حقل للبترول في العالم بالمغرب
-
مغاربة سبتة ومليلية يطالبون بتحرير المدينتين السليبتين
-
مؤشر -الرغبة في مغادرة- المنطقة.. يتنامى!
-
المغرب: لا أعرفه
-
النظام الملكي في المغرب صمام أمان لا بديل عنه
-
في أي مغرب نعيش؟
-
الثقافات، اللغات والمعتقدات هوّيات مغربية في تحول
-
نكسة حزيران 1967
-
ملوك الدعارة
-
مات بنزكري.. فكلنا -إدريس بنزكري- الإنسان
-
مغرب حق وقانون ومؤسسات حقيقية أم مجرد وهم؟
-
-اختطاف- ومحاصرة إدريس البصري
-
الحكم الذاتي وخطر الانزلاق
-
غضب الملك يجب أن يندرج ضمن ثقافة المحاسبة والمساءلة والعقاب
-
مسؤولون فجروا غضب الملك محمد السادس
-
لا يمكن الحديث عن غضب الملك ما دامت الحكومة ملتزمة بالخطة غي
...
-
لا تكذبوا على الملك .. الواقع مر ومزري
المزيد.....
-
أمريكا تكشف معلومات جديدة عن الضربة الصاروخية الروسية على دن
...
-
-سقوط مباشر-..-حزب الله- يعرض مشاهد استهدافه مقرا لقيادة لوا
...
-
-الغارديان-: استخدام صواريخ -ستورم شادو- لضرب العمق الروسي ل
...
-
صاروخ أوريشنيك.. رد روسي على التصعيد
-
هكذا تبدو غزة.. إما دمارٌ ودماء.. وإما طوابير من أجل ربطة خ
...
-
بيب غوارديولا يُجدّد عقده مع مانشستر سيتي لعامين حتى 2027
-
مصدر طبي: الغارات الإسرائيلية على غزة أودت بحياة 90 شخصا منذ
...
-
الولايات المتحدة.. السيناتور غايتز ينسحب من الترشح لمنصب الم
...
-
البنتاغون: لا نسعى إلى صراع واسع مع روسيا
-
قديروف: بعد استخدام -أوريشنيك- سيبدأ الغرب في التلميح إلى ال
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|